“بموضوعية” – الذكرى السادسة لاستشهاد الرئيس الحريري: التسويات لا تحقق الاستقرار

مقابلات تلفزيونية 14 فبراير 2011 0

مع نهاد المشنوق ونقولا ناصيف

س: طبعاً سأبدأ معك أستاذ نهاد بما حصل اليوم في مهرجان “البيال” وكُثُر ممن تابعوا هذا المهرجان سألوا ماذا تريد “قوى 14 آذار” ، هل أعلنتم اليوم انتهاء المفاوضات مع الرئيس نجيب ميقاتي؟ أم انكم تركتم الباب مفتوح لأنه اٌنتقدت طريقة التكليف وانتقد الرئيس نجيب ميقاتي، لكن لم تعلنوا بالفم الملآن لن نشارك في أي حكومة جديدة؟
ج: أنا أعتقد ان طبيعة الأزمة السياسية لا تفترض إجابة مبّسطة على هذا السؤال، بمعنى انه هل ستشاركون في الحكومة أم لن تشاركوا في الحكومة، وما حدث في “البيال” والنقاش السياسي السابق الذي حدث في دار الفتوى وبيان الثوابت الذي صدر، يؤكد ان هناك طبيعة للأزمة مختلفة عن تشكيل الحكومة، وكأن كل القوى تناقش البيان الوزاري ولا تناقش تشكيل الحكومة، هذه القوى بالذات “قوى 14 آذار” وبالذات المجموعة التي اجتمعت في دار الفتوى وهي كل الهيئات الإسلامية السنية المنتخبة، ولكن بالنتيجة البيان الذي صدر بيان له علاقة بالوطن وليس فقط بمشاكل المجموعة الطائفية الموجودة.
الأزمة واضح أنها أخذت منحى مختلف عن أزمات تشكيل الحكومات عادة في لبنان.

س: ولكن أليس هناك نوع من أنواع الإستباق، فأنت تقول كأننا نناقش البيان الوزاري، ولكن قبل ذلك سيناقش إذا تخطيتم إشكالية التكليف الذي حصل تحت ضغط القمصان السود وكل هذا الكلام، هل تخطيتم ذلك وأصبحتم في مرحلة القبول بالمشاركة في التأليف إذا وافق الرئيس ميقاتي على بعض العناوين؟
ج: أنا أعتقد ان كل المؤشرات التي صدرت اليوم عن لسان الرئيس الحريري وعن لسان الدكتور جعجع، على الأقل أدعي أني قرأت النص، لا أعتقد أنهما أعطيا مؤشرات الى احتمال المشاركة في الحكومة، لأن انطباعي انه ليس معروضاً عليهم الدخول في الحكومة على عكس الشائع، لأن دخول الحكومة له مستلزمات وله شروط سياسية، وليس فقط شروط تتعلق بالحقائب، فالإستباق حدث من حيث وضع الشروط السياسية قبل مسألة مشاركة وزراء أو النقاش حول الحقائب، هناك ثوابت سياسية وُضعت للمرة الأولى لهذه المجموعة الإسلامية منذ العام 1983، هذه الثوابت أصبحت قاعدة لأي نقاش، وبالتالي لا يمكن الإنتقال من قاعدة الثوابت الى قاعدة الحصص، فطبيعة النقاش مختلفة الآن. والتزام الرئيس ميقاتي في الإجتماع وبعد الإجتماع بأن هذه الثوابت هو يلتزم بها، جعل النقاش له طبيعة سياسية وليس طبيعة حصص أو حقائب أو وزارات، بمعنى يجب أن نرى المشهد بطريقة مختلفة عن الطريقة التقليدية التي يتم فيها تشكيل الحكومة أو الخلاف على تشكيل الحكومة.

نقولا ناصيف
س: الإستاذ مشنوق تحدث عن انه يجب أن ننظر الى المشهد بطريقة مختلفة، كيف رأيت المشهد اليوم في قاعة “البيال” في الذكرى السادسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري؟ وما الذي ميّزه عن المهرجانات السابقة وعن الأحداث السابقة، وأيضا كيف قرأته بالسياسة؟
ج: بطبيعة الحال ما حصل اليوم ذكّرني تقريباً بالمرحلة التي رافقت المرحلة 2005 و2008 ولكن في مواقع مختلفة، ورجعنا نرى التوازن بين من هم في الشارع طبعاً مع فروقات بين الطرفين وبين من هم في السلطة. ففي الماضي كان فريق”14 آذار” في السلطة والفريق الآخر كان في الشارع، وطبعاً كان معه السلاح ولذلك استطاع قلب موازين القوى في الـ2008 . واليوم اللعبة مقلوبة، هناك فريق “8 آذار” الذي يريد حكومة “8 آذار” أو حكومته حكومة الأكثرية، ولكن هناك فريق آخر في الشارع لا يملك السلاح، وبالتالي بالشعبية وبأفكاره وبقضيته سيحاول تصويب التوازن. أما الطرف الآخر بين الـ2005 و2008 حيث مرت مراحل صعبة جداً بالسلاح استطاع قلب المعادلة، ولكن آنذاك كان هناك ملفات أكثر تعقيداً ومنها ملف المحكمة التي لم يوافق عليها طرف “8 آذار” وخرج من الحكومة، اليوم هو يهدف الى مقاربة مختلفة تماماً لموضوع المحكمة.
أنا أعتقد ما حصل اليوم سيفتح الباب أمام أزمة جديدة في العلاقات بين “8 و14” أزمة أكثر تعقيداً.

س: برأيك هذا المهرجان طرح مشاكل جديدة؟
ج: كلا، المشاكل هي هي ولكن لو توقفنا أمام كلام الرئيس الحريري تحديداً، وطبعاً الدكتور جعجع تحدث عن جوانب معيّنة أبرزها القرارات الدولية وللمرة الأولى منذ فترة طويلة تحدث عن الـ1559، والرئيس الجميل تحدث عن دم الشهداء وأيضا عن سلاح المقاومة. أما الرئيس الحريري جمع كل هذا في مطالعة واضحة تقول ماذا يريد للمرحلة المقبلة في موضوع السلاح والموضوع السوري وموضوع الوسطية وموضوع المحكمة، وبالتالي بعد الكلام الذي قاله الرئيس الحريري شعرت كأنه يعود الى الوراء في علاقته معه “حزب الله” كما في علاقته معه سوريا، بمعنى انه يعود الى نقطة الصفر. وسمعنا انه تخلى أو تراجع عندما قال لا يمكن أن يكون الجيش والشعب تحت رحمة السلاح، وبهذا يجرّد “حزب الله” بالمطلق من الإجماع أو من اتفاق الحد الأدنى وليس الإجماع على سلاحه، لأنه في السابق كان الكلام بأننا نحترم سلاح المقاومة، ولكن لا نريد استعمال هذا السلاح في الداخل. أما اليوم فالواضح في كلام الرئيس الحريري ان هذا السلاح لا يستخدم أيضا كمقاومة ضد إسرائيل منذ الـ1701.

المشنوق: بإدارة منفردة.
ناصيف: إذاً، لكن حتى الآن لا وظيفة لهذا السلاح، هذا السلاح لا يقاوم إسرائيل ولكنه يُستخدم في الداخل، وبالتالي رجعنا بالنظرة او بالمقاربة للسلاح الى الصفر.
أيضاً في الكلام عن سوريا، أظن ان من يعرف بطبيعة الحوارات التي كانت تحصل بين الرئيس الأسد والرئيس الحريري، أكثر الحوارات كان يُنقل عنها آنذاك ان الرئيس الأسد قال للرئيس الحريري ضع يدك بيدي تبقى رئيس حكومة الى ما شاء الله، ولكن يجب أن نتعاون معاً على معالجة هذا الموضوع.

س: تقصد موضوع المحكمة؟
ج: كان ذلك عن مجمل العلاقة بين الرجلين، بالعلاقات اللبنانية-السورية وبعلاقة الرئيس الحريري مع الرئيس الأسد.
اليوم أعطى الرئيس الحريري استعارة مختلفة ولكن أعتقد هذا ما هدف إليه الرئيس الحريري عندما قال انهم طلبوا مني نزع هاتين الصورتين، لأنه طبعاً جزء مما كان يُمكن أن يُطلب منه من سوريا هو التخلي عن حلفائه، عن الرئيس السنيورة وعن الدكتور جعجع، وبالتالي أنا أعتبر انه لم يُقل له إنزع هاتين الصورتين، ولكنه أعطى هذه الإستعارة بالقول أنا لن أنزع هاتين الصورتين، وأنا أريد أن أعود الى الجذور، وبالتالي أعطى جواب للحوار المقطوع بينه وبين الرئيس السوري منذ تشرين الأول، وبالتالي أعتقد ان الرئيس الحريري عاد الى ما قبل 19-20 كانون الأول تاريخ فاتحة الحوار. وأنا أعتقد ان هذين الملفين سيثقلون على الرئيس الحريري.

المشنوق: أو ربما يُصقلوا.
ناصيف: لابأس، ولكن أنا أعتقد ان هناك مواجهة من نوع آخر، وأتوقع انه خلال الساعات المقبلة ستكون هناك ردود شرسة أو قاسية على ما قاله الرئيس الحريري، خصوصاً في موضوع السين-سين.

