“صالون السبت” – بكائية “الجيش والشعب والمقاومة”

مقابلات اذاعية 19 نوفمبر 2011 0

المقدمة:
من يتابع تصاريح ضيفي العزيز القليلة أو الكثيرة حسب الظروف والأحداث، في الفترة الأخيرة، وكثيرة كانت في هذه الفترة، يلاحظ كميات الغضب وعدم الرضا عن كل ما يسمعه أو يقرأه أو يشاهده، هو الذي يخترق أعماق الأحداث ليستبق تطورّها ويُحدد مسارها.
نحن والمنطقة الى أين؟ وإذا توقعنا مسار المنطقة هل بإمكاننا تحديد مسار لبنان؟ فلبنان مثل ما يقولون معلّق بحبال هوا عواصف الآخرين، على ماذا يُراهن هذا اللبناني وكيف يحمي نفسه وسيادته وحريته وكرامته من الذوبان في آتون عنف الثورات؟ وكيف يمكن أن يحتفل مع المحتفلين بالربيع؟ هو من مبدئياً زهّر ربيعه في الـ2005 وأصبح موديل نموذج ومحطة إعجاب للذين تأخر عليهم الربيع.
نهاد المشنوق ماذا تخبيء وراء هذا الكم والإحتقان؟ والكم من الإطلالات أيضا؟ هل تبكي لبنان أم تتحسر على فرص كثيرة أضاعها في الهذيان؟ ماذا عن لبنان الآن؟ ماذا عن جهاز المناعة اللبناني؟ هل هو بأمان؟

الأسئلة والأجوبة
س- طبعاً ينتظر المستمعين أو المشاهدين أو القراء إطلالاتك ولو كانت حتى تكاد تكون يومية، لأنه في كل لحظة عندك جديد وتتابع بشغف كل ما يجري من حولك وحولنا، هل المنطقة ونحن جميعاً على حافة الهاوية؟
ج- تحدثت مرتين فقط خلال اربعة اشهر، بالتأكيد أنا لا أبكي لبنان، بالعكس أنا مطمئن ان لبنان في دائرة الأمان رغم كل ما يُقال، هذه واحدة من أساليب العمل السياسي التي تعودّنا عليها منذ سنوات، بأنه كلما حصلت أزمة في المنطقة يكون هناك تهديد للبنان، إما من قوى محلية وإما من قوى خارجية، ولكن إحساسي ان لبنان يتمتع الآن بالحد المعقول، ولن أقول الأدنى من شبكة الأمان الأمني على الأقل، وبالتالي الصراع السياسي جزء من طبيعة البلد وجزء من صورته وجزء من حريته وديموقراطيته، بصرف النظر عن بعض الصور أو بعض الكلمات التي يكون لها طابع حاد أو طابع المواجهة أكثر مما يتوقعه الناس.

س- عندما تحدثت معك للاتفاق على موعد، لاحظت عندك كمية من الغضب ولا أريد أن أكرر كلمة احتقان، ما الذي يُغضبك في هذه الأيام؟
ج- أعتقد ان الحياة السياسية اللبنانية بمجملها ليست على مستوى الحدث، ولا يمكن أن يكون الصراع السياسي حول عنوان جهة مع القاتل وجهة مع المقتول، جهة مع الثائر وجهة مع المستبّد، جهة مع الجاني وجهة مع الضحية، جهة مع الدكتاتورية وجهة مع الحرية، هذا ليس صراعاً سياسياً بل صراع فيه شيء أو فيه حذّ من الظلم بالتقييم لا يمكن فهمه أياً كانت مصالح الجهة التي تعتبر، لنفترض انها لها مصلحة مع النظام السوري أو مصلحة مع أي نظام عربي آخر، أن تغمض عينيها ولا ترى حجم الدم وحجم القهر وحجم القتل الذي يحصل مثلاً في سوريا، بمعنى انك عندك أسباب سياسية أو تاريخ من العلاقات، وإذ أنت بسبب هذا التاريخ، وبسبب هذه الأزمة مستعد التجاهل أو تجاوز مشاعر ملايين الناس ودم آلاف الضحايا وصراخ عشرات آلاف المعتقلين.

س- أليس هناك من سوابق لبنانية لهكذا تصرّف وأداء سياسي حالياً؟
ج- بهذه الحدود لا أعتقد ان اللبنانيين كانوا في وقت من الأوقات مع هدر الدم، هدر دم عربي على حساب أو لصالح مفهوم سياسي يعتقدون أنه مصلحتهم مع النظام السوري أو أي نظام آخر، فهناك شيئ إنسانيا غير محتمل.

س- هي سوريا استاذ نهاد من كان يُصدّق أن يرى ما يجري اليوم في سوريا؟ أو من كان يتوقع الوصول الى هذه الدرجة؟ فبعد أن بدأت أزمة أصبحت ثورة والحديث اليوم عن حرب أهلية، وفي التداول اليوم هناك تعابير كثيرة منها صراع حافة الهاوية؟
ج- صراع حافة الهاوية ممكن، ولكن لا يوجد أزمة حصلت في أي دولة عربية إلا وكان ردّ الفعل الأولّي هو التخويف من حرب أهلية، والتخويف من حروب القبائل ومن حروب المذاهب، والتخويف من حروب المسلمين والمسيحيين، كل هذه عناوين يستعملها النظام الدكتاتوري لإعطاء الإنطباع، ولكي يقول للناس بأني كنت حاميكم من الحرب الأهلية ومن الإنقسام المسيحي-الإسلامي ومن الحرب المذهبية، وهذا كله غير صحيح، وثبُت ان لا شيء يحمي الإنسان لا في مصر ولا في سوريا ولا في أي بلد آخر، سوى النظام الحر حق التعبير والعدالة والكرامة والعزة والكبرياء.
س- ولكن هذا كيف يُترجم على الأرض؟ يعني كلينتون تحدثت عن الحرب الأهلية، موسكو أيضاً تحدثت عن الحرب الأهلية، والوضع كأنه انزلق الى حرب أهلية في سوريا، والحرب الأهلية على كل لسان ما هي معالمها؟
ج- أنا لا أوافق على ذلك، ولا يوجد أي معالم لحرب أهلية، كل هذه أكاذيب وأوهام تُستعمل لتهديد الناس ولردعهم عن الإستمرار بثورتهم، دعينا نقول بصراحة ماذا تعني الحرب الأهلية في سوريا؟.

س- ماذا تعني هل تقسيم انقسام طوائف؟
ج- ياسيدتي التقسيم قرار دولي كبير له عدّته وموجباته وظروفه، هذه لم تتوفر في العراق الذي كان عنده قابلية كبيرة بأن يحصل فيه تقسيم في البدايات أو في فترة الإحتلال الأميركي، وتبيّن ان العراقيين مازالوا عندهم القدرة للتفكير بدولة واحدة على الأقل، ويبقى الإختلاف على تفاصيل.
الحديث في قلب سوريا بكل بساطة عندما يتحدث عن حرب أهلية، يتحدث مثلما قرأت في بعض الصحف اليوم، وكأن العلويين والسنة أو المسيحيين والعلويين والسُنة يريدون المواجهة، وعلى هذه القاعدة تقوم الحرب الأهلية، وهنا سأعطي مثل بسيط: في آخر اجتماع عُقد في دار الإفتاء بحضور البطريرك الراعي وكل قادة الطوائف، تحدث البطريرك الراعي على عادته منذ أشهر من اليوم عن احتمالات التقسيم والدولة العلوية والحرب الطائفية والمذهبية، والمستغرب ان من انبرى للرد عليه كان رئيس المجلس العلوي الشيخ أسد عاصي، فقال له “نحن لا نقبل هذا الكلام نحن قوميون عرب ووحدويون ولسنا في وارد المواجهة والتقسيم مع أحد”، إذاً هناك من يقول كلام آخر، نحن لا نريد سماعه، نحن فقط نريد أن نسمع الكلام الذي يؤكد مخاوف بعض الأقليات، والذي يؤكد مخاوف النظام الذي يبيع الأقليات حماية وهمية.

س- لكن هذا التصعيد الى أين؟
ج- هو جزء من المواجهة العسكرية.

س- لبنان الضعيف كيف يدفع ثمن هذا التصعيد؟
ج- أنا لست من هذا الرأي بأن لبنان سيدفع ثمن هذا التصعيد، أكرر انه في لبنان الحد الأدنى من الضمانات أو الحد المعقول من الضمانات الأمنية، وبالتالي لبنان بتقديري ليس مُعرّضاً لمسائل أمنية كبرى. كل ما هنالك ان هناك صراع سياسي عنوانه سوريا، صراع سياسي حاد جداً جداً جداً.

