حلقــة خاصة لمناسبة ” 14 آذار” مع سحر الخطيب – ست سنوات على اغتيال الرئيس الحريري

س- دعوتم الناس للنزول غداً الأحد الى ساحة الحرية ماذا ستقولون لهم؟
ج- أنا أعتقد ان الناس هي التي دعتنا الى النزول، وأعتقد ان تلبية الناس كانت دائماً أكيدة وثابتة وجدّية وإيجابية، وأنا أسمح لنفسي لأقول ان الناس دائماً دائماً ليس منذ العام 2005 وحسب، وربما منذ العام 1992 منذ أتى الرئيس رفيق الحريري الى رئاسة الحكومة، كانت الناس دائماً أحسن من السياسيين، وكانت مخلصة أكثر وثابتة على مواقفها، وبالتالي ولا مرة قصدنا الناس في عنوان حق إلا ووجدناهم أمامنا وليس الى جانبنا والى يميننا أو يسارنا، وهذا كلام لا أقوله للمرة الأولى إنما أعني ما أقول، ولا أقوله بسبب مناسبة 14 آذار ولا بسبب احتفال الغد. أنا أعتقد ان الناس صادقة في ما تعتقده، وقد أظهرت الأيام ان اعتراضات الناس وتحفظاتهم على الكثير من القرارات والسياسات التي اتبعت منذ ثلاث سنوات حتى الآن كانت الناس هي المحقة، وكانت مشاعر الناس هي الصادقة، وكان مؤشرها هو الأسلم، بينما كنا نغرق في سياسات اعتقدنا أننا من خلالها نحقق الإستقرار، ولكن تبيّن ان هذا وهم لم نستطع أن نحقق من خلالها إلا المزيد من الإشتباكات السياسية التي عطّلت البلد منذ 7 أيار 2008 حتى اليوم منذ اتفاق الدوحة وضعت البلد في ثلاجة الإنتظار الإقليمي الذي لا علاقة لنا به ولا يُعبّر عن وجهة نظرنا، ولا يُعبّر عن رغبات هؤلاء الناس الذين سينزلون عن حقهم بحياة كريمة وآمنة، وبحياة مستقرة يلجأوا فيها الى الدولة بمشاكلهم وبحاجاتهم وبضرورياتهم. لقد تحوّلنا في السنوات الأخيرة الى دولة ليس أمامها شيء تفعله سوى طلب المساعدات من الخارج، وكأننا لا نستطيع أن ننتج ونثمر ونحقق أهداف جدّية للناس، وأنا أعتقد ان الناس في حالاتها المنفردة تحقق نجاحات اللبنانيين في كل مكان يتواجدون فيه بما فيه لبنان، ونجاحاتهم لا تقتصر فقط على المهجر، ولكن يجب ان تؤمن لهم الجو المناسب والمكان المناسب والحق المناسب وتحفظ كرامتهم وتجعلهم يشعرون بأن انتماءهم سليم، وانتماءهم واحد وليس انقساميا أو انتماء مواجهة.
س- أن يُقال للناس ان زمن التسويات انتهى هل هي عبارتك أنت؟
ج- نعم.

س- زمن التسويات انتهى في لبنان، هل يمكن أن يعيش لبنان من دون تسويات؟
ج- هناك فرق بين أن تكون تسعى لتسوية وبين أن تسعى الى اتفاق، ما حدث انه أُسيىء تنفيذ التسوية و أُسيىء القدرة على شرح مفهوم التسوية الكريمة. التسوية لا تقوم على الظلم، لا تقوم على القهر، لا تقوم على إلزام الناس بما لا يريدونه، التسوية تقوم على إرضاء الناس وحفظ كرامتها وتحقيق أمنها واستقرارها وعناوينها السياسية أيضا. ما هي تسوية الدوحة وماذا نُفذ من تسوية الدوحة؟ من نفّذ ماذا في تسوية الدوحة؟ منذ تسوية الدوحة حتى اليوم ما الذم تمّ تنفيذه؟ في موضوع استعمال السلاح ماذا نُفّذ؟ في موضوع الثلث المعطّل ماذا حقق؟ وفي موضوع عدم الإستقالة من الذي نفّذ اتفاق الدوحة؟ هذه المجموعة السياسية توقّع ولا تُنفّذ. في كل التجربة التي مررنا بها حتى الآن الواضح ان هناك توقيع وعدم تنفيذ، وعندما يتغيّر ميزان القوى ينقلبون على توقيعهم.
نحن مجموعة سياسية مدنية لا يحمينا سوى كلامنا، ولا يحمينا سوى موقفنا، ولا تحمينا إلا ثوابتنا، ومن حقنا أن نعبّر عنها بكل الطرق الممكنة وبكل الوسائل المدنية الممكنة، حتى الآن لم نتعوّد ومازلنا نتصرف بصدق وبإخلاص وبنخوة، والناس تتصرّف معنا بهذا الشكل، ولكن ايضاً يجب أن نواكب الناس بصدقها وبإخلاصها وبحفظ كراماتها وبالدفاع عن استقرارها وأمنها.