المشنوق: أنا أوافقك يا أستاذ نقولا على العناوين، ولكن أريد أن أذكّرك بأن الرئيس الحريري في وقت من الأوقات قال ان الرئيس السنيورة خط احمر، ولا أعتقد انه قصد في كلامه عن صورة حشود 14 شباط الدكتور جعجع أو الرئيس السنيورة، لأن موقفه في هذا الجانب واضح ولم يكن يحتاج لرمزية الصورة، وانا أعتقد انه قصد بهذه الصورة الناس والعودة للناس والعودة لرأي الناس، لأنه بالتأكيد في فترة النقاشات والتسويات في واحدة منها من المشاهد التي تحدثت عنها بين الرئيسين الأسد والحريري، هي الفترة التي أثقلت ظهره أكثر من الفترة الحالية، يعني انت تتحدث عن أنه أصبح الآن هناك أثقال على ظهره باعتبارها انها نتيجة انتفاض، أنا أعتبر ان الأثقال سابقة للإنتفاض وهي أثقال شديد الوطأة جعلته يضع عناوين ثابتة لا يحيد عنها باعتبار ان هذا موقف مبدئي ومن يريد التفاوض معي عليه أن يتفاوض معي على هذا الأساس ولا أن يتفاوض معي على قاعدة ما بعد اتفاق الدوحة.

س: يعنى ألغى كل المرحلة السابقة؟
المشنوق: لا أحد يستطيع إلغاء مرحلة، ولكن يستطيع القول أني جرّبت هذه المرحلة كلها ووصلت الى النتيجة التي بدأت فيها حضرتك بمقدمة البرنامج وهي مذكرات التوقيف وغيرها. فكل هذه عوامل أعتقد تجعله يصل الى مكان يقول اني أعتبر نفسي أني قدّمت في هذه المرحلة الكثير من الأمور ولم نستطع الوصول الى نتيجة، وبالتالي أنا توقفت هنا وهذه هي ثوابتي، ولكن لا أعتقد انه عندما تحدث عن موضوع السين- سين تناولها على قاعدة انه يستطيع تغيير الجغرافيا السورية ولا يستطيع تغيير التاريخ اللبناني-السوري. وبشكل أدق أعتقد برمزية الخطاب ان كل الذين تحدثوا أعطوا إشارات واضحة ومحدّدة تقول التالي: انه لا يمكن للحياة السياسية ان تستمر بشكل طبيعي في البلد مع وجود السلاح، هذه مسألة أصبحت واضحة ومحدّدة، وجرّبنا ثلاث سنوات من 7 أيار 2008 وصولاً الى القمصان السود منذ عشرين يوماً انه هذه ليست حياة سياسية، كل مرة في أي مفصل وفي أي قرار وفي أي اتجاه هناك سلاح موضوع على الطاولة باعتباره جزء من الحوار او باعتباره جزء من قدرة طرف على آخر بالغلبة بالسلاح، لذلك هذه الحياة السياسية لا يمكن ان تستمر سويّة وطبيعية بوجود هذا السلاح بالشكل الموجود فيه.
النقطة الثانية هي المتعلقة بالمحكمة باعتبارها خيار لا عودة عنه. وتحدث عن موضوع المفاوضات التي حصلت حول الورقة السورية- السعودية هو لم ينكر ذلك، ولكن قال نصّاً محدّداً في الكلمة انه بعد معرفة الحقيقة يُعقد مؤتمر الرياض باعتباره وسيلة لمعالجة تداعيات القرار الإتهامي، المصالحة والمسامحة بعد معرفة الحقيقة لمعالجة تداعيات آثار القرار الإتهامي.
النقطة الثالثة الأساسية هي: مسألة العودة للنص الدستوري دون اجتهاد ودون استعمال لغلبة بالسلاح، بالنص الدستوري أيضا لأنه حدثت منذ الدوحة الى اليوم عدّة ممارسات سواءا عسكرية أو سياسية، منها الثلث المعطّل في الحكومة ومنها استباحة المدينة مرتين في اشتباكات لها أول وليس لها آخر، فعدا عن7 أيار هناك ثلاث اشتباكات رئيسية حدثت منذ 7 أيار حتى اليوم، وربما الإشتباكين الأخيرين بعد 7 أيار كانت أثارهما مدّمرة على حياة الناس في مناطق معيّنة وبخسائر وقتلى أو نسميهم شهداء.
من هنا هو ركّز على ثلاث نقاط:
الأولى: تتعلق بالمحكمة الدولية لأنها خيار لا عودة عنه.
الثانية: لا حياة سياسية في لبنان طبيعية مع وجود هذا السلاح
النقطة الثالثة: تتعلق بالنص الدستوري وبأنه ليس هناك مناقشة ولأي سبب من الأسباب لا بالسلاح ولا بغير السلاح خارج النص الدستوري.

ناصيف
س: إنطلاقا مما قيل اليوم في “البيال” ألا ترى ان الهوة تتسع وأي قدرة للوسطية التي يحاول الرئيس ميقاتي من خلالها تدوير الزوايا وأن يصل الى تشكيل حكومته، هل مازالت هذه الوسطية قادرة على تدوير هذه الزوايا الحادة جداً؟
ج: ولا مرة الوسطية استطاعت ان تلعب دوراً بين “قوى 8 و14 آذار” حتى ان وليد جنبلاط استطاع إرجاء أو إعطاء بعض الوقت من أجل أن يستطيع الوصول الى نوع من حل وسط في مرحلة ما قبل استقالة الحكومة والتكليف ولكن طبعاً لم يُوفق.
الرئيس ميقاتي أيضا دفع دائماً وأقام منتدى حول الوسطية في هذا الأمر ولكن بقيت مختصرة على دور الرئيس ميقاتي.
أما رئيس الجمهورية فقد تبيّن من تجربة الوزراء الخمسة انه على الأقل اثنين منهم لا يمكن أن يلعبا دور الحياد أو دور الوسطية، فهناك صراع حاد لدرجة، وهناك مشاريع متناقضة حتى العظم، وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون للوسطية أي دور. والواضح الآن من استقالة الوزراء وما قاله الرئيس الحريري اليوم بأن الطرفين نعيا اتفاق الدوحة أو نعيا مجموعة الآراء المناقضة للدستور، عادة بالمفهوم العام وبالمفهوم القانوني والدستوري الآراء تُكمّل النصوص الدستورية، أي حيث يُلتبس أو يغيب عن النص الدستوري يأتي العرف كي يُثبّت ما غاب عن الدستور ولا يأتي العرف كي يُناقض ما هو قائم في مضمون الدستور.
الطرفان اليوم بطريقة إسقاط حكومة الرئيس الحريري وبالكلام الذي قاله الرئيس الحريري اليوم في “البيال” واضح ان الطرفين خرجا تماماً من اتفاق الدوحة أو ما تبقى من اتفاق الدوحة، وعندما أصبحت “قوى 8 آذار” تقول انها تريد حكومة وحدنا، يعني حكومة لوحدهم إذاً مفهوم الشراكة الذي صنعه اتفاق الدوحة سقط في نظر “قوى 8 آذار”.

س: ويمكن القول هم راغبون بإسقاطه؟
ج: طبعاً هم أسقطوه ويمكن القول بجزء منه، وانا لست مع هذا الرأي انه عندما استقالوا لأن اتفاق الدوحة يقول بعد الإستقالة، بينما الدستور يجيز هذه الإستقالة، صحيح انه بحسب المادة 69 هذه الفقرة أو هذا البند لأول مرة منذ الـ90 عندما بدأ العمل بالدستور الجديد استخدمت هذه الفقرة، ولكن عملياً هم استندوا اليها وكانوا يعرفون انهم ذاهبون الى حكومة ليست حكومة شراكة بل حكومة “8 آذار” وأعتقد ان الشروط المتصلبة التي يطرحها العماد عون على المستوى المسيحي أو على مستوى ما قاله للرئيس ميقاتي وما يقوله في أوساط قوى الغالبية الحالية أننا نحن انتصرنا ويجب أن نستثمر هذا الإنتصار، حتى أكثر من ذلك قال ان الرئيس ميقاتي يساوي ثلاثة أصوات ونحن نساوي 65 صوتاً وبالتالي من حقنا أن تكون الحكومة حكومتنا.

المشنوق: ولكن هذه تقليعة غير موفقة، بمعنى انك إذا كنت تقيّم الرئيس المكلّف باعتباره ثلاثة أصوات فعملياً كأنك تطلب منه أن يعتذر، لأنك في هذه الحالة انـت وكأنك تبدأ معه بأنه ليس رئيسا للوزراء.
ناصيف: لكن هذه المقاربة موجودة عند طرف من أطراف “8 آذار” ومن حقه أن تكون له هذه المقاربة.

المشنوق: كلا ليس من حقه ولكن هذا كموقف سياسي وليس حق.
ناصيف: كموقف مستقل وكموقف سياسي يملك هذا الموقف.

المشنوق: نعم هذا موقف سياسي لأن هناك فرق بين الحق وبين الموقف.
ناصيف: بالنتيجة يا استاذ نهاد لبنان وجهة نظر فالطرفين على حق بكل ما يقولانه.

المشنوق: أنا لا أعتبره على هذا النحو.
ناصيف: لبنان أصبح وجهة نظر، لكل طرف وجهة نظره يستطيع أن يبررها وأن يقنع كثيرين فيها.

المشنوق: لذلك يجب العودة الى النص عندما يختلف الناس يعودون للنص وليس للإجتهاد.

س: الإستاذ نقولا انطلق من مبدأ ان المعارضة السابقة تساوي 65 صوت والرئيس ميقاتي يساوي ثلاثة أصوات والبعض يقول ان رئيس الجمهورية ليس له أي صوت في مجلس النواب؟
المشنوق: أعتقد ان الأستاذ نقولا أكثر مني متابعة للتاريخ. فلم يتم وصف رئيس الحكومة ولا مرة بعدد أصواته النيابية، وأنا لأول مرة أسمع هذا التعبير حتى في كل قراءاتي، لا أعتقد ان رئيس الحكومة ولا مرة أُهين بعدد أصواته باعتبار ان الآخرين 65 وأنت 3. ولكن إذا كنت أنت كلفته وسميته فالـ65 له وليس لك.

