خيمة اعتصام المعارضة في طرابلس: الدكتاتورية أقسى من الاحتلال

كلمات 16 نوفمبر 2012 0

لقد انتقدوا ابو العبد في الماضي انه قال طرابلس عاصمة السُنة وبما ان القلب على الشمال، طرابلس هي قلب السُنة، لا أعرف إذا هذا الكلام يربك أحد غيري، ولكن في كل الأحوال تعلمنا من العلماء ان أهل السُنة هم أهل الأمة، وبالتالي قادرون على استيعاب الجميع والتفاهم مع الجميع، ولا يمكن أن يعيشوا إلا مع كل الناس، من كل الطوائف، ومن كل المذاهب، ومن كل الإتجاهات. طغت الأحداث علينا فانتقلنا من طرابلس الى غزة، صرنا في جنوب فلسطين، ليس غريباً ولا جديداً العدوان الإسرائيلي على غزة، وليس غريباً ولا جديداً نضال الشعب الفلسطيني، هذه المنطقة التي اسمها غزة، التي تقاوم الآن العدوان الإسرائيلي ليس فقط ترد الصاع صاعين، بل ترد أكثر من الصاعين على كل إعتداء إسرائيلي.
إسرائيل اكتشفت انها طوال ستين سنة من الإحتلال لم تستطع تطويع الشعب الفلسطيني ولا أهل غزة، هذا العنصر الأول.
العنصر الثاني لم يعد قرار السلم وقرار الحرب هو قرار الأنظمة، بمعنى ان رئيساً يُقرر ليلاً القيام بحرب ويُقرر صباحاً القيام بالسلم.
الخيار الآن بعد الربيع العربي في كثير من الدول هو خيار الشعب الذي يُقرر السلم ويُقرر من يحكمه، وهناك تداول سلطة سلمي وإنتخابات، حتى في دولة مثل ليبيا لم تشهد في تاريخها أي نوع من الإنتخابات.
الطيران الإسرائيلي يغير على غزة والغزاوزة الأبطال يقومون بواجباتهم، ولكن هناك نضال من نوع آخر يقوم به الرئيس محمود عباس، وهو التصويت على فلسطين ودولة فلسطين باعتبارها دولة مراقبة في الأمم المتحدة. والغريب ان المواجهة الأميركية والغربية لطلب انتخاب فلسطين دولة غير عضو مراقبة، أقسى وأقوى ومواجه من السلاح الإسرائيلي، هذه الدول الغربية وعلى رأسها اميركا تُهدّد كل يوم بأن هذا الأمر لا نقبل به ولن نوافق عليه، الحمد لله ان هناك رئيس حُر في مصر هو الرئيس محمد مرسي يتعّرض للإمتحان الفلسطيني الأول،
وهناك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بحكمته وشجاعته شفاه الله يدعمان ويؤيدان الطلب الفلسطيني في الأمم المتحدة، ويؤيدان ويدعمان رفع الظلم ورفع العدوان الإسرائيلي عن الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو في رام الله واحد بالسياسة وواحد بالسلاح.
هذا الإعتداء المُلفت للنظر انه يتزامن في الوقت نفسه مع اعتداء جيش النظام السوري على الشعب السوري، لم نرَ من كل هذا الطيران الذي نسمع به كل يوم ونشاهده على الشاشات يقصف شعبه في الشام وحلب وحمص ومعرّة النعمان وسراقب ودرعا، لم نرَ أي طائرة من هذه الطائرات قامت ودافعت لا عن أهل غزة، ولا عن أهل سوريا، ولا عن أهل لبنان، لأن هذه الطائرات لا مهمة لها منذ العام 73 سوى مهمة قتل شعبها. هذا النظام لا مهمة له منذ العام 70 سوى أن يظلم شعبه ويقهره ويمنعه من حريته ومن كرامته ومن عدالته ومن حقه بالتعبير، ولكن الحمد لله، رغم الطريق الطويلة من الأيام التي بلغت حتى الآن سنة وثمانية أشهر، رغم كل هذه الأشهر الطويلة لا زال هذا الشعب السوري العظيم يُناضل ويُقاتل وسيستمر الى أن يتحقق له النصر إن شاء الله.