س- هل 14 آذار هي مرحلية؟
ج- أنا أفهم خيبة أمل بعض الناس وتحسبّهم وتخوّفهم من ان هذه المرحلة ممكن أن تكون عابرة أو ان هذه العناوين ليست ثابتة، وكأنك أنت عليك دفع فاتورة أو قبضها غداً. هذا الأمر صار الآن من الماضي، ما نتحدث عنه الآن هو ثوابت سياسية تحميها مجموعة مدنية من الناس في كل مجال، وهذه الثوابت بسيطة وليست مُعقّدة.

س- لا للسلاح بسيطة؟
ج- لا للسلاح هو عنوان سياسي، ولكن عندما نأتي الى النص الجدّي فهذا النص يقول بانضمام السلاح الى الدولة، هم يستعملون تعبير “إسرائيل تريد إسقاط السلاح أو نزع السلاح”. أولاً أنا أقول لا أحد يريد نزع السلاح، نحن نتحدث هنا عن نقطة محدّدة وهي أن تكون الدولة هي التي ترعى وتقوم بالمقاومة، نحن لا نقول بإلغاء عنوان المقاومة، هذا حقنا وحق كل لبناني لديه أرض محتلة ومعني بمواجهة العدو الإسرائيلي، وهذا ليس حقا لجهة دون أخرى ولا لطائفة دون أخرى، ولا لمذهب دون آخر، هذا حق لكل اللبنانيين، وهذا حق لكل اللبنانيين لا يمكن أن تعبّر عنه إلاّ من خلال منطقة أو دائرة أو إدارة تجتمع فيها كل الناس، هذه الدائرة الوحيدة هي الدولة وليس كما ورد في البيان الوزاري السابق، وما بًُني على خطأ أوصلنا الى النقاش الذي لا يساوي حقه كما يُقال. لما كُتب في البيان الوزاري الشعب والجيش والمقاومة، هذه ليس مكونات مستقلة، هذا النص هو الذي أوصل الى هذا النوع من الحوار، هذه المكونات هي لدولة واحدة مسؤولة عن الجيش معنية بشأن كل الشعب، وهي التي ترعى وتقوم أو تنسّق وتُدير وبإرادتها المقاومة في وجه أي اعتداء إسرائيلي. ولا يجوز أن يصبح هذا الأمر حقاً حصرياً والنقاش حوله هو تخوين للآخر.
أبداً هذا الكلام هو حق.. حق..حق. نحن نطالب بحقنا بأن نكون كلنا مقاومون، وكلنا مقاومون من موقعه، لا يمكن جمع كل الناس في إطار أو في دائرة إلا في دائرة الدولة.

س- لكن الدولة التي تتحدث عنها يعني الجيش، لكنم الجيش غير مؤهل؟
ج- الجيش غير مؤهل، ولكن التنظيم بمعنى التنسيق العسكري يتم مع الجيش، ولكن هذه مسؤوليتنا جميعاً، الجيش يأتمر بأمرة الدولة وهو واحد من مكوّناتها وليس هو مكوّنها الرئيسي، نحن نريد أن يكون اللبنانيون كلهم أصحاب حق وموقع تُحدّده الدولة في مقاومة العدو الإسرائيلي بحيث لا يعود هناك انقسام، ولا يعود هناك نقاش ولا تخوين، وبالتالي من يمنح شهادة للآخر في هذا الموضوع؟ هذه المقاومة أولاً لم تبدأ بالأمس، يعني هذه مقاومة عمرها 60 أو 70 سنة ساهم فيها كل اللبنانيين، ومن كانوا الإضاءات في هذه المقاومة في البدايات كانوا من صيدا ومن بيروت فضلاً عن الفلسطينيين المستمرين في نضالهم منذ سنة 1948 حتى اليوم، وهو شعب عظيم ومعنيين بقضيتهم برغم الإنقسام الحاصل بينهم، ولكن نحن نوقّع أنفسنا في انقسام غير متوفر، فلا يوجد مشروعان في البلد، بل هناك مشروع واحد في وجه إسرائيل، مشروع واحد وهو مواجهة العدو الإسرائيلي، فلماذا تحويل جهة من الناس الى خائنة وقابلة للمشروع الإسرائيلي وجهة أخرى رافضة؟ فلا توجد جهة قابلة بالمشروع الإسرائيلي او تُشجع المشروع الإسرائيلي، ولا يوجد أحد إلا مواجه للمشروع الإسرائيلي، ظهر ذلك جلّياّ وواضحاً ومؤكداً في عدوان الـ2006 فلماذا ينكرون ذلك؟ ألم تكن الحكومة في ذلك الحين حكومة مقاومة سياسية في الـ2006 باعتراف الرئيس بري؟ وألم يكن الشعب شعباً مقاوماً باعتراف كل الناس وكل واحد قام بما عليه وقام بدوره؟ فلا يجوز أن يأتي من يقول لي ان وطنيتي ناقصة في هذا الموضوع أو ذاك الموضوع. المقاومة هي قرار سياسي أولاً يندرج تحت وسائل التعبير عنها. القرار السياسي متوافر عند كل اللبنانيين والتعبير عنه يتم بالتنسيق بين الجيش والمقاومة أو بين الجيش والحكومة، هذه أمور إجرائية تقوم بها الدولة اللبنانية.

