حوار مع نهاد المشنوق بلا قيود – BBC ARABIA

كلمات 01 مارس 2020 0

حوار مع نهاد المشنوق
بلا قيود – BBC ARABIA
1 آذار 2020

سنبدأ من موقفك من الحكومة الحالية، انت اعترضت عليها ورفضت منحها الثقة من دون منحها فرصة، ما وجه الاعتراض؟
الفرصة معطاة للحكومة بحكم واقع الحال، ولكن الموافقة المبدأية على تشكيل الحكومة بالطريقة التي تمت وتسمية رئيس الحكومة، كانت مسألة أنا لا أستطيع أن أوافق عليها. أعود وأكرر هذه مسألة مبدأية. أما الفرصة عملياً فكل الشعب أعطى و يعطي ملزماً هذه الحكومة فرصة لمحاولة ما يمكن تسميته بتنظيم الخراب الذي نعيشه في المسائل السياسية والمالية.
الشارع يقول حكومة مستقلين اختصاصيين في مجالاتهم، أنت قلت نريد حكومة عاقلة ومنطقية. هل من المنطق في لبنان أن يؤتى بأشخاص ليس لهم أيّ ارتباطات سياسية؟
هناك ضرورة بالوضع في لبنان أن يكون الوزراء من دون ارتباطات سياسية. وقد ظهر ذلك الآن لأنّ طبيعة النقاش داخل الحكومة حول سبل الحلول للمشاكل العظمى التي يعيشها الشعب اللبناني، عادت إلى نوع من الاشتباكات وكأنها حكومة سياسية أكثر مما هي حكومة اختصاصيين قادرين على وضع خطط للحل للمشاكل التي نعيشها.
الآن، نحن منذ أيام نعيش نقاش كبير واشتباكات غير معلنة حول طريقة حل أو تنظيم الخراب الذي نعيشه الآن سواء على الصعيد المالي أو الاقتصادي أو حتى السياسي.
أحاول أن أفهم معك، إن كنت توافق على مسألة أن يكون هناك ظهير سياسي للوزراء، وأنّ المشكلة في ظهير سياسي من اتجاه معين، أم أنّك مع الشارع في المطالبة بحكومة كفاءات حقيقية؟
انا مع الشارع منذ اللحظة الأولى أنا أقرر بضرورة أن يكون الوزراء في الحكومة مستقلين عن المرجعيات السياسية للاستفادة من خبراتهم وإمكانية إيجاد حل أو بداية حل على الأقل للمشاكل التي نعيشها.
هناك من سيقول ليس هناك مستقلون في لبنان
هناك فرق بين أن يكون الشخص لديه ولاء عن بعد بمعنى أنه ميال إلى هذه الجهة أو تلك، أو أن يكون ملتزماً بتعليمات الجهة السياسية التي سمته للوزارة.
انت كتبت أبواب العالم لن تفتح لنا، في تعليقك على تشكيلة الحكومة عندما أعلنت. وأنا أحاجج أنّ الأمين العام للأمم المتحدة سارع في تهنئة الشعب اللبناني بهذه الحكومة.
ما قلت في البداية، الفرصة أو المجال متاح أمام الحكومة الحالية بسبب الانهيار الذي يعيشه في لبنان. ليس هناك من أحد قادر على رصد فعلي لإمكانية الاستفادة من وجود سلطة قرار تضع الأمور في نصابها الصحيح وتحاول أن تبدأ الحل. هناك مليونان رهينة من المودعين اللبنانيين وغير اللبنانيين في المصارف اللبنانية منذ 3 أشهر، ولا أحد يستطيع أن يقول أنّه تقدم خطوة واحدة إلى الأمام. وهناك مسؤولية في سعر الصرف.
هناك خطة صندوق النقد الدولي، هل سيستطيع لبنان تجرع دواء صندوق النقد؟
لا خيار ثاني باعتقادي، ولكن لأكن واضحاً المشكلة في لبنان سياسية واقتصادية. حينما قلت أنه لن تفتح الأبواب للبنان اعتمدت في كلامي على أن لبنان الآن يعيش حالة الحصار. حصار سببه سياسي ليس سببه اقتصادي ولا نقدي، هذا الحصار سببه تمدد حزب الله في كل مكان في العالم العربي وخارج العالم العربي، بممارسة دور أمني وعسكري مع هذا النظام أو تلك الجهة، في سوريا وفي اليمن وفي العراق وفي فنزويلا، وربما في أماكن أخرى. ما قصدته أنا أنّ هذا الحصار لن يفك عن لبنان إلاّ بوضع استراتيجية دفاعية وطنية تضع السلاح في إمرة الدولة.