الدكتاتورية أقسى من الإحتلال الإسرائيلي وأصعب من الإحتلال الإسرائيلي. يُقال في الشعر “وظلم ذوي القربى أشد مضاضة” في الحقيقة علّمتنا التجارب والثورات والربيع العربي ان هذه الأنظمة الدكتاتورية أكثر قسوة من الإحتلال الإسرائيلي، وأكثر شراسة من الإحتلال الإسرائيلي، وأكثر قتلاً من الإحتلال الإسرائيلي، شهداء الشعب السوري منذ بداية الثورة حتى اليوم، تجاوزوا شهداء الشعب السوري منذ احتلال فلسطين حتى الآن، استطاع هذا النظام المجرم القاتل أن يجمع خلال 18 شهراً عدد شهداء مساوٍ لشهداء ستون سنة من النضال الفلسطيني. ومع ذلك بسألوننا لماذا ترغبون بتغيير النظام السوري؟ للحقيقة نحن لا نرغب فحسب، بل نحن نعمل على إسقاط النظام السوري، نحن نعمل بكل ما لدينا من سلاح الموقف ومن المساعدات الإنسانية. أيضاً هذا شرف لا ندّعيه وتُهمة لا ننكرها هذه واجباتنا.
وعلى كل حال أنا هنا في الشمال، وأعتقد ان هذا هو تاريخ طرابلس، الوقوف الى جانب الشعوب العربية، تاريخ طرابلس هو تاريخ الوقوف الى جانب ثورة الجزائر، تاريخ طرابلس هو الوقوف الى جانب ثورة فلسطين، تاريخ طرابلس هو الوقوف الى جانب الثورة المصرية، تاريخ طرابلس الآن هو الوقوف الى جانب الثورة السورية.
هذا ليس كلاماً انفعاليا ولا عواطف، نحن في لبنان كل من هو عمره أربعون سنة أو أكثر بقليل وما دون، لا يوجد في ذاكرتهم بالعلاقات اللبنانية-السورية غير القتل والإجرام والظلم والقهر، كم مرة انقصفت طرابلس من الجيش العربي السوري الشقيق؟ كم مرة تدّمرت أحياء في طرابلس؟ الحمدلله عادت المدينة ووقف ووقف أهلها ومازالوا على مبادئهم، ولا مرة غيّروا موقفهم لا من العروبة ولا من الديموقراطية ولا من الحرية ولا من السلام، والدليل الأكبر، والفضل الكبير الكبير الكبير للشمال منذ العام 2005، منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى اليوم، بأنه سنة بعد سنة أكثر اندفاعا وأكثر صدقاً وأكثر إخلاصاً وأكثر وطنية. قد تغضب مني بقية المناطق، لذا سأقول أكثر اندفاعا من باقي المناطق بالتعبير عن موقفهم، وهذا الشمال بمسلميه ومسيحييه كان دائما خزاناً للحرية، وخزاناً للحق، وخزاناً لكل الشعارات التي دفع شهداؤنا ثمنها بدمهم، وآخرهم الشهيد اللواء وسام الحسن.
هذه أول مرة في حياتي أتحدث وورائي صورة وسام، ففي العشرين سنة الماضية كنت أتحدث دائماً ووسام أمامي وليس ورائي، وبصحته وليس بصورته، وبوطنيته وبمحبته وبشماليته، وبإخلاصه وبصدقه بكل ما قام به لأجل كل اللبنانيين. ولكن لن أقول انه آخر الشهداء، ولكن سأتحمل مسؤولية القول ان هذه آخر مرة نسكت وآخر مرة يكون ثمن الشهادة استمرارنا بنضالنا السلمي مرة أخرى وصولاً حتى العصيان المدني.