س- ولكن هذا الطرح ليس بجديد فلماذا اليوم سيصلح؟
ج- لأنه تمت تجربة العناوين الأخرى ودعينا نعترف بأننا أخطأنا، لقد تمت تجربة العناوين الأخرى من اتفاق الدوحة الى الثلث المعطّل ومقولة الشعب والجيش والمقاومة، وكل العناوين منذ 7 أيار حتى اليوم التي تمت تجربتها أثبتت فشلها. فهناك نظام وهناك شعب لا يمكن أن يعيش بشكل طبيعي بوجود السلاح خارج إرادة وإدارة الدولة، وهذا عنوان بسيط جداً، فلماذا مازلنا نعتقد أنه لا يمكن أن يحصل؟ بل ممكن أن يحصل ذلك بالتفاهم وبالرضا .

س- حتى شعار التفاهم والرضا يؤوله الآخرون؟
ج- دعينا مما يُقال على اليافطات، أنا لا يعنيني هذا الكلام.

س- لكن هناك ناس يُصدّقون هذا الكلام؟
ج- صحيح هناك ناس يصدّقون، ولكن هؤلاء يجب أن نقنعهم ويجب أن نتفاهم معهم ويجب التحدث إليهم بأننا نحن أيضاً مقاومين، ونحن أيضاً مواجهين للعدو الإسرائيلي، ونحن أيضاً نرى الأمور بأنه يجب أن نعيش معكم في دولة واحدة، ونحن وهذا السلاح نريد أن نعيش في إدارة الدولة، وليس في إدارة منظمة سياسية قد لا أوافق أنا على مشروعها الإقليمي، بهذا المعنى أنا لا أقبل أن أضع نفسي خارج عنوان المقاومة، ولا أعتقد ان أحداً من اللبنانيين رغم كل ما يُقال في حملات التخوين التي لا تتوقف، لا أعتقد ان أحداً من اللبنانيين إلا بأنه فعلاً بوجدانه وضميره وبعقله هو مقاوم للعدو الإسرائيلي الذي يعتدي عليه أو يحتل جزءا من أراضيه، ولكن ما هي وسائل هذه المقاومة؟ وسائل هذه المقاومة بالشكل الذي تمت فيه حتى الآن هي وسائل مُسبّبة للإنقسام داخل المجتمع اللبناني، مُسبّبة لتعطيل آلية النظام، مُسبّبة لوقف دوران عجلة الدولة، مُسبّبة لكل الأمور التي لا تريدها الناس، فهل عندما يسؤ الوضع الإقتصادي يصيب فقط 14 آذار ولا يصيب جمهور 8 آذار؟ وكذلك الأمر عندما يسؤ الوضع الأمني.

س- لكن هل الوضع الإقتصادي يتعلق بالمقاومة؟
ج- طبعاً كل الوضع في لبنان ووضع الإستثمارات ومفهوم الإجماعات التي تقوم عليها المجتمعات والدولة، هي مفاهيم محدّدة ولن نخترع الآن مفاهيم جديدة، فمنذ وجود الدولة، الإجماعات هي التي تُحقق الدولة، وإجماعات ليست بمعنى ان 85 بالمئة من الشعب اللبناني يؤيدون هذا الرأي أو مئة بالمئة، أو ذاك على الطريقة العربية السابقة على الأقل. فلا يجوز أن يكون أمامنا عنوان واضح ومُحدّد ويكون هناك خلاف، وبرأيي لا خلاف عليه إنما الخلاف على الأسلوب، وبالتالي لا يبيعنّّنا أحد المقاومة، نحن أهل المقاومة ونحن مقاومون، ولكن هناك خلاف على الأسلوب، لا يستطيع هذا النظام الذي يجمع كل اللبنانيين بدستوره وبجيشه وبحكومته، هذا النظام لا يستطيع أن يحيا مع السلاح خارج الدولة، وثبُت بالدليل القاطع والشرعي بأن آلية النظام لا تعمل مع هذا السلاح، وفكرة الدولة لا تقوم مع هذا السلاح، واطمئنان المجتمع لا يتحقق مع هذا السلاح.

س- يعني أنكم مع المقاومة ولكن ضد تفلّت السلاح؟
ج- أنا لم أقل مع المقاومة وضد تفلّت السلاح، فهذا تعبير غير دقيق، أنا أريد أن يكون السلاح جزءا من إدارة الدولة وإرادتها يُستعمل لمقاومة العدو الإسرائيلي، لا أحد يمكن حرماني من عنوان المقاومة وبأن هذا العنوان يخص فلان ولا يخص فلان، بل أن كل واحد يقاوم من موقعه فليس كل الناس تحمل السلاح، فهناك من يقاوم بالقلم وآخر بالعمود وغير ذلك.

