حفل عشاء أحمد فارس عن روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري: المؤسسات الامنية لن تسمح بجر البلد الى الدم

كلمات 04 سبتمبر 2015 0

هناك مثل بيروتي قديم كنت اسمعه ولا افهمه عندما كنت صغيرا ثم عرفت معناه، ويقول المثل: ” الله يديم علينا عاداتنا، فهمت فيما بعد انه يعني ان تبقى حالنا مستقرة وتبقى الاوضاع جيدة وان نستطيع استقبال الناس وضيافتهم، هذه هي العادات البيروتية واقول للحاج احمد الله يديم عليك عاداتك “.
ضيفنا ومضيفنا اليوم هو الحاج أحمد ناجي فارس. وإذا كان من تعريف وفخر يمكن رفاقه باسمه فهو أنّه بيروتيّ حقيقيّ. ابن المدينة وواحد من آبائها. بيوت كثيرة فيها تشهد بالخير لأياديه، من دون أن تعرفه.

هو مثل رفيقه وصديقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يعطي بيمينه، فلا تعرف يساره. رجل تقيّ ومؤمن، بالله وبالإنسان، بالدنيا وبالآخرة. كان يحبّ الرئيس الحريري رحمه الله، وكان الرئيس يحبّه أيضاً.

وربّما حبّ بيروت ولبنان هو أكبر إرث تركه من الرئيس الراحل بعد اغتياله بمتفجرات الحقد في بيروت.

لا أبالغ إذا قلت إنّه بعد سنوات من اغتيال الرئيس الحريري، هناك من لا يزال يحاول التنكيل به وبإرثه، تارة بالشائعات، وطوراً بتشويه سيرته، وأحيانا بالهجوم على أبنائه ومحاولة ضرب بيته السياسي، البيت المصرّ على أن يظلّ مفتوحاً أمام الجميع.

اليوم نشهد حراكاً في بيروت، عماده الناس الذين أحبّوا هذه المدينة وأحبّتهم، واستقبلتهم، واكرمتهم… بعضهم وهم قلة يريد المشاكل. سمعنا كثيرا دعوات إلى تكسير وسط بيروت، وبعض المشاغبين شوّهوا جدران ضريح الرئيس الحريري، وآخرون كتبوا على جدران بيروت شعارات مسيئة لهم وللحراك المدني….

لكنني أقول باسمكم لكل هؤلاء مهما فعلتم لن يتحول ضريح الشهيد إلى ضريح لسيل سته. لا زال وهو في ضريحه له الكلمة الفصل بين الحق والباطل. وسيبقى هو الميزان شاء من شاء وأبى من أبى.
كل الاحزاب اللبنانية مأزومة، وأقول لكم، نعيش هذه الايام ظروفا صعبة واياما عصيبة…

فلبنان اليوم معطّل، ما فعله الحراك هو انه اطلق صافرة انذار سمعها الجميع٬ وعلى الجميع ان يتحمل مسؤولية التعامل معها من داخل المؤسسات ومن قلب النظام. اسمحوا لي ببعض الاستطراد. لعلها من المفارقات التي لم يتنبه لها كثيرون٬ أن المطالبين بإسقاط النظام٬ ما كانوا ليصلوا الى هذا المستوى من الغضب والانفعال٬ لولا ان النظام الان معطل بأشكال مختلفة بفعل قوة ايا يكن مستوى حضورها في البرلمان والحكومة وهي قوة وهج السلاح الخارج على الشرعية التي جعلت من الدولة هيكلاً فقد الكثير من أعمدته وسط صراع سياسي نعرف أوله ولا أرى آخره اليوم.

فهذه القوة من الخارج على قرار النظام أياً كانت مبرّراتها، وهي بالتالي خارج القدرة على المحاسبة، اي خارج قدرة الشعب اللبناني ومؤسسات النظام على محاسبتها والتعامل معها بالقانون…

البلد معطل بكل تفاصيله ومفاصله. ومعروف من يعطّله. من يمنع انتخاب رئيس للجمهورية، من يمنع اجتماع الحكومة، من يعطل مجلس النواب…مؤسسات البلد لا تعمل هي المشكلة الان.. جيشنا عرضة لكل انواع التنكيل السياسي وقوانا الامنية باتت تحترف الصبر كمهنة ثانية. رجال الأمن يتحملون الحجارة والشتيمة وقنابل المولوتوف، ويصبرون لئلا يقال إنّ الأمن يفرط في استعمال القوّة.

وأنا، مثل الحاج أحمد، ودولة الرئيس السنيورة ومثل كثيرين، تعلمت الكثير الكثير من رفيق الحريري… ولا يتسع الوقت لتعداد ما تعلمته منه. لكن اكثر ما تعلمته هو الصبر في زمن العصبيات والتسرع، والحكمة في زمن الجنون، والتروي في زمن التسرع كي لا نقول شيء آخر وانو ما في حدا اكبر من بلدو ومش مهم مين يروح ومين يبقى المهم يبقى البلد.

