“ستوديو 24” مع نديم قطيش – الثورة السورية: خروج المارد من القمقم

مقابلات تلفزيونية 08 يناير 2011 0


س- هذه الحلقة على مدار الساعة ستكون معك استاذ نهاد لكي نحاول الإضاءة على الوضع السوري؟
ج- كل الوقت قليل على الشعب السوري.

س- مراسل الـ”بي.بي.سي” يقول اليوم ان سكان حماه يدفنون موتاهم في حدائق منازلهم والمنتزهات العامة خوفاً من السير عبر شوارع المدينة، هل نجح برأيك النظام السوري في إسكات حماه؟
ج- نجح في أمرين للحقيقة هو نجح انه خلال عشر سنوات حوّل سوريا من لاعب إقليمي الى ساحة يلعب فيها كل الناس، هذه النقطة الأولى التي نجح فيها، بالتأكيد بعد ما سمعت تعليق وزير الخارجية المصري. النجاح الثاني الذي حققه انه بالتأكيد قتل أكبر عدد ممكن من الناس الأبرياء واستطاع أن يوقظ مُجدّداً كل المذبحة التاريخية التي حصلت في حماه سنة 1980.

س- ولكن في الثمانين نجح؟
ج- أنا لم أقل لم ينجح بالقتل، بل استطاع الآن إعادة فتح كل الجراح دفعة واحدة، وهذه قدرة ليست سهلة، ولا يمكن أن تكون كل القدرة إيجابية، في بعض الأحيان تكون القـدرة سلبية.
على كل حال، الذي مرّ على الشعب السوري منذ أشهر حتى الآن كله نجاحات سلبية، يجوز انه قد ينجح في معركة حماه أو في معركة دير الزور أو في معركة البوكمال، وفي كل القرى والمناطق والمدن التي يدخل عليها الجيش السوري بدباباته، ولا أعرف كم هو هذا الجيش السوري، وأنا لا أملك معلومات دقيقة عن الموضوع، ولكن أنا متأكد ان كل هذه علائم على انه هو خسر الحرب.

س- لكنه يقول العكس، يقول من يراهن على ذلك واهماً فالشدائد تزيدنا صلابة والمؤامرات تزيدنا قوة؟
ج- أنا سمعت هذا الكلام في عيد الجيش السوري، ولكن ما أريد قوله ان نجاح الحاكم وانتصار الحكم والقيادة هي بقدرتها على المصالحة مع شعبها، وبالتالي إذا كان القائد أو الرئيس أو الحاكم غير متصالح مع شعبه، بل بالعكس يزيد نسبة الدم أكثر وأكثر بين الشعب وبين الجيش أو بين ما بقي من الدولة السورية بشكل أو بآخر، يكون فعلاً نجح بالفصل بين الدولة وبين المواطنين.
هذه كلها نجاحات سلبية لن تؤدي الى شيء، الثورة السورية بدأت في شهر آذار ومستمرة منذ خمسة أو ستة أشهر والأرقام المتداولة عن القتلى والمفقودين تجاوزت الستة آلاف قتيل ومفقود، وهذه مشكلة لا تُحل بالدبابات ولن تنجح الدبابات ولم تنجح الدبابات أصلاً بقمع شعب بكامله في كل مناطقه، خاصة وان هذا الشعب لا يطلب الكثير. فإذا تذكرنا بدايات الثورة كانت كل المطالب محدودة وبسيطة، وكانت بعنوان الثورة والكرامة والحرية والديموقراطية والعدالة ثم انتقلت الى رحيل النظام، لأن هذا النظام غير قادر على ليس فقط على تفهم أو تقبّل، بل غير مُعترف بوجود هذه العناوين.

س- لكن من يعرف سوريا يقول: ان هذا النظام لن يرحل وفي سوريا حجر على حجر؟
ج- أنا أعتقد ان هذا من الأوهام حول قوة النظام، هو بالتأكيد لن يرحل برضاه، ولكن الحجر على حجر هذه من أوهام الموجود مثلها عندنا، والتي يسمّونها فائض القوة ممكن يكون عندهم هذا الإحساس بفائض القوة الموجود، ولكن هذا لا يعني أبداً انهم يستطيعون الوصول الى نتيجة فعلية، ولا يستطيعون تدمير سوريا، هناك عدّة نظريات شائعة في مسار الثورة السورية منها قدرة النظام على انه قادر على ان يفعل ما لم يفعله أحد بدباباته وأسلحته، وهذه أوهام غدا سيتضح ان قدرته محدودة، لأنه إذا كان الشعب ليس معه فهو لا يستطيع أن يفعل شيئاً، لأن هذا الجيش أصلاً هو من هؤلاء الناس، ومن هذه المناطق ومن هذه القرى.
س- لكن حتى الآن لم نشهد انشقاقات كبرى؟
ج- أنا لا أملك معلومات، أنا لن أتحدث عن هذا الموضوع لأني فعلاً لا أملك معلومات موثوقة أو جدّية في هذا المجال.

