“حدث اليوم” مع نجوى قاسم – السلاح غير الشرعي في مواجهة الشرعية اللبنانية

مقابلات تلفزيونية 03 أغسطس 2013 0

س- الكلام الذي صدر بالأمس، وطبعاً الكلام الذي صدر قبله عن رئيس الجمهورية، الجميع رفع سقفه والجميع أخذ الإتجاه الحاد، هل هذا يؤشر الى إننا أمام مشكل بعد العيد سياسي أو ان هناك من يحاول أن يفرض غلبة على الأخر؟
ج- واضح انه عندنا مشكل سياسي دائم قبل العيد وبالعيد وبعد العيد.

س- أنا أقصد حجم الإنفجار الذي طالما نناقشه؟
ج- أنتً تتحدثين بالجانب الأمني، أما الجانب السياسي الأزمة في البلد مُعلنة وحادة بما فيه الكفاية سواء بما عبّر عنه رئيس الجمهورية أو بما عبّر عنه السيد نصرالله أو ربما عبّر عنه الرئيس سعد الحريري.
ولكن الواضح ان العنصر الجديد الأساسي الذي حدث أول أمس هو ان الصراع لم يعد بين “8 و14” حول سلاح “حزب الله” أو السلاح غير الشرعي، والصراع الحقيقي الآن هو بين الشرعية الممثلة برئيس الجمهورية الذي أعلن موقفاً واضحاً وصريحاً في خطابه أول أمس بمناسبة عيد الجيش وبين ردّ الفعل حيث لم يكن هناك مجال لتشعّب الإتهامات حول الصواريخ التي أُطلقت على محيط القصر الرئاسي في بعبدا.

س- من بعد كلام رئيس الجمهورية لفت الإنتباه ان الإعلام الموالي لـ”حزب الله” في جزء منه رفع شعار إرحل لرئيس الجمهورية، وكذلك تداولت هذه الكلمة على “التويتر” وعلى “الفايسبوك” هل هذا المكان الأكثر حدّة الذي سنذهب إليه؟
ج- عملياً الجواب بسيط أولاً هو لن يرحل، وثانياً هو قال ان ما حدث من إطلاق للصواريخ على محيط إقامته لن يُغيّر في موقفه السياسي.
أما الحدّة الأكبر هي التي صدرت عن السيد نصرالله في خطابه باعتماد العنوان الشيعي لمخاطبة الجمهور الشيعي في العالم، خاصة بالموضوع الفلسطيني، يعني ردّ الفعل الحقيقي الى جانب الصواريخ هو ما صدر عن السيد نصر الله في خطابه، والذي أعلن فيه انه يُمثّل الشيعة في العالم الذين لم ولن يتركوا القضية الفلسطينية. وهذا أسوأ ما في ردود الفعل.