بما إننا في طرابلس تجاه منزل الرئيس ميقاتي، سأتحدث بهدؤ، سأتحدث عن صديق وليس عن عدو، عن خصم بالسياسة، ربما خسرت صداقته بالسياسة، وخسرت صداقته الشخصية، ولكن مع ذلك سأشرح لماذا وصلنا الى هنا.
في 25/1/2011 كُلف الرئيس ميقاتي في يوم الثورة المصرية، ويومها قلنا انه انقلاب، فغضبوا منا، يا سيدي ليس انقلابا، نحن لسؤ الحظ بلد طائفي، هناك 23 نائب سُني من أصل 27 نائب سُني لم يكلّفوا الرئيس ميقاتي، ومع ذلك قبِل بالتكليف، والتكليف لم يكن من أهله ولا من طائفته ولا كان منا. لأني لا أعتقد ان الناس الذين انتخبوه، انتخبوه على أساس هذه القاعدة، إذا كان هو بالحد الأدنى يعتبر اننا شركاء في الإنتخابات، فالشريك يشاور ويتفق ويختلف، ولكن لا يُدير ظهره ويمشي. جئنا الى دار الفتوى واصدرنا بياناً واضحاً طلبنا من أن يتصبر ويهدأ ويروق.
قلنا له شكّل حكومة تكنوقراط واخراج الحكومة من الصراع فقال تطلبون مني أن أقوم بانقلاب على الانقلاب.
ثم جاءت الثورة السورية في 15 آذار فاستمر ستة أشهر يُفاوض حلفاءه، وفي تموز 2011 شكّل الحكومة التي كان يمكن أن يُشكلها منذ اليوم الأول لتكليفه، لا شيء فيها جديد، فيها كل المكاسب وفيها كل الحقائب وفيها كل الإلغاء وفيها كل القهر وفيها كل الظلم. ثم أعطاه حلفاؤه الثقة في الوقت الذي بدأت فيه العمليات العسكرية من النظام السوري على الثوار في جسر الشغور، ونحن قلنا رأينا وخيارنا المعارضة العادية، بعضنا لم يكن موافقاً ومنهم بعض الإخوان النواب الموجودين هنا، ولكن مشينا برأي الأكثرية.
بدأت الحكومة بالعمل والثورة السورية تقوى وتقوى وتقوى، فنظرنا أمامنا وجدنا ان بياناً صدر عن مندوب النظام السوري في مجلس الأمن وزّعه على الدول الأعضاء يتهم فيه السعودية وقطر و”تيار المستقبل” بكل عظمة الثورة السورية.
طلبوا منه استنكار البيان، فقال ان هذا يؤجج الفتن، فكانت النتيجة انه للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وربما منذ الإستقلال ينسحب كل العرب من لبنان، ويُطلب من رعايا دول مجلس التعاون الخليجي عدم زيارة لبنان،
وهذا نعرف ماذا يعني بالإقتصاد، وماذا يعني بالسياسة، حتى مصر أول من أمس طالبت رعاياها الإنتباه في المناطق التي تذهب اليها، ومع ذلك استمر رأيه ان هذه حكومة استقرار.
ثم انتقلنا الى مرحلة الخدمات فتبيّن ان الوزراء الذين يعملون معه أقاموا جزراً وزارية، كل وزير يعمل لوحده وعلى طريقته، وصار التوازن الوطني بصراحة في بعبدا وليس في رئاسة مجلس الوزراء، فرغت رئاسة مجلس الوزراء من المسؤولية الوطنية.
في المرحلة الثانية صدر القرار الإتهامي بأن هناك أربعة مُتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ينتمون بالصورة والصوت والإسم الى “حزب الله” فماذا كانت النتيجة؟ لا شيء، تكليف الجهات الأمنية بالبحث عنهم وطبعاً لن نجدهم، ولا أطلب منه إيجادهم.