س- اليوم هناك كلام للرئيس سليم الحص يقول فيه ان هذه المقاومة أثبتت نجاحها بالتصدي لإسرائيل، فتعالوا نذهب الى وضع ضوابط قانونية مُتشدّدة في محاسبة أي سلاح يُستخدم في الداخل؟
ج- هذا كلام حق لا يُحقق ما هو مرجواً منه، مع احترامي للرئيس الحص، نحن لا نفتش عن ضوابط، فهذه المرحلة قد مضت، نحن نريد الدولة، الدولة الضوابط كأنك تفتش عن مخالفات، أريد أن أضع ضوابط للمخالفات، أولاً لا أحد يُناقش حول قدرة هذه المقاومة وهذا موضوع غير خاضع للنقاش، الفرق أين قدرة هذه المقاومة، فإذا أردنا العودة للبحث عن مشاكل تحلّها هذه الضوابط سواء كان الجيش أو أي جهة أخرى، فكأننا نضع أنفسنا أمام امتحان يومي، ونحن لسنا مستعدين لهذا الأمر بعد التجارب التي مرّت.
اليوم قرأت كلام للدكتور عمار حوري يقول فيه انه وقعت 22 مخالفة أو اعتداء او استباحة بالسلاح منذ 7 أيار حتى اليوم في بيروت والجبل والجنوب، وأعتقد انه تحدّث عن الضابط سامر حنا الذي قُتل في الجنوب. ولكن في كل الأحوال أنا أريد العودة الى المبدأ، ما قاله الرئيس سليم الحص كلام سليم، ولكن نحن لا نبحث عن حادث لمعالجته ونضع له الضوابط، نحن نبحث عن اتفاق داخل الدولة، وأي خيار آخر هو تعريض البلد لتجارب أخرى.

س- لكن هم لا يريدون فماذا ستفعلون؟
ج- نحن مجتمع مدني لنا حق التعبير وسنبقى نقول رأينا، ويوميا ونُراكم عليه والناس ستقول انها موافقة عليه وانها مُتمسكة به، ولا يمكن اقناعي بأن السلاح هو الذي يُقرر، وبرأيي ان صوت الحق أعلى من صوت الرصاص. وهنا لا أدّعي النسب لمصر وتونس وغيرهما، وبالتالي لا ينقص اللبنانيين أي شيء لكي يكونوا أصحاب نسب في هذا الموضوع، والعدل أقوى من السلاح، ومهما حاول الذي يقول انه لا يهمه شيء، بالآخر نتفق معه. نحن بلد صغير، الناس يجب أن تعيش مع بعضها وتحقق استقرارها وأمنها وكرامتها، وأعود وأقول لا أدّعي النسب، إنما الحرية أقوى من الظلم بكثير، ولا يُصدّق أحد أنه يستطيع إلغاء الآخر. لذلك نحن لا نقول بنزع السلاح ولا بأخذ السلاح ولا بإسقاطه ولا بإصعاده، نحن نقول هذا العنوان السياسي يعنينا جميعا، مقاومة إسرائيل تعنينا جميعاً، والمطلوب ان تكون هذه المقاومة من خلال إرادة وإدارة الدولة، فإذا كانت الدولة قد فشلت في تحقيق ذلك في السابق فيجب علينا العمل على إنجاح هذا المفهوم الجديد بشكل أو بآخر، بشكل عسكري أو سياسي او دبلوماسي بكل الوسائل المتاحة.

س- لكي يُبنى على هذه المُسلّمة يجب أن يكون هناك حوار مع الآخر، واليوم أخصام 14 آذار يتهمونها بأنها بهذا السقف الذي تنتهجه قطعت وحرقت كل الجسور؟
ج- ولكن أنتِ قلت انه لا يهمهم شيء، وبالتالي احترنا هل نحاورهم أم لا؟.

س -14 آذار بهذه المسلّمات التي تقول بها اليوم هل قالت لا لطاولة الحوار بشكل نهائي؟
ج- عملياً الرئيس الحريري وفي خطابه في 14 شباط قال ان هذه مشكلة وطنية بامتياز تحتاج الى حل وطني بامتياز، هذا الحل الوطني لا يمكن أن يقوم إلا على الحوار، أنتِ تقولين انهم يقولون لا يهمهم شيء وانهم مستمرين ولن يصغوا لأحد، وبرأيي هذا غير صحيح، فهم سيصغون وسيحاورون لأنه لا يمكن لأحد أن يفعل أي شيء جدّي في البلد حيث الإستقرار والأمان والثبات السياسي بدوننا، ومن يعتقد خلاف ذلك فليحاول .

س- تقول فليحاول، ونحن قرأنا اليوم ان دولة الرئيس ميقاتي زار بالأمس الرئيس سليمان وان الحكومة ستؤلّف مباشرة بعد 13 آذار والأمور ماشية؟
ج- لا أعتقد ان هذا الكلام دقيق، هذه المعلومات غير دقيقة وأنا لا أقول هذا الكلام باعتبار اننا سنشارك في الحكومة، وعلى الأقل نحن لسنا من دعاة المشاركة في الحكومة، أنا أتحدث عن الشكل السياسي لهذه الحكومة، والمضمون السياسي للبيان الوزاري، وهذا الكلام حتى الآن لم يتحقق. وأنا لا أعتقد أنه قريب التحقيق أو سهل التحقيق، وباعتقادي ان الباب مفتوح على المزيد من العقبات، وأمام الرئيس ميقاتي خياران لتشكيل الحكومة، أما أن يقوم بانقلاب على الإنقلاب، وبالتالي أن يتحمل مسؤولية مباشرة هو ورئيس الجمهورية بتشكيل حكومة تكنوقراط قادرة على إدارة البلد بحاجاته البسيطة، في فترة تشهد هذا الكم من الصراع السياسي، وأما أن يُشكّل حكومة سياسية فيها كل الناس وهذا غير مُتاح. المُتاح الوحيد أمامه لتشكيل الحكومة هو أما إنقلاب على الإنقلاب وأما تفاهم إقليمي يُحقق له الدعم لهذا الإنقلاب على الإنقلاب، ولكن لا هذا متوفّر الآن ولا ذاك أيضاً متوفر.

