عشاء الجامعة الثقافية اللبنانية في أبو ظبي على شرف الوزير المشنوق: لبنان مقاوم لأجل الدولة والاعتدال

كلمات 23 فبراير 2015 0

إن العين الحمراء الأمنية للدولة يجب أن تكون قادرة وعادلة وعاقلة لأن مهمة الدولة ليس أن تمنع فقط بل أن تمنح أيضا الاستقرار والتنمية. وأضاف أن الحرب التي تخوضها المنطقة هي حرب من نوع جديد ولا أحد يستطيع أن يدّعي الخبرة فيها، ولا أحد يستطيع أن يقول أنه في يوم من الأيام قام بمواجهة مماثلة كالتي يواجهها العالم العربي ولبنان الان.
هي حرب جديدة بكل المعاني. هي ليست حرب بين الجيوش، وليست حرب بين الدول، وليست حرب بين دولة وتنظيم معتدي على الدولة.
هي أوسع من ذلك بكثير لأن التنظيمات التكفيرية التي نواجهها الان تدّعي أنها تعتمد على 3 عناصر مختلفة، أولها وأهمها أنها صاحبة عقيدة وهي ليست من الاسلام ولا من العقيدة ولا من العدل ولا من السلم ولا من الأمن.
الأمر الثاني أنها غير موجودة في دولة واحدة بل هي موجودة في كل مكان تقدر أن تصل اليه يدها،
في أوروبا، في أميركا وغيرها.
الان أنا أريد أن أطرح ما يمكن تسميته مفهوم سياسي وعلمي بعد قراءة فترة السنتين الأخيرتين من هذه المواجهة الجديدة.
هناك مثلث هو الوحيد القادر على مواجهة هذه المرحلة، أو هذا النوع الجديد من الحروب.
البندالأول فيه هو القدرة على الحد الأدنى من التماسك الوطني.
الأمر الثاني هو الاحتراف الأمني، وهذه مناسبة بحضور عدد كبير من الأمنيين العرب والأجانب لكي أقول أنه من وجهة نظري وتجربتي المتواضعة التي عمرها سنة فقط، أنّ الأمر لا يحتاج الى جيوش ودبابات وطيران إلّا بالحد الأدنى.
ما يحتاجه فعلا هو أن يكون لدينا قدرة مختلفة عن السابق من حيث الاحتراف.
التقنية العالية تحميك، وتجعلك قادر على الحرب الاستباقية، وتعطيك معلومات وقدرة على المعرفة، تعطيك صورة، تعطيك اسم، تعطيك صوت، تعطيك معلومة، تعطيك جغرافيا.
هذا البحر الجديد الذي اسمه التكنولوجيا، يفتح الباب أمامك لأن تجد أجوبة على أسئلتك، قبل أن تحرك آلتك العسكرية.
التجربة الناجحة في دولة الامارات لم تكن سببها الجيوش والطيران والدبابات، بل سببها القدرة على السيطرة والدخول في نظام أمني محترف عالي الدقة، متصل بكل مصادر المعلومات، وقيادة حكيمة عرفت بأنّه لا توازن في العالم العربي من دون مصر معافاة فاندفعت بما لديها من قدرات لتقف الى جانب مصر.
الأمر الثالث الذي أعتقد باننا نحتاجه هو الشجاعة الفقهية.
هؤلاء التكفيريون يدّعون أن لديهم كتاب يستندون إليه، مع فتح باب الاجتهاد والتفسير الى أوسع مدى.
كان لي الشرف منذ أشهر قليلة أن أقابل شيخ الأزهر في مكتبه، وتكرّم ووافق بأن يكون لدينا بعثة جديدة وكبيرة في الأزهر الشريف في لبنان تساعد بنشأة الجيل الجديد بعيدا عن هذه العقيدة التدميرية، وقادر على مواجهتها.
نحن في لبنان ظروفنا مختلفة صحيح اننا جزء من هذه القراءة العادلة المعتدلة الهادئة الساعية الى الدولة.