أنا أسأل بالسياسة ماذا فعل؟ بالسياسة استمر على تحالفه واستمر وزراء “حزب الله” المُتهم حزبهم باغتيال الرئيس الحريري من قبل المحكمة الدولية، واستمر جالساً معهم يُنسّق معهم ويعمل معهم كأن شيئا لم يكن.
كرت الثورة السورية وازداد عدد الشهداء يوماً بعد يوم، معظم الدول العربية ما عدا الجزائر وقفت الى جانب الثورة السورية. لبنان نأى بنفسه. بل أعلن الحزب الشريك المسيطر على مجلس الوزراء مشاركته في القتال داخل سوريا الى جانب النظام. لم يأت الرئيس ميقاتي على ذكر كلمة الشعب السوري الا منذ شهرين ونأى بنفسه عنه قبل وبعد.
هناك 78 اعتداء على الأراضي اللبنانية من قِبل جيش النظام لم نسمع أي كلمة، وزير الخارجية يذهب الى الأمم المتحدة والى الجامعة العربية والى كل مكان داعماُ لموقف النظام السوري.
انتقلنا الى مرحلة أخرى، با دولة الرئيس انسدّت علاقاتنا بالعرب، إنسدّت علاقاتنا بكل الناس بسياسة النأس بالنفس، ولكن هل النأي بالنفس عن الحق واجب؟ والنأي بالنفس عن الوطنية ضرورة؟ والنأي بالنفس عن الجرائم التي تُرتكب بحق شعب شقيق أمر طبيعي؟
والنأي بالنفس بحق محاولة اغتيال سمير جعجع وبطرس حرب واغتيال الشيخ احمد عبد الواحد ورفيقه ومرافقي الشيخ احمد الاسير، هل تذكرون قصة حركة الاتصالات ” الداتا ” التي لا تزال خاضعة للمناقشات رغم استمرار الاغتيالات ؟

إغتيل اللواء الشهيد البطل الوطني وسام الحسن، ماذا فعل نجيب ميقاتي؟ قال ثلاثة أشياء:
أولاً: قال ان الجريمة ترتبط بملف التفجير المسؤول عنه ميشال سماحة والمسؤول الأمني الأول في النظام السوري علي المملوك.
ثانياً: قال ان طائفتي مُستهدفة، هذا نص قاله من على باب قصر بعبدا.
ثالثاً: قال شيء سخيف وتافه النص على الأقل، بأني حميت اللواء الحسن، ولكن مما حمّيته؟ هو أكبر بكثير من وظيفته؟ هل انك حميته بالبقاء موظفاً؟

لكن الثلاثة الذين تدّعي إنك حميتهم وهم اللواء ريفي والعميد الحسن والرئيس سعيد ميرزا محميين بوظائفهم بقرار دولي، وليسوا محميين بوظائفهم بقرار من الحكومة اللبنانية. هذا صديقك من سنوات طويلة اللواء الحسن، وكان دائماً يسعى عند الكبائر بيننا وبينك الى تطرية الأمور والتهدئة ويقف بيننا ويطلب ويتمنى، ولم يتوقف عن زيارتك ولا يوم. ولكن أنت ماذا فعلت له بالسياسية؟ أنا لا أقول لك بأن ترد عليه بالأمن، ولكن حاول، إشرح لي ماذا فعلت له بالسياسة؟ ولا شيء.
أكثر من ذلك، دخل الى مجلس الوزراء والتقى رئيس الجمهورية قبل الجلسة، وقال له أنا سأطرح تحويل التحقيق الى المحكمة الدولية، وعندما دخل الى مجلس الوزراء فوجيء الوزراء ورئيس الجمهورية انه لم يطرح الموضوع، ودخل وخرج خمس مرات في الجلسة لكي لا يتم الحديث عن هذا الموضوع. فإذا لم تكن قادراً على تحويل التحقيق الى المحكمة الدولية ، ولست قادراً على حماية طائفتك، ولست قادراً على الرد بالسياسة على محور “السم” سماحة-مملوك، فماذا نفعل بالسياسة؟ لم يطلب منه أحد منا النزول الى الشارع، نحن طلبنا منه بموجب النظام، انك ما دمت غير قادر على القيام بكل هذه الأمور أن تستقيل. هل أهل طرابلس انتخبوه على هذه القاعدة لتمثيلهم؟.