س: لكن الآن وقت التشكيل أصبح الأمر ما لك لك وللأكثرية أكثرية؟
المشنوق: إذا يا استاذ وليد ليس هناك من قاعدة سياسية، فعندما نضع قاعدة عددية للتفاهم مع رئيس الحكومة المكلّف تكون قد أنهيت مهمته قبل أن يبدأ لأن قاعدة التفاهم بتكليفه هي تكليفه السياسي وليس تكليفه العددي، وبالتالي عندما تأتي وتحسبه بالعدد تكون بذلك ألغيت تمثيله السياسي لك.

ناصيف: انا كنت أقول ان ما تبقى من اتفاق الدوحة قيد الحياة أو على قيد الحياة هما بندان فقط، يعني الرئيس التوافقي حصل والإنتخابات حصلت، ويبقى بندان عالقان هما حكومة المشاركة الوطنية أو حكومة الوحدة الوطنية وموضوع السلاح يُناقش على طاولة الحوار.
اليوم الطرفان خرجا من فكرة المشاركة وكل المعطيات تقول انه من غير الممكن أن يتقبل أحدهم أن يشارك الآخر أولا بالنسبة لـ”قوى 14 آذار” تريد في موضوع المحكمة تريد أن تتمسك بالمحكمة، الأمر الذي لا يبدو ان الطرف الآخر يتمسك بها. أيضا طرح اكثر من علامة استفهام بالطعن بسلاح “حزب الله” بمغزى وجوده لأنه لا يقاوم إسرائيل ويُستخدم في الداخل وطبعا بالنسبة للحزب ممكن انزلق بمسألة مقدّسة غير قابلة للمس.
أيضا “قوى 14 آذار” التي رفضت إعطاء الثلث زائد واحد وأُرغمت عليه في حكومتين في حكومة الرئيس السنيورة ومباشرة في حكومة الرئيس الحريري مموّها، لا تستطيع أن تقبل أو أن توافق على ما رفضته، أو ان تسلّم بما اعتبرته مُخالف لأحكام الدستور.

المشنوق: ولا يجوز طرح المسألة باعتبارها انها قاعدة للتفاهم، هذه مخالفة للتفاهم.
ناصيف: بالمقابل الطرف الآخر ايضا ينظر على شكل معاكس تماماً بأنه لا يريد أن يشارك الطرف الآخر حتى ان بعض المعلومات تقول ان الأكثرية القديمة أو “قوى 14 آذار” طلبت أو عرضت على الرئيس ميقاتي حكومة ثلاثينية مثالثة 10+10+10، 10 لـ”14 آذار” و10 لـ”8 آذار” و10 للرئيسين سليمان وميقاتي ولوليد جنبلاط، أي الوسطية الجديدة وكان جواب الرئيس ميقاتي انه يستطيع إعطاء “14 آذار” بين 8 و9 وزراء أما في موضوع الوسطيين فلا يستطيع أن يعطي العشرة الوسطيين قبل أن يتحدث مع الطرف الآخر، لأن الطرف الآخر أعطى جوابا سلفاً عندما خرج من غداء الرئيس ميقاتي وقال يمكن أن نعطي “14 آذار” والوسطيين 10 ونحن نريد 20 وزيراً.
المشنوق: هذا بعد أن كان أعلن قبل ذلك انه يعطي الثلث المعطّل ولكن بعد الغداء أصبح الأمر إعطاء “14 آذار” والرئيسين عشرة وزراء.

ناصيف: نعم وهذا مؤشر بأن “قوى 8 آذار تريد الثلثين أولاً ولا يمكن لا أن تعطي “14 آذار” الثلث زائد واحد ولا حتى المشاركة، فلن يكون هناك تفاهم لا بالعدد ولا بمضمون البيان الوزاري.
بالعودة إلى اتفاق الدوحة أنا قلت أن الطرفين خرجا من اتفاق الدوحة ولكن ايضاً الطرفان ضالعان بتثبيت أعراف اتفاق الدوحة، وما أقوله عن |حزب الله| وعن “8 آذار” أقوله عن الرئيس الحريري ايضاَ.
س: من أي ناحية تحديداَ؟
ناصيف: بمعنى المشاركة أولاَ بالثلث المعطل وثانياَ ان يوافق رئيس الحكومة الذي يملك حداَ كبيراَ من الصلاحيات التي يعطيها الدستور له بأنه ورئيس الجمهورية من يؤلف الحكومة، وهو والرئيس من يختار الحقائب والوزراء .

المشنوق: والرئيس الحريري كان في ذلك الوقت رئيس الأغلبية النيابية .
ناصيف: في الحكومتين السابقتين كان الرئيسان زعماء الأغلبية النيابية في الـ2008 مع الرئيس السنيورة ومع الحريري في الـ 2009 ، لم تبصر حكومة الرئيس السنيورة النور إلا بعد 44 يوماَ ويومها أصرّ العماد عون على الحقائب التي يريدها وخاصة الاتصالات.
وبعد 135 يوماَ وبعد تكليفين للرئيس الحريري لم يستطع أن يعلن الحكومة بعد 135 يوماً إلا بعدما أخذت المعارضة الحصص التي أرادتها ومنها الطاقة والاتصالات .
إذاَ هناك تكريس لهذا العرف المناقض لأحكام الدستور والإنتقاص لصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ولكن الطرفين ضالعين ومتورطين من أجل الإستقرار .
إذاً الذي يميّز الدوحة عن الطائف أمر بسيط جداَ، الطائف كان اتفاق سلام وهو اتفاق تأسيس لنظام دستوري جديد الى حدٍ ما بدون أن يكون التعبير مطلق حول إعادة بناء المؤسسات أو إعادة توزيع الصلاحيات بين الرؤساء، إنما اتفاق الدوحة على حساب النظام وعلى حساب الصلاحيات كان اتفاق الاستقرار .

المشنوق: ولكن هل هو حقق فعلاَ الإستقرار وهل هو قام على قاعدة سلمية؟ هو قام على قاعدةعسكرية نتيجة عمل عسكري، وبالتالي بٌني على أساس خطأ.
طبيعي أن الجميع شاركوا وأنا من رأيك مئة بالمئة ولكن ما أريد أن أقوله أنه حان الوقت وهذا واضح من الكلام الذي سمعناه في “البيال” اليوم من الرئيس الحريري أنه حان الوقت لكي يقول أنا أخطأت، وقال أنا اخطأت وأنا أريد العودة إلى النص باعتباري واحد من هؤلاء اللبنانيين الذين يتمسكون بالدستور، لأنه ما هو الخيار الآخر منذ تجربة الدوحة حتى الآن؟ الخيار الآخر هو أن تبقى تقوم بتسويات ويتضح ان هذه التسويات لا تحقق الإستقرار ولا تحقق التنمية ولا تحقق التقدّم وبالتالي لماذا تقوم بها؟.
انت لا يمكن ان تشتري الإستقرار بالدستور أنت عملياً جئت وقلت أريد الإستقرار للبنانيين ولكن مقابل مخالفة الدستور.

ناصيف: لكن الطرفين مسؤولان عن ذلك.
المشنوق: أنا لم أقل العكس بالعكس أنا موافق معك.

وليد عبود يسأل : بنفس المسؤولية؟
ناصيف : طبيعي لأنهم شركاء.
المشنوق : كلا هناك فرق.

وليد عبود : ربما 14 آذار تقول أنها فعلت بوجود السلاح على الطاولة ؟
المشنوق : أنا لا أتحدث بـ 14 آذار.

ناصيف : ربما أنت يا أستاذ نهاد تتحدث بفرق السلاح .
المشنوق: هذا ليس فرقاً، هذا موضوع رئيسي ولذلك أنا أقول أن النقاش حول الأعداد والحقائب والحصص هو نقاش خارج سياق الموضوع الحقيقي. الموضوع الحقيقي أن هناك خلافاَ سياسياً عميقاً يجب تسويته قبل استعادة انعاش الدستور، يوجد موضوع يتعلق بالحياة السياسية وبالسلاح، هل يمكن استمرار الحياة السياسية باعتبار السلاح جزء منها أو جزء من التأثير فيها وجزء من الغلبة عليها وجزء من استعماله في الداخل هل هذا الأمر ممكن؟ فاذا كان هذا الأمر ممكناً فهذه هي التجربة أمامكم.

وليد عبود يسأل: ولكن في المقابل إلى أين أوصل الحوار بموضوع السلاح وهم يقولون أنه أصبح خارج البحث؟
المشنوق: أولاً أنا لم أقل أنه أوصل إلى مكان وثانياً كل واحد يمكن أن يقول ما يريد لآنه بالنتيجة هؤلاء سيعيشون مع بعضهم، وهذا يستطيع أن يقول ما يريد والآخر يقول ما يريد ولكن هؤلاء الناس ليسا بلدين أو دولتين، وبالتالي محكومين بالتفاهم الصح وليسوا محكومين بالتفاهم على زغل . كل ماحدث منذ سنة 2006 حتى اليوم منذ خروج الوزراء أول مرة يوم إغتيال الزميل الصديق العزيز الشهيد جبران تويني منذ ذلك التاريخ كل شيء يقوم على زغل .
الاستاذ نقولا قال انهم ليسوا مصّرين على المحكمة ولكن التعبير خطأ هم صوّتوا ست مرات على المحكمة الدولية، وعندما اعتبروا أن ميزان القوى أصبح يسمح لهم بالخروج من التزاماتهم وجدوا الأمر سهل جداً. وبالتالي أنت لا يمكن أن تبرم اتفاق سياسي مع أشخاص ينتظرون السلاح لكي يصبح أكثر تأثيراً للخروج من التزاماتهم وما دام السلاح عنصر من عناصر التفاهم فالغلبة موجودة .