س- لكن كان ليتبيّن ذلك في مؤتمرات صحافية أو على اليوتيوب؟
ج- شاهدنا بعض المؤتمرات الصحافية، لكن التداول فيها والحديث عنها يحتاج الى تدقيق أكثر ومعرفة أكثر، لكن هناك بديهيات متعلقة بأن هذا الجيش يستطيع تدمير سوريا لأنه بأمرة الرئيس وكاره للشعب أو معادي للشعب، أنا أعتقد ان هذه من الأكاذيب الشائعة. الشائع الآخر بأن هناك مجموعة من السوريين أو أقلية سورية متضامنة ومُتماسكة ومُدافعة عن النظام الى درجة انها تعتقد انه بفائض قوتها تستطيع أن تنكفيء وتضع لنفسها حراسة.

س- عن الطائفة العلوية؟
ج- هذه أيضاً من الأوهام، الطائفة العلوية جزء طبيعي من النسيج السوري إذا كان بعض الناس فيها لهم رأيهم أو أنهم جزء من النظام، فمعظم الناس هم ناس مثلهم مثل غيرهم من المواطنين السوريين. الإشاعة الثالثة بأن الإخوان المسلمين هم الذين يقودون الثورة وهم من يحكم سوريا وأنهم المُقبلين أكثر وأكثر من حيث القدرة، ولكن أنا أعتقد ان هذا ليس صحيحاً، فما يحصل في سوريا بدأ واستمر باعتباره جزء من كل الشعب السوري مثلما ظهرت في مصر هذه الكذبة فتبيّن بعد ذلك العكس.

س- لكن تبيّن ان حضورهم قوي من خلال الإستفتاءات؟
ج- في آخر استطلاع رأي حصل في الجامعات المصرية تبيّن ان الإخوان المسلمين الذي يُفترض وجودهم بأعلى نسبة بين التلامذة، تبين انهم يشكّلون 25 بالمئة فقط من تلامذة كل الجامعات المصرية. هناك أوهام لأنهم مجموعة منظّمة تتقدّم الصفوف وتعرف كيف تُنظّم أمورها وتتصرف بطريقة مناسبة أكثر من غيرها، أنا أعتقد ان الشعب السوري هو الموجود في الشارع وهو من يقاتل.
س- بالتالي لست خائفاً من حرب أهلية، وصحيفة “الغارديان” تقول اليوم ان حملة النظام والوحشية في حماه قد تدفع سوريا نحو الحرب الأهلية؟
ج- منذ اليوم الأول الكلام ان الحرب الأهلية قادمه الى سوريا، أنا مُقتنع بأن الشعب السوري قادر على تجاوز هذه المرحلة، وهذا النظام عمليا رحل من عقول الناس ومن قلوبها ومن مشاعرها ومن قدرته على أن يكون مُمثلاً لها. كفى نتحدث كمثل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية، هذه أكاذيب شائعة “الإخوان المسلمين، العلويين، الحرب الأهلية”.

س- لكنك تقول ان النظام سقط؟
ج- عملياً ما حصل بالأمس واليوم في حماه والبوكمال ودير الزور يعطي فكرة واضحة ومُحدّدة ان هذا النظام لا عودة له الى العلاقة مع الناس، فماذا يبقى من النظام إذا كانت كل علاقته بالناس قائمة على الدبابات وعلى القتل، الناس لن تتراجع والغلبة دائماً للناس، ودائماً القدرة للناس والكرامة دائماً للناس، هذه أوهام القوى المسلحة.

س- لكن بين أن يستغرق الأمر سنة أو سنتين أوعشر سنوات؟
ج- هذا أصبح ميزان ما تتفضّل به هو ميزان يتعلق بطول المدة أو قصرها.

س- ما هو تقديرك ومتى يُصبح الرئيس السوري شخصية دولية “مُسّمة” لا أحد يتعاطى معه؟
ج- أنا أعتقد ان سوريا ذاهبة الى التدويل شاء أم أبى، رضي أم لم يرضَ لم يعد هناك من مجال.

س- ماذا تعني بالتدويل وما هي مؤشراته؟
ج- هناك نوعين من العجز موجودين في المنطقة، عجز اقليمي وهو واضح بالإرتباك التركي الذي طلع ونزل وكل الوقت كان يقول لا نريد تكرار حماه، وهناك عجز عربي حتى الآن ظاهر ومُحدّد بتصريحات قد تعطي مؤشر بأن المصريين يشاهدون على التلفزيون ما يحصل في سوريا، وليست انهم معنيين فعلياً بما يحدث في سوريا لولا بيان وزير الخارجية، وهناك غياب كامل للسعودية حول هذا الموضوع، وهذا الغياب لا يُناسب دورها ولا يُناسب الحرمين الشريفين لأنه إذا كنا نتحدث عن المسلمين في سوريا وفي هذه المدن بالذات، وكل الشعب السوري فالسعودية على الأقل قبلتهم الثانية، وأول الحرمين هؤلاء مواطنين مسلمين يصلّون لهذه القبلة، ويرعى صلاتهم وسجودهم وصيامهم ومساءهم وظهرهم ومغربهم وعصرهم الحرمين الشريفين، لا أستطيع فهم هذا الإرتباك في الموقف، باعتبار ما يحصل في سوريا ليس تغييراً. هناك من يريد إلغاء الدور السعودي وهذا ما لا استطيع فهمه أو تفسيره.

