رغم مرور أسبوع على تصريحات المشنوق فإن التساؤلات عن القصد من إطلاقها ما زالت تتزاحم في الوسط السياسي

قالـوا عنه 09 يونيو 2016 0

ما زال الوسط السياسي منشغلاً في درس وتحليل أبعاد كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق للزميل مارسيل غانم ليل الخميس الماضي، والذي انتقد فيه سياسة العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز وحمّلها بشكل أو بآخر مسؤولية تراجع شعبية الرئيس سعد الحريري في الشارع السنّي والتي عكستها نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية خصوصاً في العاصمة الثانية طرابلس.
ورغم مرور أسبوع تقريباً على هذا الكلام للوزير الأزرقي ما زالت التحليلات السياسية متباينة وما زالت الأسئلة عن القصد من ورائها تتزايد، فثمّة من يسأل عمّا إذا كان الوزير المشنوق يدافع في ما قاله عن الرئيس الحريري وسياسة الاعتدال التي انتهجها في وجه التطرّف، أم ينتقده ويحمّله مسؤولية التراجع، في حين ما زال آخرون يسألون ويتساءلون عمّا إذا كان ما قاله يهدف إلى انتقاد سياسة المملكة العربية السعودية في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وفي عهد الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز.
وقد زاد في اتساع دائرة الأسئلة والتساؤلات والتحاليل والاستنتاجات داخل الوسط السياسي إلتزام رئيس التيار الأزرق بالصمت وتجاهل كتلته النيابية تماماً الكلام الذي أطلقه عضوها الوزير المشنوق والاكتفاء بشكر المملكة والثناء على مواقفها ودعمها للبنان بكل مكوناته، في الوقت الذي تصدّى السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري لكلام الوزير المشنوق حول علاقة المملكة بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية بالنفي التام وبأن المملكة لا تتدخّل في الشؤون الداخلية للبنان وتقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، ثم ذهب إلى ما يتعدى النفي في تصريحات لاحقة وصولاً إلى ما نقل عنه من أن ما صدر من مواقف عن الوزير المشنوق تتعلّق بالمملكة لا تمثّل سعد الحريري ولا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد.
وبالتزامن مع ردود السفير عسيري على كلام الوزير المشنوق، ردّت معظم وسائل إعلام المملكة بكلام قاسٍ وكان أبرزها ردّ الكاتب الصحفي أحمد عدنان في جريدة
«العرب» اللندنية والردّ الذي صدر في «الشرق الأوسط» أمس للكاتب عبد الرحمن الراشد والذي عبّر فيه عن إنزعاج المملكة الكبير للمواقف التي أطلقها وزير الداخلية اللبناني لكي يبرّر هزيمة رئيسه سعد الحريري الساحقة في طرابلس، ويُدافع في الوقت نفسه وبأسلوب ذكي عن التنوّع داخل الطائفة السنّية خلافاً للشمولية داخل الطائفية الشيعية، وكأنه يعبّر بذلك عن إغتباط المملكة لظهور قيادات داخل الطائفة السنّية غير قيادة الحريري، وكأنه يُشير بذلك الى صعود نجم وزير العدل المستقيل أشرف ريفي كزعيم للطائفة السنّية وذلك بعد فوزه الساحق على القوى الفوقية التي تحالف معها الحريري في الانتخابات البلدية.
هذه الأسئلة التي تتزاحم على الساحة الداخلية منذ أن أطلق الوزير المشنوق سهامه في أكثر من إتجاه، وطاولت المملكة العربية السعودية من جهة ورئيس التيار الأزرق من جهة ثانية، فتحت أيضاً الأبواب أمام مواقف أخرى في وجه زعيم التيار الأزرق ومنها على سبيل المثال مواقف رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط التي طرحت بدورها تساؤلات كثيرة عن قصده منها، لا سيّما تلك التي تتعلّق بالإنتخابات الرئاسية وبالمرشحين المطروحين سليمان فرنجية وميشال عون وما إذا كان زعيم المختارة فهم أن الرياح السعودية عادت تتجه نحو العماد عون بعدما تخلّت عن مرشّح حليفها رئيس التيار الأزرق سليمان فرنجية، وأن ما قاله السفير عسيري رداً على كلام المشنوق يعبّر عن هذا التحوّل حتى يرى في عون مرشحاً مقبولاً إذا أجمع عليه المسيحيون بعدما كان رفع في كليمنصو يد فرنجية أمام وسائل الإعلام كمرشح وحيد له لرئاسة الجمهورية، وحتى أن المقرّبين من رئيس اللقاء الديموقراطي شعروا بالحرج من هذا التحوّل، وما إذا كان يعنيه فعلاً أم أنه أطلقه ليصل من خلاله إلى حقيقة ما يحصل في المنطقة وما يحصل فعلياً في المملكة العربية السعودية بعد التصريحات غير المتوقعة التي أطلقها الوزير المشنوق.
هذه التساؤلات والأسئلة التي تشغل الوسط السياسي تبقى بلا جواب قاطع بانتظار ما سيقوله رئيس تيّار «المستقبل» في حفل الإفطار الذي يقيمه غروب اليوم الخميس في «بيت الوسط» للمشايخ ورجال الدين أو يوم السبت المقبل في «البيال»، فهل يردّ على الوزير المشنوق ويعلن كما أعلن بالنسبة إلى وزير العدل المستقيل أشرف ريفي أنه «لا يمثّلني» أم يتجاهل الأمر ويركّز على الإشادة بالمملكة العربية السعودية وبدعمها الدائم للبنان ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع وعدم تدخّلها في الاستحقاق الرئاسي وفي الأسماء كما فعلت كتلته النيابية في البيان الذي أصدرته بعد اجتماعها أول من أمس ويأتي من ثمّ على الاستحقاق الرئاسي ويردّ على اللغط الذي تناولته وسائل الإعلام حول تخلّيه عن مرشحه سليمان فرنجية والاتجاه الجدّي للقبول بالعماد عون كمرشح توافقي مقبول لرئاسة الجمهورية؟
المقرّبون من رئيس تيّار «المستقبل» يجزمون بأنه سيقول كل شيء عن الداخل والخارج وعن العلاقات البنيوية داخل التيار وسيؤكّد على مواقفه الثابتة تجاه المملكة العربية السعودية من دون أن يذهب بعيداً إلى حدّ إحداث شرخ داخل التيّار.