س- الى أين يصل هذا الصراع، وهل نبقى في السياسة وضرب الكراسي؟
ج- لا يصل الى مكان ونبقى في السياسة وبدون ضرب الكراسي، لأن خياراتنا محدودة والحرب الأهلية تحتاج الى أكثر من طرف. وهناك طرف واحد في البلد يملك السلاح والآخرين لا يملكون شيء سوى القلم، بتقديري الشخصي ان هذا السلاح الموجود والمتوفر لن يُستعمل في حرب أهلية، وان كل هذا تخويف لضبضبة الناس وجعلهم يشعرون انه يجب ربما التخفيف من اندفاعهم في مناصرة الشعب السوري في ثورته.

س- نهاد المشنوق يقول: حكومة ميقاتي شيطان طويل اللسان خصوصيتها احتقار دماء الشهداء، نهاد المشنوق يقول: ميقاتي يخدع اللبنانيين وينتحل صفة حماية تمويل المحكمة، ونهاد المشنوق أيضاُ يقول: قيمة حكومة الميقاتي انها تُظهر الخداع برصانة مزيفة.
استاذ نهاد، تُهاجم نجيب ميقاتي مع حفظ الألقاب بشكل شرس وتتهمه بخيانة طائفته، وتقول جنبلاط حمى طائفته وميقاتي خائن لطائفته لماذا كل هذه العدائية؟
ج- أولاً، هذه ليست عدائية، هذا وصف طبيعي لمسار الحركة السياسية للرئيس ميقاتي منذ تكليفه في كانون الثاني الماضي حتى الآن، أنا لا أخترع وقائع وأُعلّق عليها، إنما هو من يمارس الوقائع ويُحددها، وهو الذي يؤكد كل يوم أكثر وأكثر وأكثر، ان هذه الحكومة شُكّلت وفق دفتر شروط محدّد بثلاثة بنود لم تتغير، إذاً لماذا الكلام بأن هناك تغيير في هذا البند أو ذاك البند؟ في البداية كُلّف وفق شرطين في كانون الثاني:
الشرط الأول: هو إلغاء المحكمة الدولية تحت شعار ورقة التفاوض الذي سبق للرئيس الحريري وفاوض عليها والتي سُمّيت في ذلك الحين بالسين- سين، والتي اعتبرُها خدعة وفخ سوري- إيراني لم يكن أحد من هذه الأطراف لا “حزب الله” ولا سوريا ولا أي طرف معني يريد الوصول الى نتيجة إيجابية من خلال هذا التفاوض، واعتبرتُه فخاً للعاهل السعودي وللرئيس الحريري ولكل السياسيين من مجموعتنا على الأقل الذين انخرطوا في هذا المسارالسياسي.
الشرط الثاني: يتعلق بأن السلاح يبقى مُباحاً لحزب له عقيدة ومن طائفة واحدة وتحت شعار المقاومة المتوقفة منذ خمس سنوات، ووجوده بطبيعة الحال لا يمكن أن يؤدي إلا الى ضعف الدولة والمزيد من تفكك الدولة، وذلك أيضا تحت شعار أن الحكومتين اللتين شُكّلتا بعد اتفاق الدوحة نصّا في بيانهما الوزاري على ثُلاثية وهي بالحقيقة بُكائية الشعب والجيش والمقاومة.
من جهتي لم أكن ولا مرة مُقتنعاً بالسين- سين، وقد عبّرت عن ذلك علناً في حينها، وفي ظروف صعبة جداً جداً عليّ لكي أعبّر عن رأيي. ثانياً في كلامي وفي خطابي في جلسة الثقة لحكومة الرئيس الحريري، أبديت اعتراضاً واضحاً ومُعلناً على بكائية الجيش والشعب والمقاومة، فأنا على الأقل صادق مع نفسي وصادق مع تفكيري، لذلك عندما أتحدث عن الرئيس ميقاتي سواءً بالبكائية أو بما يتعلق بإلغاء المحكمة الدولية أو تعطيلها، فأنا هنا أتحدث عن وقائع، وأُضيف لهذه الحكومة بند ثالث، عندما بدأت الثورة في سوريا في شهر آذار بأن مهمة هذه الحكومة حماية النظام السوري في كل مكان أو في كل محفل عربي ودولي وداخلي، وثبُت ذلك في الأمم المتحدة، وثبًت ذلك في الجامعة العربية، وبالتالي أنا لا أخترع وقائع، أنا أتحدث عن وقائع حية تُمارسها هذه الحكومة برئاسة الرئيس ميقاتي الذي يحاول في كل مرة أن يُبّرر وأن يُجمّل وأن يُحسّن موقف .

س- ربما هو يحاول ذلك؟
ج- هو لا يستطيع، فطبيعة تشكيل الحكومة تمنع أي محاولة جدّية من هذا النوع، هو قبِل بهذه الحكومة بالشكل الذي تمت به، بالعناصر المشاركة بها، بصدور القرار الإتهامي ووجود وزراء لـ”حزب الله” داخل الحكومة، وبإعطاء العماد عون تمثيل مطلق بعشرة وزراء.
لا يجب أن يُفاجأ بأن هؤلاء الوزراء سيتصرفون تجاهه بهذا الموضوع أو ذاك الموضوع بالطريقة التي يتصرفون بها، وان المطلوب الدفاع عن صلاحياته. هو قبِل بدفتر الشروط، وقبِل بالتشكيل بالشكل الذي تمّ فيه، وقبِل بالتمثيل السياسي الموجود داخل الحكومة، هذا التمثيل السياسي لا يمكن أن يُنتج إلا ما نراه، وبالتالي أين المفاجأة؟ فلا يمكن أن نزرع زيتونة ونقطف منها ليمون، الزيتون يعطي زيتوناً والليمون يعطي ليموناً، ولذلك فإن هذه المبالغة والخداع والتجميل والتحسين لا يُفيد.

س- هذا عن علاقتك ورأيك بمسار الرئيس ميقاتي، ولكن ماذا عن علاقتك برئيس الجمهورية ومع رئيس مجلس النواب، لنبدأ برئيس الجمهورية؟
ج- هذا لا يتعلق بالعلاقة الشخصية، فأنا أحترم رئيس الجمهورية.

س- ولكن ماذا عن علاقتك كنائب؟
ج- أنا أحترم رئيس الجمهورية وعلاقتي كنائب برئيس الجمهورية علاقة عادية ولا شيء خاص بهذه العلاقة، وإذا كان هناك من موقف سياسي أجد انه ليس بمصلحة البلد ومصلحة قراءاتي للوضع في البلد أعترض عليه أو أُشجع رأي يقوله لصالح البلد، تاريخياً وتقليدياً أنا أعوّل كثيراً كثيراً كثيراً على ان دور رئيس الجمهورية هو دور الحكم ودور الحكم القادر على الفصل، القادر على فرض آراءه على الحياة السياسية من خلال طرح آراء منطقية والإحتكام للناس فيها. رئيس الجمهورية هو رمز لبنان وحامي الدستور، وبالتالي دوره من وجهة نظري دور رئيسي وأساسي بحسب كيف يستعمل ما هو مُتاح له من دور، وأنا لست مُقتنعاً بأن رئيس الجمهورية يستطيع فقط أن يُمارس دوره من خلال صلاحيات، وأعتقد أن الناس بحاجة أكثر لشخصية معنوية تستطيع أن تُعبّر عنهم وأن تفهمهم وتدافع عنهم.

س- إذاً انت ترى اليوم في رئيس الجمهورية الحكم القادر على الفصل؟
ج- أريده ولا أرى فيه ذلك، أعتقد ان رئيس الجمهورية يتصرّف ضربة على الحافر وضربة على المسمار.

س- حضرتك تنظر بمنظار “14 آذار” أم بمنظار لبناني مجرّد مراقب؟
ج- دعيني أتكلم كلبناني موضوعي وليس بشكل مُتحزّب أو مُتحسس، رئيس الجمهورية في بعض الأحيان يحاول أن يكون حكما، ولكن في معظم الأحيان يتصرّف على قاعدة الإنضمام لسياسة الأكثرية الحالية أو للفريق الحالي. البلد ليست بحاجة الى مزيد من الإصطفاف بمعنى ان الجهتين مقاعدهما مليئة، لا يوجد عندهم مقاعد شاغرة، هناك اصطفاف بما فيه الكفاية في البلد التي ينقصها عقلاء ومتوازنين ينظرون بالعينتين الإثنتين وليس بعين واحدة، ويتحمّلوا مسؤولية ليست سهلة في هكذا ظروف، وأنا لا أنكر صعوبة الظروف، ولكن إذا كانت الظروف جيدة والناس تتصرّف بأن الأمور تسير بشكل جيد، فهذا ليس شجاعة ولا قدرة، لأن القدرة تكون في أنك في الظروف الصعبة تُعطي نتائج أفضل أو قراءة أفضل للوضع السياسي.