س- لكن التفاهم الإقليمي رأينا بعض بوادره في مجلس التعاون الخليجي الذي أيضا رحّب بالرئيس ميقاتي؟
ج- حسب رأيي الشخصي وهذا ما ستكشفه الأيام، بأن ما صدر عن مجلس التعاون هو اجتهاد قطري في غير مكانه وفي غير زمانه، فرئيسة الدورة الحالية قطر، وهذا نص قطري يعتقدون فيه بأنهم بذلك يساعدون الرئيس ميقاتي على خصومه الذين ليسوا نحن، فمن لديه أصدقاء وحلفاء مثل تكتل التغيير والإصلاح والعنوان السياسي للسلاح والمحكمة لا يحتاج الى خصومتنا، ولذلك أعود وأقول هذا اجتهاد قطري في غير مكانه وفي غير زمانه، وسيتضح مع الوقت ان هذا النص لمجلس التعاون لن يُغيّر كثيراً من الأمر، ولن يُغيّر كثيراً من السياسة، ولكن باعتقادي لأن القطريين ساهموا في البدايات بدعم هذا الإنقلاب بشكل او بآخر أو بدور ما في هذا الإنقلاب، يعتقدون انهم من خلال هذا الأمر دعمه بوجه حلفائه وليس بوجه خصومه، أي نحن. وبرأيي هذا الكلام لن يوصل الى نتيجة، لذلك لم أعطِ أهمية، فهناك مبالغة في هذا الأمر، ولا أعتقد ان هذا النص تقريري قادر على تحقيق اختراق في المواجهة السياسية الحاصلة عندنا، ولا أعتقد ان هذا النص يُحقق هذا الإختراق.

س- 14 آذار اليوم التي تتوجه الى جمهورها أنجزت وثيقة وطرحت شعارات، وفي الغالب في كل هذه الصورة أو المشهدية لم نلاحظ شرح للعلاقة مع سوريا، بل كان هناك طي لمفردات في هذا الموضوع؟
ج- لا يوجد طي، بل هناك تفاهم أو هناك مفهوم يُعبّر عنه الرئيس سعد الحريري وهو في هذا على حق، بأن موضوع العلاقات مع سوريا القائمة بين دولة ودولة نحن لن نتراجع عنها، نحن لم نرَ من السوريين أي تدخل علني، ولا نطلب من السوريين أي وساطة علنية، اعتراضنا على الموقف السوري القائم على الفترة الماضية، إذا كنا نريد أن نتحاسب. هناك علاقات بدأها الرئيس الحريري كرئيس حكومة وذكر ذلك في حديثة لصحيفة “المستقبل” وقال انه لا تراجع عن هذه السياسة القائمة على التفاهم بين دولة ودولة، نحن لدينا ثوابت مع سوريا وعندنا ثوابت تتعلق بالسلاح غير الدولة، وبالعدالة عبر المحكمة الدولية وبالدستور، هذه الثوابت الثلاث صدرت في ثوابت دار الإفتاء بحضور الرؤساء الميقاتي والحريري والسنيورة، وبحضور كل المسلمين السُنة المنتخبين، ومن ثم خطاب 14 شباط للرئيس الحريري ومن ثم وثيقة 14 آذار التي وافق عليها الجميع، مع العلم ان ثوابت دار الفتوى وافقت عليها كل قيادات 14 آذار.

س- ما هي الوثيقة الأخيرة التي صدرت عن 14 آذار؟ يعني الوثيقة السياسية التي ان بحثنا في سطورها لن نجد شيئاً جديداً؟
ج- إذا كنتِ تقرأين الوثيقة بعقلك أو بعقلي لن تجدي فيها شيء جديد، لأننا اعتمدنا وأسسنا وقررنا منذ البداية بأن ثوابتنا لا تتغير، والوثيقة جاءت لتأكيد الثوابت. بعد فترة مرّت تبيّن فيها الناس بأنها غير موافقة أو تشك بأن هذه الثوابت جدّية وانها لا تزال متوفرة عند قيادات 14 آذار، وجاء اجتماع الأمس ليؤكد ان هذه الثوابت غير خاضعة للمساومة وغير خاضعة لتسويات غير كريمة وغير لائقة لا بحق الناس، ولا بحق كراماتهم، ولا بحق فترة الدولة، ولم يكن منتظراً في الوثيقة موقفاً جديداً، بل المنتظر منها كان أن تمحو كثيراً من أخطاء الماضي وتأكيدها على هذه الثوابت.