ناصيف: أنت يا أستاذ نهاد تحدثت عن وجهة نظر لطرف، ولكن في لبنان هناك وجهتي نظر وفي المقابل هم أعتبروا أنهم صحيح صوّتوا على المحكمة وقالوا في البيانات الوزارية أنهم مع المحكمة، ولكن اليوم يعطون وجهة نظر مختلفة في مسألة المحكمة خاصة وأن هناك تسريبات حول القرار الاتهامي أنه يستهدف “حزب الله” وبهذا المعنى اعتبروا أن العدالة المنشودة التي كانوا يريدونها، وبالأمس أعلن ذلك الرئيس بري بأن هذه العدالة ليست هي العدالة التي وافقنا عليها حين صوّتنا على المحكمة الدولية، وبالتالي أقول هناك وجهتي نظر وهناك صراع سياسي في البلد.

المشنوق: أنا لا أتحدث هنا عن وجهة نظر جهة أنا أتحدث بالمنطق والعقل المجرّد ، هناك قرار أُتخذ بخوض المعركة في مواجهة المحكمة منذ ستة أشهر هذا واقع أم لا؟
ناصيف: القرار اٌتخذ عندما نزلوا إلى الوسط التجاري ويوم الإعتصام .

المشنوق: ولكن من بعد النزول إلى الوسط التجاري وبعد اتفاق الدوحة عادوا والتزموا بالمحكمة في البيان الوزاري، قرروا الإعلان الكامل عن هذه المواجهة بتوقيت محدّد وقبل ستة أشهر من الآن، هذا التوقيت إلى ماذا يستند؟
إعتبرني محايد ياسيدي، أستند إلى شبكة الاتصالات والروايات التقنية التي يلزمها تقني لكي يؤكدها، مع أن هناك تقنيين عندهم أجوبة لا تؤكد ماسمعناه، ولكن انا لا أسمح لنفسي أن أبدي رأيي في ذلك. والرواية الثانية التسريبات، والرواية الثالثة تتعلق بشهود الزور والذين كانوا دائماً موجودين، وبالتالي لم يكشف شيء جديد، في الستة أشهر الأخيرة نُظمت هذه الحملة للوصول إلى نتيجة، على أي أساس نٌظمت هذه الحملة؟ على قاعدة الإتهام أو على قاعدة أن ميزان القوى أصبح الآن يسمح بهذا الهجوم وفعلاً بالمنطق، بمعنى أنه إذا كانت المسألة حق وباطل فكان يجب أن يكون الهجوم منذ سنتين، أما إذا كان الهجوم يتعلق بميزان القوى وبالموقف السياسي فتحدّد التوقيت استناداَ إلى هذه المعطيات.

ناصيف: أنا موافق مع الأستاذ نهاد بأن الصراع ليس منذ الـ 2007 والـ2008 بل منذ الـ2005 منذ أن فُض التفاهم الرباعي بين الطرفين، بدأ صراع ميزان قوى ومعروف أن لبنان في كل مراحل حياته السياسية منذ 43 حتى اليوم دائماً هو جزء من توازن قوى، ولسوء الحظ اليوم توازن القوى الحاصل يُثقل بتدخلات خارجية من كل الجهات، تؤثر وتلعب بالأطراف ولكن لبنان منذ كان يقوم على توازن القوى.

المشنوق: لذلك أنا أحاول أن أقول أن الصراع ليس قائماً على الحق والباطل، هذا الصراع قائم على أن هناك جهة سياسية تعتقد أن ميزان القوى الحالي يسمح لها بفتح مخطط هجومي على قرارات وافقوا عليها ويريدون التراجع عنها. أنا قرأت كلام الرئيس بري بالآمس، وأنا تربطني صداقة شخصية معه، كلام الرئيس بري بالآمس هو كلام مُخالف لما قاله منذ شهر عن مسألة المحكمة الدولية . أكرر أنا أقول هذه ليست معركة حق وباطل وليست معركة إتهام جهة وتبرئة جهة، هذه معركة تعتمد على موازين قوى محدّدة، السلاح عنصر أساسي فيها، وبالتالي لا يمكن أن تستمر في حياتك السياسية، وهذا السلاح موجود على الطاولة .

ناصيف: أنا بالتأكيد متفق مع الأستاذ نهاد على فكرة توازن القوى في البلد، ولكن ولا مرة استطاع فريق أن يحسم على فريق آخر، ولكن الإخلال بتوازن القوى سمح لفريق في مرحلة مُعينة أن يتقدّم على الآخر، ينهكه ويتعبه وأن يأخذ خيارات، وفي النهاية عندما ينقلب الميزان يعود الطرف الآخر ويثأر لنفسه ويقلب الخيارات رأساً على عقب، ودائماً نحن نرى أنه حتى من الـ2005 وأنا أحب أن أخوض في تجربة الـ2005 لليوم لأنها أكثر وضوحاً بحجم الإنقسام وأكثر وضوحاً ايضاً بحجم التدخلات الخارجية، لأنه وراء كل واحد يوجد جهة بطبيعة الحال، بين الـ2005 والـ2008 كانت “قوى 14 آذار” في السلطة أخذت مجموعة خيارات وكان يفاجئك مثلاً على الأقل أنا أعطي رأيي بالموضوع أنه عندما يستقيل الوزراء الشيعة أن يُقال تغيبوا، ولم يقبلوا استقالاتهم ولم ينظروا إلى قضيتهم ولم يعينوا وزراء بدلاء منهم، وهنا الآلية الدستورية سلمية في هذا الأمر، وكانت الأكثرية الثلثين التي ينص عليها الدستور صالحة لهذا الأمر، لكن كانت “قوى 14 آذار” تنظر إلى أنها لا تريد إحداث شرخ مع الشيعة أو مع الفريق الشيعي الذي يوجد خلاف حاد معه حول المحكمة، وبالتالي رأينا مجموعة القرارات ومجموعة الخيارات التي إتخذتها “قوى 14 آذار” . اليوم جمّعوهم “قوى 8 آذار” حتى أحدثوا أول جزء من الإنقلاب. ما يحصل اليوم استقالة الحكومة هو استكمال لانقلاب 7 أيار، لأن 7 أيار لم يُستكمل عندما حدث، اُستكمل على الآرض، أخذنا إلى الدوحة ولكنه لم يقلب كل توازن القوى بشكل أن تصبح “قوى 8 آذار” هذه المرة هي الممسكة بزمام السلطة الإجرائية أو تستطيع تحديد خيارات المرحلة المقبلة.

س: لكن ألم كانوا ينتظروا تحقيق الإنقلاب في 7 حزيران في انتخابات 2009؟
ناصيف: لكنهم لم يستطيعوا ذلك، ولو كانوا يستطيعون ذلك كانوا فعلوها. أما اليوم بالإستقالة التي حصلت في المرحلة الجديدة، وبقلب الأكثرية أقلية، والأقلية أكثرية صاروا في مرحلة مختلفة، وبالتالي أخذوك إلى خيارات أخرى.
ما أقوله هو لكي أصل إلى القول أن خيارات “14 آذار” ستبقى هي نفسها وخيارات “8 آذار” هي نفسها وسوف تبقى هذه الخيارات متصادمة ومشتبكة مع بعضها، وبالنهاية سنصل الى تسوية .

س: لكن الناس تسأل هل ستتشكل هذه الحكومة أم لا؟
ناصيف : الحكومة أصبحت تفصيل في هذه المواجهة.

س: ولكنها تفصيل أساسي، لنفترض لم تتحقق هذه التسوية وكما يبدو لا توجد تسوية، ولكن الآن هل ستشكّل الحكومة؟
ناصيف: في لبنان وفي مفهوم التجربة اللبنانية، البديل من التسوية هي الإنفجار، إنفجار كبير أم إنفجار صغير دائماً عندما ندخل بالمأزق بالسياسة بدك تفتح بالأمن، إذاً البديل من التسوية هو الإنفجار لا أعرف كيف سيكون حجمه، ولكن هو إنفجار بين الطرفين.

س: عملياَ الآن إلى أين نحن ذاهبون نحو التسوية أم ماذا؟
ناصيف: نحن اليوم ضائعين وربما نحن في مرحلة أن تستطيع قوى “8 آذار” تشكيل حكومة وتغطيها في مجلس النواب بـ68 نائب وتعطيها الثقة، وبالتالي أن تعمل هذه الحكومة ولكن نحن نعمل في حكومة “8 آذار”.
المشنوق: دستورياً هذا سليم.
ناصيف: بالدستور والقانون سليم ولكن سيبقى ايضاً توازن القوى مختل مثلما تماماً عندما كانت “قوى 14 آذار” في الحكم وكان هناك طرف آخر خارج الحكم قادر بالشارع أن يعطل قدرتها على تنفيذ قراراتها، ماخلا قدرتها على استجلاب أو على الحصول على قرارات من مجلس الأمن، لأن حكومة الرئيس السنيورة لم تستطع أن تفعل شيء في الداخل استطاعت أن تفعل شيء في الخارج حيث الدعم الدولي كان أساسياً. واليوم الطرف الآخر لا يستطيع أن يفعل شيء في الخارج، وبالعكس سيكون في مواجهة مع الخارج، إنما يستطيع أن يفعل في الداخل، ولكن سنقع في الخلل، ولكن في مكان ما وفي لحظة ما سيسلّم الطرفان بتسوية. الآن الطرفان يرفضان التسوية ما يقوله الرئيس الحريري هو مشروع مشكلة ولكن ايضاً ما قاله الطرف الآخر من قبله ايضاً مشروع مشكلة لا أعرف مدى صمود التسوية، ومن ثم نعود إلى أزمة ولا أعرف ما إذا كان بالأمكان أن تنجح في لبنان فكرة أن يحسم فريق على فريق الآخر، حتى الآن لم نجّرب هذه الفكرة لأن الصراع طائفي وليس صراعاً مذهبياً. الصراع السياسي كان يحسم الشهابية فازت على الحلف والحلف في فترة ما كسر الشهابية، ولكن كان ذلك بالسياسة.
المشنوق: بالإنتخاب هذا ما أحاول أن أقوله فلنعد اللعبة الى قواعدها.
ناصيف: هذا بالسياسة ولكن اليوم الصراع هو مذهبي، وهو مذهبي داخل الطائفة الواحدة واليوم أصبح هناك التباس جديد يحق لـ”14 آذار” أن تستخدمه كما استخدمه السيد حسن نصرالله بعد حرب الـ2006 عندما بدأ الاعتصام، بأن هناك أكثرية شعبية وأكثرية نيابية والأكثرية الشعبية أهم من الأكثرية النيابية. اليوم بعدما حصل اليوم تستطيع “14 آذار” أن تقول نحن أكثرية شعبية وأنتم أكثرية نيابية، ولكن إلى ين يمكن أن نصل ربما لن نصل إلى أي مكان. هناك أزمة مفتوحة بانتظار تسوية ما، ستأتي هذه التسوية لكن هذه التسوية مؤقتة، ففي لبنان لا توجد تسويات دائمة بل تسويات مؤقتة يأتي بعدها إنفجار ما يتبع إستقرار.

