عشاء آل الزين – بيروت: لا للثلث المعطّل

كلمات 10 مايو 2009 0

عندما أنظر الى وجوهكم أتأكد تماما من الكلام القديم الذي يقول ما من حق يضيع وراءه مُطالب، وما شاء الله يبدو على وجوهكم انكم كلكم تريدون الحقيقة، ولذلك سأتحدث أولا عن المحكمة.

عندما بدأ التحقيق في 20 شباط 2005، قال الكثيرون: لن يكون هناك تحقيق ، وحصل التحقيق، وعندما أتت أول لجنة قالوا هذه اللجنة لا تنفع ولن تكون هناك لجنة ثانية، وإنتهت مدة اللجنة الاولى وكان هناك لجنة ثانية، فقالوا ان صوت رئيس هذه اللجنة منخفض جدا ولن يستطيع أن يحقق أي شيء، ولن تكون هناك لجنة أخرى ، ولكن أتت لجنة ثالثة . طوال أربع سنوات كنا نسمع دائما، إنه لن تعقد المحكمة ، وقتلوا نوابا ووزراء ، وهدّدوا كل المعنيين, أصبح نوابنا مقيمين قيد الإقامة الجبرية في الفنادق لحماية أنفسهم ، بعد مقتل زملائهم ، وكل هذا تحت عنوان انه لن تعقد المحكمة.

الأسبوع الماضي شاهدنا جميعنا الصورة التي أظهرت ان هناك أربعة ضباط خرجوا من السجن وهذا صحيح، ولكن هناك صورة اخرى أهم من خروج الضباط وهي ان المحكمة لأول مرة منذ أربع سنوات تعقد رغم كل الكلام الذي سمعناه، وأصبح هناك رئيس محكمة ومدعٍ عام ودفاع ، وعلى التلفزيون مباشرة، في هولندا في مكان لا أحد يستطيع أن يؤثر بعمل هذه المحكمة، وفي مكان بالتأكيد سنصل فيه الى الحقيقة التي نسعى اليها جميعنا.

نحن صمدنا أربع سنوات حتى اليوم، ولم يبق الكثير، لأن رئيس المحكمة يقول ان امامه سبعة أشهر تقريبا ليصدر القرار الظني حيث يحدّد كيفية حصول الجريمة والمتهمين فيها. وعندما يصدر هذا القرار الظني نكون قد حصّلنا حقنا، لأننا بذلك نكون قد حصلنا على إدانة لكل من يُظهره التحقيق بأنه شارك في هذه الجريمة، لأننا طلاب عدالة ولسنا طلاب ثأر، نحن طلاب حق ولا نطلب الظلم، نحن أن شاء الله عندما يصلنا حقنا بالتأكيد لن نتصّرف بالطريقة التي تصّرف فيها خصومنا في السياسة، عند حادث كما أسميه، خروج الضباط، لان الحدث الرئيسي هو في انعقاد المحكمة ، ولكن لكي يُنسونا إياها أثاروا كل هذا الغبار الذي ملأ سماء بيروت في الاسبوع الماضي، ولكن تبين ان هذا الغبار قد إنجلى بعد أربعة أو خمسة أيام، وإنتقل الحديث الى مكان آخر.

عندما كنت أقول ان هذا الغبار لن يستمر كان البعض يقول في قرارة نفسه، هل يعقل ما يقوله؟ وهل من المعقول أن يسكت هؤلاء؟ ولكن أنا أقول نعم سيسكتون لأنهم يعرفون ان كل كلمة إضافية منهم تكون بمثابة إدانة لهم، وأنا لا أتكلم هنا عن الضباط لأني لست قاضيا حتى أقول إذا كان هذا مذنب أو غير مذنب، وأنا لا أسمح لنفسي أن أستعمل هذه التعابير.

وعلى كل حال، عندما تحدث الشيخ سعد من ملعب النجمة الرياضي منذ يومين، قال أن هذا الإتهام هو إتهام سياسي، ونحن لا نتهم جنائيا لأننا لسنا قضاة ، ولكنني أريد أن اقول لكم من يرى هذا الصمود في وجوهكم، وهذا الصدق ، وهذا الإيمان بمسيرتكم السياسية، يتأكد أكثر وأكثر بأن الحقيقة ستظهر.

لقد دافعتم كثيرا عن الحقيقة ودفعتم ثمنها ايضا، ولم يكن هذا الأمر مجانيا ، وكنا طوال أربع سنوات نقاتل بالكلمة الحق وبالفكرة الصحيحة، وبالمنطق الذي نغلب به الآخرين، لأننا أهل دولة ولسنا أهل فوضى، نحن مسؤولون ولسنا مخربين، ونحن نعتبر ان كل حجر وكل شارع وكل ضوء في الشارع هو من مسؤوليتنا ، حتى لو لم يكن ملكا لنا، ولكن نتصرف تجاهه على انه قطعة من مدينتنا.

هناك الكثير ممن يعتقدون ان بيروت مدينة سهلة، يمكن أخذها بقليل من المسلحين، هذا الأمر صحيح، ولكن هناك أمر لا ينتبهون له، وهو ماذا سيأخذون من بيروت غير الشارع أو الرصيف أو مداخل البنايات أو حتى البيوت، ولكن بالتأكيد أنا أعدكم والله شاهد عليّ، ان كل سلاح لبنان وسوريا لن يرغمنا على توقيع أي تنازل سياسي، تحت أي ظرف من الظروف.