س- أما عن رئيس مجلس النواب أنت بعيد عن البرلمان، هل أنت بعيد عن قلب الرئيس بري صديقك؟ وهل تشارك الرئيس الحريري كلامه عن بري؟
ج- الرئيس الحريري هو رئيس الكتلة، وبالتالي رأيه وازن، ولكن إذا سألني أقول أمرين:
أولاً: ان طرح الموضوع الآن مُبكّر جداً، وهذا يعتمد على ظروف سياسية لا أحد يستطيع أن يتحكم بها منذ الآن.
الثاني: انه أجاب على سؤال أكثر مما هو افتعل الإجابة، وهو هذا رأيه، وفي كل الأحوال عندما يسألني عن رأيي أجيبه وربما لا أوافق معه، وأنا لن أناقشه على التويتر.

س- هل يتحول الحديث الى سني أو شيعي كما حاول البعض ترجمته؟
ج- دائماً يجب أن تكون طبيعة الحديث انفجارية، ولكن مسألة الحديث السني-الشيعي لا يمكن أن ننكر انه أزمة موجودة، وأزمة تحتاج الى تفكير وتدبُّر وهدوء وقراءة عاقلة، للحقيقة لا أحد يساعد عليها، يعني كل الكلام الصادر سواء في الخطابات أو بردود الفعل حتى مني أنا، كي لا أتحدث عن غيري، مع العلم أني لا أذكر أني في العشر سنوات الأخيرة استعملت تعبير شيعي، لأني لا أعتبر ان الخلاف سنياً- شيعياً، لأن الخلاف هو حول المشروع السياسي للبلد، والقراءة السياسية تجعل كل واحد اليوم يتصرف تجاه طائفته باعتبارها انها حصنه الأخير، وقيادة “حزب الله” هي المجلية في هذا الموضوع من حيث التحصُّن بالطائفة بمواجهة النظام في البلد، والتحصُّن بالطائفة من أجل حماية السلاح خارج الدولة، والتحصُّن بالطائفة من أجل الدفاع عن نظام أقلّي في سوريا.

س- لكن هذا الفريق الى أين يأخذ الطائفة الشيعية الكريمة، الى الحرب الى اللبنان، الى الشراكة اللبنانية؟
ج- الى اللبنان، أكيد سيكونون موجودين في لبنان، وهم مواطنون لبنانيون وباستطاعتهم ممارسة دور سياسي ودستوري كبير من داخل النظام وليس من خارجه.

س- بأي منظار وبأي نكهة؟
ج- بالمنظار الذي يفرضه ميزان القوى بكل ظرف، لا أحد يمكن أن يفترض انه منذ عشر سنوات النظرة هي ذاتها، وحرب الـ2006 القراءة هي ذاتها، والإعتداء واستباحة بيروت في 7 أيار القراءة هي ذاتها. الآن الوضع يتغيّر في كل مكان، وبالتالي االإستعجال بالأحكام أعتقد انه مُبكّر جداً، ولكن في يوم من الأيام الذي لا أراه بعيدا جداً سنجلس على الطاولة لكي نبحث في موضوع السلاح وبعنوان المقاومة من خلال الدولة وسنبحث بتنفيذ مقررات المحكمة الدولية، هذا الوقت سوف نصل اليه.

س- هناك دعوة للحوار هل تجاوبتم معها؟
ج- أنا لا أعتقد ان الحوار في ظل الحكومة الحالية هو منطقي، أنا لا أُشجّع أبداً ولا أوافق على أن يتم الحوار في ظل الحكومة الحالية، أنا من دعاة تشكيل حكومة تكنوقراط ومازلت عند رأيي منذ اللحظة الأولى التي كُلّف بها الرئيس ميقاتي. وبعد ذلك يذهب السياسيون الى طاولة الحوار أو نقاش داخل مجلس النواب أو غيرها، هناك مئة وسيلة للتحاور حول العناوين، ولكن ان يُجرى حواراً في ظل السلاح وفي ظل هذه الحكومة وفي ظل الصراع الأعمى على الوضع في سوريا، أعتقد انه حوار طرشان.

س- أو أن تضع قانونا للإنتخابات؟
ج- لكن قبل ان نصل الى القانون، فكرة ان هذه الحكومة تستطيع أن تكون مُمثلة للبنان ولأفكاره ولمستقبله ولقانون انتخاب ولإدارة انتخاباته فكرة مجنونة، لكن قبل ذلك هناك حوار سياسي يجب أن يصل الى مكان يُناقش كل العناوين الحارة بطريقة مختلفة، ووفق ميزان قوى مختلف، وواقع إقليمي مختلف. تذكرين انه في المرة السابقة في هذا الأستديو قلت ان هناك أربعة وقائع:
الواقع الأول يتعلق بالسعودية ومصر
الواقع الثاني يتعلق بالدور الإيراني
الواقع الثالث يتعلق بالدور التركي
الواقع الرابع يتعلق بسوريا.
سوريا تحوّلت بشكل لا عودة عنه من لاعب إقليمي الى مسرح إقليمي، كل الناس تريد أن تعمل فيها، ولكن هذا لا يمنع أبداً ان هذه الثورة ستنتصر، وهذا النظام السياسي انتهى مهما حصل، وكيفما حصل ومهما استغرق ذلك من وقت، ربما استغرق أشهراً ولكن بالنتيجة لا عودة الى الوراء.

س- لكن لماذا ألصاق تُهم الفساد بالآخر؟
ج- لأن هذا جزء من الصراع السياسي، فهم غير قادرين على الرؤية أو ليس لديهم القدرة على إعطاء الناس بقراءتهم السياسية سوى أمرين: بالسياسة انهم أقلية معرّضة للانقراض بسبب الحروب في المنطقة، وهذه سياسة انتحارية تحدثت عنها عشرات المرات، وبالإدارة انهم قديسّين والآخرين شياطين، لكن لا هذا صحيح ولا ذاك صحيح، هذه نظرية تستمر في التأكيد عليها، ولكن في النهاية تجد ان يدك فارغة ولا شيء بيدك. وثبُت مع الأيام ان الكثير من الملفات تحدثوا عنها واستمروا ينادون فيها بالسياسة وبشهود الزور الخ.. فجأة لسبب سياسي نجد انها اختفت ولم تعد موجودة، هذا جزء من التفاصيل التي يُراد منها التشهير وإدانة الفترة السابقة فقط، لا يقدّمون شيئا جديداً ولا يريدون الوصول عملياً الى تنفيذ شيء يعتقدون انه صحيح فقط، مهمتهم كل يوم صباحاً التفتيش على عنوان يدينون فيه من عام 92 أيام تولّي الرئيس الشهيد تشكيل أول حكومة حتى آخر يوم كانت فيه حكومة الرئيس سعد الحريري موجودة في الحكم.

س- والى أين تمويل المحكمة؟
ج- تمويل المحكمة مسألة مبدئية، الموضوع لا يتعلق بالمال.

س- وهبات من جيبة فلان أو فلان؟
ج- هذا فولكلور لا نعود إليه الآن، الحديث الجدي ان تمويل المحكمة هو حق للشهداء وحق للغالبية العظمّى من الشعب اللبناني وحق لجمهور رفيق الحريري وسنأخذه من الدولة، من هذه الحكومة أو غير هذه الحكومة، لذلك قلت بالأمس انا لا أتوقع ان تعيش هذه الحكومة أكثر من أسابيع.

س- قرأت لك مقابلة في صحيفة “الشرق” يوم الجمعة، ولذا قلت ان لك تصاريح كثيرة هذه الأيام، وقد قلت لماذا لا يُسأل “حزب لله” عن التمويل بواسطة صلاح عز الدين؟
ج- هذا جواب مماثل للطرح الذي قاله السيد نصرالله بأن يلغي الأمراء عشاء من عشاءاتهم لتمويل المحكمة، لأني أعتبر ان هذه إهانة لكل جمهور رفيق الحريري، وإهانة لكل حقه بالعدالة، وإهانة لكرامته السياسية، وإهانة لكرامته الإنسانية، فوجدت انه من الأفضل أن يكون الجواب بحجم الإقتراح.

