حزب الله ونهاد المشنوق في “خطأ” شيعيّ واحد (مرفق بالرد)

قالـوا عنه 12 ديسمبر 2011 0

في حوار مع الاعلامية جيزيل خوري ضمن برنامجها “استديو بيروت” الذي بثته محطة “العربية” الخميس المنصرم، قال عضو كتلة المستقبل النيابية نهاد المشنوق “بلا ما نلف وندور…هناك مشكلة لدى الشيعة العرب انهم يتصرفون على قاعدة ان ولاءهم للدولة الايرانية في تمثيلهم الديني والسياسي والوطني…كما هي الحال في البحرين والكويت ولبنان وغيرها”، واضاف: “هناك حقيقة سأقولها، وان كانت قاسية : دولتان وحيدتان في العالم تدّعيان تمثيل طوائفهما هما اسرائيل وايران، فإسرائيل تدّعي المسؤولية عن اليهود في العالم وايران تدعي انها مسؤولة عن كل الشيعة في العالم”. (انتهى كلام المشنوق(

في كلامه يبدو النائب المشنوق، كمحترف سياسي بالمعنى اللبناني الضيق، لا يعرف ان هناك اختلافا كبيرا بين المسألة الشيعية والمسألة اليهودية. فالأخيرة تقوم على النسب والانتماء العشائري والقبلي، اما التشيّع فيقوم على عقيدة الاسلام، وهو مذهب كبقية المذاهب الاسلامية المعروفة، التي تعبّر في تنوعها عن غنى الاسلام وسماحته. وأقلّ ما يقال ان هذا التشبيه بين اليهودية والتشيّع ينم عن عدم معرفة لدى المشنوق، إذا أردنا ان نحسن الظن.

اما القول إنّ ولاء الشيعة هو لايران، فهو يعكس تعتيما على تاريخ الشيعة الذين كانوا محكومين لتوزعهم الجغرافي وبيئاتهم السياسية والاجتماعية على امتداد العالم العربي والاسلامي. وعلى أنّ حوزة النجف الاشرف في العراق شكّلت المرجعية التاريخية للشيعة، بمن فيهم الايرانيون، وبدل ان يذهب الشيعة الى ايران كانت النجف مقصد الايرانيين، اذ شكلت تاريخيا ثمرة التلاقح الفكري والثقافي في عاصمة الخلافة العباسية بغداد. واستمرت مرجعية هذه الحوزة لكل الشيعة، ورسمت لنفسها استراتيجية اداء، اعتبرت ان التصدي للمسألة السياسية ليس من مهامها بل من مهام الامام المعصوم الغائب، وهو اداء اشبه بنظام الازهر الشريف والكنيسة البابوية.

ربما لا يدرك المشنوق ان دخول المؤسسة الدينية على خطّ الشأن السياسي والسلطة هو طارئ وجديد في المسار التاريخي للفقه الشيعي، وأنّ ولاية الفقيه استثناء وطارئ في المسار التاريخي للمؤسسة الدينية الشيعية، حتى في نموذج الدولة الصفوية قبل نحو اربعة قرون، حين سعت الدولة الصفوية الى اكتساب شرعية دينية بتبني التشيّع في صراعها مع السلطنة العثمانية التي كانت تتبنّى مذهب ابي حنيفة. حينها حاولت تلك الدولة ان توظف الفقهاء الشيعة في مشروعها السياسي لكن، بقي الجدل قائما، شيعيا، حول شرعيتها.

من هنا يتأكّد عدم اطلاع المشنوق، هو المثقّف والإعلامي والكاتب، على تاريخ الشيعة، ما دفعه ربما نحو عدم الانتباه الى ان المسألة الايرانية لدى الشيعة العرب هي حالة طارئة وهي محل جدال وخلاف لدى جمهورهم، وإلى عدم الإعتراف بأنّ الزخم الايراني له اسبابه نتيجة عمق ايديولوجي وظروف سياسية ومالية.

اما استحضار نموذج الشيعة في الكويت والبحرين كمثالين عن النفوذ الايراني فيعرف النائب اللبناني انهم بمعظمهم يشكلون دعامة اساسية لنظام الامارة في الكويت وليسوا هم اليوم من يقلق النظام، والتأثير الايراني لدى هؤلاء يشبه الى حد بعيد تأثيرات الناصرية في فترات عربية سابقة. كما البحرين، التي يجري الالتفاف على ثورتها بشكل كاريكاتوري، فقد اظهرت لجنة التحقيق التي شكلت بارادة ملكية، ان ايران ليس لها علاقة بأحداثها الاخيرة. وفي المملكة العربية السعودية يجب الانتباه إلى أنّ الاجحاف بحق المواطنين الشيعة ليس مجال نقاش لأنّ مطالبهم تنحصر في مساواتهم ببقية المواطنين لئلا يكونوا مواطنين درجة عاشرة، وليس تغيير النظام أو إسقاطه.

بالتأكيد ان الشيعة وسواهم من الاقليات مطالبون بالانخراط في مشروع الربيع العربي، واذا كان من مسوغ لدى البعض منهم في العقود القليلة السابقة لعدم الانخراط في دولهم ومجتمعاتهم بسبب الاستبداد والتمييز ضدهم لدى انظمة الحكم، فإنّ المشروع العربي الآتي، الحامل معه الكرامة والحرية والعدالة، والشراكة يقطع الحجة على التردّد في الانخراط بهذا المشروع. فمن حقّهم اليوم أن يكونوا شركاء كاملين، اذ لم يعد من مسوّغ للتطلع الى ما وراء الحدود العربية بحثا عن الحماية، وخلق التباسات حول الانتماء والهوية.