س- يُلاحظ اليوم انكم تتوجهون كثيراً كقوى 14 آذار الى الشيعة في مخاطبة لهذه الطائفة أكثر من اللازم؟
ج- أعتقد ان هذا أقل من اللازم، وأعتقد ان هذا واجب وهذا طبيعي ومنطقي وعاقل، وأنا لا أحب استعمال كلمة شيعة وسُنة، ولكن نحن لبنانيين نتحدث مع بعضنا البعض، وبطبيعة الحال يجب أن نخاطب بعضنا البعض، وأن ننقل وجهة نظرنا لبعضنا وان نستند على ما يدعم وجهة نظرنا.

س- ولكن نلاحظ مشهدية جديدة مثلا الإحتكام الى أقوال الإمام محمد مهدي شمس الدين والإمام المغيّب موسى الصدر؟
ج- هذا واجب وهذا حق تأخرنا بالقيام به، ولكن هذا واجب، هذا منطق، هذا عقل، هؤلاء لبنانيين نتحدث معهم، أنا لا أتصرّف تجاه “حزب الله” أو لا سمح الله تجاه طائفة أو مذهب بكامله باعتبار ان المشكل قائم معه، لكن هناك مشكلة حول عنوان محدّد، وبالتالي لا توجد قطيعة، وهل يُعقل أن يتحدث الواحد مع أهله فإذا لم يفعل فهذا يعني انه مقصّر، فإذا وجهنا الخطاب السياسي اليهم فهذا دليل حكمة وتعقل ومنطق واعتماد لغة لبنانية لمخاطبة الجميع.

س- 14 آذار تتوجه اليوم الى الشيعة، تعود لتستقطب الشيعة المستقلين ولكن حين سيلوح لها أي أمل بأن تعود الى الحوار مع أقطاب هذه الطائفة ستتخلى عن المستقلين؟
ج- ولكن من يستطيع أن ينكر أقطاب هذه الطائفة المنتخبين؟ وهل نحن من يُقرر ما إذا كانوا موجودين أم لا؟ هؤلاء الأقطاب موجودين، لكن هم من أخلّوا بتوقيعهم وأخلّوا بتعهدهم وبوعودهم، ونحن لا نقول اننا نستطيع إلغاء الناس وإلغاء تمثيلها، هؤلاء ناس منتخبين، وللمناسبة أنا لست مع التكتيكات بهذا المعنى، أنا أتحدث عن النص ولا تهمني التفاصيل الصغيرة، النص يتوجه الى كل الشيعة والى كل اللبنانيين ولا يتوجه الى جهة دون آخرى، ولا الى خطيب دون آخر، النص يتوجه الى كل اللبنانيين من كل الطوائف باعتبار ان هناك أوهام تتعلق بأن هذا السلاح يحمي طائفة ولا يحمي طائفة أخرى، نحن نريد لهذا السلاح أن يحمي لبنان كله من خلال الدولة، وليس من خلال حصرية استعماله من خلال حزب معيّن، هذا هو كل الكلام. وإذا لم يحصل هذا الكلام من قبل، فهذا تقصير ممن لم يقولوه، إنما إذا حصل الآن فهو خير وبركة.

س- بالأمس تقدّم بلمار بقرار اتهامي معدّل هل توقفت عند هذا الكلام؟
ج- أنا لم أتوقف لأني قرأت التقرير السنوي لرئيس المحكمة كاسيزي، وكان واضح أن يقول ان هناك قرارات اتهامية مستمرة حتى شباط 2012، وبالتالي هذا باب مفتوح والمعلومات التي قرأتها اليوم يبدو انها من مصادر جدّية في المحكمة، يبدو ان القرار المعدّل بمعنى انه الآن بدأ العد العكسي للأيام، وكأن القرار الظني سيصدر في نهاية آذار أو منتصف نيسان القادم، وأنا لم أشغل بالي بهذا الموضوع، وأنا أقول أنا ملتزم بهذه المحكمة وبمرجعيتها لوقف الاغتيالات بعد فترة تسامح طالت 40 سنة مسامحة كاملة على الاغتيالات، وبناء على نص القرار الإتهامي اتخذ موقفي من مدى جدّيته، مع اعتباري المسبق بأن ما يتضمنه جدّي وموثّق، وليس كما يُقال مبنياً على أوهام.
س- هناك ملاحظة في الوثيقة الأخيرة التي صدرت عن 14 آذار، نقبل بكل ما يصدر عن المحكمة، في حين كان الكلام في السابق بأن نحن مع حماية لبنان من تداعيات القرار الإتهامي فلماذا هذا التغيير؟
ج- كان المعروض على الأكثرية الجديدة عبر سوريا وعبر السعودية وعبر عدّة أطراف، بأن هذا الأمر يمكن التفاهم عليه بعد معرفة الحقيقة، ما سماه الرئيس الحريري بقمة المصارحة والمسامحة والمصالحة، وكانت النتيجة بأنه لم يتحقق شيء من هذا الأمر، لأنه حتى الآن لم نسمع جواب من أحد بأن هذه الأفكار التي كانت مطروحة منذ واحد تشرين الأول 2010 حتى آخر الـ2010 لم يُنفّذ فيها أي شيء، في وقت قدّم الرئيس الحريري ما لا يملكه وهو مسألة شهود الزور في 6 أيلول، وبالتالي هناك من لم يقم بما عليه، وواضح انه لا يريد الوصول الى هذه النتيجة.
أنا أسمع بعض الأصوات التي تقول نحن قدّمنا كل ما علينا في هذا الأمر، ربما يقصدون القول بأننا أبقينا عليكم أحياء، لأنه بالشأن السياسي المتعلق بالمحكمة أو بغير المحكمة لم يتم تقديم أي جديد منذ أيلول الماضي حتى اليوم، سوى المزيد من المواجهات والمزيد من التخوين، والمزيد من القسوة ومن الحدّة.

