عشاء العائلات الكردية – بيروت: شجاعة الاكراد

كلمات 09 مايو 2009 0

أنا مسرور الآن ، وانا أنظر إليكم ، ليس من أجل الأصوات، ممكن اننا لا نعرف بعضنا عن قرب، ولكنني أعرف الكثير عن عن شجاعتكم ، وأعرف الكثير عن قدرتكم بالدفاع عن الحق ، وما من مرة لجأ إليكم مظلوم إلا ووقفتم معه بكل ما تستطيعون ، وباعتقادي ان ما تستطيعونه كبير جدا وأكبر مما نتصوّر.

أنا أعرف عنكم أيضا لبنانيتكم الأصيلة، رغم كل ما يُقال ، وان محبتكم للبنان ومحبتكم لإسلامكم ، إذا جاز التعبير، أقوى بكثير من أشخاص يعتبرون أنفسهم لبنانيين ولا يملكون اصولا أخرى، ولكن مسؤوليتهم الوطنية أقل بكثير من مسؤوليتكم.

لقد كنتم دائما محبين لكل الناس الذين يعرفونكم والذين تعرفونهم، وفي ذاكرتي منذ طفولتي الكثير من الروايات عنكم وعن شجاعتكم وعن كرمكم وعن نخوتكم وعن وقوفكم الى جانب الحق. لذلك لا أستغرب أبدا انكم كنتم دائما الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، وأنا متأكد دون أن أسأل انكم لم تتخلوا بعد إستشهاده عن سعد الحريري.

على كل حال، أنا أعرف من الإخوان في التيار ان هناك الكثير من المشاكل التي تتعلق بعلاقتكم بالدولة وبالمراسيم أو بالمسائل القانونية ، ويعترفون بأنهم كانوا مقصّرين تجاهها، أنا لا أعدكم بأني سأكون أشطر منهم، ولكنني أعدكم بأنني سأبقى وراءهم حتى يقلعوا عن التقصير. وأعدكم بأنني إذا كنت لا أعرف، أن أتعلم منكم ألا أترك حقا دون المطالبة به، وألا أطالب بأي شيء إلا إذا كان محقا وأحصل عليه.

منذ اسبوع كان لي عدّة لقاءات مع الإخوان ، وكنا نقول ان هناك الكثير من الغبار في البلد، فهناك من كان يعتقد بأن ما نراه على التلفزيونات وما نقرأه في الصحف، وهذا الصراخ والصوت العالي بأننا سنعيش معه. هذا كان يوم الأربعاء واليوم نحن السبت، وأعتقد ان الغبار إنتهى وذهبت العاصفة وإنجلى الجو، والآن أصبحنا نتحدث بأمور أخرى، وهذا يؤكد ان كل ما كنا نشاهده غير حقيقي ومُفتعل ليس لأجل الإنتخابات كما يُقال، إنما مُفتعل لأنهم يريدون منا جميعا ومن كل الذين عرفوا الرئيس الشهيد سواءا بصورته أو عن قرب أو بكلمته أو بمواقفه أو ببنائه أو بمتابعته ، يريدون منا جميعا التخلي عن حقنا ويريدون منا التصديق بأن القضاء اللبناني كله مُدان، ويريدون منا التصديق بأن المحكمة الدولية مسيّسة. ولكن كل هذا دليل ضعف وليس دليل قوة، لأن القوي لا يضطر الى إدانة الآخرين، لكي يستمد قوته ولا يضطر تخوين الآخرين لكي يكون صادقا ، والقوى لا يضطر لتسمية الناس بأسمائها وإهانتها لكي يكون مكرّما. هذا دليل ضعف ودليل نفسية سياسية مريضة لا يمكن معالجتها ، رغم كل ما قالته ورغم كل مرضها، إلا بالحوار.

لقد قاموا بمطالعات لساعات وساعات على شاشات التلفزيون، وفي الصحف. قلة في التهذيب ويشتمون الناس ويشتمون القضاء ويشتمون السياسيين، ماشي الحال، ولكن ماذا تبقى من كل هذا الكلام، ولماذا كل هذا الكلام بالأصل؟.

لنفترض اننا نزلنا نحن وكل الناس وكل المحبين الى الشارع، وطالبنا بالمحكمة الدولية، ماذا نكون قد فعلنا؟ طالما ان المحكمة موجودة . ولنفترض ان الآخرين أيضا نزلوا الى الشارع وعارضوا المحكمة الدولية ايضا هذا لا يفيدهم بشيء ولا قيمة له، وبالتالي إذا كان هذا الكلام يوجّه الى القضاة في هولندا ، فلا لزوم لكل هذا الغبار ، ويمكن أن يوجهوا هذه الرسالة بالبريد دون وجع راس. ولكن من أجل أن يؤكدوا انهم ضعفاء كل يوم يثيرون هذا الغبار.