هل تأثر لبنان بما آلت إليه الأمور في سوريا لصالح بشار الأسد؟ وأنت تقول هناك تنامي لسلطة حزب الله الداخلية. وإيران تعرض المساعدة على لبنان؟
إيران تحتاج إلى من يساعدها، هذا كلام في السياسة طبيعي ولكن إيران غير قادرة على المساعدة. هذه أوهام لا أعتقد أنّ فيها شيء من الجدية.
هل هي نتيجة ما يجري في الإقليم وما حدث في سوريا؟
أنا ما أقوله بدأ فيما حدث في سوريا ولكن الآن هناك صراع أميركي إيراني على أعلى مستوى ممكن في المنطقة، صحيح هذا الأمر أم لا؟ لبنان جزء من هذا الصراع ليس في سوريا فقط، في سوريا والعراق واليمن، وبكل التمدد لحزب الله في هذه الدول وهذه المناطق لدعم السياسة الإيرانية.
أنت تحدثت عن الخراب الذي وصلنا إليه، وأنت شهادتك هام لأنك كنت عضو في الحكومة يحمل حقيبة سيادية، ما الذي كان يجري في الحكومات السابقة والذي أوصلنا إلى هذه النقطة في لبنان؟
هناك 3 جهات تتحمل المسؤولية في هذ الأمر، طبعاً الموضوع الأوّل الحصار، وقلت لك أنّ العنوان الأوّل الصراع الأميركي الإيراني. وأن لا حل للبنان وعودة الانفتاح والمساعدات إلى لبنان دون استراتيجية دفاعية، هذا أمر غير ممكن ولن يحصل مع احترامي لكلام الأمين العام للأمم المتحدة.
ثانياً، هناك الحكومات المتعاقبة منذ عام 2010 إلى اليوم، العجز في ميزان المدفوعات الجدي بدأ بعد الانقلاب على حكومة سعد الحريري في العام 2011، واستمر هذا العجز منذ العام 2010 حتى اليوم هذا ووصلنا إلى ما وصلنا إليه.
ثمّ هناك مسؤولية البنك المركزي الذي كان يقرض الدولة ويتولى الدفع عنها أو تسكير ما يسمى بميزان المدفوعات دون وضع شروط إصلاحية ومعرفة حقيقية لوسيلة صرف هذه الأموال في السنوات الماضية.
والمسؤولية الثالثة تقع على المصارف.
كنا نتوقع منك إشارة إلى مسألة الفساد أو ماذا كان يجري؟ الآن تبين أنّ هناك عشرات الملايين تلقتها الحكومات السابقة كمعونات دولية لحل أزمة القمامة، الآن الاتحاد الأوروبي فتح رسمياً تحقيق بأين اختفت هذه الأموال؟
هناك الكثير سيظهر مع الوقت ولكن هذا يحتاج لأدلة. لأعطيك رقم مثلاً، لبنان دفع في السنوات الأخير مليار ومئتين دولار فقط لأنّه لم ينفذ المشاريع التي أخذ قروض من أجلها بسبب عجز الإدارة. هناك نسبة معينة تدفعها الدولة للجهة المقرضة إذا لم تستعمل هذا المال. تصوّري أنّ لبنان يدفع باعتبار الأمر عقوبة على عدم تنفيذه للمشاريع طوال عشر سنوات، مشاريع أموالها موجودة، قروضها الميسرة موجودة، هباتها موجودة، بسبب عجز الإدارة، يدفع مليار ومئتين مليون دولار.

ماذا كان يجري خلف الكواليس، وأنت كنت في الحكومة؟
الكلام عن الفساد بالنسبة لي أنا يحتاج لوقائع دامغة، لا أستطيع أن أتحدث عن روايات أو اشاعات أو اتهامات. حتى الآن من الواضح أنّ الفساد موجود، لا بد من الاعتراف أنّه كان موجوداً.
