صبحية انتخابية – بيروت: رفيق الحريري العامل الاول

كلمات 03 مايو 2009 0

لم يخطر ببالي بالأمس، حين أبلغني الشباب في قيادة التيار، ان اللقاء اليوم مع رجال وسيدات من “تيار المستقبل” يمثلون نقابات العمال في مختلف المجالات، ولم يخطر ببالي غير رجل بلغ من المجد أعلاه، ومن العمر أوسطه، ومن الثروة أكبرها، لكنه كان دائماً حين يريد ان يبتسم يتذكر رائحة زهر الليمون، ويتذكر صناديق التفاح على كتفه، ويؤشر عليها ويذهب بنا الى حيث كان عاملاً، فرحته لما كان عليه أكبر بكثير من فرحته لما هو عليه في ذلك الحين.

لم يخطر في بالي إلا صورته، وهو يصطحبنا الى أرض عمل فيها وهو يروي لنا أيام شبابه المبكر، حين كان الجهد والصدق، كما بقي بعد ذلك هو عنوانه اليومي ومثابرته ومتابعته.

طبعا كلكم تعرفون أنني اتحدث عن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي لو أردت أن أزيد الى ألقابه لقباً ، وبالتأكيد ، رحمه الله، لو سألته لاختار أن يكون العامل الأول بيننا . لا أذكر مرة انه تحدث عن العمال إلا وكأنه يتحدث عن نفسه، ولا أذكر مرة انه تخلى عن ثوب العامل أو تخلى عن أخلاق العامل أو انه تخلى عن قدرة العامل على الوحدة الوطنية .

هناك أمر يجب ملاحظته، وأنتم الوحيدون ربما كمجموعة أشخاص القادرون على أن تكونوا صمغ اللُحمة الوطنية في البلد .

يجب علينا الإعتراف بأن النخبة لم يعد باستطاعتها القيام بهذا الدور، ويجب الإعتراف ايضاً ان الطبقة الوسطى أصبحت صغيرة، لدرجة انها لم تعد تستطيع ان تصل الى هذه النتيجة، وبالتالي لا يوجد سوى قطاعكم الذي يمثل كل اللبنانيين، ويمثل تعب كل اللبنانيين، ويمثل عرق كل اللبنانيين، ويمثل صدق كل اللبنانيين، وهو الوحيد القادر على ان يأخذنا الى المزيد من السلم الأهلي، والمزيد من اللحمة الوطنية، والمزيد من لبنان أولاً التي لا أرى فيها إلا مسؤولية وطنية أولاً .

هذا لا يعني اننا مختلفون مع تاريخنا ، عروبتنا ليست مختلفة مع لبنان أولاً، لبنان أولاً مسؤولية عروبتنا هوية، هناك فرق كبير فعروبتنا لا تقف عند جغرافيا معينة .

صحيح اننا مختلفون مع النظام السوري، ولكن العروبة لا تقف على باب دمشق، العروبة تذهب الى أي مكان في العالم العربي، هي مدانا وهي مددنا وهي صلتنا بالعالم الخارجي، تبدأ بعروبتنا وتنتهي في أقصى أقاصي الأرض .

أعرف ان لديكم هموم بالسياسة، وأسئلة في هذه الأيام، ولكن ما أريد قوله بكل بساطة حتى لا ندخل في الكثير من التفاصيل، اننا غير معنيين بالاستعراضات التي نشاهدها اليوم، ولا تؤثر علينا هذه الإستعراضات بأي شكل من الأشكال، فهذه الإستعراضات ممكن ان تستمر ليوم أو ثلاثة أو شهر، ولكنها ستنتهي حتماً، ولكن لكي تنتهي هذه الإستعراضات، يجب ان تكون ورقة كل واحد منكم في صندوق الاقتراع أياً كانت طائفته وأياً كانت دائرته وأياً كانت رغبته .