س- ولكن ماذا يُكلفنا هذا التعطيل؟
ج- يُكلفّنا إننا نحن جزء من صراع كبير في المنطقة بطبيعة الحال عنوانه الرئيسي سوريا، والرئيس ميقاتي قبِل تشكيل حكومة تكون عنصر مواجهة وليس عنصر خدمات أو إدارة للدولة، وحكومة المواجهة هي تعبير عن أزمة، وحكومة المواجهة زائد أزمة لا يمكن أن تُنتج شيء سوى المواجهة والأزمة.

س- لكن هناك قصص ولا قصص ألف ليلة وليلة حول كل قرار تتخذه الحكومة، وآخر قصة مبررات واختراعات حول موقف لبنان في الجامعة العربية، هل يُعقل كل هذا الكلام؟ وهل يُعقل في اليوم الواحد خمسة مواقف أو مُبرر وعكسه؟
ج- مهين ومعيب هذا الموقف، أعتقد كل أبطال الإستقلال تحركت عظامهم في القبور عندما حصل التصويت عشية عيد الإستقلال، هذا تعبير عن أسوأ وجه للأزمة ان لبنان يبقى وحيداً مع اليمن بمواجهة قرار 18 دولة عربية تحت شعار الخصوصية، أي خصوصية هذه، أنا قلت هذه خصوصية الظلم وخصوصية الإهانة وخصوصية القهر، فأي خصوصية هذه التي يتكلمون عنها وتقول انك يجب أن تقف بوجه الشعب السوري وتصوّت بدم بارد بوجه كل هذا الدم الحار الذي يسيل في الشارع السوري؟.

س- الرئيس بري والجنرال عون يناشدان العاهل السعودي التدخل للحل في سوريا، ومنذ لحظات تحدثت عن الفخ السين – سين، يعني الرئيس بري بعد أن روّج في حينه للسين- سين، وعندما تقول فكرة السين- سين فخ نُصب للسعودية ولسعد الحريري، فإذا سعد الحريري انطلاقاً من مبدأ الوحدة الوطنية وعدم الإنقسام في المواقف اللبنانية وقع، هل السعودية الى هذه الدرجة بسيطة لكي تقع في الفخ؟
ج- الوقوع في الفخ لا يُعبّر عن بساطة، بالعكس خادم الحرمين الشريفين تصرّف بصفاء وبحده الأقصى وبعروبة وبعطف وبرغبة شديدة بالإستقرار في لبنان وسوريا، واعتقد انه ممكن لهذا النظام أن يعي قليلاً لمصالح شعبه، فاكتشف لاحقاً ان كل ما يحدث هو كذب بكذب، ووصلنا الى النتيجة التي وصلنا إليها، وبالتالي لا يمكن تفسير الرفض الذي تمّ ومذكرات التوقيف والتنازل السياسي لورقة العمل التي كانت موضع مفاوضة باعتبارها انها جريمة من الجرائم، لا يمكن قراءة هذا الأمر بغير انه بدأ الرئيس السوري بشيء وانتهى بشيء آخر تماماً، بين زيارة الملك عبدالله الى سوريا ولبنان وبين مذكرات التوقيف، اتخذ الرئيس السوري السابق القرار.

س- بدأت تقول الرئيس السابق؟
ج- هذا منذ زمن وليس من الآن، هذا موضوع أصبح محسوماً.

س- هل منذ بداية الثورة أم حالياً؟
ج- منذ بداية الثورة، أنا قلت هذه ثورة لن تعود الى الوراء، ولكي أكون واضحاً أكثر أقول ان كل الكلام الصادر عن المسؤولين السوريين بمن فيهم الرئيس الأسد نفسه وآخرين، إننا نحن نتعرض لظروف مماثلة لما تعرّضنا له في الـ2004 وهذه ليست المرة الأولى التي تُحاصر فيها سوريا من الخارج وان هناك مؤامرة . ما هو الـ2004؟ من وجهة نظرهم هو تطابق مع النظرة الإيرانية ومواجهة الغرب في العراق من خلال الإحتلال الأميركي ومواجهة إسرائيل عبر “حزب الله” و”حماس” في غزة وفي لبنان، ولكن لا أحد منهم لاحظ في وقت من الأوقات انه يتحدث عن ظروف تاريخية بوقائع متغيّرة تماماً. ففي سنة 2004 كان الصراع مع خصوم في الخارج سواء في لبنان أو في أي مكان من الغرب، الآن الصراع مع الشعب السوري فكيف يمكن المقارنة؟ وتأتي وتقول للشعب السوري، أنا أتطابق مع السياسة الإيرانية الآن للصراع معك، شو جاب لجاب، وأين وجه المقارنة بين الـ2004 والصراع مع الإحتلال الأميركي في العراق ومع إسرائيل بالوكالة عبر “حزب الله” و”حماس” بين ثورة داخل سوريا من الشعب السوري لم تتوقف منذ ثمانية أشهر، فكيف يمكن أن تُقارن هذه بتلك ويكون ميزانك السياسي سليم؟ مستحيل، أنت تتكلم عن عن الشعب السوري وليس عن لبنانيين أوعراقيين أو إسرائيليين، هذا هو الشعب السوري وهذه هي المدن السورية، سأعطي مثال بسيط: 55 بالمئة من عديد الجيش السوري من منطقة حوران يعني من درعا، ودرعا منذ ثمانية أشهر حتى اليوم لم تتوقف عن الثورة، فكيف يمكن مقارنة درعا بفرنسا أو حماه بأميركا أو حتى حمص باللبنانيين. الشعب السوري ليس الجيش الأميركي ولا الشعب اللبناني، هذه خصوصة وثورة داخل سوريا، وبالتالي المقارنة هي محاولة مرة أخرى بيع الأوهام للناس بأن هناك مؤامرة، فهناك 60 ألف معتقل فهل كل هؤلاء مُجنّدين.

س- ولكن هذه ثورة مُعقّدة جداً؟
ج- نعم طبعاً تماماً، كما كنا نقول ثورة ببدايات مصر انها مستحيلة، وفي ليبيا وان ليبيا ستنقسم الى دول، وفي العراق وبأنه سيصبح ست دول، هذه دكتاتوريات لا تُصدّر سوى الكلام عن المؤامرات وتخويف الناس من نتائج الحرية، فالحرية لها ثمنها وكل من يريد الحرية عليه أن يدفع ثمنها. أنا عندي ثقة تامة بالعلويين، ثقة تامة أنهم عروبيين وسوريين ومظلومين مثلهم مثل كل مكونات الشعب السوري. الآن هناك بعض الآراء لرجال دين مسيحيين مختلفة لن أناقشها الآن، ولكن الأيام ستُثبت انهم كانوا مخطئين بتخليهم عن المؤسس الرئيسي أو القيمة الرئيسية للكنيسة وهي الحرية مقابل أفكار عن ضمانات وهمية، الوقت الآن ليس وقت مناقشتها.

س- هناك مؤتمرات تُعقد حالياً عن موقع ودور المسيحيين والفاتيكان أيضا يُحضّر، والأزهر يُحضّر وسوف تتظهر الصورة قريباً؟
ج- هناك جهد جدي للبنانيين منهم الرئيس السنيورة والرئيس الجميل، جهد يُبذل في هذا الموضوع، وأعتقد انه سيصل الى أوراق عمل جدّية فكرية ودينية وثقافية، وتكون في نفس الوقت مع تقدّم الثورة السورية وتُكذّب كل هذه الأوهام.

س- هل قبل أن يقول المسلم أو المسيحي الى أين ذاهبة طائفتي، يقول الى أين يذهب وطني؟
ج- هذه مشاكل أقليات يلزمها قراءة هادئة ونقاش أهدأ على الاقل في لبنان، ولكن لا شيء يُعطي أي شخص حقه سوى دولة المواطنة فيها حريات لكل الناس، ومواطنة متساوية بين كل الناس، وعدالة لكل الناس، وأنا لا أستطيع التصديق ان الظلم ضمان والقهر هو الحل.

