ختام الانتخابات البلدية والاختيارية 2016

كلمات 30 مايو 2016 0

أولا، أشكركم جميعا على الحضور وعلى المتابعة طوال هذا الشهر كإعلاميين ومتابعين من ضيعة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر، وإعلن أنّ المرحلة الرابعة انتهت من “الحراك البلدي” بالأمس بالتصويت والنتائج تصدر تباعا، واستطيع القول إنّنا سيّجنا لبنان بالحرية البيضاء أي صندوق الإقتراع.

لذلك أشكر أوّلاً كل اللبنانيين الذين اقترعوا أو ترشّحوا.

أشكر ثانياً قوى الأمن الداخلي برئاسة اللواء ابراهيم بصبوص لمثابرته ومتابعته ولجهوزية الانتشار على كامل الأراضي اللبنانية من قبل عشرات آلاف عناصر قوى الأمن.

ومتابعة غرفة عمليات قوى الأمن الداخلي برئاسة العميد حسام التنوخي وبمشاركة العميد سعيد فواز، التي اهتمت بكل التفاصيل الدقيقة، لمسارٍ آمن للعملية الإنتخابية.

والتحية لكل الضباط والعناصر في كل مكان من لبنان الذين واكبوا هذه العملية.

وأشكر دائماً الجيش اللبناني وقائده العماد جان قهوجي على دوره وحسمه لكل مسألة أمنية دون إفراط في استعمال القوة، وإنما دون تساهل مع من أراد تعطيل العملية الانتخابية في أي قرية من لبنان، بأداء محترف من العميد زياد حمصي رئيس غرفة العمليات العسكرية.

ثالثاً، التقدير الكبير لغرفة عمليات وزارة الداخلية بجانبيها الأمني والاداري، والتي تابعت على مدار الساعة لمدة شهر كامل التفاصيل الدقيقة لمسار الانتخابات.

لقد استطعنا سدَّ ثغرات كثيرة ظهرت أمامنا في المرحلة الأولى بجهد العميد الياس خوري، ومتابعة مدير عام الشؤون السياسية التي تخوض غمار الانتخابات للمرة الأولى، ومدير عام الأحوال الشخصية التي تعمل منذ سنوات طويلة على تصحيح لوائح الشطب في مواجهة تراخٍ من المخاتير والمواطنين الذين يتذكّرون في اللحظة الأخيرة ما كان يجب أن يقوموا به منذ أشهر.

والشكر آخراً وليس أخيراً  لجيش رؤساء الأقلام التي عانت الإنتخابات من قلّة خبرة بعضهم، ورؤساء لجان القيد الذين سهروا على إصدار النتائج دون كلل أو ملل، والمحافظين والقائممقامين. وأخصّ بالثناء المحافظ بشير خضر الذي تحمّل تأجيل علاجه المستعصي حتى انتهاء انتخابات محافظة بعلبك – الهرمل.

هناك تقصير. نعم. هناك ثغرات لأسباب كثيرة لا مجال لشرحها الآن، لكنني أتعهّد بأن نتعلّم في الداخلية من هذه التجربة لضمان أداءٍ أفضل في أي انتخابات مقبلة.

البعض يقارن مع الانتخابات في العام 2010، أسمع هذا الكلام كلّ يوم من دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف السياسية والأمنية والفروقات الكبيرة بين عامي 2010 و 2016. إذ لم يكن في لبنان مليون ونصف المليون نازح سوري ولا حرائق تشب في كل مكان بالمنطقة، ولم يكن الخلاف السياسي يأخذ الطابع الحاد المتخذ هذه الايام،  لذلك لا أعتقد أنه من العدل أو من المنطق المقارنة مع تجربة 2010. الظروف التي أحاطت انتخابات 2016 في المنطقة ولبنان نسبة إليها كان الأداء جديا جداً ومسألة أنّها جيدة جدا أو ممتازة أترك تقييمها للآخرين وليس لي.

