عينان للأمن لا واحدة

قالـوا عنه 25 أبريل 2014 0

لم يمض أسبوع على الخطاب المهم الذي ألقاه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء وسام الحسن وفيه ما فيه من مواقف عبّرت بصراحة عالية عن مكامن الخلل في الامن الوطني، شاملاً في انتقاداته بصورة غير مباشرة مخابرات الجيش، وقد قام هذا الجهاز بعملية وصفت بأنها “صيد ثمين” ضد إحدى الخلايا المتصلة بتنظيم “داعش”. هل كانت العملية في توقيتها مرتبطة بزمن سابق لخطاب الوزير المشنوق؟ أم إنها جاءت لتوظف رداً على الخطاب؟ بالطبع هذان السؤالان لا يطمح من يطرحهما ليحظى بأجوبة وإنما لكي يفتح النقاش على جوهر عمل المؤسسات الامنية التي لم تخرج بعد من حقبة الوصاية السورية المتماهية مع النفوذ الايراني مما جعل من لبنان كياناً مشوهاً على كل المستويات بما فيها المستوى الامني.

كان مهماً أن يعلن وزير الداخلية نبأ التقدم الذي أحرزه التحقيق في جريمة اغتيال اللواء الحسن. ولمن بدأ ينسى يجب تذكيره بأن شعبة المعلومات التي كان على رأسها اللواء الحسن أذهلت لبنان والخارج عندما اندفعت في الكشف عن شبكات التجسس الاسرائيلي التي كانت إحداها على مقربة من الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. لكن هذا الجهاز الامني دخل حقل الالغام الذي انفجر برئيسه بعدما استطاع احباط ما عرف بشبكة “سماحة – المملوك”.

ولكي يدرك المرء ان التعامل مع الملف الامني في ظل بقاء لبنان تحت وطأة إرث النظامين السوري والايراني يكفيه فقط أن يعلم ان الشخصية الاكثر شهرة هذه الايام ألا وهو “الخليفة” أبو بكر البغدادي كان ذات يوم في حضن النظام السوري بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003، وكان دوره ان يقود السيارات المفخخة لتنفجر في بغداد فتقتل من العراقيين الكثير ولا تطال الغزاة الاميركيين.

من المؤكد ان عاصفة المشنوق انحسرت لكن منطقة هبوبها ما زالت باقية. انها منطقة العين الواحد والكيل بمكيالين. ولن تقفل نافذة العواصف إلا عندما يستيقظ اللبنانيون فيسمعون بمداهمة مخابرات الجيش أو جهاز غيره مكاناً يقيم فيه المتهمون باغتيال الرئيس رفيق الحريري ويساقون الى المحكمة الدولية التي تفتح دفاتر المحكمات الغيابية. أو ان يصلوا الى الذين دبروا وخططوا ونفذوا محاولة اغتيال الوزير بطرس حرب. أو يتعقبوا شبكات الخطف والسلب والمخدرات التي تجد لها ملاذا آمنا في حمى مناطق محسوبة على “حزب الله”. انها مجرد تمنيات لا أحد يعلم متى تتحقق. لكن من المؤكد انها ستتحقق ليس إستناداً الى الجغرافيا بل الى التاريخ. فإذا كان نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم يتباهى بأن حزبه حمى جونية وبيروت وصيدا من تمدد التطرف القادم من سوريا عليه أن يعلم متى كان آخر مرة جاءت لفظة “جونية” وعلى لسان من، ليعلم ان لكل زمن دورة ستصل الى نهايتها.