س- من يستبيح ساحتنا؟
ج- مِن مَن؟ فأما اننا نحميه من عمل عسكري سوري أو نحميه من عمل عسكري من “حزب الله”. فإذا كان هذا هو الإستقرار، فهذا استقرار على حساب الناس وعلى حساب كراماتهم، ما معنى الإستقرار فليشرحوا لنا ذلك، من الذي يريد الإعتداء إذا كان لبنان صوّت مع العرب، مع الشعوب العربية، فليتفضل رئيس الحكومة أو وزير الخارجية أو رئيس الجمهورية ويقولوا نحن نحميكم ونؤمن استقرار من اعتدءا سوريا على لبنان أو استقرار وحماية من اعتداء “حزب الله” أو قواته العسكرية على مدينة بيروت. فليقولوا لنا ذلك لكي نعرف ممن نأخذ هذا الإستقرار.

س- لكنهم يقولون ربما هناك طابور خامس ممكن أن يُخرّب الوضع؟
أنا أعتقد ان هناك من أصبح مسكوناً بـ7 أيار وبعقل 7 أيار وكلما حصلت أزمة سياسية سنصحو صباحاً على 7 أيار جديد، مثلما قال الجنرال عون منذ أسبوعين 7 تشرين و7 كانون و7 شباط، هذه الأيام انتهت، هذا عقل انتهى لم يعد له فاعلية ولم يعد له منطق.

س- ولن يُستعمل السلاح في الداخل اللبناني؟
ج- أنا أقول لا.

س- وهنا نتحدث عن أي سلاح، هل سلاح “حزب الله” أو السلاح المخرّب الذي ممكن أن يدخل على الخط؟
ج- نحن لا نتحدث عن حادث، نحن نتحدث عن قرار كبير لجهة مسلحة، أنا أعتقد انه لن يُستعمل هذا السلاح لأنهم يعرفون وكل الناس تعرف ان السلاح لن ينتج ولن يتم قراراً سياسياُ، وانها فوضى وماشية، فوضى على كل الناس وليس على جهة دون أخرى، والخراب على كل الناس وليس على جهة دون أخرى، والليرة لكل الناس وليس لجهة دون أخرى، وبالتالي نتحدث عن الإستقرار وكأنه منّة أو كرم أخلاق أوعطاء من جهة لجهة، من فريق من اللبنانيين لفريق آخر، هذا تهديد وكأنهم يقولون يجب أن تعيش كل حياتك أما مُبتز وأما مُهدّد أو مرعوب، أنا أعتقد ان هذه المرحلة من الحياة السياسية اللبنانية انتهت، يعني الشعب السوري وكما قلت لم نكن نُصدّق ان هذا ممكن أن يحصل في سوريا وحصل، لذلك يجب الخروج من هذا العقل ومن هذا المنطق وأن نعتبر ان الإستقرار لكل اللبنانيين وليس على حساب اللبنانيين، فأي استقرار هذا الذي يكون على حسابي وعلى حساب كرامتي وعلى حساب عدالتي وعلى حساب عروبتي وعلى حساب علاقاتي بالغرب، فأي استقرار هذا؟.

س- هذا واجب على الحاكم أن يعطيني الإستقرار؟
ج- ليس حتى كحاكم بل لكل الجهات السياسية. أعود وأقول للمرة العاشرة فليحدّد لنا الجهة التي تُهدّد الإستقرار.

س- إذا سؤالك الكبير اليوم نهاد المشنوق الذي سيبقى في ذهن الناس، تقولون انكم تحمون الإستقرار في لبنان، نهاد المشنوق يسأل ممن، هذا هو سؤالك اليوم؟
ج- طبعاً، وليتجرأ ويقول هذا الإستقرار مُهدّد من سوريا أو مُهدّد من “حزب الله” فليقل ذلك ونحن نتحمل مسؤوليتنا المعنوية لأننا لا نملك السلاح، ونحن لن نعيش حياتنا نشتري الإستقرار من الدكان التي تُباع فيها القمصان السود أو أي لون إذا غيّروه، هذا كلام فارغ لا يأتي بنتيجة، أنا بالسياسة لا أملك شيء أعطيه لأحد، إذا هو عنده شيء يعطيه فليتفضل، ولكن لا يعطيني استقرار على حساب أني أعطيك استقرار، وكأنه الإستقرار يعنيني وحدي فقط ولا يعني أي جهة أخرى، وهل جمهور “حزب الله” غير معني بالإستقرار؟ هذه اللعبة يجب أن تتوقف وهذه الأوهام يجب أن تتوقف، ومن عنده شيء يعمله فليتفضل يقوم به.

س- هل بإمكان نهاد المشنوق أن يُخبر المستمعين عن موقف لبنان الحقيقي من أحداث سوريا؟
ج- اللبنانيون بغالبيتهم العظمى مع الحرية، فكيف يمكن أن يكونوا مع الظلم، مع الدكتاتورية، مع القهر، مع السجن، مع التعذيب.

س- وعن موقف الدولة اللبنانية؟
ج- موقف الدولة اللبنانية أنا قلت هذه الحكومة شُكّلت من أجل التصرّف والدفاع عن الظلم والقهر والتعذيب، هذه الحكومة فُرضت على اللبنانيين من أجل هذه العناوين، وأنا أعدك بأن كل الناس الذين يدافعون عن النظام السوري تحت نظرية الممانعة بالوكالة، والحرب بالوكالة على حساب اللبنانيين والفلسطينيين، وخاصة الجنرال ومن معه و”حزب الله” ومن معه سيندمون ندماً كبيراً، وأنا هنا أتحدث معنوياً على هذا الموقف الذي اتخذوه، وهذا الندم لن يكون بعيداً شهر أو شهرين أو ثلاثة أو خمسة سيتضح ان كل قراءاتهم قبل أن تكون قراءاتهم السياسية مخطئة، قراءتهم الإنسانية مجرمة، قراءتهم الإنسانية شاركت في الحرب وشجعت على الدم.

س- ربما يعتبرون انهم يخدمون دولة شقيقة بمواقفهم والحديث عن استقرار هذه الدولة وحرصهم عليها؟
ج- أنت تخدم شقيقك الذي يقتل ويظلم ويقهر ويعدّب ما هذا الكلام؟.
س- النسبية اليوم لمصلحة مَن؟
ج- لمصلحة الحداثة ولكن يلزمها ظروف مختلفة، النسبية تفترض ان هناك نظام مستتب مستقر لا وجود للسلاح ولا للقهر ولا منع للترشيح ولا اعتداء على المرشحين وبعدها تفكّر بالنسبية أو تُفكّر بأي قانون. أنا شخصياً مع النسبية ولكن لها شروطها لا أرى انها متوفرة الآن، ومع ذلك قلت وأكرر اننا نحن لن نُقر قانون انتخابات كمجموعة سياسية إلا وأن يكون فيه المسيحيين تحديداً مطمئنين وراضين ومُتفهمين، هذا الأمر يفتح الباب للنقاش حول كل الإحتمالات، ولكن مبدأ النسبية هو مبدأ حديث يحمي الأقلي ويحمي المستقل، ولا يمكن أن أكون ضده بالمبدأ، ولكن أريد ظروف سياسية وأمنية وواقعية تحمي هذه الأفكار الحديثة، وليس فقط أن نأخذ الفكرة الحديثة وأرسلها على عشرين الف صاروخ، فهذه لن تُنتج نتائج حديثة.
س- ومن المآثر أيضاً عودة اللبنانيين من إسرائيل ويبدو ان الأمر استنسابي؟
ج- هذه القصة غريبة مثلها مثل دعم الظلم والتعذيب والقهر في سوريا. نعم هذه من الأمور الغريبة، أنا أفهم ان يكون هناك حرص على عائلات، وأن يكون هناك تفهّم لظروف عائلية معيّنة لبعض العائلات التي تركت، ولكن هذا العطف الشديد على مجموعة من الناس أكيد كان منهم متورّطين ومن عمل مع الإسرائيليين، وبذات الوقت أنت سيد أسياد المقاومة، على الأقل فلتقفل هذا الملف ودعه يتعالج بصمت حالة بحالة وليس بالجملة.

س- هل هذا هو الإرتجال؟
ج- هذا الإرتجال وهذا الحرص السخيف بأن السيد نصر الله تحدث عن هذا الموضوع في خطابه، وانه مستعد أن يفعل أي شيء مخالف لكل ما قاله أو كل ما نشأ عليه الحزب بكل السنوات من أجل تفاهم سياسي بينه وبين التيار الوطني الحر، في الوقت الذي هو مستعد لشتم دولة عربية وشتم مسؤول عربي أو شتم أشقاء عرب أو يهزأ بالأمراء، لا أفهم أبداً انه كيف يمكن أن يتحوّل رمز الى مياوم سياسي بهذه الطريقة؟ ولكن هذا تعبير عن الأزمة وعن حجم الأزمة أكثر مما هو تعبير عن وقائع.

