عِشق المشنوق

قالـوا عنه 08 يونيو 2016 0

1360999836_0

يُشكر رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان على موقفه من حديث وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الى محطة “ال. بي. سي.أي”، خصوصاً كلامه عن أن الخارجية البريطانية هي صاحبة الفكرة بترشيح رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية وتلقي المملكة العربية السعودية الاقتراح، بعد باريس وواشنطن وتزويدها الرئيس سعد الحريري به للقيام بما يلزم، وكذلك انتقاده للزيارة التي قام بها الأخير الى دمشق انسجاماً مع “السين – سين” بطلب من العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وقال ارسلان في تغريدة له على “تويتر”: أن “نهاد المشنوق جريء وصريح وأحترم جرأته وصراحته خاصة في هذه الأجواء الضبابية التي تحيط بالوطن.. ماذا قال حتى يستأهل كل هذه الفوعة الغوغائية؟؟”.

نحن بدورنا نشاطر المير طلال الرأي. وقد سبق لنا أكثر من مرة أن نوهنا بأداء الوزير المشنوق في وزارة الداخلية، وكذلك في مواقف سابقة له، مثبتاً عبرها أنه وزير داخلية لكل لبنان وليس لحزب أو لطرف كما يحلو له أن يردد.

نعم الوزير المشنوق الصحافي العتيق كان صريحاً لأبعد الحدود. وما نطق به في “كلام الناس” سبق أن سمعته منه شخصياً قبل ثلاث سنوات حين التقيته في مكتبه الأنيق في الصنائع، وقبل أن يكون هناك أي مؤشر عن اقتراب حيازه على لقب “معالي الوزير”. يومها أبدى النائب الزميل استياءه من اقدام رئيس “تيار المستقبل” على اتخاذ خيارات لم تنزل برداً وسلاماً على قاعدته الشعبية، منها تلك الزيارة الرمضانية الشهيرة للحريري الى دمشق وتمضيته الليل في القصر الرئاسي، وهو الذي ما انفك قبل فترة وجيزة عن اتهام سيد القصر بالضلوع في اغتيال والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري.

وللتذكير نشير بأن هذه الزيارة، التي مضى عليها أكثر من ست سنوات، قبل أن تعود الى واجهة القيل والقال اليوم، تزامنت مع رفع مدير عام الأمن العام السابق اللواء جميل السيد دعوى قضائية في دمشق ضد من أسماهم الفريق المقرب من الحريري بتهمة فبركة “شهود الزور”، الأمر الذي ترك علامات استفهام عدة عن حقيقة المصالحة الحريرية مع الأسد، فيما اعتبر المشنوق توقيت الدعوى بمثابة صفعة أولى لمن دخل نادي رؤساء الحكومات في لبنان حديثاً.

واذا كان الوزير المشنوق، الذي انتقى كلماته بعناية لم يفاجىء كثيرين من معارفه وأصدقائه في اخراج الزيارة المذكورة الى العلن بعد أن سمعوا ملاحظاته عنها في السر، فان الجديد المخبأ في جعبة العائد الى مقر السراي الأول، الذي أبعد عنه وعن وطنه أيام غازي كنعان، تلك الرواية التي تكشف أن مبادرة الحريري بترشيح فرنجية انما هي صناعة وزارة الخارجية البريطانية وسير الرياض بها ودفع الحريري بالتالي الى تسويقها.

هكذا بكل صراحة فجّر المشنوق “قنبلة” ليست من اعداده، إذ لم يسرد الا وقائع يمتلكها أماط اللثام عن بعضها واحتفظ بالكثير غيرها على ما يبدو ارتأى أن يفصح عنها في الوقت المناسب.

في عبارات المشنوق التي كنت أستمع اليها عبر التلفاز ذلك الحنين الى الصحافة التي شغف بها منذ أن التقيته للمرة الأولى في أواخر الستينيات في مجلة “الحوادث” لصاحبها الاعلامي الكبير الراحل سليم اللوزي. وأذكر جيداً أن الأخبار التي كان يأتي بها نهاد تحظى باهتمام الكل لأنها مختلفة عن غيرها ومميزة، والأهم أنها كانت صحيحة مائة بالمائة كتبت بأسلوب “أنيق” كهندامه الذي يعتني به.

نعم لقد تغلب حب الصحافة في تلك الليلة التلفزيونية على صورة الوزير وقواعده و”بروتوكولاته”. ومن عشق المهنة لا يتورع عن الغرق في متاعبها وهذا ما فعله العاشق.. انما بشجاعة وصدق عملاً بقول الحقيقة وان كانت جارحة.