طبيعي يجب ان أسوّق لـ”تيار المستقبل” ولكنني أفضل الديموقراطية على هذا الأمر، وأقول لكم ان ورقة اقتراعكم في الصندوق، هي الورقة التي تحمي أفكاركم ، وتحمي سيادتكم وحريتكم ، وتحمي قراركم الذي لا يمكن لأي كان مصادرته، لا بالإستعراض ولا بالسلاح ولا بالكلام الكبير، ولا بالإستنجاد كما شاهدت على التلفزيون بالامس، حيث نقل الحوار الى مولانا السيد الحسين ويزيد، وأنا اقصد اللواء السيد طبعاً حيث ذهب الى مكان حيث لا نستطيع مناقشته لا لأنه ينقصنا العلم والدين، ولكننا لا نملك الجرأة الكافية ولا الرجاحة الكافية في إدخال الأئمة وإدخال التاريخ منذ 500 سنة، في الحديث عن مرحلة كانت بالأمس وأول أمس .

هم يريدون ان يقولوا ان ما كان بين العامين 1995 و2005 كان جنة من الحرية والإزدهار والسيادة والإستقلال، وان ماحدث منذ عام 2005 حتى الآن هو دكتاتورية وتسلّط وظلم وحقد وكراهية .

أنا لن أرد على هذه الأقوال، بل سأترك لكم الرد لأنكم بالتأكيد جميعكم عايشتم تلك الفترة، انا عرفت القسوة والظلم أكثر في ذلك الوقت، ولكنني لم أترك ولا مرة الحقد ان يسيّرني، ولم أدع الحقد يدفعني الى اتخاذ القرار، لأن الحقد لا يعني المستقبل، بل يعني الكراهية والإنقسام، والمزيد من الخطر على السلم الاهلي .

أنا مواطن لبناني معني أولاً وأخيراً وقبل كل شيء بالسلم الأهلي، هذا السلم الأهلي هو مسؤوليتكم جميعاً ومسؤوليتكم انتم بالذات لأنكم التجمع الأكبر القادر على هذا العمل .

هذا التجمع وهذه السياسة وهذا السلم الأهلي، يعبّر عنه بطريقة واحدة وهي ورقة الإقتراع في الصندوق، والتنازل عن هذا الحق، هو تنازل عن أي احتمال قرار ممكن ان تتخذونه، هو تنازل عن أي حلم باستطاعتكم ان تحلموا به ، هو تنازل عن سيادة وحرية واستقلال، وأنا متأكد والحمد لله انكم لن تتنازلوا .

أيضاً أريد أن اقول لكم ان موضوع المحكمة موضوع بامكاننا ان نتكلم عنه ساعات، ولكنني اسأل ماذا يفيد هذا الكلام، والى اين يمكن ان يوصلنا ، وعلى من يمكن ان يؤثر. هناك محكمة دولية محترمة اتخذت قراراً في وقت من الأوقات بالإفراج عن مجموعة من المشتّبه بهم، كما ان رئيس لجنة التحقيق الدولية في فترة سابقة اتخذ قراراً بتوصية بتوقيف هؤلاء الضباط .

على كل حال أنا لن أطيل الحديث في هذا الموضوع ،لأنني على ثقة كاملة منذ اللحظة الأولى بأن الله ، لا يمكن ان يضيّع حق رجل بعد كل هذا الخير، وكان مسؤولاً عن تعليم الكثير من شبابنا وطبابة الكثير من مرضانا، وعن استقرارنا جميعاً ، لا يمكن لله سبحانه وتعالى بصرف النظر عن القضاء المستقل أو غير المستقل، أن يضيّع حقنا في معرفة الحقيقة، لرجل كان دائماً عنواناً لتقدمّنا واستقرارنا وحقنا في كل ما نريد ان نصل اليه. هذا الأمر لم يتم ببساطة وإنما تمّ بقوتكم وبوقوفكم الى جانب قضيتكم، والأهم انه تمّ بصمودكم، وهذه صفة يجب ان نتعوّد عليها، وان نصُر عليها في كل مجال ، الصمود هو أهم أسلوب نستطيع نحن المدنيون أصحاب الكلمة الحق ان نحافظ عليه وننميه ونصمد عليه في كل ملماتنا ، خاصة اذا كان اللقب، وانا احبه للنائب سعد الحريري، وهو لقب الصامد الأكبر .