انطلاقا من كل هذا ومنذ تحملت مسؤوليتي كوزير للداخلية بقرار من الرئيس سعد الحريري، وكتلة المستقبل واجه البلد الكثير من المشاكل وواجهت وزارة الداخلية الكثير الكثير من التحديات.

وهنا لا بد ان اصارحكم واقول بكل جرأة ان كل ما اصبت فيه هو بفضل ما تعلمته من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واذا اخطأت فأنا اتحمل كامل المسؤولية عنها.

ولا بد من شهادة حقّ لسعد رفيق الحريري. شهادة حق لمن عايشه في احلك الظروف. فهو لم يرث بيتا سياسيا فقط، بل تميز بشجاعة مسؤولة جعلته يتخذ اصعب القرارات والخيارات، وان كانت غير شعبية، لحماية اهله وبلده، ولحماية لبنان وامنه واستقراره.

وانطلاقا من هذا ارث الأب، والمسؤولية التي وضعها الابن فينا، فإنّنا ننطلق لحماية لبنان من زاوية نرى منها المصلحة الوطنية، ولاشيء غير المصلحة الوطنية.

أنظر إلى التحرك الذي تعيشه بيروت الحبيبة في هذه الايام من زاويتين:

الاولى كمواطن يضم صوته الى عناوين المطالبين وهي مطالب محقة. فأنا اعاني من النفايات والكهرباء والماء واهتراء الادارة.
اما الزاوية الثانية من موقعي كوزير للداخلية والبلديات وهنا يتطلب مني واجبي حماية المتظاهرين كما يتطلب مني حماية الاملاك العامة والخاصة. وهذا يجعلك تقف في وجه الناس او من يعتقد انه يمثل كل الناس وهو لا يمثل كل والدليل ما شاهتموه على التلفزيون، فالبعض شبك يديه لتحمي قوى الامن وبدأت بالمطالبة وآخرون بدأوا بالسباب والشتيمة الا وكالوها الى قوى الامن.

واقول ايضا انه ليس خافياً على أحد، أن الحراك ومهما بلغت أحقيته وأسبابه، فهو يتقاطع مع معركة اقليمية ودولية كبيرة تدور في لبنان حول رئاسة الجمهورية، ما يعني أن الحراك سيوَظف، بعلم أو بغير علم أصحابه، في هذه المعركة.

وليس صحيحا انه من ضرورات التظاهر والحراك ان تُحتل مرافق عامة وان تُضرب رجال الدرك وان نشتم القوى الامنية.

لنفترض أن تحرك الشباب مفهوما بشكل أو بآخر فان دعوة قوى سياسية الى التظاهر غير مفهومة وغير مبررة وغير منطقية فهي ستتظاهر ضد من؟ ضد من يقاطع جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس؟ ضد نفسها؟

وهل ستتظاهرون رفضا للعتمة وتقنين الكهرباء؟ وهل ستتظاهرون ضد الحكومة وهم شركاء مقررين في السلطة منذ 8 سنوات.

بأية حال،

أخواتي وأخوتي،

الحاج أحمد الحبيب،

بيروت التي نحبّ جميعاً،

لا مخرج لأي لبناني من هذه الازمة التي وصلنا اليها الا بالعودة الى الكتاب، وبالبدء في تنفيذ خارطة طريق انقاذية، تكون أولى الخطوات فيها انتخاب رئيس للجمهورية، ثم تشكيل حكومة تشرف على اقرار قانون انتخابات عصري، يفسح في المجال امام الاعتراضات والقوى الشبابية الجديدة للدخول إلى مؤسسات الدولة…. ثم الشروع في إجراء إنتخابات برلمانية تعيد انتاج النخبة السياسية. غير ذلك كله لا يهدف الا الى الخراب بأوادمهم وزعرانهم الذين يتقدمون بالمطالب والذي لا يقدمون الا بالشتم.
وسأكون صريحا ان التحالف بين السلاح غير الشرعي والكلام غير الشرعي الذي اسمعه في هذه اليومين وسنسمعه كثيرا، لن يؤدي الا الى مزيد من الخراب والمشاكل لان هناك من يريد ان يجر البلد الى الدم.
وقيادة الجيش وعلى رأسها العماد جان قهوجي وقوى الامن الداخلي والمؤسسات الامنية ستفعل كل ما تستطيع ولن تسمح بجرالبلد الى الدم ان شاء الله.
انهي كلامي ما سمعته بلسان الرئيس الشهيد بالفيلم الوثائقي ان هناك كثير من الخوف والقلق والاحباط بل بالتأكيد ما في غير الحق بدو ينتصر ومهما حصل بيروت صبرت واحتملت، لكن لا حلّ في الشارع،

لا حل في الشارع٬

لا حل في الشارع،

لا حل في الشارع.
وشكرا