س- هل هو ارتباك أو عدم قدرة على القيام بدور، ونذكر كلام وزير الخارجية سعود الفيصل في ليبيا عندما تحدث عن عجز استراتيجي عربي؟
ج- جيد، هناك عجز استراتيجي عربي هو قال ان من ملأ هذا العجز وهذا الفراغ هي إيران، حيث كان الإجتماع في القاهرة وكان وزير الخارجية التركي موجود، وقال “ان إيران هي التي قامت بملأ الفراغ الاستراتيجي الموجود في العالم العربي”، فهذا جيد إذا كانوا يشعرون بأنهم استطاعوا سد هذا الفراغ، بمداهم الإقليمي الذي هو البحرين، فأنا أعتقد انه أولى بكثير أن يتم سد هذا الفراغ على الأقل بالمعنى الإنساني والسياسي، الذي لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف، ان قيادة الحرمين الشريفين تكون غائبة عنه وبعيدة عنه، لأني متأكد ان كل الشعوب العربية وأولها الشعب السعودي متعاطفة وكل الشعوب العربية بالتأكيد بالأمس واليوم، لا تستطيع تصوّر ما يحصل ولا تقبله وترفضه، وأنا لا أعتقد ان هذا الموقف السعودي سيستمر.

س- لكننا لم نشهد ولا مظاهرة عربية مُستنكرة ومًندّدة، ففي بيروت 22 شخص بالكاد تظاهروا؟
ج- بيروت ظرفها مختلف، بيروت مدينة محتلة وليست مدينة عربية طبيعية كما كانت تاريخياً، أما في الدول العربية الآن فهناك أما انشغالات في مصر وتونس، وأما هناك أنظمة لا تستطيع أن تتصوّر ان هناك أكثر من 15 شخص ممكن أن يجتمعوا في مكان واحد، وهذا الأمر سينتهي عاجلاً أم آجلاً، هناك أمور كثيرة تتغيّر.

س- ألا تفضّل دول الخليج العربي بشار الأسد على الإخوان المسلمين، أليس هذا هو الهاجس الأساس؟
ج- بالتأكيد ان عقلهم وموقفهم وسياستهم قائمة على مواجهة ما يعتقدون ان الإخوان المسلمين مُقبلين عليه سواء في سوريا أو في مصر أو في تونس، أنا أستطيع أن أتحدث عن معلومات، بالتأكيد أستطيع أن أتحدث عن مصر وبنسبة أقل بكثير عن سوريا، بأن الشعب المصري هو الذي يتحرك وهو الذي يُقرر والشعب الذي جزء منه الإخوان المسلمين ليسوا واجهته ولا القوة الرئيسية فيه، ربما كانوا الأكثر تنظيماً ولكنهم ليسوا الأكثر حصة في القرار، وهذا الأمر يندرج أيضاً على سوريا. أما إذا كانوا قد قرروا تمضية الوقت خوفاً من الأوهام حتى تأتيهم الحقائق الأبشع، فأنا أعتقد ان هذا الأمر لن يستمر.

س- هل الموقف المصري اليوم يُشكّل بداية موقف عربي وهو يقول بالإسراع في إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا لتجنُب تدويلها؟ هل مازال الحل السياسي ممكناً وهل هذا بداية موقف عربي؟
ج- هذه ايضاً من عمليات التجميل التي تحدث للنظام في سوريا حول الحديث عن ان هناك قوى في سوريا رافضة وهناك قوى عسكرية لا تلتزم بالأوامر، وهذا كله غير صحيح. الحاكم الحقيقي والفعلي لكل القطعات العسكرية وأولها الأمنية، لأن هناك أربعة أجهزة أمنية في سوريا، هو الرئيس بشار الأسد شخصياً وهو مسؤول عن كل عملية عسكرية تقوم بها هذه الأجهزة الأمنية، وليس هناك لا من ضابط ولا من مسؤول يتجاوز الرئيس بشار الأسد أو يتظاهر انه لا يسمعه، وبالتالي لا يجب الدخول في هذه التقارير والأوهام وتكبير الأمور وخلق أعداء مُفترضين وخلق جهات غير مُلتزمة وخلق أجهزة لا توافق.

س- ألا توافق الوزير وليد جنبلاط القول بأن بعض هذا النظام لا يريد الإصلاحات؟
ج- أولاً هذا الكلام ليست المرة الأولى التي نسمعه، والأستاذ وليد ليس أول من قاله بل ذكر ذلك عدد كبير من المسؤولين السياسيين في العالم، وخاصة في العالم العربي الذين يختبئون وراء الإشاعة لأنهم لا يريدون رؤية الحقيقة الظالمة والمُرة، وكم هي قدرتها. المهم بالأساس ان هذه معارك تستطيع الأجهزة الأمنية والقوى العسكرية أن تربحها، ولكنها بالتأكيد لن تستطيع أن تُحقق سلامة النظام ولا مستقبله ولا مصيره، هذه مسألة قطعها الشعب السوري مثلما قطعها الشعب المصري والشعب التونسي وكما شعوب عربية أخرى سوف تقطعها، لأن هذه الأنظمة القائمة على فائض القوة فقط ولا تملك شيئاً آخر تقدّمه للناس، وأوله قدرتهم على التعبير عن رأيهم وثانيهم قدرتهم على الحفاظ على كرامتهم وثالثهم أن تحقق لهم العدالة بكل ما يطلبونه.