أنا لا أقول هذا الكلام من باب التحدي أبدا، إنما أقوله من باب الثقة لأن بيروت مدينة لا يحق لأحد إحتكارها ، ولكن أيضا لا يحق لأحد إحتقارها، ومن يحاول مرة يعرف ان ذلك سيحفر في قلب الناس، ومن يريد العيش معنا عليه أن يعيش معنا برضاه، لأن هذه المدينة تحتضنهم برضاها، وليس رغما عنها.

على كل حال، أعتقد ان من أتكلم عنهم في السياسة يعرفون تماما ما أقوله، بأن السلاح لا يقرر. ففي كل مرة يقعون في مشكلة ما نراهم يركضون وراء سطرين في البيان الوزاري، لأنه بدون هذين السطرين، لا قيمة لكل مشروعيتهم، فضلاً عن أننا نحن من كتبنا هذين السطرين، ووقّعنا عليهما ، وعندنا نقرر ألا نوقع فلا نقوم بذلك، لأننا بالأساس نحن المقاومة ونحن أبوها وأخوها وأمها وعمها، والمقاومة لم تبدأ بالأمس، وليس صحيحا من يعتقد ان لبنان أولا يعني خلافا مع عروبتنا. أبدا، عروبتنا صادقة ومتينة وفي مكانها، لا أحد يستطيع تغييرها لا السلاح ولا الكلام، ولكنني أريد أن أقول أكثر من ذلك، في موضوع المقاومة. على كلٍّ منا أن يوقظ ذاكرته وأن يتذكر بأنه هو أو أولاده أو أحفاده كان في مكان ما أو في فترة ما ، مع المقاومة الفلسطينية منذ سنين وسنين وسنين، ولكننا لا ننكر ان هؤلاء الناس استطاعوا أن يحققوا في وقت من الأوقات قدرة على مقاتلة إسرائيل، ولا يحق لنا أن ننكر ذلك. ولكن هذا الكلام لا يُصرف في الداخل، وهذا الكلام ليس فائض قوة، هذا الكلام نواجهه بمزيد من العروبة، بمزيد من الصدق وبمزيد من دعم المقاومة الصادقة ، وليس المقاومة التي تقسم المجتمعات والتي تكون قاعدتها مذهبية، والتي تصبح أولوياتها فجأة أفقية لا عمودية، ويصبح إطلاق سراح الضباط مثل سلاح المقاومة.

نحن في جو ان الإنتخابات الإسرائيلية التي تمت كانت سيئة لدرجة انه لا يحق لنا ان نقول اننا نتخلى عن المقاومة، فعندما يوجد مجانين في إسرائيل لا يمكن مواجهتهم بالتخلي عن المقاومة، ولكن هذا لا يعني ان نسمح للسلاح المنتمي للمقاومة أن يستمر بهذا الخطأ سواء بدأ في أي شهر أو في أي سنة .

أنا أعود وأقول وأكرر ذلك دائما ، أقول باسم سعد الحريري دون أن أسأله وباسم وليد جنبلاط دون أن أسأله بان السابع من كل الأشهر ومن كل السنوات لم تعد تعني لنا شيئا سوى الحق. إتفاق الدوحة أعطانا أمورا إيجابية وأيضا أمورا سلبية ، وهذه السلبية المسماة الثلث المعطّل لن تتكرر لأنه بكل بساطة إذا كان الثلث المعطّل من اجل المقاومة، أنا ثلث معطّل. أما إذا كان لمنع مصالح الناس وتعطيلها ، ومن أجل رفع الصوت ، ومن أجل ان نمنع ونمنع ونمنع دون أن نبني شيئا، فأنا أقول لا للثلث المعطّل لا بالحلال ولا بالحرام.

من ينظر الآن الى وجوهكم يتأكد بأن صمودكم مازال في مكانه. وانه إذا كان هناك لقب لسعد الحريري يستأهله فعلا فهو انه الصامد الأول.

أريد أن اقول لكم: كل هذه العناوين التي تحدثت عنها لنا لها حماية واحدة، وهذه الحماية هي الا يتخلى أي منكم عن حقه، بأن يضع هذه الورقة في 7 حزيران في الصندوق.

لن أطلب منكم ان تصوّتوا لي أو أن تصوّتوا لغيري، ولكنني أريد أن أقول لكم أن من يتنازل عن هذه الورقة يكون وكأنه يتنازل عن كرامته السياسية، ومن لم ينظرالى الأمور بهذه العين، يكون وكأنه يتنازل عن حقه الحقيقي الذي لا يستطيع أحد أن يأخذه منه، وهي الورقة، أيا كان الأسم الذي تحتويه لوضعها في الصندوق. ومن يعتاد أن ينسى هذه الورقة وأن يبقى في بيته يكون كمن يخسر حق وكمن يشجع نفسه على أن يخسر الكثير من الحقوق. ولا أعتقد ان أحدا منكم على إستعداد لأن يخسر أو يتخلى عن حقه، يجب ان نؤكد أكثر فأكثر اننا أهل سلم وأهل دولة نؤمن بالديموقراطية، ونحب بلدنا وان نعبّر عن هذه الطريقة بأسهل طريقة وأشرف طريقة وأحسن طريقة ، وهي ان نحمل هذه الورقة يوم 7 حزيران وننزل ونضعها في الصندوق ، أهلا وسهلا بكم وأنا لأني لم أشبع منكم، سأنتظركم في الخارج لكي أودعكم.

.