المشنوق : أنا أحاول أن اُبّسط لأقول أن هناك كتاب دائم، العودة إلى الكتاب هي الجواب الوحيد على ما يحصل سواء تشّكلت حكومة بموجب الأكثرية التي تتحدث عنها وهو عنوان لأزمة سياسية أعمق من ذلك بكثير فإذا لم تكن قادراً على معالجة الأزمة السياسية تحمّل البلد كلها مسؤوليتها.
الأستاذ نقولا قال أن “8 آذار” لا تستطيع أن تواجه في الخارج بل قادرة أن تفعل في الداخل، برأيي أن التفعيل في الداخل هو مواجهة لكل البلد للخارج وليس لجهة دون أخرى، وليس صحيحاً أن جهة في لبنان تستطيع أن تكون مواجهة للخارج وبقية اللبنانيين يجلسون يتفرجون، فكل الناس ستتأثر وستصاب، وبالتالي يجب التصرف بمسؤولية عالية في هذه المسألة.

س: لاحظنا اليوم في “البيال” أن الخطيب الرابع كان الدكتور محمد عبدالحميد بيضون ماهي دلالة وجوده بين الخطباء في هذا الاحتفال؟
المشنوق: للحقيقة لم أكن على علم بذلك من قبل، ولكن أنا أعتبر أن الدكتور بيضون صاحب رأي سياسي ويحق له أن يعبّر عنه بالطريقة التي عبّر فيها، ممكن تفسيرها بأنها سلبية وممكن تفسيرها على أن شخص من الطائفة الشيعية وسبق له أن تولى مناصب.

س: تفسيرها على هذا النحو أم هي مقصودة؟
المشنوق: أنا أقصد أنه بطبيعة الحال هذا ما سيُقال، ولكن لكي أقول أنها مقصودة يجب أن أكون مخطط لها وأنا لست من المخططين لها.

س: يعني لم تشارك في التخطيط لهذا المهرجان؟
المشنوق: ليس معروفاً عني أني أساهم في هذه الأمور.

س- ولكن هل ساهمت في التخطيط للقاء دار الفتوى؟
المشنوق: دعني أقول أن كل موقع له طبيعة تنظيم ثوابت وطنية شيء، وتنظيم احتفال وطني شيء آخر وهذه لا تشبه تلك، فهذه مسألة أكثر عمقاً أما تنظيم الإحتفال فهذه مسألة أخرى.

س: أنا اقصد التنظيم حتى بالأشخاص؟
المشنوق: للحقيقة أنا لا ادّعي الشراكة، ولكن لا يمكن أن أقول أن الدكتور بيضون ليس صاحب حق في أن يبدي رأيه أو لا، هو ابن بُعد في طائفته، هو أخذ مناصب وزارية ونيابية والآن لأنه لديه مشكلة عميقة مع الرئيس بري هذا شيء مُعلن وليس سراً، يمكن تفسير الأمر بأن له طابع نكاية فقط، ربما يكون فيها جانب من هذا الأمر، ولكن ان نقول فقط للنكاية فهذا مبالغة باعتبار أنك وكأنك تلغي حق الشخص بأبداء الرأي وأنك أشركته للنكاية فقط وهو لا شيء، وهذا غير صحيح فهو قيمة معنوية ويُمارس العمل العام منذ زمن وتولى مناصب عامة وجدي ومُتابع ولا يمكن اعتباره أنه أداة من الأدوات، وبالتالي هذا لا يليق به ولا يليق بالمناسبة.

س: ربما كان المقصود اختيار شخصية شيعية؟
المشنوق: ربما باعتبار أنك إذا لاحظت في خطاب الرئيس الحريري هناك رسالة للطائفة الشيعية واضحة عبّر فيها بأنه ليس ذاهباً للمواجهة مع الطائفة الشيعية، لدرجة أنه أستعمل النص الأساسي لتشكيل المحكمة، الذي ينص على أن هذه المحكمة لا تتهم أحزاب ولا تتهم دول ولا تتهم مجموعات، بل تتهم فقط أطراف. فهذا دليل أن هناك جوانب إيجابية في الكلام وفيه جوانب مبدئية. ما فهمته من الكلام الذي حصل في “البيال” أن هناك عودة للثوابت المبدئية وبعد تجربة التسويات في الثلاث سنوات الماضية تبين أن كل هذه السياسة لم تُحقق شيئا ولا علاقة لها بميزان القوى، بمعنى أن المبدئي لايحتاج إلى ميزان قوى لحماية رأيه لأن المبدئي مبدئي وتوازن القوى مسألة تتغير كل يوم .
أنا لا أريد إيصال الأمور إلى نهاياتها، أنا أقول ما سمعته يعطي إشارات في هذا الاتجاه، والاستاذ نقولا سبق وقال أن كل مجموعة وراءها جهة، أنا ادّعي وليس بالضرورة أن تكون معلوماتي دقيقة ولكن أنا أدّعي أنه للأول ولأكثر مرة هذه المجموعة من القوى السياسية المؤلفة من “قوى 14 آذار| ليس لها فعلاً تحالفات عميقة مع قوى سياسية خارجية، ليس لأنهم لا يرغبون ذلك بل لأن الخربطة في المنطقة هي التي تتغيّر، ولأن الإهتمامات الدولية مختلفة، وبالتالي إذا صدر عنهم كلاماً في هذه المرحلة فهو صادر عنهم وليس عن أي جهة وراءهم .

س: هذا يعني أنهم أصبحوا مكشوفين إذا أردنا التحدث بالمنطق السياسي؟
المشنوق : قراءتي أن وضعهم الآن أحسن مما كان عليه في السابق.

س: لماذا هل لأنك قلت بالأمس أنهم لن يقبلوا لا النصيحة السعودية ولا ضغط سوري وكل هذا الكلام؟
المشنوق: أنا أعبّر عن وجهة نظري وليس عن وجهة نظرهم، قراءتي للموضوع انه حان الوقت وهذا ما أكرره وأعيده من زمان، حان الوقت للعودة الى الكتاب، أي مناقشة خارج هذا الكتاب لن توصل إلا الى مزيد من الأزمات ومن يُفتش عن الأزمات يستطيع اقتراح ما يريد ومن يعتقد ان ميزان القوى يحمي رغباته باعتبار انه يملك السلاح أيضاً يستطيع أن يجرّب وهذه ليست أول تجربة في لبنان، ولا أول مجموعة في لبنان ولا أول طائفة في لبنان تحمل السلاح وتعتقد أنها تستطيع تحقيق غلبة بواسطة السلاح، بصرف النظر عن عنوان هذا السلاح، هذه التجربة تم تجربتها ومعروف انها لا توصل الى مكان، ولا يمكن أن تحقق نتائج ثابتة، وأي نتيجة تحققها هي نتيجة عابرة تكسّر البلد وتصيب الطائفة ولا تحقق نتائج ثابتة لأي جهة من الجهات.

ناصيف: الأستاذ نهاد تحدث بالمسائل المبدئية، ولكن أنا أريد التمييز بين المسائل المبدئية والخيارات السياسية، فالمحكمة واقترانها بالعدالة مسألة مبدئية وموضوع السلاح في الجانب المتعلق بأن السلاح يكون للدولة وللجيش، وبالتالي بناء الدولة أو مفهوم الدولة هو المرجعية الوحيدة سواء لفض النزاعات أو لتحديد الخيارات أو لتحديد سياسة الدولة، طبعاً هاتان مسألتان مبدئيتان. لكن هناك أمران هما خيارات خاضهما الرئيس الحريري وأنا أشعر بما قاله اليوم هناك شيء من عقدة الذنب عندما قال أريد العودة الى الجذور، وهو الأول الحوار مع سوريا الذي لم يستفتِ قاعدته حوله عندما قرر الذهاب الى سوريا رغم أنه قال انه ذهب كرئيس حكومة، ولكن أضاف أنه ذهب كإبن رفيق الحريري، والمسألة الثانية الحوار مع “حزب الله”.
الحوار مع “حزب الله” مقطوع منذ حزيران الماضي، والحوار مع سوريا مقطوع منذ تشرين الأول، وبالتالي تجربته حتى صدور مذكرات التوقيف السورية في 3 تشرين الأول كان الرئيس الحريري باستمرار يشيد بالحوار الشخصي أو بالعلاقة الشخصية والحوار السياسي القائم بينه وبين الرئيس بشار الأسد.

المشنوق: أعتقد ان المشكلة أننا اعتمدنا كثيرا على الشخص، فنحن نريد الحوار السياسي وليس الحوار الشخصي.