أعلن عن مخطط التفجير بموضوع سماحة-مملوك، والله يسلّم الحاج خالد الضاهر واحد من أبطاله المستهدفين ويسلّم البطريرك الراعي الذي كان مُفترض أن يتم التفجير أثناء زيارته، فماذا فعلت بالسياسة؟ ماذا فعلت بالعلاقات اللبنانية-السورية؟ ماذا فعلت بالحد الأدنى من النص السياسي الذي تُعبّر فيه عن استنكارك؟ لا شي، إنما رئيس الجمهورية هو من استدعى السفير السوري، ورئيس الجمهورية طلب من السفير وقف التصريحات ووقف الإعتداء الكلامي على اللبنانيين؟ هل هذا رئيس وزراءنا ؟
أعلن الإيرانيون ومن بينهم عدّة مسؤولين أكثر من ستة، واحد أرسل طائرة من عندنا وآخر أخذ صور من عندنا وثالث عيّن خبراء من عندنا، ولم يبقَ شيء لم يستبيحوه في لبنان بفعلهم وكلامهم، فماذا قال رئيس الحكومة؟ لا شيء، أي استقرار هذا.
من قال ان طرابلس التي يُمثلها هو مدينة بلا كرامة، من قال هذا الكلام غير صحيح، هذه خيانة لطرابلس وخيانة للأصوات التي أعطته، والله العظيم أنا لا أقول هذا الكلام للإعتداء عليه، ولكن أنا أود أن أضع الوقائع أمامكم، ولكنه ماذا فعل غير أنه نأى بالنفس عن وعوده، انت تعرف الوضع المالي للخزينة وتعرف الوضع المالي للدولة، فلماذا يا دولة الرئيس وعدت الناس بسلسلة الرتب والرواتب؟ ولماذا تتلطى وتختبيء وراء حاكم البنك المركزي الذي يقول ان الوضع النقدي والإقتصادي لا يتحمل. هذا نأي بالنفس عن المسؤولية وليس النأي بالنفس عن الخطأ.
كلما تكلمنا يقولون لنا لا يجوز. أنتم لا تتكلمون سوى على الرئيس ميقاتي، هناك الكثير من زملائي حتى اليوم يستصعبون الكلام عن الرئيس ميقاتي، أولاً تجاه القوى الأخرى سواء “حزب الله” أو “التيار الوطني الحر” نحن لم نقصّر بالكلام ولا بالموقف لأننا نعتبر ان الموقف هو السلاح، ولكن ما اريد أن أقوله ان هؤلاء بيننا وبينهم تاريخ من الخصومة لا تاريخ من الشراكة، ولا تاريخ من الإنتخابات، ولا جمهور واحد، ولا مدينة واحدة تجمعنا بهم. فإذا أردت الإعتصام هل أذهب الى الضاحية الجنوبية للإعتصام؟
هناك بعض الناس يعترضون على الإعتصام في بيروت وطرابلس، ولكن ما هو الحد الأدنى الممكن أن يقوم به الإنسان دفاعاً عن كرامته، ودفاعاً عن موقفه، ودفاعاً عن بيئته، ودفاعاً عن صوته، ودفاعاً عن حريته ماذا يفعل؟ إذا حملنا السلاح نصبح مجرمين، وإذا قطعنا الطريق أمام السراي ثلاث دقائق، عشرين شاباً تقدّموا، يقولون لا يجوز.
يوم الغضب في طرابلس عند تكليفه حتى اليوم لم ينتهِ الكلام عنه، وكأنه جريمة، فكيف يمكن أن نُعبّر عن رأينا، قولوا لنا، لا بالرذالة ولا بالسلم ولا بالصوت الواطي ولا بالصوت العالي، ابداً لن نسكت.