للتذكير، أن أول محقق أتى الى بيروت ، قالوا لن يحصل التحقيق. وفي المرة الثانية أتى محقق الى بيروت قالوا لن تكون هناك لجنة تحقيق. بعد ذلك خوّنوا أول لجنة تحقيق ، وقالوا لن تكون هناك لجنة تحقيق ثانية، ثم جاءت لجنة تحقيق برئاسة سيرج براميرتس فقالوا انها أخذت وقتا طويلا وبالتالي لا يوجد تحقيق. ثم طوال كل هذه المدة كانوا يقولون انه لن تشكّل المحكمة، وكنت دائما أسأل لماذا دائما أقول المحكمة ستقوم ، فكنت أرد بأني لست خبيرا في القانون ، ولكن كنت اقول دائما ان رجلا كرفيق الحريري قام بكل أعمال الخير هذه وآمن ببلده وبشعبه وقاتل من أجل وطنه وإستشهد من أجله لا يمكن أن يضيّع ربنا سبحانه وتعالى حقه بمعرفة من قتله. وكنت أقول دائما أمام مصيبة بهذا الحجم لا يمكن إلا أن نتكل على ربنا سبحانه وتعالى ونسلّم له أمرنا ونستمر في السير الى الأمام بكل شيء فكر به الرئيس الحريري، وبكل شيء عمل لأجله رفيق الحريري، وبكل شيء أحبه الرئيس رفيق الحريري، وبالتأكيد أنتم من الناس الذين أعرف انه أحبكم ليس فقط من أيام الحاج عدنان، إنما منذ كنت أسمع بمحبتكم وبعاطفتكم وبصدقكم معه.

أريد أن أقول ان المحكمة لم تعد بحاجة الى جهدنا ، الحق لم يعد بحاجة الى صوتنا بمسألة المحكمة. ولذلك مهما سمعتم ومهما قيل ومهما علا الصوت ومهما إنفجرت ناس ، إعتبروا ذلك غبارا ولا تصدقوا ان هذا سيغيّر أي شيء.

القضاء اللبناني سيقوم بواجبه وأمامنا أشهر قليلة ويصدر القرار الظني ، ونحن لا نريد سوى الإدانة ، ومهمتنا ليست محاكمة الناس، إنما ربنا سبحانه وتعالى والمحكمة تحاكم المجرم، وعندما نصل الى الإدانة نكون قد وصلنا الى حقنا أيا كان من نفذ الجريمة.

هناك الكثير من الذين يعتقدون اننا تخلينا عن فلسطين، ولكنني أريد أن اقول لكم ان فلسطين هي أمنا وأبونا وخالنا وعمنا، ولا يمكن أن يصفى ضمير أي منا بدون أن يشعر بأنه قام بواجباته تجاه إخوانه الفلسطينيين. وأنا متأكد ان الكثير من الموجودين في هذا المكان ربما كان لهم علاقة بالموضوع الفلسطيني، ربما كانوا حركيين، وربما كانوا مقاتلين، لأنه ما شاء الله عليكم سُمعتكم بهذا الموضوع تسبقكم.

ولكن أنا متأكد أيضا ان هذا الموضوع هو في ضميركم، ويجب ألا نصّدق في لحظة ان هناك من يستطيع سلبنا هذا الموضوع، أو أن يتقدّم علينا بشأنه، أو أن يزايد علينا أو أن يدّعي بأنه بعمل من أجله، ولكن يتضح انه مستعد للعمل من أجله في الوقت الإضافي. أما في ما تبقى من الوقت يشتغل بنا وبالبلد ولكننا صامدون.

أنا عندما أحب أن أتكلم عن الشيخ سعد أحب أن أعطيه لقب الصامد الأول، لذلك أنا أقول بأننا صامدون وقادرون وأن شاء الله لن نتراجع بكلمة الحق مهما كلفنا ذلك ، ومن يعتقد انه في يوم من الأيام، في أي 7 من أي شهر إنه استطاع أن يأخذ منا شيئا في وقت من الأوقات، وأنا أعدكم ان هذه المسألة ستكون مؤقتة والله والله، وأنا أقول هنا نيابة عن سعد الحريري، دون أن أسأله ونيابة عن وليد جنبلاط دون أن أسأله، انا أقول لكم نيابة عنهم وعن نفسي انه لو كانت كل السبعات من كل الأشهر من كل السنوات ، لا أحد يستطيع أن يأخذ منا تنازلا سياسيا من اليوم فصاعدا، تحت أي ظرف من الظروف لا بالسلاح ولا بالكلام ولا بالمبالغات، إذا أرادوا أخذ الطرقات والبنايات فليفعلوا ذلك ولكن لن يأخذوا قرارنا السياسي.