س- وماذا عن تفجير صور وسرقة مطرانية الروم في بيروت، هل هذه رسائل سياسية باتجاهات مختلفة أيضاُ أم من ضمن الفلتان الأمني؟
ج- أنا لا أعتقد ان في جزء منها هي رسائل سياسية، ولكن دعيني أقول قبل الحديث عن هذا الموضوع، أنا أعرف أهمية المسروقات من مطرانية الروم، ولكن أعتقد أن بركة المطران عودة وحضوره باقيان وهي تكفي، ولكن في ظل هيمنة عقل السلاح على الناس وعلى الدولة، أنا لا أقول ان هناك تعليمات للناس، ولكن في ظل هذا العقل المهيمن على الناس وعلى الدولة، يُصبح ارتكاب الجرائم سهلاً، أنا وأنتِ عشنا فترة الـ81 قبل الإجتياح، هناك شيء مماثل يحصل الآن لا علاقة له بالإجتياح الإسرائيلي بل مماثل بمعنى تحلّل فكرة الدولة واستباحة أي شيء، لأن عقل السلاح مُباح ومُتاح ومُشرّع عند الناس، وبالتالي يستسهلون ذلك، فكل يوم هناك حادث واشتباك ورواية في منطقة، وكل يوم هناك حادث مثل موقف السيارات الذي وقع في الدكوانة عندما قتل شخص شخص آخر بقنبلة بالسيارة، هناك أمور لها علاقة بالفلتان الأمني لأنه لم يعد هناك عقل رادع.

س- يعني كل واحد يأخذ ثأره بيده؟
ج- ليس بالضرورة أن يكون ثأر بل اعتداء.
س- في مقابلة مع حضرتك قلت لي بدل “البورتوكليه” يحمل مسدس أو بدل “السليلور” يحمل رمانة أو قنبلة يدوية؟
ج- نعم ويتمشى فيها في شارع الحمرا، نعم يوجد شيء من اعتباره ان هناك فلتان أمني كبير، وإذا راجعنا الحوادث من أول العام حتى اليوم أعتقد اننا سنجد أمور كثيرة نقرأها لها علاقة بعقل السلاح، وهذا ليس مسلماً ومسيحياً، هذا موجود عند كل الناس.

س- هذا كلام جديد، واليوم أنت تُطمئن الناس من هذه الناحية؟ ولكن كأنك تفرض رأيك على “حزب الله” هل هذا هو حقاً رأي “حزب الله”؟
ج- أنا متأكد ان الغالبية العظمّى جداً من الأطراف اللبنانية بما فيها “حزب الله” لن تتجاوب مع أي تصعيد أمني، وهذا كلام غريب لكن أنا مُقتنع به.
هذه قناعتي، وهذا رأيي، وهذه قراءتي، ربما أنا مخطيء ولكن هذه هي قراءتي.

س- هل يقرأون في نفس الكتاب؟
ج- هم يقرأون بالتأكيد مصلحتهم لا يقرأون في كتاب مصلحتي.

س- هل قرار إسقاط الحكومة الذي تطالبون به كمعارضة أبعد من لبنان؟
ج- ليس بهذه البساطة، بمعنى ان هذه الحكومة مُكلّفة بمهام لن تستطيع الإستمرار فيها، ما حدث في الجامعة العربية لن يتكرر لا داخل الحكومة ولا خارج الحكومة، وبالتالي هي تفقد دورها رويداً رويداً، مزيد من المواجهة في الخارج يجعلها تشعر أنها فقدت دورها.

س- أيضاً تظهّر تناقضاتها أكثر وأكثر؟
ج- لا أعتقد ان التناقض حصل في الجامعة العربية، أعود وأقول التصويت تمّ بالإتفاق.

س- سبق وفي لقاء معك “بالمجالس بالإمانات” بشّرت بالربيع الحقيقي بعد ربيع الثورات، صناديق اقتراع ديموقراطية وانتخابات، هل مازلت عند رأيك؟
ج- طبعاً طبعاً، أنا مازلت رغم كل المحاولات ورغم كل العراقيل عند رأيي.

س- مع فقر البدائل؟
ج- فقر أي بدائل، لندع الناس تختار هل نحن من يُحدّد مواصفات للناس؟ دع الناس تختار، الذي تختاره في صناديق الإقتراع خير وبركة، هل يمكن أن أعتبر أني أفهم من الهيئة الناخبة لأن الشخص لم يعجبني.

س- ماذا عن هجوم وطحشة الإسلاميين، يعني في تونس سمعنا حديثاً عن الخلافة، وبالأمس في ميدان التحرير بالقاهرة الشعب يريد تطبيق شرع الله، السلفيين في القاهرة؟
ج- جيد وأهلاً وسهلاً نحن كنا نعيش في أوهام تقول بأن السلفيين والإسلاميين هم مئة بالمئة من الناس، وهم مئة بالمئة من القوى السياسية، عندما جئنا على الإنتخابات تبيّن ان هذه القوى 30 بالمئة أو 40 بالمئة ربما 50 بالمئة، برأيي ان هذا العنصر الجديد، العنصر الأجد ان الآخرين كنا نفترض انهم غير موجودين، الليبراليين والديموقراطيين والأحرار والمتفلتين، يعني الناس العاديين الذين لا علاقة لهم بالإسلاميين، كنا نفترض انهم غير موجودين، لكن تبيّن انهم يشكلون 60 بالمئة من الشعب التونسي، وربما سيشكلون 60 بالمئة من الشعب المصري، إذاً ظهور الإسلاميين أو دخولهم عبر صناديق الإقتراع يُحدّد حجمهم حيث كنا نعيش في أوهام بأنهم كل الناس، وان باستطاعتهم إلغاء الجميع، ولكن تبيّن انهم لا يستطيعون إلغاء أحد فينالون ما يجب أن ينالوه والآخرين أيضاً ينالوا ما يجب أن ينالوه.

س- والسلام في المنطقة مع هذا النمط والى أين؟
ج- هذا ليس نمط، هذا جزء طبيعي من الشعوب موجود، دعيه يدخل الى السلطة، لماذا سنبقى متوهمين بأنه هو القادر على كل شيء، هو مثله مثل غيره، فإذا كان لدى غيره حلولاً فهو عنده حلول، دعيه يدخل الى السلطة ويُطحن مثله مثل كل الناس ومثله مثل كل القوى وليظهر حجمه أولاً وليمارس السلطة ثانياً، إذا صناديق الإقتراع أعطيه ودعينا نرى النتائج، هؤلاء لم يأتوا بالإنقلاب، هؤلاء أتوا بالإنتخاب، والتالي أنا كليبرالي مضطر أن أعترف بهم وان أعترف بحجمهم وإدخالهم الى السلطة لأرى ماذا يمكن أن يقدّموا ولندع الناس تحكم.
أنا أستطيع أن أقول منذ الآن من نال 40 بالمئة هذه المرة في تونس، في الإنتخابات القادمة سينال 30 بالمئة، والإنتخابات التي بعدها سينال 20 بالمئة، لأنه سيتضح انه ليس معارضاً مظلوماً ومقهوراً ويعمل بالسر وتحت الأرض، هو واحد من الناس المعلنين الذين سيتعرضون لنفس التجربة التي يتعرض لها كل من يدخل الى السلطة.

س- يعني لن تلمس المنطقة طعم التغيير إلا بانتخابات لاحقة؟
ج- طبعاً لأن التغيير بغير ذلك يتم عبر الإنقلاب وما نراه ليس انقلابات بل انتخابات، دعينا نفّرق بين الإنقلابات والإنتخابات.

س- لكن بوجود نظام قوي ودولة قوية لا يستطيع أحد أن يقيم خلافة أو دولة؟
ج- ليس في نظام قوى ودولة قوية، يجب أن ينزلوا على الإنتخابات، إذا الناس قررت أن تمنحهم عشرة نواب من أصل 128 فليكن ذلك، وبالتجربة تبيّن ان الناس عند التصويت تصوّت بطريقة مختلفة، هذا في لبنان، وأيضاً في تونس أنا أعرف الشيخ راشد الغنوشي وهو شخص فعلاً محترم ومن المتنورّين، أنا عرفته منذ عشرين سنة، نالوا 40 بالمئة هذا جيد أهلاً وسهلاً وليتفضّل، نحن كنا نتصرّف تجاههم جميعاً بأنهم مظلومين ومقهورين ومقموعين ومسجونين، هذا يخلق حولهم شعبية وهالة، وان عندهم حلول إلهية الآن سيتحوّلون الى حلول واقعية، هذه صناديق اإقتراع بما فيها اللبنانية لا مكان فيها لا لإله ولا لمرشد أعلى ولا لحلول سماوية، تعالى الى أرض الواقع ولنرى ما ستفعل مثلك مثل غيرك، فإذا ثبُت ان عندهم حلول لكل المشاكل فأنا سأصوّت لهم.

