بيروت دائماً ..

مقالات 14 يونيو 2007 0

استطاع وليد عيدو أن يشبه مدينته أكثر من أي وقت مضى في حياته. قدم إليها الشهادة ونجله خالد أحلى ما رزقه الله في حياته.
قرر القاضي في شخصه ان لا يسكت. اختار الكلام المباشر، طريقة للتعبير عن رفضه لظلم طال ليله على أهله ومحيطه ومدينته ووطنه.
صَادَق المنابر، ساحة للحق في وجه من لا يعرف للعدل سبيلاً ولا طريقاً.
أحبّ المواجهة، لمن لا يرى في ليله غير جنازات اللبنانيين. يوصي على مزيد منها، فيجد من يلبيه في إدارة تعرف أين تبدأ ولا تقدر على نهاية لجرائمها. يفعلها المفتّح العينين، الحاقد، القادر على دمائنا فقط.
طرد القاتل وداعة المدينة من كثرة جنازاتها. لكنه لن يستطيع أن ينزع منها عيونها المفتوحة على عروبتها. ولن يأخذ منها، مهما حاول، قرارها أن تبقى صبية القلب. صادقة السريرة. سكينة النفس.
لن ينجح القاتل في الوصول الى ما أراده من اغتيال لم يكن هو الأول. لن تخرج المدينة من جلدها.
غالٍ وليد عيدو على مدينته، كما نجله خالد حبيب أهله. ومعهما الشهداء. من بدأ المسيرة، ومن أكمل الدرب بالأمس. بريئا. طاهرا. مظلوما. شاهرا حقه في الحياة التي حُرم منها.
كيف يمكن لقائل نص رصين ان يذهب اغتيالا؟
لا بد ان يكون القاتل مغمّض العينين عن النص، أصم الأذنين عن الكلام الحق، هارباً من الدِين. ناكرا للوطن.
حين قررت بيروت ان عروبتها هي شقيقة لبنانيتها. وأن وداعتها هي زميلة حقها، وأن حريتها هي صنو استقلالها. وأن أرضها هي مرتع سيادتها.
حين أكدت المدينة ذلك، جاء القاتل ليأخذ وليد وخالد عيدو ومن حولهما، عقوبة لمدينة القاضي، وعاصمة السعي للعدل.
أراد القاتل ان يمنع أهل المدينة ومواطني الدولة من قراءة كتاب الاستقرار الذي عمل عليه رفيق الحريري لوطنه، والذي يستمر سعد الحريري في قراءته.
لكن قرّاء الاستقرار اللبناني لرفيق الحريري، ووليد وخالد عيدو منهم، لن يقبلوا بذلك. شهادتهم بالأمس، شموخ لعروبتهم. التزام بلبنانيّتهم. منارة لحقهم. علم لاستقلالهم. صدق لحريتهم.
رأت المدينة، وسترى دمعا مخلصا صادقا في عيون أهلها. لكن القاتل لن يرى تخلّيها عن عناوينها. لن تستسلم المدينة، ولن يرضخ اللبنانيون مهما طالت مسيرة الجنازات..
لم يفعل سعد الحريري ومن معه ذلك قبل الآن. ولن يفعل اليوم. ليس من أجل والده والشهداء الذين تقاطروا أمام أعينهم فقط، بل من أجل حرية مدينته واستقلال وطنه.