أنت كوزير داخلية، حتى لو كنت بعيداً عن الملفات الاقتصادية والمالية، هل تتحمل جزء من المسؤولية؟
بالتأكيد، أنا لا أنفي أنني مسؤول بقدر ما كان دوري محصور خلال وجودي في الحكومتين المتعاقبتين. أنا كنت معني بالأمن أولاً.
حينما شكلت الحكومة الأولى التي كنت فيها وزير داخلية، كان الوضع الأمني في لبنان وفي بيروت وطرابلس من أسوأ ما يمكن، استطعنا بتنفيذ خطة أمنية، وتحوّلت بيروت إلى واحدة من أكثر عواصم العالم أماناً. وفي الحكومة الثانية استمرينا على هذا المنوال واستطعنا بواسطة الجيش وقوى الأمن الداخلي أن نبعد لبنان عن مسلسل الانفجارات التي كنا نعيشها قبل 2014، من قبل داعش والتنظيمات الإرهابية.
ما هي أسباب الخلافات الحقيقية بينك وبين سعد الحريري؟
هناك خلاف قديم يتعلق طبيعة العلاقة أو المسار الذي استخدم بالتساهل والتنازل والتمادي والقبول بكل ما كان يريده التيار الوطني الحر سواء عبر وزير الخارجية جبران باسيل أو عبر رئيس الجمهورية. وهذا الأمر كان يجري دائماً في الغرف المغلقة دون أن أستطيع أن أصل إلى نتيجة، كنت أتوقع دائماً أنّ هذه السياسة لا تؤدي إلا لمزيد من الخسائر، وإلى مزيد من الخراب ومزيد من الاعتداء على اتفاق الطائف.
كنت تقول ذلك له؟
كنت اقول ذلك بشكل دائم في السنتين الأخيرتين، إلا أن اضطررت إلى قول الأمر علناً، باعتبار أنني وجدت أني عاجزاً عن تغيير هذا المسار من الداخل.
كيف تصف سعد الحريري كرئيس الحكومة؟
هو يريد النجاح ويعتقد أنّ السياسة التي كانت متبعة، هي التي يمكن أن تسهل له أن ينجح فيما يريده من سياسات في لبنان، ولكني كنت أعلم أنّ هذا الأمر لن يؤدي إلى نتيجة والدليل أنّ الرئيس الحريري في الأسابيع الأخيرة وفي خطابه الأخير وصل إلى نفس المكان الذي كنت أتحدث عنه قبل سنوات، وصل إلى نفس الاستنتاج إلى نفس المعارضة إلى نفس التعابير سواء بمسألة الاستراتيجية الدفاعية أو بالاعتداء على الدستور، أو بتمادي وزير الخارجية.
يعني هو أصبح الآن يرى ما كنت تحاول أن توجهه له في الماضي؟
أنا لا أسمح لنفسي أن أقول أنني أوجهه له، أنا كنت أقترحه عليه وأناقش.
هل ترى بنفسك زعيماً لتيار المستقبل خلفاً لرفيق الحريري؟
أنا أولاً لست عضواً بتيار المستقبل. أنا حريص منذ سنوات طويلة على أن لا تكون لي صفة حزبية. وكنت أقول دائماً أنني واحد من جمهور رفيق الحريري لا أكثر ولا أقل. أنا عملت وعشت مع الرئيس الراحل الشهيد مدة 10 سنوات ليلاً نهاراً، وبالتالي يكفيني أنني واحد من هذا الجمهور. أما المناصب الحزبية أو الانتماء إلى أي حزب فهذه مسألة لم تكن تعنيني على الإطلاق منذ أكثر من 10 سنوات.
بعد استقالة الحريري بـ3 أيام قيل أنك توجهت سراً للقاء ميشال عون، ومع نفي مكتبك هناك من صدقه؟
من لديه تطلعات لا يدخل في خلاف علني مع الرئيس الحريري، لأنه بطبيعة الحال أي تسمية يجب أن يكون الرئيس الحريري موافقاً عليها، هذا رقم واحد. رقم اثنان أنا لا أجد في نفسي على الإطلاق ولا أرشح نفسي ولا يخطر في بالي أنني بديل لزعيم تيار المستقبل أو لقيادة تيار المستقبل، أنا لدي من الخبرة سياسية لعشرات السنوات وأنا أصر على أن يكون الموقف مبدأي في البداية والعودة إلى الثوابت.