س- يعني الناس صوّتت ضد الذي ظلم هؤلاء الناس؟
ج- طبعاً وأعطوه 40 بالمئة، كل الناس كانت تعتقد انه يجب أن ينال اكثر بكثير زائد أني أعتقد أن الجديد هو بوجود 60 بالمئة غيرهم وليس الجديد انهم 40 بالمئة، وليست هذه المفاجأة بل المفاجأة ان الليبراليين والقوى السياسية غير الإسلامية هي 60 بالمئة من الناس، وفي مصر سيظهر ربما أكثر وربما أقل، ولكن أعود وأقول سيتحولون الى بشر طبيعيين عبر صناديق الإقتراع والناس تقرر كونها اعتمدت صناديق الإقتراع للفصل من الصح ومن الخطأ بخدمتهم وليس بالصلاة، فكل الناس تعرف كيف تصلّي وليست بحاجة لكثير من المشايخ لكي تتعلم كيف تصلّي، وكل الناس تعرف الذهاب الى الحج بدون وجود إسلاميين في السلطة، المهم أن يتحولّوا الى ناس طبيعيين لا مقهورين ولا معذبين ولا مقموعين ولا متوترين ولا انقلابيين ولا يستعملون السلاح ولا يفرضون على الآخرين نمط حياتهم، وأهلاً وسهلاً بهم.

س- هل إطلاق الثورة شيء وإقامة الديموقراطية شيء آخر؟
ج- إقامة الدولة الديموقراطية طبعاً شيء آخر، ولكن هذا مسار ليس سهلاً ولا يسير بسرعة سيستغرق وقتاً.

س- هل الديموقراطية تعني الفوضى؟
ج- كلا، الفترة الإنتقالية دائماً فيها شيء من الفوضى، لا يمكن إلا أن يكون فيها شيء من الفوضى.

س- ولكن كيف يمكن أن تكون معارضة منقسمة وبديلة؟
ج- كلا يا ست وردة، هناك قاعدة الآن للمعارضة في سورية، قاعدة أساسية اسمها المجلس الوطني، ربما مع الوقت القصير ينضم إليها المزيد من القوى، وكلما تبيّن ان الحل أصعب كلما قوى الداخل سلّمت بأن خيار المجلس الوطني هو الأسلم وهو الأصح وهو الطبيعي، فرويداً رويداً تُحل هذه المشاكل وهذا حصل في كل الثورات في العالم، بأن هناك جهة مثّلت وجهة اعترضت، وبعد ذلك حصلت إضافات أو تداخل بين القوى فلا أحد يمكن أن يحكم الآن قبل الوصول الى صندوق الإقتراع، فهناك صندوق اقتراع بعد 20 يوماً في مصر يحسم المسائل، وصندوق اقتراع في تونس قطع هذا الشوط وصندوق اقتراع ان شاء الله العام المقبل يكون السوريين يصوّتون فيه لخياراتهم السياسية وليبيا أيضاً على الطريق.

س- هل أُلغيت قرارات القاهرة في الرباط؟ وهل المبادرة العربية تترنح حالياً؟ وهل تمهّد للوصول الى التدويل؟
ج- كلا، هي لا تُمهّد هي تتصرّف على قاعدة إعطاء النظام السوري الحد الأقصى من الوقت والخيارات عبر الحلول العربية فإذا لم تصل الى نتيجة، بالأمس كان هناك اجتماع في باريس بين مجموعة من الدول العربية ومسؤولين فرنسيين وانكيلز وألمان وأتراك وأميركيين وهذا بداية تشكيل مجموعة للتداول بالأزمة السورية إذا لم يستطع الحل العربي الوصول الى نتيجة.

س- ماذا يحصل في هذه الحالة؟
ج- لا شيء يذهبون الى التدويل بشكل طبيعي.

س- أي نوع من التدويل؟ هل هو التدمير ومن يدفع ثمنه؟
ج- حضرتكِ توصلين الأمور دائماً للآخر، ولكن من المُبكّر على هذه الإجابات، ولكن ليس بالضرورة الناتو، لا أعرف ما هو شكل التدويل، ولكن إذا لم يتم الحل عن طريق الدول العربية، من الطبيعي أن تصبح الدول العربية جزءاً من التدويل ويوضع هذا الموضوع بشكل أو بآخر على طاولة دولية قد تبدأ بمجموعة في فرنسا وتنتهي في مجلس الأمن، أو طاولة دولية تبدأ بمجموعة عربية- تركية- غربية تنتهي بمنطقة عازلة وحظر جوي، من المُبكّر الحكم على الشكل الذي ستأخذه، ولكن أنا أقول بأن هذا النظام بتعامله مع المبادرات العربية سيوصل الأزمة الى التدويل، لأنه لا يريد ولا يستطيع أن ينتج حريات ومصالحات وعدالة وكرامة، هذا نظام تعوّد لمدة أربعين سنة على مدرسة مختلفة تماماً عن ما هو مطلوب الآن، وما هو يدفع ثمنه الشعب السوري، وهو حريته وكرامته وعدالته، هذا النظام لا يستطيع أن ينتج حرية ولا عدالة وبالتالي سيصل الأمر للتدويل، نعم سيصل للتدويل.

س- بلباس تركي أم ماذا؟
ج- لا أعرف، وأنا لا أريد أن أدخل بأي شكل ستكون.

س- وحماية المدنيين كيف تكون؟ هذا هو المطلب الرئيسي؟
ج- حماية المدنيين ستبدأ خجولة ليس لها علاقة بأي قوة عسكرية أو أي تدخل عسكري، ولكنها ستنتهي بحماية دولية عبر تركيا، وهو أمر غير متوفر الآن، ولكن الأسابيع المقبلة ستحسم هذا الأمر بأن تركيا وقوى أخرى سواء استطاعوا التفاهم مع الروس والصين الموافقين على المبادرة العربية على قرار مجلس الأمن فكان به، وإذا لم يتم ذلك أعتقد أنه خلال حد أقصى رأس السنة الجديدة يكون التدويل توفّر حتى لو بدون روسيا والصين.

س- اليوم يوجد طلب سوري لتعديلات على ورقة الجامعة العربية بما يختص زيارة المراقبين هل هذا لكسب الوقت؟
ج- هم يطلبون أن يكون المراقبين بإدارة الأجهزة الأمنية السورية وأن يكون عددهم 50 بدلاً من 500.

س- ويطلبون تعريب المراقبين وأن لا يكون من بينهم نشطاء؟
ج- هم يطلبون أن لا يكون من بينهم حتى نشطاء عرب من جماعة حقوق الإنسان وبالتالي العملية معقدة، ولكن بتقديري لن تصل الى نتيجة فعلية حتى لو رأينا المزيد من المفاوضات ومن الزيارات العربية الى دمشق لمناقشة هذه الأمور، لن تصل الى نتيجة.

س- اسمح لي بهذا السؤال: هل الوضع الحالي كما يقول بعض المحللين هو الصراع على كسب سوريا ومِن مَن؟
ج- أولاً هناك أمران أنا لا أوافق، ولكن بالتأكيد بمفهوم الجيوسياسي للمنطقة بطبيعة الحال هناك صراع على إخراج سوريا من المحور الإيراني، ولكن هذه ليست مهمة الشعب السوري القائم بالثورة تحت عناوين داخلية بحتة تتعلق بالظلم الواقع عليه منذ عشرات السنوات، أما ماذا يقرر خياره السياسي في مرحلة لاحقة فهذا يستلزم صندوق اقتراع عليك أن تعطيه خياره السياسي أولاً لكي يستطيع أن يصوّت ويختار، وبعدها تقرر ما يناسبه وما لا يناسبه. عندما التحقت سوريا بالمحور الإيراني لم يسأل أحد الشعب السوري، وعندما ستخرج من أي مواجهة أو من اي حلف سيطرأ شيء وحيد وأساسي جداً جداً جداً هو العنصر الجديد الكبير، هو ان الناس ستُقرر وليس الحاكم من سيقرر.