س- لكن سوريا نظام بالغ الحساسية، بمعنى ارتباطه بمجموعة كبيرة من ملفات المنطقة؟
ج- أنا قلت في بداية الحلقة، تحولّت سوريا من لاعب إقليمي الى ساحة، سوريا انتهى دورها في العراق وفي فلسطين ودورها ينتهي الآن في لبنان، لم يبقَ لسوريا دور غير دورها داخل سوريا، وهذا الدور قائم على القمع والقتل والدبابات، هذا ليس دوراً ولا شرعية ولا يعطي أي مشروعية، لو استمر هذا القهر شهر وشهرين وثلاثة وستة، لا يمكن أن ينتهي غير بمغادرة النظام وبقاء الشعب، لا يوجد شعب يغادر .

س- ما هو البديل؟
ج- البديل يختاره السوريون، هذه حركة عمرها أربعة أشهر أو خمسة أشهر، بعد أربعين سنة من نظام حديدي، إذا كنا ننتظر انه خلال أربعة أشهر يخلق بديل ويكون جاهز وحاضر ، فهذه قصة ستأخذ وقتاً طويلاً، وأيضا ليس هناك من بديل جاهز. الشعب السوري يحارب ويقاتل ويتظاهر يومياً لتأكيد حقه بالإختيار ليس لكي يختار عنه الآخرين، أنا أعتقد ان المشكلة هي في ذهن كل الناس، والواضح انه ليس هناك من هيئة انتقالية قادرة على الإمساك بالأمر، وهذا لم يتحقق بسرعة ولا بسهولة، ولكن كل الكلام الكبير عن التقسيم وعن الإنكفاء وعن الحرب الأهلية، كله برأيي أوهام. الشعب السوري يعي تماماً ويعرف مصلحته تماماً وسيتصرّف من كل الطوائف على أساس هذه المسؤولية وهو سينتصر سواء عاجلاً أم آجلاً، فلنعطه الوقت، هذا نظام عمره أربعين سنة.

س- لكن قلنا نفس الشيء عن صدام حسين، قلنا 30 سنة صدام حسين، بطبيعة الحال بعد السقوط سنتعرض لهذا الكم من الفوضى؟
ج- الطبيعة العراقية مختلفة، العراق تعرّضت لاحتلال من الجيش الأميركي ولم تحدث فيها ثورة داخلية، في العراق وضع الجيش الأميركي النظام الجدبد بكل مكان يريد أن يضعه فيه، وتحمّل الفوضى الناتجة عنه سواء الفوضى المالية أو الإعلامية أو الأمنية أو التربوية، وكل أنواع الفوضى، وبالتالي لا توجد مقاربة بين العراق وسوريا، كل ما استطاع أن يفعله العراقيون بعد ضغط إيراني شديد هو انهم بعثوا برقية باسم رئيس الجمهورية يدعمون فيها الرئيس الأسد بعد خمسة أشهر من بداية الثورة وهناك انباء عن إلزام إيرانية للعراق بمساعدة سوريا مادياً. هذا أكثر شيء استطاع الإيرانيون أن يفعلوه للنظام السوري في العراق، ويستطيعون أيضا إرسال وزير لبناني مرة ثانية من هذه الحكومة لدعمه، لأنه لا توجد مشكلة، لكن هذه لا تُعبّر عن الشعب اللبناني، ولا تعبّر حقيقة عن رأي الشعب العراقي ولا بأي شكل من الأشكال، كلها أكاذيب علينا أن نتحملها أربعة أشهر أو ستة أشهر أخرى.

س- ألا تعتقد انه حتى الآن ليس هناك ملامح ضغط دولي جدّي، يعني حتى الآن لم يطرد أي سفير سوري أو أي دبلوماسي؟
ج- الوقت مبكّر لذلك، الطبيعة مختلفة، أنا لست من دعاة المقارنة بين سوريا والعراق وبين العراق وليبيا، كل بلد له جغرافيته وله طبيعته.

س- لكن هناك ميوعة في المواقف؟
ج- لا توجد ميوعة، فمنذ اللحظة الأولى الأنكليز والفرنسيين ثم الأميركيين والأتراك تحرّكوا بهذا الإتجاه، وتبيّن ان هناك عقبة رئيسية داخل مجلس الأمن تتعلق على الأقل بروسيا أكثر من الصين، لأن لروسيا مصالح مباشرة ولها وجودها، ولكن في العالم الدولي عالم هذا الكبار، دائماً هناك مجال للصفقات ودائماً هناك مجال للتفاوض وللأخذ والعطاء، المزعج الأكثر هو الغياب العربي حتى عن هذا الجو، الغياب العربي عن مجلس الأمن وقيامهم بدورهم وغيابهم عن الإتصال بالدول الكبرى.

س- لكن الجامعة العربية غطّت عملياً التدخل الأجنبي؟
ج- لكن هذا حصل بعدما دخل الطيران الدولي وطيران التحالف الغربي الى ليبيا، وهل كان لهم خيار بالقبول أو غير القبول؟ فالقرار كان قد اتُخذ، ولكن القرار الكبير اتخذ بالتفاهم مع الروس، تمت صفقة مع الروس على ليبيا في اجتماع فرنسا الشهير بين الرئيسين الروسي والاميركي، ومقومات هذه الصفقة ليست متوفرة الآن في سوريا، ولكن مع الأوقات قد نجد الأسباب لصفقة ما أو لاتفاق ما ان شاء الله ان لا نصل اليه، أنا لا أُشجع أبداً على تدويل الوضع في أي دولة عربية.
وعلى كل حال التجربة العراقية تؤكد انه لا يجب أن نفكّر أبداً في لحظة ان التدويل مفيد.

