عاميّة ” السفير ” في صباها الثالث والثلاثين

مقالات 29 مارس 2006 0

احتفلت ” السفير ” بعيدها ال 33 على خفر كعادة ناشرها طلال سلمان . المدعوّين اسرة السفير فقط لا غير مع قلة نادرة من الاصدقاء الشخصيين . لم يقتنع الناشر ان 33 سنة من اصدار جريدة يومية هو معلم من معالم المدينة التي تستطيع ان تحتضن بهوائها ومائها وارصفتها واحجارها المصفوفة وسائل اعلام لا تتجرأ مدن عربية اخرة على قرائتها او رؤيتها او سماعها . يعترف طلال سلمان بفضل مدينتة بيروت لكنه لم يرد تذكير غيره بالاعتراف بقدرة سمرته الحادة الممتلئة تجارب وافكار ورصاص على رواية حكاية ” السفير ” للناس .
كلما ازداد خبرة تعمق الخفر بطبعه . لا يريد ان يسمح بأنتشار فرح التجربة في ارجاء المدينة في احتفال استعراضي من الدرجة اللبنانية الاولى . حاولت معه . اجابني بيديه راسماً دائرة لم افهمها . اعدت الكرة . قلت هذا ليس حقاً لك او منك . هذه مسؤوليته تجاه المدينة واهلها من شاب اتى من شمسطار حيث بركة حاجته الكبيرة تنسم على الكروم . وتربى في سائر المدن والارياف اللبنانية مع والد يعمل في عسكر الدولة حين كانت الدولة هي السيد والسيدة . الامرة الناهية القادرة على تجاهل تنفيذ الضروريات لأهلها .
لست مخولاً بالأحكام على تجربته السياسية . اختلف معه الكثيرون وانتصر لكل قضية عربية حطت في شوارع بيروت . اراد حيناً نشر الدولة العادلة كتابة . واحياناً اكثر عمل على القضاء على ظلام الدولة وظلمها كتابة . الاهم انه فعل ذلك دائماً بقلمه وليس بأي وسيلة اخرى . جاءه الرصاص جواباً يحاول اغتياله في عام 1983 تمسك بقلمه أكثر.
احتفاله الذي يصر عليه يومياً بكل ما فيه من قلق وإصرار وتوّتر اللخطة الأخيرة هو صدور الصحيفة صباح كل يوم. ملاحظة توتر اللحظة الاخيرة حق حصري لا يقبل طلال شريكاً فيه.
كل الناس ترى في بيروت فضائل وجمالات . هو يراها حضناً دافئاً . صادقاً . اميناً للقلم . واوراق الوكالات التي ما يزال يكتب على قفاها الابيض منذ يومه الاول صحفياً . لا اعرف الكثير من الوجوه التي رايتها في العيد 33 في عشاء دائرة يدي طلال . لكنني اكتشفت بعد الطبق الاول من الحضور ان في دائرة يديه فرح حقيقي يتجاوز الايدي والدوائر . اذ ظهر ان فرحة العرس لا يعرف اصولها وتعابيرها والوانها الصاخبة الا اهل العروس . هم المدعوين فقط ولو فتحت الابواب لأصوات فرحهم لانتشرت في المدينة كلها .
تولى البحرضم صوت ” السفير ” العائلة اليه . وترك امواجه تصخب بوقع الدبكة البعلبكية الحاضرة مع طلال اينما ذهب . كم كنت مخطئاً بدعوته الى احتفال استعراضي لبناني يلفه الغموض والحكايا وربطات العقل تلازم ربطات العنق الحادقة الالوان . الحمدلله انني لم اناقش صبية ” السفير ” في افكاري الاستعراضية . ” الصبية هنا لقب يؤخذ بالاقدمية ” . لا تفرّق وانت تستمع الى هنادي تخاطبك – عفواً – تخبطك بالعامية – ما اذا كانت ابنة والدها او ابنة” السفير ” . هي في ذهنها ان كلاهما واحد وان خليل حرب زميلها في المنزل وفي المكتب عضو دائم في مجلس الامن العائلي دون حق التصويت . المجلس يضمها و ” السفير ” فقط لا غير . بعض الاحيان تخرج هي لتبقى “السفير ” وحدها مجتمعة مع نفسها . حين قرأت فرحة كلماتها وسمعت احرف عاميتها علمت انها على حق في حضورها الصاخب في طوابق مبنى ” السفير ” .
اعترضت على تجاهل ذكر إسمي باعتباري آخر المنضوين إلى ” السفير ” . أجابتني بما قدّرها الله من لطف . قررت الدعاء يومياً لخليل بالصبر .
الحق الصاخب الوارد سابقاًً يستعمل بالدقائق وليس بالايام والاشهر والسنوات على طريقة هنادي . هنا كلمتها السرية التي سيزداد صخبها بعد نشرها .