دلّ الاشتباك الساخن بين وزيري «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والياس بوصعب من جهة، والوزراء الآخرين، لا سيما المسيحيين منهم من جهة ثانية، على أنّ الأزمة الحكومية مستعصية أكثر من المرات السابقة، لأنها استحضرت شعارات أكثر جذريّة تبدأ بموضوع الميثاقية ولا تنتهي بموضوع تبادل الاتهامات بإلغاء الآخر.
زد على ذلك الموقف المتمايز الذي عبّر عنه الوزير الكاثوليكي «المستقل» ميشال فرعون في الجلسة وصولا الى انسحابه، و «الغياب الغامض» لوزير الدّاخلية والبلديات نهاد المشنوق عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والذي قيل إنه «اعتراض بنّاء على طريقته»، في ضوء جلسةٍ كان النصاب فيها «على المنخار»، بحيث إنها كانت معرّضة لفقدان النصاب لو غاب فرعون، ولم يحضر الوزير ريمون عريجي من السفر ليلاً.
وإذا كان فرعون قد استشعر مخاطر مقاطعة وزراء «التيار الحر» و«الطاشناق» للجلسات واستقالة وزير «الكتائب» آلان حكيم، فهو أكّد لــ«السفير» أنّ غيابه عن الجلسة «كان سيعرّضه للاتهام بالمشاركة في فقدان النصاب وتعطيل الحكومة، وأنّه حضر ليعبّر عن مخاطر غياب ثلاثة مكوّنات مسيحية (تيار وقوات وكتائب)، ولا بد من معالجة جذرية للأزمة».
أمّا عريجي فيشير لـ«السفير» إلى أنّ الازمة سياسية وليست ميثاقية، وحلها سياسي وليس بالمقاطعة أو باستقالة الحكومة.
في المقابل، فقد سجّل الوزير نهاد المشنوق إشارة اعتراض لكن على طريقته. وتقول مصادره لـ «السفير» إنّ تغيّبه عن الجلسة يندرج تحت ثلاثة عناوين سيشرحها بالتفصيل للرئيس تمام سلام بعد عودته من إجازته الخاصة، وهي:
ـ أولاً: اعتراضه على حالة الجمود والمراوحة القائمة، ومحاولة حث الأطراف السياسية على عدم انتظار التطورات الاقليمية والقيام بمبادرات داخلية للحل.
ـ ثانيا: الخوف على حالة الاستقرار الأمني النسبية القائمة والتي قد تهزها أي مشكلات داخلية كبيرة.
ـ ثالثا: الخوف من تفاقم الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة السياسية بما قد يولد انفجارات في الشارع يصبح من الصعب السيطرة عليها.
ولذلك، ينتظر المشنوق، بحسب مصادره، ما سيسفر عنه حوار عين التينة في الخامس من ايلول المقبل، ليقرر موقفه بالنسبة للوضع الحكومي.
ومن اليوم وحتّى جلسة الحوار، سيسعى وزير الدّاخلية لتحريك المياه الراكدة بالسعي لحفظ الانتظام العام، خصوصاً أنّه أكّد قبل أيّام قليلة أنّ الانتخابات النيابية ستحصل في موعدها بغض النظر عن شكل قانون الانتخاب.
وتؤكد مصادر وزارية لـ«السفير» أنّ الوزراء المسيحيين الآخرين «قادرون ايضاً على قلب الطاولة بوجه «التيار الوطني الحر» سواء بتجميد عمل الحكومة بالاستقالة (كما لوّح الوزيران بطرس حرب وأليس شبطيني)، أو بتسيير الأعمال بغياب الوزراء المقاطعين من خلال حضورهم الجلسات والتوقيع على المراسيم.