على مستوى فكري ايديولوجي هل تعتبر أنك تحمل الراية الحريرية، وأنت عندما انطلق موقع “أساس ميديا” موقعك الالكتروني، خصصت أول 3 أيام من المقالات لرفيق الحريري؟ هل تريد أن تقدم نفسك أنك الحامل الحقيقي لهذه الراية؟
أنا واحد من الذين يحملون هذا الأمر. ولكن دعيني أصحح نقطة تحدثتِ عنها، أنا لم أقابل رئيس الجمهورية. ومن يعرفني يعرف أنني لا اقوم بأي زيارة سرية ولدي من الشجاعة ما يكفي. وأكثر من ذلك، أكثر من النفي. هذه واحدة من الأخبار المقصود فيها الإساءة لي منذ ذلك الحين وأنا لو كنت سأقابل رئيس الجمهورية كنت سأعلن ذلك وأكون فخوراً.

هل هناك من يريد أن يوقع بينك وبين سعد الحريري أكثر ويدمر العلاقة بينكما؟
ربما، هذا أمر في العمل السياسي دائماً موجود، ربما هناك جهات تعتبر أنّ هناك ضرورة لمزيد من الخلاف. ولكن أنا دائماً موقف أعبر عنه في الجانب السياسي وأتجنب أي كلام في المسألة الشخصية. أنا لست على خلاف شخصي معه، أنا على خلاف في المسار السياسي الذي اتبع في السنوات الأخيرة والذي أدّى إلى ما وصلنا إليه، وأعود وأكرر أنّ الرئيس الحريري في كلامه الأخير وصل إلى النتيجة السياسية نفسها التي كنت أتحدث عنها.
هل تتماهى مع شرائح كانت لافتة في المطالبة بتجاوز النظام الطائفي واتفاق الطائف؟
أنا لا أرى ان هناك حالياً أفضل من اتفاق الطائف لاستمرار الاستقرار في لبنان، وإذا كان هناك أحد يريد أن يعدل اتفاق الطائف الذي وصلنا إليه بعد عشرات السنين من الحروب ومئات الآلاف من القتلى والجرحى فهذا الأمر يحتاج إلى سنوات.
نحن نعيش حالة انهيار الآن ونعيش حالة خراب اقتصادي ومالي وسياسي والبحث في هذه العناوين الكبرى غير منطقي وغير معقول ولن يؤدي إلى أي نتيجة.
ولكن حتى التوازن الطائفي ومواجهة المشكلة بالاتفاق الطائفي؟
بطبيعة الحال ما جرى من خلل هو انّ المجموعة السياسية التي اعترضت على تصرفاتها كانت دائماً تحرص وتؤكد وتتعمد تجاوز اتفاق الطائف، باعتبار أنّ أحلام العودة إلى صلاحيات رئاسة الجمهورية ما قبل الطائف استيقظت الآن وأصبحت قاعدة في التعامل بين القوى السياسية، وهو ما أدّى إلى الاشتباك الحاصل الآن بين التيار الوطني الحر ومعظم القوى السياسية اللبنانية الأخرى.
برأيك يجب التمسك بهذا الاتفاق حتى لو كان الشارع يرفض؟
أنا لا أقول أنّ الشارع ليس على حق. أنا أتحدث من باب الواقعية، من باب الواقعية هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل. لبنان يحتاج إلى قانون انتخابات جديد، صحيح، ولكن قانون الانتخابات الجديد هذا قد يأخذ سنة من النقاش للوصول إلى نتيجة في ظل صراع الطوائف وصراع القوى السياسية. ماذا نفعل من الآن وحتى انتهاء القانون؟ نبقى على حالنا هكذا، نعيش الخراب، ولا نعرف ما هو مصيرنا غداً، ما يحصل لأرزاق الناس، لأموالها لتعبها الموجود في المصارف والمحتجز؟ كيف الناس ستستمر في حياتها بشكل طبيعي. نحن نعيش الآن تحول كبير، نعيش انهيار لنظام مصرفي عمره مئة عام وبالتالي في ظل ظرف خراب أو انهيار أو أي تعبير تريدين تسميته، لا يمكن البحث فوراً بقانون انتخاب، وأن ينتهي هذا القانون بعد شهرين. هذا أمر مستحيل. أو البحث باتفاق الطائف، هذا كلام كبير جداً، أولا اتفاق الطائف لم ينفذ حتى نبحث في تعديله أو في وضع اتفاق جديد.