س- عندما يخرج السيد نصرالله للمرة الأولى ويُلقي خطاباً كاملاً وبشكل شخصي ويتجاهل العناوين اللبنانية ليتحدث عن فلسطين وعن دور الشيعة وعن حجم “حزب الله” كيف تُفسّر ذلك على المستوى اللبناني؟ هل بأننا خرجنا من السياسة اللبنانية وموضوع رئيس الجمهورية، وأبعد من ذلك إنه تحدّي للجميع؟
ج- واضح ان “حزب الله” في ذهابه الى القتال في سوريا أصبح معزولاً سواء في العالم العربي أو في اوروبا والغرب أو حتى في الداخل اللبناني، ليس هناك من جهة سياسية لبنانية جدّية تقف الى جانب الحزب في قتاله في سوريا، ولم يعد باستطاعة حلفائه تحمُّل هذا الدورالإقليمي، والتيار الوطني الحر حليفه الرئيسي في “8 آذار” له مواقف مُحدّدة من القتال في سوريا أولاً، وثانياً من موضوع إطلاق الصواريخ على محيط قصر بعبدا حيث عبّر عن ذلك العماد عون بطريقة فيها استنكار حاد، وبالتالي عندما يُصبح الحزب في حالة عزل داخلياً وخارجياً، اعتمد فلسطين كعنوان لحركته المقبلة، باعتباران هذا ممكن أن يعوّض ما خسره داخلياً مع العلم ان الموضوع الفلسطيني لا يعوّض له على الإطلاق الخسائر التي تحققت من القتال في سوريا، لأنه بكل بساطة هو بردّ فعله، وبإعلانه الدعم الشيعي في العالم للموضوع الفلسطيني إما إنه يرد على اتهام بأن قتاله في سوريا لا يدعم القضية الفلسطينية بل بالعكس، ان الشعب السوري عملياً وتاريخياً هو الذي يدعم المقاومة، وهو الذي يدعم القضية الفلسطينية، وإما انه يتهم السُنة العرب قاطبة والسُنة في كل العالم بأنهم مُقصّرون ولا يقومون بواجبهم تجاه القضية الفلسطينية أو كلا الأمرين، وهذا يجعل أزمة الحزب أكبر وأكبر، ويجعلها في طور المواجهة مع أعداد وجهات سياسية في كل أنحاء العالم لا يُنقذه منها استنجاده أو دعوته للشيعة في كل العالم الى اعتبارهم إنهم المسؤولين عن القضية الفلسطينية، وهذا تعبير، اسمحي لي أن اقول انه بدائي، لأن فلسطين أكبر من الشيعة وأكبر بكثير من “حزب الله”.

س- معظم المراقبين والصحافيين توقفوا أمام صورة وبعض الصحف في بيروت عكستها اليوم بشكل مباشر بالصور على صفحتها الأولى: السيد نصرالله يتحدث مباشرة بشكل شخصي والرئيس سعد الحريري يتحدث عبر الشاشة، الصورة انقلبت عما كانت عليه قبل أربع أو خمس سنوات، برأيك هل هذا يعكس واقعاً سياسياً مختلفاً وعنواناً لمرحة مقبلة أم لا؟
ج- هي صورة مؤقتة بالتأكيد ستعود الى أصولها قريباً بعودة السيد نصرالله الى خطابه من حيث يُقيم والرئيس الحريري من منزله في بيروت.
عملياً الرئيس الحريري تجاوز كل هذه التفاصيل بالأمس، وأعلن أمرين رئيسيين الأمر الأول: هو ان تياره السياسي جاهز للحوار في الوقت الذي يدعو فيه رئيس الجمهورية الى الحوار أياً يكن هذا الوقت. والأمر الثاني ان “تيار المستقبل” هو تيار ليبرالي مدني يرفض استعمال الدين في العمل السياسي.
لذلك هما خطابان منفصلان تماماً، ففي الوقت الذي أعلن فيه السيد نصرالله شيعية القضية الفلسطينية، أعلن الرئيس الحريري مدنية القضية اللبنانية وليبراليتها وخلافها الدائم ومواجهتها للسلاح غير الشرعي.
وهنا أريد أن أعود وأؤكد على أمر لم يرد كثيراً في المناقشات حتى في الإعلام اليوم، وهو انه لم يعد الخلاف في لبنان وسنرى هذا الأمر يتطوّر أكثر وأكثر، لم يعد بين مجموعات لبنانية متنافسة أو متناحرة اسمها “14 و8 آذار” .

س- سأقول لك نفس تعبيرك، منذ متى كان هكذا؟ ومتى كان الموضوع اللبناني داخلياً؟
ج- ليس بمعنى داخلي، أنا أقصد “14 و8 آذار” أنا لا أتحدث عن البعد الإقليمي، أنا أقول ان السلاح غير الشرعي الآن يقف وحيداً بمواجهة كل القوى السياسية، وقبل كل ذلك في مواجهة الشرعية اللبنانية التي يُمثلها رئيس الجمهورية، وهذا تطوّر كبير في الأزمة اللبنانية.