كلما تحدثنا عن موقف يقولون لا يجوز، فماذا تريدون منا، هل في النهاية مطلوب منّا إصدار بيان اعتذار عن اغتيال اللواء الحسن بأننا أخطأنا.
لن نستسلم لوسطية الرئيس ميقاتي القائمة على مسايرة الجميع والتنصل من الجميع والتحايل على الجميع.
سمعنا نائب من “حزب الله” على التلفزيون يقول لنا أنتم ازعجتم أكثر من نصف اللبنانيين منذ ثلاثة أيام بالدفن بالحديث عن اللواء الحسن، ولكن أقول لهم سنزعجكم أياماً وأياماً وأياماً، لم يتركوا لنا أي خيار ولا خيار السلم ولا الهدوء ولا الرواق ولا المشاركة ولا الحوار ولا التفاوض.
كنا نفاوض لضم السلاح الى الدولة، وإننا كلنا نلتقي في مكان واحد اسمه الدولة اللبنانية تحت عنوان المقاومة، صار مطلوب ضم الدولة الى السلاح . كنا نقول اننا ندعم دور الجيش ودور المؤسسات، الآن صار لازم نستأذن مجلس الشورى في الحزب إذا كان فينا نتعامل مع الدولة أو لا نتعامل مع الدولة.
لا نحن لن نقبل أن نكون مواطنين من الدرجة الثانية في هذه الدولة وأعلى ما في سلاحهم يركبوه.
أنا لست من النوع الذي ينفعل، ولكن ما سمعته منذ يومين في خطاب سماحة السيد، أنتم ثقافتكم مصرية، هل تعرفون كيف يكون الردح بالمصري، هذا كان خطاب ردح لكل اللبنانيين، فيه اعتداء على كرامة كل اللبنانيين.
لا لن نذهب الى الحوار، لن نذهب الى الحوار إلا بعد إسقاط هذه الحكومة.
وبعد أن قال كل طرابلس وكل الشمال وكل الأحرار في لبنان في بيان “14 آذار” وسيستمرون بالقول للرئيس نجيب ميقاتي أن يستقيل، يستقيل، يستقيل. إلا إذا كان قد قرر أن يخرج جثة سياسية هو وبشار الأسد، يكون هذا خياره. على كلٍ صبرنا كثيراً وبيننا وبين النتيجة في سوريا ولبنان، وأنا أتحمل مسؤولية كلامي أشهر وليس سنوات.
حاولت في اليوم الأول والثاني والثالث قراءة الخطاب وتبريد عقلي وما معنى هذا الكلام، وما معنى إذا بدكم تعالوا وإذا ما بدكم مع السلامة، الى أين مع السلامة، نحن لم نعتدِ على أحد ولا نحتل أحد، هذه بلدنا، وكل مواطن لبناني هو من مسؤولية الدولة اللبنانية، وليس مواطنا لبنانيا من مسؤولية حزب الإعتداء على الدولة اللبنانية .

كل يوم نسمع وطبعاً طرابلس رائدة بهذا المعنى بالإعتداء عليها، ثم في بيروت ومنذ أيام في صيدا. أتوجه بالعزاء الى أهالي الشهداء، واشكر كل أهل صيدا على صبرهم، وخاصة الشيخ احمد الأسير، على صبرهم ووعيهم وحكمتهم وتصرّفهم العاقل، وعلى كلمة السيدة بهية التي هي من عيون البلد الشجاعة والعقل والحكمة.
من يعتقد انه بواسطة السلاح يستطيع الإعتداء على كرامة اللبنانيين، يجب أن يعرف ان الذي يزرع السلاح يحصد الرصاص في كل مكان، نحن لن نستعمل السلاح، لكن هذا السلاح بعد حرب تموز لم يُستعمل إلا بوجه اللبنانيين في بيروت وصيدا وطرابلس، وفي كل مكان، يعتقدون انهم يستطيعون وضع اليد على حريتنا وعلى كرامتنا وعلى سيادتنا.