ناصيف: ولكن قالها الرئيس الأسد للرئيس الحريري ان العلاقة الشخصية تساعد في حل المشكلات السياسية ولكن لا تشفع بالمشكلات السياسية.
اليوم في حصيلة الكلام الذي سمعناه من الرئيس الحريري يبدو كأنه يقول ان هذين الخيارين فشلا، طبعاً لم يذكر من هو المسؤول، ولكن طبعاً هو لمّح بالقول طلبوا مني أو كادوا يدفعوني الى الإستسلام. لقد تحدث الأستاذ نهاد عن الجغرافيا السياسية، لا يمكن أن يكون خيار الحوار مع سوريا هو خيار فاشل او خاطيء أو أخفق ولا يمكن، لأن الرئيس الحريري زعيم سني و”حزب الله” يعتبر نفسه زعيم الشيعة، وبالتالي هما النقيضان اللذان يقفان وجهاً لوجه، لا يمكن أياً تكن حجم الخلافات، لا يمكن أن يتوقف الحوار بين الطرفين.
الرئيس الحريري عليه أن يسند ظهره على محل وهو يواجه الملفات الأخرى الداخلية في لبنان.
أنا قلت في بداية الحديث الرئيس الحريري عاد الى الصفر في علاقته مع السوريين وشعرت وكأنه يقول للناس بنوع من عقدة الذنب بأني رجعت الى الجذور لأني فشلت في الحوار أو لأني لم أستفتِ القاعدة.

س: ربما أيضا لأنه لم يلقَ تجاوباً؟
ناصيف: أنا لا أعرف ما إذا كان الرئيس الحريري قادر على عدم الذهاب الى سوريا لأنه كان يجب أن يستفتي القاعدة ، كانت المصلحة ووجوده على رأس الحكومة والإتجاه نحو المصالحة الحقيقية توجب أن يذهب الى سوريا، وطبعاً لم يضع سكّة جديدة بالحوار مع “حزب الله” لأن هذه السكّة وضعها الرئيس رفيق الحريري وحافظ عليها حتى في أكثر لحظات الخلاف أو التباين بينه وبين “حزب الله” وأبقى الحوار مفتوحاً.

المشنوق: أنا أريد أن أقول ان العلاقات اللبنانية- السورية والحوار السوري- اللبناني ليس قراراً تتخذه إذا أعجبك أو لم يعجبك، هذا تطلّع له علاقة بالجغرافيا السياسية وله علاقة بمصالحك وأمنك واستقرارك ومصالح وأمن واستقرار سوريا، وهذه مسألة مبدئية ليست خاضعة كل يوم للتغيير. ولكن وأنت يا أستاذ نقولا تتابع بدقة في 6 أيلول صرّح الرئيس لحريري لجريدة “الشرق الأوسط” مُبّرئاً سوريا ومُتحدّثاً عنشهود الزور ومُعتّرفاً بشهود الزور. هذا كان في 6 أيلول، وأنا لا أملك معلومات يمكن أن تصلّح لي لأني لا أملك شيئاً دقيقاً، ولكن يُفترض أنه بين 6 أيلول و3 تشرين الأول تاريخ إصدار مذكرات التوقيف، يُفترض انه في هذه الفترة تمّ التفاوض حول ورقة أو الأفكار التي تحدث عنها اليوم باعتبارها أنها موجودة بينه وبين السوريين.

س: هل تقصد مؤتمر المصالحة؟
المشنوق: باعتبار ان الورقة تتضمن بنوداً كثيرة جزء منها المؤتمر الذي يرعى كل هذه الأمور.
ناصيف: هذا الإطار.
المشنوق: هذا الإطار، ولكن هناك تفاصيل كثيرة بالتأكيد موجودة في الورقة، ولكن أنا عندي سؤال بعد حديث الرئيس الحريري للـ”لشرق الأوسط”، ودعني أقول أنت في نفس الوقت كنت في هذه الفترة تفاوض على هذه الأفكار، فهل يُعقل أنه قبل أن تصل الى أي نتيجة أو تحسم في أي من هذه المسائل، هل يُعقل أن تُصدر مذكرات التوقيف وتنتظر أن يستمر الحوار حول البنود بشكل طبيعي، أنا لا أفهم هذا الأمر فكيف أنك أنت ترغب في تنفيذ ورقة العمل هذه، وفي نفس الوقت لا تُقدّم أي خطوة مهما كانت شكلية. وبالتالي أول عمل تقوم به بالسياسة انك تصدر مذكرات توقيف فكيف تريد أن تنجح ورقة العمل، وفي نفس الوقت تصدر مذكرات توقيف.

س: برأيك ان السوريين كانوات راغبين في إيقاف هذا الحوار؟
المشنوق: أنا أسأل عن الوقائع لأني جاوبت في 11 أيلول وقلت ان الرئيس الحريري ليس له صفة الحديث عن شهود الزور باعتبار ان هذه مسألة قضائية، القاضي يستطيع أن يحكم فيها هو قالها لأسباب سياسية وبالتأكيد جزء من التفاهم بينه وبين الرئيس الأسد كي لا أقول تواصل.
ما بين 6 أيلول و3 تشرين لم يحدث شيء إيجابي يُبرر استمرار هذا الحوار.

ناصيف: في موضوع السين-سين أو الجهود السعودية- السورية بدأت فكرتها الأساسية في 29 تموز يوم قمة دمشق ثم في اليوم الثاني القمة الثلاثية في بيروت، وبالتالي بدأت قبل 6 أيلول، بل بدأت في 30 تموز، تكرّست عندما جاء في عشية 29-30 تموز الامير عبدالعزيز بن عبدالله وأبلغ الرئيس الحريري في بيت الوسط هذا الموضوع وانطلق.
في 30 آب آخر لقاء حصل بين الرئيس الأسد والرئيس الحريري وقبل 30 آب في اللقاءات الأربعة التي تمت كان دائماً الرئيس الحريري حسب المعلومات التي أُعلنت كان الرئيس الحريري أبدى وفي أكثر من مناسبة أمام الرئيس الأسد انه لا يتهم سوريا باغتيال والده ومستعد أو عنده رغبة أن يعبّر عن هذه المواقف في تبرئة سوريا من اغتيال والده، فكان الرئيس الأسد يقول له تفضل وأعلن ذلك في الإعلام، وهذا الكلام كان في ليل 19 ثم في صباح 20 كانون الأول 2009 وفي 30 آب 2010 أثناء السحور تكرر هذا الأمر، وأعطى الوقت للرئيس الحريري حتى 6 أيلول حيث أعلن الرئيس الحريري هذا الموقف، وطبعاً الرئيس الأسد اتصل بالرئيس الحريري بعد 24 ساعة لتهنئته.
كان الكلام الذي يُقال في سوريا، ان سوريا ما كانت تنتظره فقط من الرئيس الحريري تبرئة سوريا والحديث عن شهود الزور، وأنهم أساءوا الى العلاقة مع سوريا وأساءوا الى العائلة، بل كانت سوريا تتوقع أن يقترن هذا الإعلان بإجراءات تنفيذية كأن يطلب من النائب العام التمييزي اتخاذ إجراءات بملاحقة شهود الزور، لكن هذا الأمر لم يحصل فاعتبروه كأنه اعطى موقفاً سياسياً وموقف سياسي ناقص علماً ان الرئيس الأسد كان قد قال للرئيس الحريري منذ 19 كانون الأول وفي اللقاءات الخمسة التي تمت بينهما بأنه إذا لم يتحرك القضاء اللبناني فيوماً سيتحرك القضاء السوري لإصدار مذكرات توقيف واعتبر الرئيس الأسد انه في 6 أيلول عندما صدر هذا الموقف، لو صدرت أي إجراءات تنفيذية أو إجرائية لملاحقة شهود الزور ما كانت لتصدر مذكرات التوقيف، وأتت مذكرات التوقيف في 3 تشرين بعد أقل من شهر كي تُمارس نوعاً من الضغط على الرئيس الحريري في هذا الأمر، فماذا كانت ردّة فعل الرئيس الحريري؟ ان هذه محاولة ضغط عليه.

المشنوق: أنا أحترم معلوماتك وأنا أسألك باعتبارك مُطّلع وأنا لا أملك كل هذه الوقائع، أنا أسأل هل يُعقل أنه بعد خمسة اجتماعات بالمنطق والعقل، هل يجوز أن رئيس الوزراء اللبناني وابن رفيق الحريري بعد خمس زيارات الى سوريا وبصدر عنه هذا التصريح اعتباره أنه تأخر بالمسألة الإجرائية أن تتخذ أنت إجدراء بواسطة القضاء السوري المستقل، تتخذ إدراء توقف فيه كل هذه العملية السياسية الضخمة التي اسمها إعادة العلاقات اللبنانية-السورية بعد خمس سنوات من الصراع، أنا أ‘تقد ان هناك تبسيط للموزضوع.

ناصيف: لكن حقيقة هذا ما حصل.
المشنوق: أنا لا أقول ان المعلومات غير صحيحة، أنا أتحدث عن استنتاج .

ناصيف: لكن هذا ما حصل لأنه دائماً كلام السوريين عن الرئيس الحريري انه يلتزم ولا يُطبّق التزاماته.
المشنوق: أنا لا أتحدث عن وقائع. أنا مُسّلم بأن ما تقوله هو الوقائع، ولكن أنا أسأل بالإستنتاج السياسي المنطقي والعاقل والداعي، هل يجوز إلغاء مسيرة استعادة العلاقات اللبنانية-السورية الى طبيعتها بعد خمس سنوات من الصراع الدامي والعاصف بسبب عدم اتخاذ إجراء قضائي مباشر بعد التصريح لجريدة “الشرق الأوسط” عن مسألة شهود الزور، يعني الموضوع بهذه البساطة.
ناصيف: يا أستاذ نهاد السوريون انتظروا هذا الموقف منذ أول زيارة في 19 كانون الأول، لأن السوريين يقولون ان هناك التزامات وتعهدات للرئيس الحريري أمام الرئيس الأسد ولم يُطبّقها، وبالنسبة لهم انه تأخر كثيراً.
المشنوق: أنا لا أريد القول ان الوقائع غير صحيحة، ولكن هذه العلاقات تستأهل صبر أكثر وجهد أكثر وتعب أكثر وعدم المبالغة بردود الفعل، وتفترض أنه إذا أنت فعلاً من الجانب السوري ترغب بأنك تريد الإستقرار في العلاقات بين البلدين تتوقف بسبب هذه المشكلة، وهل لا حل لهذه المشكلة؟.

