حلقة خاصة عن الشهيد رفيق الحريري – السؤال الأهم لماذا قُتِل رفيق الحريري؟

مقابلات تلفزيونية 20 نوفمبر 2006 0

س- للقضية قصة لم تبدأ لحظة إغتيال الحريري، فقد عاش رفيق الحريري أجواء إغتياله، قبل أيام من إستهداف موكبه بالتفجير، وقتله ، هل كنت مطّلعا على هذه الأجواء؟
ج- على الأقل خلال فترة عملي مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري أولا، وثانيا عام 2000 وصاعدا كنت ألتقيه بين فترة وفترة، ولكن لم أعد أعايشه كما ذي قبل. على الأقل خلال هاتين الفترتين، فترة عملي معه والفترة اللاحقة، لم أشعر ولا للحظة أنه يعيش أجواء إغتياله. ربما في فترة لاحقة بعد عام 2003 ، حيث تطورت الأمور وإرتفعت التوترات في المنطقة لدرجة عالية، ممكن أن يخطر ببالك مثل هذا الأمر، ولكن هذا إحتمال ضعيف جدا جدا.

س- تحدث المحقق الدولي براميرتس عن عوامل سياسية أودت بحياة الحريري، وكذلك عوامل مالية ومافياوية وفساد، ما رأيك بذلك؟
ج- منذ بداية حدوث الجريمة، أذكر في اليوم الثالث تماما لإغتيال الرئيس ، كنت أناقش مع أصدقاء في منزل الرئيس الشهيد رحمه الله، وكان رأيي أن السؤال الأهم يجب أن يكون لماذا قُتل رفيق الحريري؟ وليس من قتل رفيق الحريري.

من قتل رفيق الحريري مسألة جنائية لا بد من أن تظهر في يوم من الأيام بشكل أو بآخر، ولكن ليس بالضرورة أن يكون من نفذوا هذه العملية، قد نفّذوها لحسابهم مباشرة، سواء كان المنفّذ دولة أو تنظيم أو حتى مافيا، والتي هي عنصر غير وارد على الإطلاق . فالرئيس الحريري ممكن أن تختلف معه على كل شيء، ولكن غير ممكن أن تختلف معه كرجل خير، ممكن أن تكون له علاقات مالية مشبوهة، أعوذ بالله، هذا غير وارد على الإطلاق.

أما ما جاء من فرضية في التقرير عن إمكانية ان إغتيال الحريري لأسباب مالية وفساد، فأنا أعرف ومتأكد ان نظام حياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا يسمح بذلك، وكذلك طريقة نظرته للناس، وكيف كان يعيش ومن كان يعاشر، وأنا أعرف ان هناك أشخاصا تدور حولهم الشبهات، لم يكن يستقبلهم رغم وساطات مسؤولين كبار في الدولة اللبنانية، وفي الدولة السورية. فإذا كان لا يقبل إستقبالهم ، فكيف يمكن أن يتعامل ماليا بمسائل مشبوهة؟ ولكن بالمعنى السياسي هو لماذا قُتل الحريري؟ وليس من قتل رفيق الحريري؟.

س- كذلك تبقى فرضية تورّط سوريا بقتل الحريري، ولكن يبقى السؤال لماذا قُتل الحريري؟
ج- مقتل الرئيس الحريري أكبر من العلاقات اللبنانية- السورية، وأكبر من الخلاف مع سوريا بالمعنى السياسي، وليس بالمعنى الإجرائي أوالتنفيذي. أنا قلت ان هناك مشروعا للمنطقة هو المشروع الإيراني، وإن إزالة الرئيس الحريري من أمام المشروع الإيراني ما من شك أنها تسهّل عمله كثيرا ، لأن الرئيس الحريري ليس له فقط صلة بالناس، إنما كانت لديه قدرة كبيرة غير متوفرة عند الكثير من الناس، على أن يخلق نوعا من الإجماع مع مختلف الزعماء العرب والدوليين على فكرة معينة، أو على مشروع معين، أو على خطوة معينة. لذلك كان إستنتاجي في ذلك الحين انه أُزيح من أمام هذا المشروع الإيراني.

س- لكن هذا كلام خطير؟
ج- ليست هذه المرة الأولى التي أقول فيها ذلك، فأنا قلت ذلك لأول مرة في مقابلة مع صحيفة الحياة وكنت واضحا فيه.

س- يُحكى عن خلافات لبنانية بشأن إنشاء المحكمة الدولية ما هي معلوماتك حول هذا الأمر؟
ج- المحكمة الدولية الآن بالتدرّج ، هناك مسودّة تعرض على الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، متفق عليها بين لبنان وبين الأمم المتحدة. في هذه المسودّة هناك تحفّظ على نقطة واحدة وهي إعتبار هذه الجريمة ، أي جريمة إغتيال الرئيس الحريري والجرائم الواردة في الإتفاقية ، هي جرائم ضد الإنسانية، لماذا ضد الإنسانية؟ لأنه لا يمكن القول انها ضد الإرهاب، بمعنى إنها جرائم إرهابية. وبما أنه لا يوجد تعريف واحد يتفق عليه في مجلس الأمن للإرهاب، وُضعت عبارة ضد الإنسانية. وكلمة جرائم ضد الإنسانية تعني بطبيعتها وبمضمونها وبتعريفها ، ان المحكمة تستطيع أن تطلب أي مسؤول في أي موقع ، حتى لو كان يتمتع بكل أنواع الحصانة، للتحقيق معه وربما توقيفه، وهذا الأمر هو موضع الخلاف الآن.

س- في ظل أبرز المعطيات في قضية مقتل الرئيس الحريري، تذكّرنا هذه القضية بقصة كتبها الروائي اللاتيني غبريال غارتيا ماركيز تحت عنوان “قصة موت معلن” والتي يعرف الجميع ان بطلها سوف يقتل باستثنائه هو، هل توافق على هذا الرأي؟
ج- أعتقد الرواية تقول، الرجل الذي قُتل قبل أن يقتل الرئيس الحريري، كان يعلم أنه مهدّد ، ولكن بتقديري ان علاقاته والضمانات التي عنده تسمح له بقدر كبير من الحماية، ولكن تبيّن ان هذا القدر غير جدي وغير مضمون.

=====