س- علماً بأن الطلب على التدخل الخارجي اليوم أعلى من العرض في كل العالم؟
ج- طبعاً الموجوع ماذا ينتظر؟ وماذا تنتظر من قتيل ومن جريح ومن أهالي الشهداء إذا كان المسلمين لا يقفون أمامهم والعرب لا يقفون معهم، فهل تستغرب أن يطلبوا من الغرب؟ هذا أمر طبيعي أن يطلبوا، إذا كان الأزهر الشريف في مصر والحرمين الشريفين في السعودية لا يتصرفان على الأقل بأنهما معنيان ويتحركان باتصالات، فضلاً عن التركي الذي لا نعرف مع أي جنرال سيختلف غداً، أو أي جنرال سيتصالح معه بعد الإنتخابات، وانشغالهم بوضعهم الداخلي الأعلى بكثير من الأوهام.

س- ما هو تقييمك للدور التركي؟
ج- تراجع كثيرا، أنا سمعت كلام المستشار الذي استضفته بالأمس، وأعتقد ان هذا ليس كلاماً تركياً أو كلام تركيا التي نريدها، إذا ادعيت أنا بأني من أوائل الناس الذين راهنوا على الدور التركي باعتبار ان هذا الدور قادر على سد الفراغ الاستراتيجي، لأن العرب بمفردهم غير قادرين على سدّه. أما أذا كان الدور التركي هو علاقات عامة مع الدول المحيطة، وبالتالي اتخاذ مواقف دبلوماسية أكثر وأكثر من هذه الجهة أو من تلك الجهة، فالدور التركي يُصبح مثله مثل غيره، أنا أعتقد ان الأتراك أقدموا ثم تراجعوا لعدّة أسباب، لكن السبب الأول هو اعتقادهم بأنهم يمكن التعاطي مع السياسة الإيرانية في المنطقة باعتبارها سياسة صديقة، السياسة الإيرانية في المنطقة سياسة طاردة، وليست سياسة مستقبلة لأي دور آخر يريد الدخول الى المنطقة التي أنت فيها، لذلك كل الناس تتراجع، ولكن بالتأكيد هناك جهة واحدة تتقدّم كل يوم هي الشعب السوري حيث يتحرك في كل مكان، وسيبقى هذا الصوت عالي وسيحقق ما يريد.

س- ماذا تتوقع اليوم من مجلس الأمن؟ هل تتوقع موقف جدي أو بدايات تحوّل؟
ج- الموقف التقليدي هو التنديد الجديد ان الروسي سيحاول القول ان لديه تعهدات من الداخل السوري، وأعتقد انهم لن يصدّقوه، لأني لا أعتقد ان مصدر معلوماته أو مصدر اتصاله يستطيع إعطائه توجه جدّي حول مستقبل الحركة العسكرية.

س- كلمة الوزير جنبلاط من روسيا وصف ما يحصل في سوريا بالثورة أعطت الإنطباع وكأن هناك نوع من تحوّل ما في الموقف الروسي؟
ج- إذا أردت معرفة الموقف الروسي فأفضّل أن أطّلع عليه من الروس، بالتأكيد لا أسمعه من الأستاذ وليد بموضوع دولة عربية أخرى، إذا كان هناك موقف روسي أو مصري أو سعودي أو تركي أو أي دولة أخرى فلا أعتقد ان التصريح مُعبّر عن السياسة الروسية ولا هو قال ذلك، ولكن هل سيكون هناك تغيير في السياسة الروسية؟ نعم لأنه لا أحد يستطيع أن يتحمل هذا الكم من الدم الذي يحصل، في الوقت الذي كان فيه التركي يُحذّر من حماه، والرئيس الأميركي يُحذّر من حماه كلهم حفظوا اسم حماه، الى أن أصابوها بالعين وقرروا أن يردوا في حماه بأقصى عمل عسكري ممكن يحصل ضد المدنيين في سوريا، ولكن هذه الشعوب مستمرة بعملها ومستمرة بحركتها ومستمرة بقدرتها على الوصول مثلها مثل كل الشعوب العربية التي تحرّكت وأنا برأيي لن تنام.

س- هذه المواقف الدولية بوضعها الحالي عربياً ودولياً وإقليمياً وكأنها تعطي رسائل غير مباشرة وعبّر عنها الرئيس الأسد بما سُرّب في “الواشنطن بوست” بأنه لا بديل عني لمنع سوريا من الغرق في الفوضى؟
ج- هذا كلام نسمعه منذ ثلاثين سنة ومنذ عشر سنوات.