س- إذا لبّت سوريا الشروط المطلوبة هل يعود أحد ويسأل عن الإصلاح؟
ج- أكيد، هذا أيضاً جزء من كلام ان على سوريا أن تفعل كذا فيتركونه ويسامحونه، وإذا كان أعلن انه سيذهب الى القدس فتنتهي أزمته الداخلية، ولكن هذا ليس صحيحاً، لأن هذا الشعب السوري صادق وحقيقي ويدفع كل يوم دماً كثيراً وشهداء كثر من أجل حصوله على حريته، وليس من أجل حصول النظام على تسامح دولي معه، فهناك فرق بين تسامح دولي وبين رغبة الشعب السوري، لماذا لا يستطيع أحد أن يُصدّق بأن هذا الشعب السوري حقيقي وصادق في ما يطالب به، وهذه أيضاً إهانة للشعب السوري الذي لا يختلف عن أي شعب آخر، هذا حقه الطبيعي.

س- لماذا هذه العداوة المستجدة؟
ج- ليس هناك من أسرار فهناك تخلّي الرئيس السوري والقيادة السورية عن كل الإتفاقات والوعود وبما فيها لبنان وما يتعلق باتفاق الدوحة بمواجهة قطر، وقطر لا تُمثّل نفسها بهذا الدور، يجب أن ننتبه لأمر وهو ان قطر ربما للمرة الأولى دورها يتمتع بغطاء كامل من دول مجلس التعاون بداية وبغطاء أكبر من السعودية في كل السياسات التي تمارسها، بالتالي إذا جمع الكويتيين والبحرانيين والسعوديين والقطريين شكواهم أو مشاكلهم أو العهود التي أُعطيت لهم والوعود التي قُطعت لهم ولم تُنفّذ من قبل النظام السوري فهذا يؤدي الى مكتبة كبيرة من الشكاوى وفقدان الثقة والأمل من التعامل مع القيادة السورية.

س- أريد أن أقارن بين بوصلتين بوصلة وليد جنبلاط وبوصلة نهاد المشنوق، وليد جنبلاط والبوصلة السياسية وموضوعاته المدروسة وخطواته المدرسة وأداء وزراؤه حالياُ في الحكومة؟
ج- مدروسة هذه على ذمتك.

س- يعني حالياً يدرس خطوة تلو خطوة هل لأنه رأى المشهد الآتي الى المنطقة قبل غيره وهو الآن ينتظر بحذر خريطة المتغييرات والتحالفات؟
ج- أعتقد انه رأى ما يحصل في المنطقة لأول مرة بعد غيره وليس قبل غيره.

س- من عطّل بوصلة وليد جنبلاط؟
ج- خوفه على الجبل الدرزي .

س- واليوم؟
ج- اليوم أخذ خياره بالخارج بالمسألة الإقليمية وترك الباب مفتوحاً للحوار في الداخل، فصل بين علاقته بما يحدث في سوريا وبين علاقته بالداخل اللبناني من خلال الحوار الجاري بينه وبين “حزب الله” وربما قوى أخرى.

س- طائرة المنطقة ولبنان تمر بمطبات هوائية خطيرة، هل تهبط بسلام ولكن الى متى سيبقى الركاب يربطون حزام الأمان؟ وماذا تقول بوصلة نهاد المشنوق؟
ج- أنا بطبيعتي متفائل وأعتقد اننا لدينا الحد المعقول من شبكة الأمان السياسي والأمني.

س- منذ لحظات ذكرت انك بانتظار رأس السنة، هل تقفل الـ2011 على مشهد ونستقبل 2012 بمشهد آخر في لبنان والمنطقة؟
ج- في النهاية في لبنان سنصل الى مشهد موحّد شئنا أم أبينا، لأن المشهد الخارجي سيفرض نفسه علينا.

س- ولكن كل طرف يفصّل المشهد على قياسه؟
ج- لا أعتقد ان باستطاعته ذلك أي طرف كان، بل الخارج من يُفصّل ونحن نُعلن مواقف، هناك فرق كما قلت في أن تكون مع القاتل والقتيل ومع الجاني والضحية، ولكن في النهاية عندما يُحسم الموضوع سنكون نشاهد نفس التلفزيون.

س- لكن الوقت يعمل حالياً لمصلحة مَن ومن يراهن على عامل الوقت؟
ج- الأمر ليس رهاناً أو عدم رهان، المنطقة تشهد زلزالاً، وبالتالي أنت ترى الزلزال والى أين تذهب اتجاهاته، هذا ليس رهاناً هذا قدر وخيار، وليس اننا نراهن على ما يحدث في سوريا، نحن لنا مصلحة مباشرة كلبنانيين لقيام نظام ليبرالي في سوريا، لأن العلاقات اللبنانية-السورية ثبت انها مستحيلة مع النظام الأمني الحالي، وأن أي نظام مقبل يجوز أن نتعب معه، ولكن إمكانية قيام علاقات طبيعية بين النظامين، هي أكبر بكثير من إمكانية إقامة علاقات حالياً.

س- يعني موعد خروج الأميركيين النهائي من العراق هو الموعد مع وجه جديد للمنطقة؟
ج- برأيي الشخصي ان خروج الأميركي من العراق يُفقد إيران ورقة ولا يعطيها ورقة على العكس، لأن الوجود الاميركي في العراق كان ورقة تفاوض بيد إيران وقد فقدتها الآن، هذا ربما يعطيها بعض النفوذ الداخلي أو حرية حركة أكثر في الداخل، ولكن بالتأكيد يعطيها أزمات ولا يعطيها منطقة مستقرة وقادرة على الإستفادة منها.

س- أين الولايات المتحدة الأميركية وماذا تريد؟ البعض في حيرة من الموقف الأميركي اليوم ماذا تريد أميركا من كل ما يجري في سوريا بعد تبشير المنطقة منذ سنوات بشرق أوسط جديد؟
ج- ماذا تريد أميركا، هذه نظرية سقطت من أولها الى آخرها مع رحيل إدارة الرئيس بوش، الشرق الأوسط الجديد، بالتأكيد لم يكونوا يحسبوا حساباً ان الشعوب هي التي ستتحرك، وهي التي ستحقق نفسها بالنتيجة، لندع الشعوب تقرر خياراتها مع أو ضد، موافقة أو رافضة، بالتأكيد الأميركيين لم يكونوا يراهنوا على الوضع السياسي المصري الحالي، كل يوم يتضح أكثر وأكثر انه بمواجهتهم وليست معهم مثل أيام الرئيس مبارك.

س- الرئيس الأسد بشّر بزلزال، وحضرتك منذ لحظات تحدثت عن زلزال، هل بدأ الزلزال الذي بشّر به الرئيس الأسد؟
ج- أنا قلت الزلزال يحدث الآن ولكن ليس على طريقة الرئيس الأسد، هو يعتقد انه يستطيع أن يجعل كل المنطقة أفغانستان تحت شعار انه لا يزال يملك كل الأوراق، أنا أعتقد انه لم يعد يملك أي ورقة في المنطقة.

س- لكن السيد نصرالله يقول ان الرهان على سقوط نظام الرئيس الأسد سيفشل؟
ج- هذا رأيه وأعتقد هذه رغبته ولكن ليس بالضرورة ستتحقق.

س- لكن في ختام هذه المقابلة هل تُطمئن اللبنانيين في ظل خطورة هذه المرحلة، من يمنع التفجير في لبنان، والرئيس بري صديقك سبق وبشّر إذا فرطت الأوضاع في سوريا يتخوّف من حرب أهلية في لبنان، هل هذا تهويل أو سوء تقدير؟
ج- أنا لا أوافقه على هذا الموضوع لأني أعتقد ان كل الأطراف اللبنانية الرئيسية ليست في وارد حرب أهلية، أكرر ليست في وارد حرب أهلية.

س- لو مهما جرى من حولنا؟
ج- لا يوجد شيء اسمه مهما، هو شيء واحد سيحصل سقوط النظام السوري.

س- لكن ألن تُستعمل الساحة اللبنانية؟
ج- كلا من القوى الرئيسة لن تُستعمل أما عن وقوع أحداث فلا أعرف، ولكن هنا أتحدث بالسياسة من القوى السياسية الرئيسية اللبنانية أعتقد ليس لديها رغبة ولا قدرة، ولن تستفيد سياسياً أي جهة من حدوث أي حروب في لبنان.

س- أي مانشيت تنتظر غداً صباحاً، وهناك صحيفة قريبة لقلبك ماذا تنتظر أن تضع مانشيت غداً؟
ج- انه لا حرب أهلية في لبنان.

===============