لذلك سأقول كلام خارج الموضوع،منذ أيام قليلة كانت الذكرى العاشرة لإغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وأنا أستعمل الاسم بالمعنى الرمزي للموضوع لأن الكثير منا يتساءل لماذا قتل الرئيس الحريري؟
نحن نعيش عصر محور اقليمي له قراءته للوضع السياسي، علاقاته العربية المتوترة وباعتقاده أنه يستطيع أن يغيّر الوضع لصالحه في كل مكان يتدخّل فيه.
صحيح أنه يستطيع تغيير الوضع في الدول التي يتدخّل فيها ولكن لم يستطع ولا مرة واحدة أن يستتبّ له الأمر في أي مكان ندخّل فيه، لا في اليمن ولا في العراق ولا في سوريا.
كل التغييرات، كل المعادلات التي نراها كل يوم تؤكد أن له قدرة على الاضطراب والاشتباك، ولكن لاقدرة له على إستتباب الأمر له.
نحن في لبنان، ولو خارج المناسبة، رغم كل الاضطرابات والمشاكل، رغم كل هذه القدرات التي نواجهها، لا نزال نمسك بالدولة والسيادة والاستقلال والحرية بعد 10 سنوات من اغتيال الرئيس الحريري واغتيال الكثيرين بعده، لا نزال في الخط السياسي نفسه، قادرين وصامدين ومستمرين على رأينا لا نتأثر ولا نغيّر ولا نتبدّل.
الأهم من ذلك أنّ كل هذا الأمر يتمّ بعقل وحكمة ووعي وليس سعيا للمواجهة بل سعيا للتوازن، سعيا للإعتدال، للعقل.
هذا التوازن الذي نحن كجهة لبنانية، نسعى له من خلال الحوار مع خصومة سياسية جدّيّة، ثوابتها معروفة، عناوينها معروفة، نقاط المواجهة فيها معروفة، ولكن حرصا على لبنان في هذه الفترة الصعبة حيث يوجد حريق في المنطقة حولنا، نقول هذه ثوابتنا.
نختلف عليها نعم، لكن البحث يتركّز على كيفية إبعاد الحريق عن لبنان.
لأول مرة أعلن بأنه حقق خطوات جديّة ، ربما نصل، ربما لا نصل، لكنه حقق خطوات جدية، لأن الفريق الآخر لديه ثوابت مُختَلَف عليها من قِبَلِنا ومن قبل الكثير من اللبنانيين لذلك فهو يُقبِل على التغيير الإيجابي في قراءته للوضع الداخلي ببطء.
الأهم أنه عندما تأتي الى دولة مثل الامارات، فيها الاحتراف الأمني العالي الذي حقق الأمن لكل الناس، تفرح أنه يوجد حوالي 46000 لبناني منهم ثلاثة فقط في السجن لمخالفتهم للقانون. وهذا دليل أن خميرة الدولة هي الأكبر، وخميرة الانفتاح والخير عند قيادة الامارات أتاحت للبنانيين بأن يكونوا جزء من نجاحها وعمرانها وهم أيضا جزء من مستقبلها، فشكرا لقيادة الامارات.
الكلمة الأخيرة التي أود قولها والتأكيد عايها، أنه رغم كل المشاكل والصعوبات التي نعاني منها، لبنان ما يزال بخير، الدولة في لبنان موجودة في ضمير اللبنانيين ولا خيار لهم غيرها.

كذك أقام رئيس الجامعة الثقافيةاللبنانية البير متّى حفل غداء على شرف الوزير مشنوق، ورحّب متّى بوزير الداخلية واصفا إيّاه بأنه اسم كبير لمع بهدوء مستحقّا لقب رجل الدولة في أكثر الوزارات حساسية. سلاحه القانون والكلمة الراقية.
وطالب متّى بحق المغتربين بالمشاركة في الحياة السياسية اللبنانية عبر نوّاب يمثلونهم.
وردّ الوزير مشنوق شاكرا وقائلا ان اللبنانيين في الداخل والخارج مقاومون لأجل الدولة والاعتدال.