أنا أقول التسوية قدر الشجعان، ولا يصدقن أحد ان التسوية هي جُبن أو تراجع، التسوية دائما في بلد مثل لبنان وبمسؤولية كل مواطن عن السلم الأهلي، نقوم بالتسوية دائما لصالح لبنان الواحد ، لصالح السلم الأهلي ولصالح إيماننا ببلدنا ، وأنتم لا ينقصكم أبدا هذا الإيمان، ولكن أريد أن أقول، ان هذه التسوية تمت في وقت من الأوقات، وقدمنا فيها بعض التنازلات، وأخذنا بعض المكاسب ، ولكن لن تكون تسوية من ضمنها تنازل تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كان من يقرر أو يتكلم من العرب أو من الدوليين، نحن لسنا مستعدين أن نكون حطبا لا للعرب ولا للدوليين ولا للإخوان السوريين القريبين منا، نحن مستعدون أن نكون جارا محبا وعلاقتنا معه طبيعية، نختلف معه أو نتفق معه، ولكن لا نتآمر عليه، نحن قمنا بكل واجباتنا خلال هذه السنوات رغم كل الإتهام السياسي، فذهب وزير الخارجية، وزير الدفاع، وزير الداخلية وقائد الجيش الى دمشق ولم نعتبر ان هذا الأمر غير طبيعي، وحتى الرئيس السنيورة ذهب الى دمشق ، ولو ذهب مرة ثانية ومرة ثالثة ، نحن نعرف قناعاته ونعرف صدقه ، ونعرف انه أينما ذهب لا يتحدث ألا باسمنا وباسم حقنا، وهذا ما لن نتراجع عنه أبدا أبدا أبدا.

أخيرا أريد أن اقول لكم أني أشعر بهذا الكلام، وأنكم تشعرون به أكثر مني ولكن هذا يلزمه حماية، يلزمه عقلكم ونخوتكم، ولكن هذه المرة مثل كل مرة ، نحن لا نواجه إلا بالكلمة ولا نواجه إلا بالسياسة ولا نواجه إلا بالمنطق ، ودائما نربح وأن كل المواجهات الأخرى نحن نستطيع أن نقوم بها ، ان كان بالسلاح أو بقوتكم، ولكن نحن حريصون على البلد، وعلى السلم الأهلي وعلى وحدة لبنان، كل هذه العناوين تستطيعون حمايتها بأن تنزلوا يوم الإنتخاب الى الصندوق. وأنا لن أقول لكم صوّتوا لي، وأنا أعرف ان بعضكم هنا ليس من الدائرة الثانية، ولكن أقول لكم انه حقي وحقكم وحق رفيق الحريري ، وحق كل واحد أحب الرئيس الحريري، لا يستطيع أن يوفّيه إلا في 7 حزيران، والإنتخاب يوم 7 حزيران، هذا حق أعطاكم إياه الدستور ، وهذه كرامتكم السياسية، وهذا رأيكم الذي لا يمكن أن يمنعكم أحد من قوله، مهما كانت قوته ومهما كان سلاحه، ومهما كان إعتداؤه، هذه الورقة لا تتركوها لأن من يترك هذه الورقة يترك حقوقا أخرى كثيرة، ويترك اناسا آخرين أيضا ليأخذوا منه الحقوق أيضا.

أنا أعرف أنني لا أوصي حريصا، ولكن كما يُقال “ذكّر ان نفعت الذكرى” أنا أعود وأقول لكم هذه الورقة هي كرامتنا السياسية جميعا ومن يتخلى عنها يكون قد قرر إنه ليس شريكا في البلد، وان ليس له حصة بالسياسة ولا بالقرار ولا بالقوة ، وليس له أكبر حصة ممكن أن يأخذها وهي حصته بالحق وأنا متأكد أنكم لن تتخلوا عن هذا الحق.

على كل حال، من يراكم ويسمعكم يقوى فيكم ، ويتأكد انه سيرى هذه الورقة تدافع عن كل ما تؤمنون به وما تحبونه ، وعن كل الذي سنعمل عليه من اليوم وصاعدا ان شاء الله ، وشكرا لكم.