ناصيف: أنا أعتبرتها مشكلة مستقلة ولكنها جزء من مجموعة مطالب سورية للرئيس الحريري.
المشنوق: أنا أتحدث عن العنوان الرئيسي والعنوان الرئيسي هو العلاقات السورية-اللبنانية وليس المطالب السورية من الرئيس الحريري.

ناصيف: لكن يا أستاذ نهاد هل تستطيع تمييز المطالب السورية من الرئيس الحريري عن العلاقات الثنائية؟.
العلاقات اللبنانية-السورية منذ انتخب الرئيس سليمان حتى ذهاب الرئيس الحريري الى دمشق كان الملف بيد الرئيس سليمان، وهو الوحيد الذي ذهب الى دمشق، وكان الحوار يتم دائماً من خلاله، وعندما أتى الرئيس الحريري الى دمشق فُتحت صفحة جديدة لأنه لم يكن هناك مشكلة مع الرئيس سليمان.
ولكن السوريين لديهم مآخذ، فالرئيس الحريري لا يمكن أن يفتح حواراً مع سوريا وفي الوقت نفسه الرئيس السنيورة أو سمير جعجع أو ربما الرئيس امين الجميل يهاجمون سوريا، أو إذا لم يهاجموا سوريا يهاجمون المقاومة، فلا يمكن أن تكون حليفاً لسوريا وتهاجم المقاومة.
المشنوق: الرئيس السنيورة بعدما خرج من الحكومة لم يتكلم.
ناصيف: أنا أعطي مثل بالتخلي عن هذا النوع من الحلفاء.

وليد عبود: كأنك تضع دفتر شروط؟
ناصيف: نعم هم وضعوا عليه دفتر شروط وكان المطلوب منه أيضاً التخلي عن معاونيه الذين يعتبرونهم السوريون مناوئين لهم، وبالتالي إذا هناك رزمة مطالب لم يُطبّق منها أي شيء.

المشنوق: كل الوقائع التي تفضّلت بها يا أستاذ نقولا أقول انها صحيحة مئة بالمئة، ولكن هل تعتبر أنت ان هذه الوقائع تعبّر فعلياً وحقيقة عن رغبة جدية بعلاقات مختلفة بين لبنان وسوريا بعد خمس سنوات من الصراع؟ أنا أسأل سؤال فهناك شيء بالعقل وشيء بالوقائع.

س: بعد ستة أعوام من غياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري كيف تنظر الى هذا الغياب والى أي حد برأيك اليوم الحريرية مُهدّدة إنطلاقا من التطورات السياسية؟
المشنوق: أنا لا أعتقد ان هناك حقيقة في البلد في الست سنوات الماضية ولسنوات مقبلة بقدر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولا يوجد شيء مما عمل له وسعى له أو فكر به غير انه مستمر في ذاكرة الناس، وفي قلوبهم، وفي عقلهم وفي تصرفهم وفي جهدهم وفي نجاحهم وثباتهم.
أنا أعتبر أنني أتحدث كحقيقة، الآن إذا كان هناك جهات سياسية تعتبر ان نجاحها السياسي يقوم على تهشيم تجربة غيرها فهذا لا يُبّدل بالحقائق بل أنها محاولات، وبرأيي ليس التاريخ من سينصف الرئيس الحريري، ولكن أنا أعتقد انه في كل يوم يتم إنصاف الرئيس رفيق الحريري.

س: لكن ألا يحق انتقاد هذه التجربة وألم يكن فيها ثغرات او بعض النواحي السلبية؟
المشنوق: لا يمكن لأحد أن يعمل 15 سنة بدون أن تكون لديه ثغرات وبدون أن يكون له تقصير في مكان وعمل أكثر من اللزوم في أمكنة أخرى، أنا لا أتحدث عن آلهة، بل أتحدث عن بشر، ولكن هذا الإنسان بالذات سيبقى حقيقة لبنان السياسية كما كان في السنوات الست الأخيرة ولسنوات مقبلة، والتجربة ستثبت ذلك لأني لا أعرف ما إذا كان هناك أي واحد يستطيع أن يخوض تجربة أحسن من تجربته رغم كل الكلام الذي يُقال.

س: هل تجد اليوم ان الحريرية مُهدّدة بشكل أو بآخر، يعني عندما تمت عملية تكليف الرئيس ميقاتي قيل الكثير من الكلام وكأن القصد هو إقفال بيت الحريري وإنهاء هذه الزعامة، هل ترى اليوم ان هذا هو القصد وهذه هي الغاية؟
المشنوق: جميل للشخص أن يحلم، ولكن لا أعرف بالوقائع إذا كان هذا صحيح.

ناصيف: أظن انه لم يطلق اسم الحريرية السياسية إلا بعد غياب الرئيس رفيق الحريري، لأنه في أثناء وجوده لم يكن شيء اسمه حريرية سياسية بل كان هو الموجود كحالة هو نفسه، الشهابية كانت موجودة مع الرئيس شهاب، يعني كان الرئيس شهاب وأصبح خارج الحكم، ولكن كان هناك شيء اسمه الشهابية، وأنا هنا أتحدث عن التيار المرتبط بالشخص وليس التيار أو الجمهور المرتبط بالحزب. أيضاً بالنسبة للرئيس شمعون كان عنده حزب ولكن كان هناك تيار اسمه التيار الشمعوني.
الرئيس الحريري كان هو يختصر كل التجربة بنفسه، عندما كان موجوداً، وبالتالي عندما غاب الرئيس الحريري أصبحت هناك ما يسمى بالمدرسة الحريرية أو الحريرية السياسية بمفهوم القوى التي شاركت معه في الحكم والتي شاركت معه بالأفكار والتي شاركت معه في كل خطوة.
المشنوق: والتي شاركت معه في الحلم.
ناصيف: أنا لا أعرف الرئيس الحريري أكثر من الأستاذ نهاد، ولكن طموحاته كانت أكبر من قدرة البلد على احتمالها.

المشنوق: طموحاته أم طموحات البلد؟
ناصيف: كلا طموحاته كانت أكبر من قدرة البلد على احتمالها، ليس لأن لبنان لا يستأهل هذه الطموحات، بل لأن التركيبة السياسية في لبنان والتي عمرها سنوات طويلة، هذه الطبقة السياسية لا يمكن أن تترك لشخص أن يكبر بحجمه أكثر من قدرتها على التحكم بمفاصل النظام، هذه القوى قوى النظام المتوارثة منذ العام 43 يذهب الأب يأتي الإبن العقلية نفسها حتى لو تغيّرت الوجوه أو الأسماء هي تحمي نفسها وهي تدير النظام وتنتقده وتحميه في الوقت ذاته، فتنتج كل الطبقة السياسية وتنتج كل المؤسسات، وشيء طبيعي وفي لحظة ما أن يحصل تناقض، وهنا سأقول هذا الكلام لكي أصل الى النقطة التي تتحدث فيها عن تجربة الرئيس ميقاتي، فأقول: كانت سابقة غير مسبوقة وغير مألوفة في الحياة السياسية في لبنان، بحسب معرفتي على الأقل وليس بحسب وعيي، أن يكون هناك زعيم سني يدمج رئاسة الحكومة، هذا المنصب بالزعامة الشعبية الكاملة تقريباً. طبعاً شعبية الرئيس سعد الحريري السنية أكبر بكثير، وزعامة الرئيس سعد الحريري أكبر بكثير في الشارع السني من زعامة الرئيس رفيق الحريري لأنها أتت بعد الشهادة، بعكس الرئيس الحريري الأب لم يكن الزعيم السني الوحيد ولكن الزعيم الأكبر في السنة واستطاع الدمج بين هذه الزعامة ورئاسة مجلس الوزراء، الأمر الذي لم تكن تعرفه الطائفة السنية على الإطلاق. ولكن ولا مرة كان هناك زعيم للطائفة السنية الزعيم الأكبر كانت أحجامها متساوية، إذاً كانت الأحجام متقاربة أولاً وثانياً لم يكن هناك زعيم منطقة يستطيع أن يجمع زعامة الطائفة مع رئاسة مجلس الوزراء، فعندما كان صائب سلام في الحكم كان المعارض الأساسي له رشيد كرامي والعكس، أو إذا كان عبدالله اليافي نفس الشيء.

وليد عبود: لم يكن هناك زعيم سني عابر للمناطق؟
المشنوق: ولا للطوائف.
ناصيف: صحيح ان صائب سلام زعيم سني ولكن كان له امتداد للطوائف.
المشنوق: نحن نتحدث عن الإنتخابات .