س- لكنه يراهن على ذلك؟
ج- انتهت هذه المراهنة، البحث الآن هو عن البديل وليس عن استحالة البديل، لم يعد البحث حول ما إذا كان البديل موجود أو غير موجود، بالتأكيد غير موجود، ولكن البحث جارٍ عنه وهذا لم يكن يحصل من قبل، ففي السابق كان هناك قبول بالوعود التي عمرها 11 سنة باعترافه هو في خطابه بأنه في 11 سنة كانت نيته أن يفعل كذا وكذا وكذا، وإذ خلال 11 سنة لم يستطع أن يفعل شيء، وقد استطاع أن يصرف كل الرصيد الذي تجمّع لسوريا في الثلاثين سنة الأخيرة وتحويلها من لاعب إقليمي الى ساحة تلعب فيها كل الناس، بسبب عدم اعترافه بالوقائع، وعدم اعترافه بحق الناس وبكرامتهم وبحريتهم وبالعدالة بأن يعمل قانون أحزاب، الدولة تُشرف على كل التشكيلات الحزبية التي ستظهر، فما هي هذه الأحزاب التي ستبنيها الدولة، وتكون هي مراقبة أو مُحسّنة أو مُشرّعة أو قادرة على تحسين أوضاع الناس فيها.
هذه مرحلة بصرف النظر عن الوقائع العسكرية غير الإنسانية ومجرمة وقاتلة ولن يُسامحها أحد، كل هذه العمليات العسكرية تؤكد مرة أخرى بأن ما يحدث في سوريا لا عودة عنه غير بتغيير النظام، وبانتصار هذا الشعب بحقه وبحريته وبدون سيطرة للإخوان المسلمين، وبدون انقسام للعلويين وبدون حرب أهلية.

س- جاءنا الآن ان هناك تظاهرات حاشدة في حمص وحلب وجبله بعد صلاة التراويح؟
ج- هؤلاء ألم يسمعوا بالدبابات وما عندهم دبابات، هذا شعب لا يخاف، اتخذ قراره وقراره الذي سينتصر.

س- سنتوقف مع فاصل قصير ونعود بعدها لمتابعة بعض الجوانب المهمة التي تعنينا كلبنانيين، ماذا في خلفيات موقف الرئيس الحريري؟ ماذا يعني انه لا يمكن للبنانيين أن يصمتوا بعد اليوم، جملة بالتصريح بالغة الأهمية؟
ج- بالغة الدلالة أنا برأيي ليس بالغة الأهمية، بل بالغة الدلالة.

س- موقف الرئيس سعد الحريري منذ 15 آذار، ولبنان يحاول أن يتجنب التعليق على الموقف السوري، وإذ بموقف وببيان صادر عن الرئيس الحريري حول الأوضاع في سوريا؟
ج- في عهد الوصاية السورية كانوا يلزموننا يومياً ويصرخون علينا كل يوم، وربما سجنوا ناس وعاقبوا ناس لأنهم لا يتحدثون عن تلازم الشعبين والمسارين والقربى والمصاهرة، وربما الـ”دي.ان.آي” الواحدة والعائلات الموحّدة، فهل الآن عندما نرى الناس تُقتل، غريب أن يصدر عنا موقف وكأن هذا اكتشاف عظيم؟ أنا أعتقد ان ما قاله الرئيس الحريري هو في سياق طبيعي لمسؤوليته ومشاعره ولأهله ولمحيطه ولجماعته ولبيئته ولمناطقه ولناخبيه ولجمهور رفيق الحريري، هذا الكلام هو تعبير عن رأي جمهور رفيق الحريري.

س- ماذا يعني نحن في لبنان لا يمكن أن نسكت بعد اليوم؟
ج- نحن أصحاب رأي ولسنا أصحاب دور عسكري، أو دور أمني أو دور كلام فارغ كالذي قيل عن بعض الزملاء، منهم كان ضيفكم منذ قليل الدكتور جمال الجراح، بصفته مورّداً لكل السلاح الى سوريا، وهذه أيضاً من الأكاذيب.
على كل حال، أنا أقول نحن أصحاب موقف سياسي، نحن مجموعة كبرى من الشعب اللبناني، لنا وجهة نظر ولنا رأي بالذي يحصل في سوريا وبما حصل قبل ذلك في مصر وما يحصل في أي دولة عربية.

س- قبل قليل قلت بيروت مدينة محتلة، ولكن هل هكذا تتضامن بيروت مع هذا العنوان العاطفي والسياسي والاستراتيجي؟
ج- أنا لم أقل انه لا يوجد تقصير، أنا أشير الى سبب التقصير، أنا أقول هناك تقصير من كل مدينة لبنانية بتعاطفها مع الشعب السوري، وبتأييدها لحق الشعب السوري بالحرية والعدالة، ولكن هناك تقصير بهذا المعنى لأنه هناك غلبة للسلاح وهناك احتلال لبيروت، وهناك خطوط تماس في طرابلس، وهناك حصار لصيدا، كل مدينة يتم تعطيل دورها السياسي ودورها الإنساني ومسؤوليتها القومية العربية التي تربّت عليها، كل مدينة أو كل منطقة يتم تعطيلها لسبب ما، ولكن كل هذه الأسباب تعود الى عنصر واحد موحّد هو الذي شكّل الحكومة الأخيرة، وهو القائم على غلبة السلاح على الحياة الدستورية والحياة السياسية والتعاطف الشعبي أيضاً.

