ذكرى عامين على اختطاف المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي: تجار الهيكل كثر وفي كل دين يوضاس

كلمات 22 أبريل 2015 0

السيدات والسادة،

سمعت بالامس صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي،
يتحدث في ذكرى مرور عامين على اختطاف المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي،
ومن يسمعه، بصوته المطمئن، اطمئنان المؤمن الى قضاء ربه وحكمته، اطمئنان صاحب الإيمان والسكينة والصبر، يتأكد أن لله خطة توصل دائما المؤمنين به إلى الأفضل،
وحين قال إن المحكوم عليه يصير قاضيا ولوكان في زنزانة والقاضي يمكن أن يصير محكوما عليه وإن كان على منبر ، حينها اطمأنيت إلى أن المطرانين في خير…
فإذا كانا على قيد الحياة،وانشاء الله يكونوا، فهما في سلام داخلي ويحاكمان سجانهما بإيمانهما، وإذا كانا قد انتقلا إلى ملكوت السموات ، فأنهما يؤمنان بالقيامة، وبعد كل صليب قيامة، ونحن في شهر القيامة، ولم يمض أكثر من أسبوع على اثنين البعوث، ألم يقل الإنجيل المقدس : من آمن بي وإن مات فسيحيا.
فالمؤمنون بالله وباليوم الآخر مطمئنون، أينما كانوا مطمئنون، في الدنيا مطمئنون، وفي العالم الآخر مطمئنون، في السجن ينظرون إلى عيون السجان ويحاكمونه بنظراتهم، وفي الحرية يوزعون الإيمان وقيم المحبة والتسامح على المحيطين بهم،
فكيف بمن أمضى عمره كله في خدمة الرب والإنسان؟
المطران يوحنا ابراهيم أمضى 35 عاما في خدمة رعيته، بعد أن درس اللاهوت والفلسفة والقانون الكنسي والتاريخ، وسيم في عامه ال19 فقط، وتوج سنواته بكتابه وعنوانه” قبول الآخر”،
كما لو أنه كان يستشرف الصليب الذي سيحمله، صليب العذاب على من يدعي أنه الآخر، وهو تنقل بين عواصم الغرب، داعيا المسيحيين إلى عدم ترك أرضهم رغم كل شيء، فضل أرض أجداده في سوريا على مدن الغرب حيث تنقل في سنوات شبابه،
الشرق كله هذه الأيام تموج به الأرض، فتبتلع من تبتلعهم في جوفها، وتطرد من تطردهم، وتظلم من تظلمهم.. الشرق كله في محاكمة غير عادلة، كما قال غبطة البطريرك قبل يومين، وليس فقط المسيحيون،
تجار الهيكل كثر، ويوضاس ليس حكرا على قاتل المسيح، ففي كل دين يوضاس، وفي كل بلد يوضاس، في سوريا ولبنان والعراق، دول الشرق كلها يملؤها إرهابيون يدعون الدين، لكنهم لا يمثلوننا ولسنا منهم وليسوا منا ولا يعرفون من الدين إلا قشورا يظنون أنها الجوهر، وهي دخيلةعلى أدياننا ،
شرقنا أيضاً مليء بأجهزة الإستخبارات التي تسيطر على هؤلاء الإرهابيين وتحركهم باسم الدين، والحقيقة التي لا جديد في تكرارها، أن الخلاف لم يكن في يوم من الأيام على الإله الواحد، أو على الدين، أو على تفسير الدين، حتى بين مذاهب متنوعةوليس مختلفة، هذا الشرق مليء بالرسالات، مهد الديانات السماوية كلها، وهو أيضا مليء بقتلة الرسل، واليوم يمتلئ بقتلة المؤمنين الحقيقيين على أيدي مدعي الإيمان و التدين،
كل الخلاف كان و لا يزال وسيظل سببه الصراع على الحكم، والرغبة في الإستيلاء على أرواح الآخرين التي ستظل حرة،
انهم يريدون تغييب عدالة السماء، ومن اختطفوهما ليسا فقط من هذا العالم،
فالمطران بولس اليازجي، شقيق الجميع، لم يكن مطراناً عادياً، فإلى جانب دراسته اللاهوت والتاريخ كان يحب الموسيقى، فنال شهادة في الموسيقى الكنسية، وأحب الرسم فتعلم فن الأيقونات، وكانت أيقونته الأجمل هي حلب، التي رسمها في صوته العذب ورتّلها طالبو الخلاص له ولمن اختطفوه لاحقا،
وقد سمعته على اليوتيوب أكثر من مرة، يرتل” افتح لي أبواب التوبة” ، لو سمعه السجانون لاعتذروا منه، هو الذي في قرارة نفسه لا بد يقول لربه:” سامحهم يا أبتاه، إنهم لا يدرون ماذا يفعلون”،
في مدونته كتب قبل أسابيع من اختطافه جملة بالطبع لم يقرأها خاطفوه: ” نحن لا نحيا حبن نكون لوحدنا. نحن نحيا بقدر ما نكون مع بعضنا البعض”، وهذا جوهر الدين والإيمان،
أعرف أنه لم تتبن حتى الآن أي جهة عملية الإختطاف، لا صور و لا فيديو و لا مطالب، خلافا لمعظم عمليات الإختطاف حتى الآن، لكن الامل لا يزال حيا بأنهما على قيد الحياة، والاخبار الجيدة اكثر من الاخبار السيئة، اكرر الاخبار الجيدة اكثر من الاخبار السيئة.
أنتم مكرسون للبقاء في هذا الشرق الذي تنتمون إليه . قضيتكم أبعد من جماعة وأكبر من وطن وأوسع من منطقة. وفعلا الصمت الدولي مشين. ولكننا نفعل ما بوسعنا ، وسنفعل أكثر. لا بد من الإعتراف بأن المسيحيين ليسوا وحدهم فكل الإعتدال ومن كل الاديان يتعرضون للإعتداء وسينتصر الإعتدال.

أنتم بعض من صوان هذه الأرض، كما تفضل غبطة البطريرك في اثنين البعوث ، وإن الريح لزائلة والصوان باق.

عشتم
عاشت الحرية
عاش لبنان