س- ألا تتخوفون اليوم ضمن هذا الإطار السياسي الموضوع فيه لبنان أن يصدر القرار الإتهامي على نسق التسريبات التي ظهرت وعندها ماذا سيحصل؟
ج- ما يهمني الى ماذا يستند، أنا لن أستند الى التسريبات، فهناك قضاة رئيسيين يقولون بأن هذا التقرير الذي سيصدر يستند الى أدلّة لا يرقى اليها الشك، فدعونا نرى هذه الأدلة وهذا القرار، وبالتالي هناك مكتب دفاع وهناك كل الإجراءات التي تحمي حقك في الدفاع عن نفسك، وبالتالي لماذا تتصرّف وكأن القرار هو أول الدنيا وآخرها، أيضاً فإن قيادة “حزب الله” نفسها أو القيادة السورية أو قيادات أخرى قالت ان هذا الموقف اللبناني حتى المتعلق بقمة المصارحة والمسامحة والمصالحة، لم يكن ليغيّر شيء في مسار المحكمة، ولكن كانت ستُعالج تداعيات القرار الإتهامي على الوضع الداخلي اللبناني، ولكن الواضح انهم لا يهتمون لهذا الموضوع، والواضح انهم يتصرفون على أنهم لا يهمهم أي شيء، مع انه سيتبيّن في النهاية انهم معنيين بكل شيء، وانهم مضطرين للتصرّف تجاه كل شيء بمسؤولية، لأن السلاح لم يعد يعطي نتيجة ولم يعد يتيح أجوبة سياسية.
س- منذ فترة كنت ضيفي وحين سألتك اليوم بما تتحرك 14 آذار وضعت عماداً أولاً هو شعب 14 آذار؟
ج- أنا لم أستعمل تعبير شعب 14 آذار، أنا قلت جمهور 14 آذار.

س- صحيح قلت جمهور 14 آذار كعماد أول والعماد الثاني هو معادلة السين-سين؟
ج- طبعاً ومازلت عند هذا الكلام.

س- لكن أين ذلك اليوم؟
ج- أنا أقول كان هناك أفكار سياسية مطروحة للتفاوض على قاعدة تفاهم سوري-سعودي تمّ الإخلال بها وتم التخلي عنها، بكل هذه التطورات التي حدثت منذ أيلول حتى منذ أسبوعين أو ثلاثة الى حين انسحب السعودي، لأن الجانب السعودي قرر وأبلغ الجانب السوري انه انسحب من هذا الموضوع، وأنا لا أستطيع إلزام السعودي بما لا يريد أن يقوم به، أو بما يعتقد انه تم الإخلال به من الطرف الآخر.
نحن الآن أمام واقع جديد فلنعترف له ونتعامل معه، هذا الواقع قائم على ان هناك مجموعة مدنية، ناس طبيعيين ليس لديهم خلفيات مُسبقة لا من حيث العداء، ولا من حيث الكراهية، ولا من حيث الإدانة، ناس مجموعة مدنية يُعبّر عنها هذا الجمهور تقول بالحرية والعدالة والكرامة، فهل هناك أي لبناني ممكن أن يكون بينه وبين نفسه معادٍ للحرية ومعادٍ للعدالة ولا يريد أن تُحفظ كرامته؟ هذا الكلام ليس منطقياً، هذا يتحقق عبر الثوابت التي تحدثت عنها، السلاح بإرادة وإدارة الدولة، العدالة عبر المحكمة الدولية وآلية العمل داخل الدولة استناداً للدستور بنصّه وبروحه حرفيا، وأي كلام آخر هو محاولة بصراحة لإفقاد هذه المجموعة السياسية حقها المدني. نحن نتصرّف وكأنه نحن كل يوم بالحكومة وكل يوم مطلوب منا جواب على هذا السؤال؟ أبداً نحن كل يوم بالوطنية وكل يوم بالمسؤولية، ونحن كل يوم مدنيين سلميين نعتمد وسائل ديموقراطية للدفاع عن أفكارنا، ومن لديه وسائل مواكبة للدفاع عن أفكاره فليتفضل، والمجال مفتوح لعقول جميع الناس، وليس لعقول بعض الناس وسلاح البعض الآخر، فلنتناقش بالعقل ومن يستطيع إثبات وجهة نظره وإقناع الناس فيها وبناءاً عليه، فلندع الناس تُقرر.
س- على هذا الأساس كيف تتوقعون غداً المشاركة ونحن نتابع ما يُقال بأن هناك خزانات في المناطق معتمدة ويُركّز عليها أكثر من غيرها، وبالتالي رأيناكم في جولة المناطق؟
ج- أنا يسألوني كيف نائب بيروت تتقيد بالمناطق، ولكن أنا مطمئن بأن الناس أينما كانوا في كل المناطق، ناس صادقة وثابتة وراسخة بعقلها لديها تحفظات علينا وليس لنا تحفظات عليهم، وأنا مطمئن أيضا بأن بيروت وأهلها هذه مدينة كرامة ومدينة موقف ومدينة عدالة ومدينة حرية، وأهلها لا يمكن إلا أن يكونوا مندفعين للدفاع عن مدينتهم، ولن يدفعهم الخوف لتغيير رأيهم وتغيير اندفاعهم ورغبتهم، وأعتقد ان الناس ستنزل للدفاع عن كرامتها وعن حريتها، وعن حقها بالعيش بأمان بدون اغتيالات، وبدون الضغط عليها، وبدون أن يحمّلها أي كان الجميل بالمقاومة، باعتبار هذا فضل لشخص على الآخر. أعود وأقول كلنا مقاومون، ولكن كل واحد من موقعه، والسلاح من ضمن الإدارة التي تجمعنا جميعا كلبنانيين وهي الدولة اللبنانية.