س- لكن هل منع “حزب الله” أحد أن يتعاطف؟
ج- ياسيدي منع في السابق بأقل من ذلك بكثير، الناس عندها في ذاكرتها وكل ذاكرتها اوجاع بهذا المعنى، أنا لا أريد إعطاء دروس للناس، أنا ما أريد أن أقوله انه إذا كان هناك تقصير وهناك تقصير فسببه غلبة السلاح على حياة الناس وخوفهم من انه في كل مكان يُصبح السلاح هو المُقرر، وتكون النتيجة ان الناس تواجه بعضها سواءً لبنانيين- لبنانيين أو سوريين وسوريين. من أجل نصرة الشعب يجب أن نتحرك جميعاً لنصرته ونصرة الشعوب الأخرى أيضاً، ولكن هذا السلاح الغالب على حياتنا كلنا وعلى يومياتنا وعلى حكومتنا الآن، وعلى كل آلية تداول السلطة وعمل المؤسسات الدستورية، بالتأكيد سيصل للناس وسيصل وجعه للناس، وتأثيره للناس وستصل قدرته للناس.على كل حال هم لا يحتاجون إلينا، وعلينا أن لا نبالغ بدورنا في هذا الموضوع.

س- لكن أيضا يجب أن نكون شركاء في أي سوريا جديدة؟
ج- أنا لن أقول سوى لندع الناس في بيوتها مع الدعاء والصلاة، واليوم في شهر رمضان أبواب السماء مفتوحة أكثر، إن شاء الله نتمنى أن يوفّق الله هذا الشعب، فلا هم يطلبون منا ولا نحن نتطوّع له، لديهم القدرة والشجاعة.
س- الآن ورد خبر عاجل عشرات الآلاف في شوارع حمص؟
ج- لا تستغرب ذلك، هذا باب لن يُغلق ليس فقط في رمضان، بل كل الأشهر ستتحول الى رمضان، على الأقل في الذكرى السنوية في آذار القادم نكون نحتفل نحن وإياهم بأمر آخر.

س- هل برأيك “حزب الله” بات يتعاطى باعتبار ان النظام السوري سقط من حساباته؟
ج- لا أعرف، أنا لا أستطيع أن أقول ذلك، ولكن أستطيع القول انه يأخذ كل الحسابات السياسية والدستورية التي يعتقد انها تضعه في المكان الآمن إذا حدث شيء ما كبير في سوريا.

س- كيف يتصرّف “حزب الله” إذا سقط النظام في سوريا؟
ج- لا يستطيع أن يتصرف سوى من خلال الحكومة، هو أتى بهذه الحكومة لكي يتصرّف من خلالها ووضعها واجهة لكل تصرّفاته السياسية والدبلوماسية والعسكرية.

س- ماذا يفعل؟
ج- لا يفعل شيء، يقف مع الحكومة، هو عنده حكومة تعطيه الغطاء والمشروعية لكل حركته السياسية.

س- لكن هذه الحكومة “لا تهزها واقفة على شوار” يعني اليوم النائب وليد جنبلاط في موقفه لجريدة “الأنباء” قال “أنا أريد الغياب لأن الوقت الآن للتضامن والوقوف الى جانب الشعوب المقهورة”؟
ج- كل حكومة شُكّلت بعد اتفاق الدوحة كانت حكومة مهزوزة “واقفة على شوار” الحكومة الأولى التي شكّلها الرئيس السنيورة كانت كذلك، والحكومة الثانية التي شكّلها الرئيس سعد الحريري كانت مهزوزة دوبل وواقفة على شوار أكثر، وواقعة في الشوار، وهذه الحكومة ظروفها بالتأكيد أسوأ بكثير من ظروف الحكومتين السابقتين لأنها تقوم على عقل التشدّد الكامل والإلغاء الكامل والعقل الواحد الذي لا يقبل بالمشاركة ولا بالمساواة، هذه شبيهة تماماً لفترة الـ2004 حيث قرر النظام السوري آنذاك التشدّد في لبنان والتشدّد في سوريا، وقرروا السير معه تدريجياً الى أن وصلوا الى اتفاق الدوحة بعد اغتيال الرئيس الحريري واغتيال عشرات السياسيين والإعلاميين، ماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة ان خروجه من لبنان لا بد في وقتها في الـ2005 انه خلق شيء من الحضن الوطني السوري بما ان الجيش السوري خرج مُهاناً في لبنان، واعتقد ان الكثير الكثير من اللبنانيين لم يكونوا يقبلون ولا مرتاحين لخروج الجيش السوري بهذه الطريقة. وأنا هنا أتحدث عن الطريقة وليس عن المبدأ، لأن الطريقة حتى الرئيس الحريري رحمه الله، إذا كنت أعرف عقله بالتأكيد كان سيفتش عن إخراج أحسن لأن هذا الجيش هو من الشعب السوري، وليس هو صاحب القرار السوري، وبالتالي كسب في سوريا وجمّع ما جمعه وبعدها قرر أن يرمي كل ذلك في بحر الدم ويرجع ويتطابق مع السياسة الإيرانية، وأن يجعل سوريا ساحة للسياسة الإيرانية في المنطقة.

س- أنا سمعت من أحد السياسيين المقرّبين من سوريا والذي يُقابل المسؤولين السوريين باستمرار تقييمه هو التالي”ان إيران هي التي تفاوض اليوم، تفاوض في أفغانستان وفي العراق وفي البحرين، وان سوريا لا تملك أوراقاً وقد نجح في انقاذ النظام السوري؟
ج- على إيران أن تنجح أولاً في انقاذ نفسها قبل أن تنجح بإنقاذ سوريا، دولة أربعين بالمئة من شعبها حتى خط الفقر وعندها هذا الحصار تستطيع أن تخدم سوريا، هذه كلها أوهام، هذه تستطيع أن تخرب سوريا، بالتأكيد عندها قدرة فائقة على تخريب سوريا كما يحدث الآن، لأن سياستهم قائمة على المواجهة وان تعالوا وتحدثوا معنا وادفعوا لنا الثمن، وأنا أعتقد ان التفاهم السوري-السعودي حقيقة الذي عطّله لأشهر هم الإيرانيين، والذي أصدر مذكرات التوقيف هو نفس العقل الذي يقول بالمواجهة مع كل العالم والتطابق مع دولة فاشلة محاصرة مثل إيران ليس لديها ما تقدّمه سوى الخراب والأفكار المُدّمرة.

