صبحية انتخابية- بيروت: بيروت الصامدة

كلمات 26 أبريل 2009 0

أعتقد ان الترشح في الدائرة الثانية، يعدّ ميزة إضافية لمن يترشح فيها، هي الدائرة الوحيدة التي تحوي سنّة وشيعة ومسيحيين بأعداد متقاربة، لا يوجد في كل لبنان دائرة مماثلة بوطنيتها وبتعبيرها عن لبنانيتها، وبقدرتها على ان تشبه لبنان وأهل لبنان، ومسؤولة مثل كل اللبنانيين الذين يحبون بلدهم .

الأمر الثاني الذي أريد قوله متعلق ب7 أيار. أعرف انه تاريخ يمثل جرحا كبيرا عندكم وعندي أنا، ولكنني أُريد ان أقول لكم انه لا عنوان لنا في السياسة سوى الحوار . كانوا يقولون في الماضي ان العدل سيد الأحكام أنا أعتقد انه يجب ان يُقال “الحوار سيد الاحكام” لأن لبنان والرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يعتمدا ولا مرة، وسيلة من الوسائل السياسية الا وكان عنوانها الرئيسي هو الحوار .

بالتأكيد كلكم تعلمون ان الكلمة خاصة، كلمة الحق أقوى من أي سلاح، ولا يوجد سلاح يستطيع الوقوف بوجه الكلمة الحق .

كل شهدائنا من العام 1980 حتى اليوم، دفعوا ثمن كلمة الحق، ولا مرة حملنا السلاح لأننا نحن أبناء الدولة من مئات السنين، ولكن لم نكن ولا مرة واجهتنا فيها المخاطر إلا على قدر كلمتنا وعلى قدر صمودنا ، واستعمال عقلنا بالوجهة السلمية التي تحقق لنا بالتأكيد وحدة وطنية وتماسكا وصمودا، لأن المراهنة هي على عقولكم، وليس على زنودكم ، ولأن المراهنة هي على صمودكم وليس على تراجعكم ، ولأن المراهنة هي على قدرتكم على الصمود .

كلنا نذكر ان الجيش السوري خرج من لبنان منذ اربع سنوات، وهو وجود لا يمكن ان نعتبره الا وجود شقيق، والزميل باسم تحدث عن فترة أمضيتها في الخارج بسبب هذا الوجود، ولكن هذا الأمر لم يدفعني ولا مرة الى تغيير قناعاتي العربية، كما انه لم يدفعني ولا مرة الى التفكير ولو للحظة ان سوريا عدو، لأن عروبتي لا تتوقف عند باب دمشق، عروبتي تصل الى كل الدول العربية، في كل مكان هناك خير وهناك أهلنا وهناك بيئتنا وهناك محيطنا.

7 أيار ليس أول التاريخ ولا آخره ، لقد مرّ على لبنان وعلى بيروت بالذات أحداث أصعب بكثير من 7 أيار ولكن كانت نتيجتها السياسية أقل اثراً من اتفاق الدوحة .

ما أريد ان أقوله انهم قد يستطيعون بالسلاح احتلال كل الشوارع وكل الأرصفة وكل مداخل البنايات، ويستطيعون السيطرة على كل ما يريدون، ولكننا لن ندفع الثمن مرة أخرى بالسياسة .

أنا أستطيع ان أقول نيابة عن الشيخ سعد الحريري وعن النائب وليد جنبلاط، بان ماحدث في الدوحة من ثمن سياسي دفعناه هو مرة أولى وأخيرة ، اياً كان السلاح وأياً كان مستخدموه وأياً كانت تصرفات المسلحين، نحن لن ندفع ثمناً سياسياً مرة أخرى إلا بالحوار، ولا ثلثا معطّلا ولا ثلثا ضامنا ولا ثلثا مُريحا، نريد حكومة منسجمة طبيعية مثلنا ومثل الناس الموجودين هنا بيننا، والذين أعتقد انهم جميعاً من بيئتنا ومن أهلنا ومن محيطنا . بيروت ليست سنيّة هذه هي الكذبة التي رٌوّجت بسبب السلاح . بيروت لكل أهلها، وبيروت لا تحتكر تمثيلها ولا تحتكر السكن فيها، ولا تحتكر ملكيتها ولكن ايضاً بيروت لا تقبل باحتكارها، فمن يرفض الاحتكار يجب ان يكون ايضا غير قادر على الاحتكار .

أنا أستطيع ان أقول لكم مرة ثانية نحن نراهن على عقلكم وعلى صبركم وعلى صمودكم الذي هو أقوى من أي سلاح، والذي يمثل دعماً لنا الآن وفي الماضي وفي المستقبل، وأعتقد ان تجربة الكلمة سواء في التلفزيونات او الإذاعات وتجربة الكتابة أثبتت انها أقوى بكثير من انتشار الهنود الحمر في شوارع بيروت لثلاثة أو أربعة ايام.