س- ماذا بعد 13 آذار؟
ج- بعد 13 آذار هناك أجندة محدّدة وواضحة وصريحة، وهي المزيد من التأكيد على هذه الثوابت، والمزيد من العمل على مناقشة هذه الثوابت، والمزيد من التعاطي السلمي والحضاري والمدني على السلاح داخل الدولة، العدالة عبر المحكمة والدستور كآلية عمل بين المؤسسات اللبنانية، وأعتقد ان كل مكوّنات 14 آذار ربما فيها مجموعة المستقبل أو أي مجموعة سياسية أخرى بحاجة لإعادة النظر بمؤسساتها، وإعادة رص صفوفها وإصلاح ما هو بحاجة الى إصلاح، وتغيير ما هو بحاجة الى تغيير، لأنه عملياً لا يمكن تحقيق تقدُّم وتغيير بدون أن يكون عقلك إصلاحياً، وأن تكون قادر على إعادة النظر بالمرحلة السابقة وبتجربتك، كما أعدت النظر بتجربتك السابقة لثلاث سنوات، واحتكمت مرة أخرى الى الناس على الثوابت التي اعتقدوا انك تركتها، وتبيّن انها العناوين الوحيدة التي كانت معك وتبقى معك، وأنت بدونها تكون خسرت الكثير وقدّمت الكثير دون أن تربح أي شيء، وخسرت أولاً ثقة الناس، ولا أعتقد ان أحداً منا مُستعد أو يرغب أو يجوز أن يسعى من أجل إلا المزيد من كسب ثقة الناس، والتعبير عن رأيهم وحقهم بكرامتهم وحريتهم.

س- هل المعارضة حتى العودة الى السلطة؟
ج- هذا الأمر لم يعد ممكناً.

س- لكن ماذا بعد أن تعودوا الى السلطة؟
ج- ليس الموضوع بعد أن تعود الى السلطة، أولاً نحن لا نعود الى السلطة إلا بواسطة الإنتخابات، لا بالإنقلابات ولا بالمواجهات، الناس التي تنتخبنا هي التي تُكلفنا وما تُكلفنا به هو ما نقوم به، أو ما نحاول أن نقوم به، وعندما نفشل نعود الى الناس ونقول لها نحن فشلنا لأننا قصّرنا أو أخطأنا، أو لأن الشريك لم يكن صادقاً أو أي سبب من الأسباب، ولندع الناس تحكم علينا وليسن نحن من نحكم على أحد.
مسألة السلطة شيء لا يُعبّر بشكل دقيق عن فكرة الدولة، فالمسؤولية شيء والسلطة شيء آخر، العودة الى الحكومة أو عدم العودة الى الحكومة هذا الأمر متروك لاختيار الناس، والإحتكام الى صناديق الإقتراع، وليس الإحتكام الى المظاهرات، نحن ممكن أن نتظاهر كل يوم، ولكن من اجل قضية مُحقّة، وليس من أجل مقعد وزاري أو من أجل عنوان من هذا النوع.
أعود وأقول بصراحة أكثر أجاوب على سؤالك: لم يعد الأمر يتعلق بالحكومة أو بتكليف الرئيس الحريري، الأمر يتعلق بالمخالفة الكبرى التي حدثت بشكل وأسلوب تكليف الرئيس ميقاتي، وهذه مسألة تتعلق بطبيعة النظام وبقدرته على الحياة وتحقيق هذه الثوابت.
ما حدث يُعرّض هذه الثوابت لخطر شديد، ونحن لن نترك جهداً إلا ونقوم به سلمياً وديموقراطياً وتغييرياً، وإن شاء الله نقوم بالإصلاح في كل المؤسسات المتروكة منذ فترة طويلة كجزء من الصراع، لكي نستطيع المواجهة سلمياً ومدنياً وديموقراطياً لتأكيد رأينا ونترك الناس هي التي تحكم.

========