الصمود يعني الإعتراف بحق العقل بالحوار، الصمود يعني الثبات على مواقف والصلابة في وجه كل انواع الضغوط ، الصمود يعني انه مهما مرّ سبعات من اشهر في هذه السنوات المقبلة ان شاء الله، لن يستطيع أحد ان يأخذ منا في السياسة ما أخذوه في 7 أيار الماضي .

قد يستطيعون احتلال الشوارع والطرقات وعواميد الكهرباء والشجر، ولكن في السياسة لن يستطيع أحد ان يأخذ منا شيء، وهذا ليس بسبب قوتنا العسكرية ولا بسبب زنودنا، بل بسبب عقلنا وصمودنا وإيماننا بأننا لا نتخلى عن كلمة الحق اياً كان الثمن الذي ندفعه . ما من مرة دخلنا في مواجهة سياسية إلا وربحناها، وما من مرة دخلنا في كلمة الحق إلا وقد نصرنا الله، وما من مرة دخلنا في مناقشة مباشرة ألا واستطعنا الوصول الى النتيجة التي نريدها في عقول الناس، وليس بيننا وبين أنفسنا لأن الوحدة الوطنية والسلم الأهلي يفترضان بالشخص الذي يناقش أو يتكلم أو يقول رأيه ان يتوجه الى كل اللبنانيين وليس الى جزء منهم ، ما سمعته الآن هو حديث الى جزء من اللبنانيين مُفتعل وقد انزعجوا مني عندما قلت انه احتفال حاقد، لابأس لنقل انه احتفال شامت، هذه الشماتة لا تبني وطنا، هذا الحقد لا يؤسس لمستقبل، نحن معنيون بأن نؤسس لمستقبل بلدنا، ومعنيون باللحمة الوطنية وأولاً وأخيراً بالسلم الاهلي، هذا كله يتحقق بمزيد من الصمود السياسي، واستعمال كل الوسائل السلمية المدنية المتاحة لنا دون توقف، وعن صدق وعن إيمان. ووسيلة الدفاع التي تحقق لنا جميعاً بعض ما نريده، أو تؤسس لنا جميعاً بعض ما نريد أن نصل اليه هي ورقة الإقتراع .

أتمنى عليكم جميعاً الا تتخلوا عن هذا الحق، وأنا متأكد وأنا أتطلع الى وجوهكم، ان الرئيس الحريري مازال موجوداً في عقولكم وفي عيونكم ، وأعتقد انكم سمعتم منه هذا الكلام سابقاً ، وأنا على طريقه رحمه الله . ولكنني أتمنى ان تستمروا على هذا الصمود وعلى هذه القناعة، والا تتنازلوا عن حقكم، وان تؤكدوا على انكم أهل مدينة مدنية، تستعملون الحقوق المدنية السلمية في كل المواجهات السياسية التي تربحوها دائماً، وان تتقدموا الى الأمام بدون ان تعتقدوا للحظة، ان عواصف الغبار هذه تمنع الرؤية، قد تمنعها لساعات لأيام ولأسابيع، ولكن لابد انها ستنقشع وستظهر الشمس وستظهر السماء، وبين الشمس والسماء يظهر الحق والحق معكم، دوماً، ان شاء الله .

أنا أشكر حضوركم، وأتمنى انه في كل مرة نلتقي ان تكون زنودكم أقوى بالحق وعقلكم أصلب بالرأي ألا تتنازلوا، وألا تتراجعوا، وألا تعتدوا على الناس ، ولكن واجهوا أي اعتداء بالوسائل التي تفرغ هذا الإعتداء من أي مضمون ديموقراطي، ومن أي مضمون سياسي ومن أي مضمون يجعل الآخرين يعتقدون انهم انتصروا بأوهام لا توصل الى أي نتيجة. والأيام بيننا وصناديق الإقتراع ستقرر ان شاء الله .