رسائل المشنوق من طرابلس: لا «حماة ديار» إلّا الشرعية ولا لحوار الإستسلام

قالـوا عنه 24 أغسطس 2016 0
لم تنفع اليد اليمنى في إخفاء أو حجبِ معالم التأثّر التي بدت واضحةً على وجه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أثناء إلقاء كلمته في اللقاء التضامني الجامع الذي دعا إليه مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار في الذكرى الثالثة لتفجير مسجدَي التقوى والسلام في مركز دائرة الأوقاف في طرابلس.

نادراً ما يدمع وزير الداخلية نهاد المشنوق في محضر مناسبة أو لقاء سياسي رسمي، لكنّ ما حصل أمس حالةٌ وجدانية وروحانية لا يمكن لغيرِ المشنوق نفسه أن يصفها، وهو يقارن بين سورة آل عمران، وصورة الطفل عمران!

بدا واضحاً أنّ المشنوق حضّر جيّداً ملفّه قبل وصوله إلى الفيحاء، حيث كان اللقاء جامعاً لكلّ الأطياف الطرابلسية السياسية والاقتصادية والنقابية والدينية، فضلاً عن كونه أضفى على الذكرى بُعداً وطنياً رسمياً.

إلّا أنّ كلمة المشنوق تضمّنت مواقف ورسائل واضحة، لا بدّ أنّها ستكون محطّ تحليلات العديد من الأفرقاء السياسيين خلال الأيام القليلة المقبلة. فما هي أبرز تلك الرسائل؟

أوّلاً: على صعيد ملف تفجير مسجدي التقوى والسلام، كان المشنوق حاسماً لجهة قيام القوى الأمنية، وعلى رأسها فرع المعلومات، بواجباتها على أكمل وجه وبسرعة قياسية، وبأنّ الملف من حينها في يد القضاء اللبناني الذي عليه واجب الإسراع في إنهاء هذه القضية، وسَوقِ المجرمين إلى العدالة، واعداً المفتي بأن يكون الملفّ كاملاً بين يديه خلال اليومين المقبلين.

ثانياً: في الملف الرئاسي، ظهرَ المشنوق واضحاً، فردّ مباشرةً على كلّ التأويلات والتسريبات الإعلامية حول موقف تيار «المستقبل» وكتلته النيابية من مسألة الترشيحات الرئاسية، فأكّد أنّ «المستقبل» لا يتلهّى بلعبة المرشّحين، داعياً مَن يبحث في الرئاسة لأن يتّجه إلى«العنوان الجاد وفق قواعد الدستور والشراكة»، أي إلى مجلس النواب والاحتكام إلى تصويت النواب، وهو ما يعني ضمناً ثباتَ الرئيس سعد الحريري على موقفه بخصوص هذا الملف.

ثالثاً: ألمحَ إلى فشَل طاولة الحوار التي تعقَد بين «المستقبل» و»حزب الله»، في التقدّم خطوةً واحدة في ملف السلاح، مشيراً إلى أنّ البعض يخرج علينا ليتباهى بوجود 50 ألف عنصر من سرايا المقاومة، كما شكّكَ في قدرة هذا الحوار على منعِ تمدّدِ الفتنة السنّية – الشيعية، مؤكّداً أنّ «المستقبل» مع التسوية لكنّه ليس مع الاستسلام!

رابعاً: حسَم موضوع صراع الأجنحة داخل «المستقبل»، حين أشار إلى أنّ كلّ قيادات المستقبل بقيادة الرئيس الحريري تبحَث عن تحديد الخيارات الاستراتيجية للمرحلة المقبلة.

ولم يشَأ المشنوق إنهاءَ كلمته من دون أن يكون حازماً في موضوع تنظيم «حماة الديار»، الذي أخَذ الكثير من الجدل في الآونة الأخيرة، فأعلنَ عن تحضير ملف أمني وقانوني سيتقدّم به إلى مجلس الوزراء، ليطلب على أساسه إلغاءَ الترخيص المعطى لـ»حماة الديار»، لأنّ «الديار لا تُحمى بمزيد من الميليشيات، ولا بمزيد من القوى المسلحة غير الشرعية»!

ثمَّة من يقول إنّ المشنوق كسبَ هذه الجولة، ونجَح مع تيار «المستقبل» بتعاون المفتي الشعّار، في وضعِ النقاط على الحروف في هذه القضيّة، من خلال مشاركة كلّ قيادات المدينة وفاعلياتها في اللقاء، ودعمِهم لِما صَدر عنه من مواقف، وهو ما يشكّل عاملَ ضغط معنويّ كبير على الهيئات القضائية المختصة للإسراع في إنهاء هذا الملف، وإصدار الأحكام المستحقّة التي ترضي أبناءَ المدينة عموماً وعوائل الشهداء والجرحى خصوصاً.