في الختام يعرف الجميع أنّ المسؤولين في حزب الله ينقلون المشكلة الى الخارج حين الحديث عن الثورة السورية ويصفون ما يجري بأنّه مؤامرة ضد المقاومة والممانعة. ودائما كنّا نردّد: ندرك أنّ حزب الله في وضع حرج بسبب علاقته مع النظام السوري، لذلك نطالبه بالصمت إذا لم يكن قادرا على نصرة “حسينية” الشعب السوري في كربلائه الحالية.
والقول نفسه نوجّهه الى نائب “المستقبل” نهاد المشنوق وزملائه في كتلة المستقبل: نقدّر حرج خصوصية علاقتكم مع المملكة العربية السعودية، لذا نتمنى عليكم الصمت وعدم رمي أزمات هذه الدول الداخلية على الخارج، ونرجو عدم التمادي في اطلاق الاتهامات، تلك التي تدلّ مجددا على جهل كبير… أيضا إذا أحسنّا النوايا.

*****

رد الاستاذ نهاد المشنوق على مقال الصحافي علي الأمين في جريدة البلد
12-11-2011

حضرة الأستاذ علي الأمين المحترم
سلام ،

قرأت وأنا على سفر ما جاء في مقالك اليوم في جريدة البلد. وأود أن أوضح النقاط التالية محاولاً فض الشراكة في الخطأ “الشيعي” بيني وبين حزب الله، مع الإصرار على الشراكة الوطنية .

أولاً : اعترف بأنني أخطأت في التعميم في افتعال غير مبرر حين استعملت تعبير “الشيعة العرب” في حديثي مع السيدة جيزيل خوري على العربية. ما قصدته أن الأحزاب “الحاكمة” في لبنان والعراق وقوى سياسية محدّدة في البحرين والكويت والسعودية وغيرها من الدول تؤكد على أولوية الولاء المرجعي الديني والسياسي للدولة الإيرانية. وإيران المعلنة في مرجعيتها في نصوص مسؤوليها تؤكد لهذه الجماعات السياسية سواء المسلّحة منها أو المدنيّة.
لذلك فان التشابه في الدور بين الدولتين الإيرانية والإسرائيلية خارج حدودهما وارد، ولو كان هذا التشبيه في تقديرك ينمّ عن عدم حسن ظنّ. فالمسألة هنا ليست دينية بل سياسية بالمعنى المطلق للسياسة بما هي استعمال لكل الأسلحة وخاصّة المحرّم منها لدى هاتين الدولتين وغيرهما من الدول أيضاً حين يتعلق الأمر المصالح. والتشابه هنا ليس من باب المساواة، أو عدم معرفة بالطبيعة الإسلامية المشتركة بين الإيرانيين وبين العرب، بل هي إشارة إلى ضرورة الاعتراف بهذه الإشكالية الإستراتيجية للدور الإيراني مع بعض الأحزاب والقوى السياسية المشار إليها ومعالجتها بالحوار والحوار فقط.
ولو قصدت غير ما أكتبه لك لما قلت في مقطع آخر من المقابلة نفسها أن المسلمون الشيعة شركاء في العروبة والوطنية والاستقرار والاقتصاد والسلطة أيضاً.

ثانياً: لا أدّعي التخصص في المسألة الشيعية ولا في المسألة السنيّة ديناً أو تاريخاً إلا حين يتعلّق الأمر بتماسك الدولة الوطنية التي أعرف عنك وعن بيئتك مدى تمسكك المبدئي بها.

ثالثاً : لا بد أنك تعلم وقد ورد هذا في نص مقالتك مدى المأزق الذي تسببّه الأزمة السورية بما هي ثورة في مواجهة نظام استبداد واغتصاب في العلاقات بين القوى السياسية الإسلامية إذا صح التعبير والصمت هنا يتلبّس شخصية الشيطان الأخرس على حد قول سيّدنا علي رضي الله عنه.

رابعاً: أقدّر لك ولمن تمثل صلابة الموقف من “الربيع العربي” الذي لم يعد مشروعاً بل هو قدر من الحرية يشارك فيه الجميع مواطنة متساوية في الحق والواجب سواء في السعودية والبحرين وفي كل أرض عربية.

خامساً: أتمنى لو أن المملكة العربية السعودية تتبنى ما جاء في وصفك لخصوصية العلاقة مع كتلة المستقبل، لكنها – أي السعودية- تدخل إلى الدولة من أبوابها المنفتحة على كل الطوائف وحين تشتبه أن سياستها تتسبب بحساسية مذهبية أو طائفية تنكفئ إلى حد التغاضي ولو عن شيءٍ من الحق الإنساني.
من هنا فان مقارنتك للدول والأدوار ليست بحجم اختصاصك في المسائل الأخرى التي وردت في مقالتك، فضلاً أن الناصرية صارت عهداً من الماضي وليس الحاضر أو المستقبل.

ختاماً صحيح أنني أخطأت في التعميم، لكنك اعتمدت في الرد بيت المتنبي الذي أوله ” ألا يجهلنّ أحد علينا ” فكنت أكثر حدّة وافتعالاً مستعملاً مفردات الخصومة في مخاطبة الحليف، لكنني على عكسك حسن الظن بك .