جمهوريات شفيق جبر

مقالات 15 أكتوبر 2007 0

أدخل الى الباحة الخارجية لمجموعة من القاعات في الفندق القاهري، اجد الناس تنتقل من طاولة على هذا الباب، الى مثيلتها على الباب الآخر، ثم الباب الثالث، حيث على كل منها سيدة او رجل ينتظرك ليعطيك بطاقة اشتراك في (السحور السياسي)، او ليدلك الى حيث بطاقتك.
إذا كنت من الشخصيات العامة يأخذك فوراً الى قاعة الانتظار الخاصة حيث الوزراء والسفراء وكبار رجال الاعمال. أما القاعة الكبرى فهي للضيوف الكثر المشاركين في السحور السياسي.
في الباحة الخارجية تلمع اضواء الكاميرات وتدور آلات التسجيل مع كل من هو مؤهل لاعلان الجديد من التحليلات.
دقة. تنظيم. أصوات هامسة وأين؟
في القاهرة.
يصل الباشا، تتقدمه ابتسامة دبلوماسية فيها احترام دون حميمية. اناقة رصينة من العهد الملكي بمناسبة عرض مسلسل الملك فاروق. يدخل الى قاعة الشخصيات حيث على الجميع الترحيب به مع انه المضيف لكنه وصل متأخراً عن ضيوفه..
لم يكن هذا غريبا عليّ. إذ انني منذ عرفت شفيق جبر قبل اكثر من عشر سنوات وهو على هذه القدرة اللامحدودة من التنظيم في اصعب الظروف وأعقد الاماكن. يعمل على تدريب العاملين معه على الطريقة العسكرية بصرف النظر عمن يقع منهم على ارض المعسكر. وهؤلاء كثر، مع العلم ان والد شفيق كان دبلوماسياً وليس عسكرياً. يشكو من اطباعه كل من يعرفه. فهو يتوقع من الدنيا المصرية ان تسير على سرعته وأن تجهز حين يريد لا حين تستطيع.
رغم ذلك كلما اندفع الى تشكيل واحدة من جمهورياته يجد من يزامله ويشاركه أحلامه في قطاع خاص يأخذ مكان الدولة في القطاعات التي لا خير من الدولة في إدارتها.
تخصص شفيق منذ زمن طويل في تشكيل جمعيات رجال الاعمال التي تنفتح على السياسة دون ان تحمل أوزارها. حين كانت القلة النادرة من العرب فقط يعرفون عن مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي الذي يعقد سنوياً في المنتجع السويسري. كان هو واحداً من هؤلاء القلة. لكنه بدا اكثرهم اندفاعاً حين دعا رئيس مؤتمر دافوس الى القاهرة ليعرفه على الدنيا المصرية. وعيّن نفسه داعية للمؤتمر الدولي ولما يصدر عنه.
فعل الشيء نفسه مع الاميركيين حين كان لسياستهم نجاحات في مصر. فاخترع جمعية رجال الاعمال المصرية الاميركية ليقابله من الجانب الاميركي نائب الرئيس آل غور في ذلك الحين. كيف؟ لا احد يعرف.
انتهت ولايته المصرية الاميركية وصار للاقتصاد العربي مكانة دولية. فانتقل الى مجلس رجال الاعمال العرب الذي يشارك معظمهم في مؤتمر دافوس. وصار رئيسا لهم. كيف؟ لا احد يعرف.
قرر انه لا بد من العولمة. ذهبت الى القاهرة لاجد امامي كل العدة اللازمة لتجمع جديد اطلق عليه اسم منتدى مصر الاقتصادي الدولي. كيف ولماذا؟ لم يكن من الضروري ان اعرف. اذ انه واحد من جمهوريات شفيق جبر الذي وجد ان جمهوريته لا تكفيه، فقرر ان يؤسس جمهورياته ليغير ألوان اعلامها كلما اضطر الى ذلك دون ان يتخلى عن رئاستها..