نحن لن نقبل أن نكون جزءاً من المشروع الإيراني مهما كان الثمن، هذا المشروع لا يُسبب إلا الإنقسام ولا يُسبّب إلا التجزئة، ولا يُسبّب إلا تفرقة في كل المجتمعات العربية التي لم يُرسل إليها إلا الإرهاب، في مصر والسعودية والبحرين والكويت وفي لبنان، وفي كل مكان.
أمامنا أشهر إن شاء الله، وكل هذا الكلام عن التغبير يُصبح أكثر من حقيقة، ولكن أود القول نحن على بعد أيام من ذكرى اغتيال الوزير الشاب الشيخ بيار الجميل الله يحفظ أخاه وأباه، وعلى بعد أسابيع من ذكرى اغتيال الصحافي البطل جبران التويني، وعلى بعد أسابيع قليلة جداً من ذكرى أربعين اللواء الشهيد وسام الحسن، ولكن يا إخوان نحن لسنا عدّاد شهداء، تعبنا من تعداد الشهداء، علينا اتخاذ قرارنا لمرة واحده بأنه لا حوار ولا التزام ولا تفاهم طالما ان هناك سلاحاً خارج الدولة.
أريد أن أقول من طرابلس العروبة، وطرابلس الوطنية، وطرابلس الأخلاق، وطرابلس الخير التي كل أهلها خير، وكل الشمال خير. أنا أقول انه بدعمكم وبقدرتكم وبوقوفكم الى جانبنا، وللحقيقة الوقوف أمامنا أنتم أهل الشمال وأهل طرابلس، نحن سنستمر في عملنا وفي مواجهتنا السلمية وصولاً الى العصيان المدني، هذا ليس تهديداً، هذا مخطط نسير به الى النهاية، لأن الخيار الثاني هو تحويلنا الى عدّاد للشهداء، وكل يوم نحيي مناسبة لشهيد، وكل يوم ظُلم وعدوان وقهر، ياليتهم يُقتلون في معركة شريفة، كله غدر وكله قهر وظلم.
عندما قيل للرئيس ميقاتي ان هذه الحكومة يجب أن تستقيل لأن اللواء الحسن اغتيل، قال ان اغتيالات وقعت في عهد حكومة الرئيس السنيورة، ما هذا الكفر السياسي؟ حكومة الرئيس السنيورة حصل اغتيالات في عهدها من داخلها، صار اغتيالات من أكثريتها النيابية، وصار اغتيالات من القوى ذاتها، كل الذين ذكرتهم قبل اللواء الحسن كانوا في صف حكومة الرئيس السنيورة، وبيار الجميل اغتيل وهو وزير في الحكومة، فأين المفارقة؟.
نحن إن شاء الله في كل لقاء من هذا النوع، وهذه اللقاءات مستمرة بدعم الإخوان وبعملهم ومن الدكتور مصطفى وزملاءنا النواب في الشمال وزينتنا ابوالعبد طبعاً، أنا قلت لن أدخل المدينة إلا من بيته فسبقني الى هنا.

أنا أعود وأؤكد على إننا وراءكم وليس أمامكم، ونحن الى جانبكم وليس أمامكم، نحن مستمرون، وأنا أقول هذا الكلام ليس بإسمي، بل بإسم الكثير من زملائي، والأهم إني أقوله بإسم جمهور رفيق الحريري الأكبر من كل الأحزاب ومن كل التيارات.
انتم مستمرون على صمودكم وعلى تماسككم وعلى ثباتكم وعلى صدقكم، لأن هذه النتيجة الوحيدة التي تجعلنا نصل الى يوم الحق والى جادة الصواب التي تقفون عليها، وكل الآخرين يقفون على جادة الخطأ والظلم والقهر، شكرا ونشوفكم بخير.

.