بعضهم لم يكن يصدّق أن الانتخابات ستجري في موعدها حتى تاريخ 7 ايار اي قبل يوم من بدء العملية الانتخابية كان هناك تشكيك ان كانت ستحصل الانتخابات ام لا، لبنانينون، وربما معظم اللبنانيين، حتى 8 أيّار، كانوا يظنّون أنّ الطبقة السياسية تحضّر خطة للتأجيل أو التمديد. بسبب انعدام الثقة. لكن والحمد لله، استطعنا استعادة بعض الثقة بهذا النظام.

ذلك أن هذا الحراك البلدي أخرج الوطن من سكون ثباته العميق الغارق في كوابيس الفراغ وأظهر ان هذا الجسم اللبناني العليل لايزال قادراّ على الحركة وأن جرعة الديمقراطية التي تلقاها خلال هذا الشهر الانتخابي قادرة، إذا ما أحسن الاستفادة منها والاستثمار بمفاعيلها، ان تعيد النشاط والحيوية والعافية  لهذا النظام ومؤسساته الدستورية.

النتائج فاجأت الكثيرين. والحيوية الإنتخابية كما يجدر بكل انتخابات أن تفعلَ، جعلت النتائج متوقّعة في معظم القرى والبلدات، ما يعني أنّ السياسة في لبنان بخير. وأنّ اللبنانيين ليسوا كتلاً صمّاء متحاربة، بل هم يسمعون ويتفاعلون ويختارون الأنسب.

هذه واحدة من تعريفات السياسة. أن يغيّر الناس آراءهم وأن ينتخبوا، من دورة إلى دورة، أشخاصا مختلفين، وأن يترشّحوا ويتحالفوا مع أفرقاء متنوّعين.

لكن كلّه تحت سقف السياسة، بعيدا عن العنف، واستعمال أدوات غير شرعية غير ديمقراطية في تحقيق الأهداف السياسية.

هذه الانتخابات أعادت معنى السياسة إلى لبنان، وأعطت ضوء أمل للدول المجاورة.

وأستطيع القول إننا نجحنا في إنقاذ تقاليدنا الديمقراطية وبعثنا برسالة قوية إلى كل من يعمل أو يسعى أو يفرح لوضع لبنان على لائحة الدول الفاشلة، مفادها أن إرادة اللبنانيين صلبة في الدفاع عن مكتسباتهم الديمقراطية والحفاظ على مؤسساتهم الدستورية.

وقد برهنت نسب المشاركة في الانتخاب عن توق اللبنانيين ورغبتهم الجامحة في عودة المؤسسات إلى العمل، وفي التغيير بالأساليب الحضارية بديلا من العنف والفوضى والاستقواء بالسلاح وبالخروج على الدولة. ما عدا بيروت وطرابلس بلغت نسبة التصويت تكاد تصل الى 50%، وقد زارني منذ ايام وزير الدولة لشؤون النازحين في بريطانيا، وقال لي إنّ بريطانيا هي أعرق الديمقراطيات في العالم ولا تتجاوز نسبة الاقتراع في الانتخابات البلدية 30 في المئة. أما لبنان فقد وصلت النسبة إلى 50 في المئة والسبب اندفاع الناس بالتعبير عن رأيهم بشكل ديمقراطي وسليم حتى في القرى الحدودية بين لبنان وسوريا جرت الانتخابات بشكل سليم ودون اية عراقيل او احداث امنية تذكر.

أخيرا،

في المعيار السياسي للنتائج الانتخابية، سأترك للقوى السياسية التي تتمترس وراء إعلامها وأحزابها أن تفكك الرسائل التي نتجت عن الانتخابات. وإذا كان لي أن أقترح، من موقعي الوطني وليس الوزاري، فعلى جميع القوى السياسية دون استثناء، أن تعيد النظر بأدائها وعناوينها ومفرداتها، تجاوبا مع عنصر الشباب، الذي أثبت من أكثر من موقعة انتخابية، أنه قادر على التغيير.

أخيرا أشكر نقيب الصحافة وممثلة نقيب المحررين وطبعا الزملاء الحاضرين على حضورهم ومشاركتهم.