مرة اخرى اؤكد لن ندفع ثمناً سياسياً لأي سلاح اياً كانت هويته، وأياً كان الممسك به، وأياً كان القادر على استعماله، السلاح الوحيد الذي نقبل به هو السلاح الموضوع تحت أمرة السلم الأهلي والسلم الأهلي أهم من كل الأسلحة، والكلمة الطيبة أهم من كل الاسلحة ، والشوارع لم تنتج سياسة ولا مرة ولم تنتج مستقبلا للناس، والشوارع لم تقرر حياة الناس ولا مرة ومن يعتقد انه بهذه الطريقة يستطيع الزامنا سياسياً بما لا نوافق عليه فهو مخطىء .

أعود وأؤكد مرة رابعة ، ماحدث أول مرة خطأ واذا حدث مرة ثانية سيكون جريمة، لن نقبل بها سياسياً تحت اي ظرف من الظروف .

أنا أعتمد عليكم وأقول لكم ان التصويت هو أهم وسيلة من وسائل التعبير عن السيادة والاستقلال والحرية، ومن يعبّر بصوته يكون بذلك يؤدي واجبه تجاه الشعارات التي دفعنا ثمنها الدم الكثير، وتجاه الشعارات التي صمدنا كثيرا لكي نصل اليها، وتجاه الشعارات التي سمحت لنا ان نكون دائماً موجودين بكل حضورنا في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب .

لا أعتقد انه من الواجب تذكيركم بـ 14 شباط وبـ 14 آذار بأنكم كنتم دائماً النور في هذه الظلمة الكبيرة، التي يعتقد الآخرون انهم استطاعوا وضعنا فيها .
نحن لبنانيون وعرب قبل ان نكون سُنّة وشيعة، ونحن بيارتة بمعنى بيروت المدينة الصابرة الصامدة مثل صخرتها القريبة من هذا المكان، والتي لا تغيّرها رياح ولا عاصفة ولا ماء ولا حتى الجيوش .

لقد مرّ الكثير من الجيوش على لبنان، ونحن الحمد لله ذاكرتنا تسعفنا وأعتقد انه لو سُئل أي واحد منا منذ أربع سنوات وخمسة ايام ما اذا كان الجيش السوري سيخرج من لبنان كان جوابه نعم ، حتى لو سُئلت لكنت قلت كلا، وإنما هذا الأمر حدث لا لأننا حملنا السلاح أو بسبب الشتائم التي وجهّت لسوريا، أو بسبب اعتبار ان عروبتنا تقف على باب دمشق .

أقول لكم هذا الأمر حدث بسبب صمودنا، وبسبب صدق عروبتنا، وبسبب بيروتيتنا المنفتحة على كل الناس، بسبب صدركم الذي لم يكن ولا مرة ضيقا على استقبال الآخرين، اياً كانوا ومن أينما أتوا طالما يحملون معهم السلم الأهلي والقدرة على الحوار والتفاهم .

لن أطيل عليكم، ولكن اريد التعليق على ما قيل ان الأمر سيحصل بالتزكية هذا خطأ ، نحن ذاهبون الى انتخابات طبيعية مئة بالمئة، وكل صوت من أصواتكم يقرر، وكل من يُسقط الورقة في صندوق الاقتراع لا يعني انه بذلك يقرر من ينجح أو لاينجح، إنما يؤكد انه حريص على سيادته وعلى استقلاله وعلى حريته، وهذا حق لكل إنسان لا يجوز التخلي عنه .

نحن هنا نقف على أكتاف عملاق كبير، وقد لا نلاحظ صورتنا هذه دائما، ولكننا جميعاً نقف على أكتاف عملاق كبير هي أكتاف الرئيس الشهيد رفيق الحريري ..
صامدون صامدون صامدون مع الصامد الكبير الشيخ سعد الحريري..

هذه أول مرة ألتقيكم، ولكن لن تكون الأخيرة، وانتظركم جميعاً عند صناديق الاقتراع لتقرروا من تريدون، المهم الا تتخلوا عن حقكم بالتصويت، لأن التخلي عن الحق بالتصويت هو التخلي عن حقكم في الحرية، والتخلي عن حقكم بأن تقولوا رأيكم، والتخلي عن ان تقولوا رأيكم بالآخر .

وعندما يعتاد الآخر على عدم قول رأيكم فيه، كأنكم تقولون له الحق معك، ولكن لا أعتقد انكم قلتم لهذا الآخر معك حق، لأنكم أنتم الحق في كل ما تقومون به، وبكل ما تقولونه وببيروتيتكم قبل أي شيء آخر، وبمدينتكم قبل أي شيء آخر والله يعطيكم العافية .

أعتذر منكم لأنني لم آت على ذكر صديق عزيز الرجل الوطني الكبير، والمحب لبيروت الذي دفع حياته ثمناً لأجلها هو الصديق الشهيد الاستاذ وليد عيدو .

اعتذر مرة ثانية لأن الاستاذ وليد كان صديقاً قديماً، وهو واحد من الذين دفعوا حياتهم لكي نستمر ونصمد، وبالتأكيد ،رحمه الله، كان الأكثر دفاعاً عن كل المفاهيم التي تحدثنا عنها، والأكثر دفاعاً عن حقكم بالتصويت، والأكثر دفاعا عن حقكم بأن تقولوا رأيكم بكل ماهو حاصل، واعتذر مرة ثالثة وشكراً .

.