س- عندما يقال ان “حزب الله” سيستأسد في لبنان إذا سقظ النظام في سوريا، نهاد المشنوق كيف ترى ذلك؟
ج- يستأسد بعد غياب الأسد، لفظياً لا تصلح هذه الكلمة، عليك أن تجد لفظا آخر.

س- منذ قليل قال باراك في خبر عاجل ان الإطاحة بالأسد ليست بالضرورة شيء جيد لإسرائيل؟
ج- هو لم يأتِ بجديد، فالموقف الإسرائيلي معروف، هذا نظام أمّن الحدود مع إسرائيل 38 سنة منذ الـ73 لم يحصل أي إطلاق نار حتى طلقة رصاص واحدة، فطبيعي أن يكون هذا هو الموقف الإسرائيلي، وأنا أعتقد ان التردد في الموقف الأميركي سببه ضغط اللوبيات اليهودية على الإدارة الأميركية، ولكن نحن نعيش مرحلة النهايات، كل هذا الكلام وكل هذه الإنطباعات، كل هذه التصريحات خلال أسابيع قليلة ستتغير، لن يستطيع أحد لا في السعودية ولا في مصر ولا في واشنطن ولا حتى في موسكو أن يستمر على موقفه مع استمرار الدم وهذا العقل المجنون.

س- أنت تقول نهايات، هل نهايات فقط في سوريا أو نهايات في لبنان أيضاً؟
ج- لبنان جزء طبيعي من منطقة تتأثر بالتغيير في سوريا، كما الأمر في العراق وفلسطين هناك عدّة محطات رئيسية تتحقق الآن أو أنها في طريقها الى التحقق ولو خلال سنوات قليلة، آخرها ان سوريا تحوّلت من لاعب إقليمي الى ساحة، ثانيها انتظار دور مصري سريع لن يحدث، وبالتالي التوازن في العالم العربي سيبقى مفقوداً الى حدٍ ما بالتدريج، لن يحدث قبل ثلاث أو خمس سنوات، هناك غروب للسياسة الإيرانية في المنطقة قريباً بعد الإنسحاب الأميركي من العراق، سنرى أكثر وأكثر ان العراق ليست ورقة تفاوض بل بالعكس، الخروج الأميركي من العراق هو خسارة ورقة للتفاوض من يد الإيرانيين، أو أي قوى أخرى تعتقد انها تستطيع أن تفاوض عليه، رغم الإرتباك التركي الذي تحدثنا عنه ومشاكلهم الداخلية، الأمر الطبيعي أن تتقدّم تركيا ولو خلال سنوات.

س- تحدثت عن الغروب الإيراني هذا له امتداد في لبنان ديموغرافي وطائفي؟
ج- هذا أمر طبيعي.

س- كيف سيكون غروب “حزب الله” في لبنان؟
ج- أنا لا أملك سيناريو جاهز، ولكن لا أستطيع أن أرى ان هناك خروج أميركي من العراق وخسارة ورقة مهمة بالتواجد الأميركي في العراق وخسارة خط الإمداد في سوريا، لا أرى كيف سيحقق المزيد من التقدّم بدور “حزب الله” أو حلفاؤه داخل لبنان، دعنا لا نبالغ في هذا الأمر باعتبار انهم أيضاً قادرين على إنزال دباباتهم ويفعلوا ما لم يفعله الجيش السوري في سوريا أو الدبابات السورية، لأني لا أعتقد ان هذا الجيش السوري الذي نعرفه . على كل حال هذا أمر طبيعي، نتيجة طبيعية لغروب هذه السياسة، ومن ثم غروب هذه القوى بالتدرج عودتها لحجمها الطبيعي ودورها الطبيعي والتفاهم على ما هو مخالف في وجودها وفي دورها، هذا الأمر لن يحصل في شهر أو اثنين أو ثلاث، ولكن هذا هو المستقبل الذي نراه جميعاً أمامنا، هناك من يستعجله، وهناك من يجد انه تأخر كثيراً وتطلب أكثر وأكثر، ولكن هذا الأمر آتٍ في سوريا وفي لبنان وفي كل مكان تعتقد فيه السياسة الإيرانية ان باستطاعتها أن تتمدد وتمارس أكثر وأكثر بعد 20 سنة من هذا الدور أو ثلاثين سنة من التأسيس لهذا الدور، لا ننتظر ان ينتهي خلال ثلاثة أشهر، ولكن بالتأكيد في أقل من ثلاث سنوات التي بدأت منذ سنة يعني بقي سنتين.

س- أنت هوّنت علينا الأمور لأن السيد حسن طرح 300 سنة؟
ج- هذا جزء من فائض الغرور فمن لم يتعلم من التاريخ يتعلم على حسابه، هو الظاهر عنده حساب يريد أن يخسره ليتعلم.