وليد عبود: يعني الرئيس صائب سلام لم يكن يرشّح مرشحين في طرابلس؟
ناصيف: الرئيس الحريري لم يُرشح في طرابلس، ربما الرئيس الحريري الإبن استطاع الإنتشار في كل المناطق من بعد شهادة والده. أما الرئيس الحريري الأب أنجز الإنتصار الكبير في بيروت. ففي دورة 1996 الإنتخابية النيابية كان هناك أطراف آخرين، ولكن في سنة 2000 كان الإجتياح كاملا. وأنا أقول هذا الكلام لكي أوضح أن التجربة التي تعكسها تجربة الرئيس ميقاتي هي ليس إقفال بيت الرئيس الحريري لأنه في لبنان لا تُقفل البيوت، هذه التجربة أعادت فتح البيوت الآخرى، أعادت التعددية الموجودة في البيوت السنية التي استطاعت أن تتنفس، التي لم تكن تستطيع التنفس في أيام الرئيس الحريري، وكانت زعامته وقوته ووجوده في رئاسة الحكومة وتحالفاته وعلاقاته غير مسبوقة، ولكن لا يجب أن ننسى انه زعيم لبناني وزعيم عربي أيضاً الرئيس رفيق الحريري. ولكن صائب سلام أيضاً هو زعيم لبنان وزعيم عربي ورياض الصلح كان زعيماً لبنانياً وعربياً. إذاً عندنا هذه التجربة ولكن اليوم بتجربة الرئيس ميقاتي ليست إغلاق بيت الرئيس الحريري، لكن إعادة فتح البيوت السنية الأخرى، لأن في المقابل هناك قرار واضح أبلغه الرئيس بشار الأسد للقطري وللتركي بعدم عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة والسيد حسن نصرالله ايضاً عندما أتى الشيخ حمد ووزير خارجية تركيا أبلغهما أنه لا يمكن حتى في ظل ورقة التسوية التي كانت مطروحة لأنه كان فيها بند يقول من يُنفّذ هذه الوثيقة رئيس الحكومة المكلّف الشيخ سعد الحريري، هذه الورقة أدخلها الوفد التركي- القطري بوساطته بينما لم تكن في السين-سين لذلك يوجد ورقتان الفرق بينهما جملة واحدة.

المشنوق: لأول مرة إسمح لي استاذ نقولا لست دقيقاً.

وليد عبود: لماذا؟
المشنوق: أنا لا أريد أن أناقش الوقائع أنا أتحدث عن الموضوع.
ناصيف: أنا أريد أن أصل لأقول ان القرار كان واضحاً ليس إقفال بيت الحريري ولكن إخراجه من الحكم أو من رئاسة الحكومة الى أمد لا يمكن لأحد أن يعرفه، ولكن في الواقع هناك محاولة لإخراجه وإقصائه تماماً من رئاسة الحكومة. ولكن ورد في الورقة القطرية-التركية انه يُعهد الى رئيس الحكومة المكلّف الشيخ سعد الحريري تنفيذ هذه الورقة.
المشنوق: أنا لن أناقش الأستاذ نقولا بالوقائع، ولكن أنا أستطيع أن أؤكد أن المقارنة التي تفضّل بها بين الورقتين غير دقيقة.
على كل حال عندما تقول يا أستاذ نقولا ان الرئيس الأسد أبلغ الوزير القطري أو التركي أو أي وزير آخر بأننا نريد فلان ولا نريد فلان، وأقبل بفلان ولا أقبل بفلان، فهناك شيء تغيّر في لبنان منذ خمس سنوات لليوم لا أحد يستطيع أن لا يعترف به ويستطيع في ذات الوقت التعاطي معه، أنت يمكن أن لا تعترف به، ولكن بالتأكيد لا يمكن أن تكون عنصراً إيجابياً أو جزءا من استقراره، أنت تقول ان هناك قرار في سوريا يوصلك الى ان لا تكون سوريا جزء من الإستقرار في لبنان، لأنه من يستطيع إبلاغ وزراء بقبوله هذا الشخص أو رفضه لهذا الشخص، يعني ان لا نعترف بما حصل في السنوات الخمس الماضية ولا نعترف بحجم الإنفجار السياسي، وليس فقط الإنفجار الذي أدى الى استشهاد الرئيس رفيق الحريري.
أنا أريد العودة الى كلام قلته يا أستاذ نقولا بأن للسوريين اعتراض على كلام الرئيس السنيورة أو على بعض معاوني الرئيس سعد الحريري في جزء من التفاوض، الرئيس السنيورة نصّه دقيق ورصين، وبالتالي ليس من السهل أن تأخذ منه او تأخذ عليه نصّاً معادياً للمقاومة او لسوريا. أنا أعتقد ان هذا لم يحدث على الإطلاق.
النقطة الثانية: لقد قلت يا استاذ نقولا ان حكومته الأولى لم تنتج ولكن أنا أعتقد ان هناك 59 او 60 قانون في مجلس النواب مجمدة، وهذا يعني ان الحكومة أنتجت ولكن كان هناك عائق امام تثمير هذا العمل.
على كل حال، لنعود الى الموضوع: هناك وقائع جديدة في لبنان من لا يعترف بها لا يستطيع أن يقول انه جزء من الإستقرار اللبناني، وهذه الوقائع الجديدة تقول بأن هناك استشهاد لم يتوقف منذ العام 2005 حتى نهاية العام 2007 وهناك موقف سياسي جديد ترسّخ في أذهان الناس، ويجب أن نصدّق ان هؤلاء الناس جديين بقناعاتهم، لنضع السياسيين جانباً وأنا منهم، ولنضع كل السياسيين جانباً، هؤلاء الناس الذين نزلوا الى الشارع وتعبوا وصرخوا مرة وراء مرة، هؤلاء الناس ألا يجب أن نعترف بأن لهم رأيهم، وهذا الرأي يجب أخذه بعين الإعتبار؟.
ناصيف: أنت يا أستاذ نهاد ترى المشهد من بيروت من ساحة الشهداء، ولكن في سوريا يرونه مشهد آخر، في سوريا يعتبرون ان اغتيال الرئيس الحريري لا علاقة لهم به.
المشنوق: والرئيس الحريري يقول ان لا علاقة لسوريا بهذا الأمر.
ناصيف: هم يقولون انه يستهدف النظام ويعتبرونه أيضا يستهدف المقاومة، ولكن السوريين أبلغوا من أبلغوه آنذاك انه لا يمكن التعاون مع الرئيس سعد الحريري.
المشنوق: أنا أوصّف هذا التبليغ ولا أقول ان هذا التبليغ لم يحدث.

ناصيف: أنت يا أستاذ نهاد ترى العلاقات اللبنانية-السورية كما تراها من وجهة نظرك، ولكن يجب أن ترى العلاقات اللبنانية-السورية من وجهة النظر السوري.
المشنوق: أنت قلت لأن الرئيس سعد الحريري تأخر في استكمال ما صرّح به قررت سوريا معاقبة الرئيس الحريري بإصدار مذكرات التوقيف، فلا يمكن أن تقول لي بأن هذه سياسة لأني لا أراها سياسة.

ناصيف: أنت لا تراها سياسة ولكن غيرك يراها.
المشنوق: طبعاً، ولكن اللبنانيين لا يروها سياسة.

ناصيف: اللبنانيون لا يروها كذلك ولكن في دمشق يروها كذلك.
المشنوق: ولكن هم يجب أن يتعاطوا مع اللبنانيين فالمسألة ليست بين الشام وحلب، هي بين الشام وبيروت.

ناصيف: تماماً ولكن هل القرار بيدك لوحدك؟ وهل أنت ممسك بالإستقرار لوحدك في لبنانِ؟.
المشنوق: أنا أقول من يرغب بالإستقرار.
ناصيف: لا يوجد شيء اسمه من يرغب بل هناك مصالح، وسوريا تعتبر ان جزءا من استقرار لبنان هو ضمان لمصالحها الأمنية والسياسية.
المشنوق: ولكن مصالح سوريا تتعلق بالحكومة اللبنانية وليس بالرئيس السنيورة والدكتور جعجع.
ناصيف: أنا ما قلته انهم اعتبروا مواقف الرئيس السنيورة أو معاوني الرئيس الحريري أو الدكتور سمير جعجع، هذه القوى جزء من المرحلة التي افترض السوريون انهم بعد الـ2008 طووها، وبالتالي يجب أن تُقفل صفحاتها، ولم يبقَ من هذه الصفحات، صفحات 2005-2008 سوى المحكمة الدولية.

س: تحدثنا عن الحريرية، ما هو مستقبل “قوى 14 آذار” برأيك انطلاقاً من المراجعة النقدية التي قاموا بها أمام الجمهور بالأمس؟
المشنوق: أنا أعتقد ان هناك أمور أخرى كثيرة كان بدايات الحديث عنها اليوم فأنت لا تستطيع أن تعمل بالسياسة بدون إصلاح جدي، ولا يمكن أن تعمل مبدئية بدون إصلاح جدي.

وليد عبود: إصلاح جدي داخل القوى؟
المشنوق: داخل المجموعات نفسها وبين بعضهم، بعني هناك تجربة وراءهم عمرها ست سنوات لا بد لكل طرف من الأطراف من مراجعتها وأن يقرر على أساسها ما هي القواعد وما هي الثوابت، إذا كان اعتمدوا ثوابت دار لإفتار التي صدرت عن دار الإفتاء فهناك نتائج سياسية لهذه الثوابت يجب أن يناقشوها ليروا كيفية الوصول الى تنفيذها وكيفية التفاهم عليها.

وليد عبود: ولكن ثوابت دار الفتوى وُضعت لـ”قوى 14 آذار” أم قيل ذلك للرئيس نجيب ميقاتي؟
المشنوق: أنا أعتقد انها وُضعت للإثنين وليس لـ”قوى 14 آذار” فقط، وأنا أعتقد انها موضوعة أمام كل اللبنانيين، وبالتالي كل واحد معني فيها من هذه القوى عليه أن يراجعها ليرى ما هي آلية تنفيذها.

وليد عبود: ما هو موقف الرئيس ميقاتي منها ؟هل هو قادر على تنفيذها؟
المشنوق: ما سمعته منه داخل الإجتماع وخارج الإجتماع بأنه مُلتزم بها، ولم يقل شيء آخر حتى لا نحمّله وزر الرفض، هو داخل الإجتماع، وفي اليوم التالي قال أنا مُلتزم بها كما جاءت وموافق عليها.

س: هل الرئيس نجيب ميقاتي قادر على تنفيذ هذه الثوابت؟
ناصيف: المحور الأساسي في الثوابت هو البند التاسع التي يتحدث عن المستجدات الراهنة، وكل المآخذ المرتبطة بالتكليف وبخرق الدستور المرتبطة بالسلاح وهي ما عبّر عنها اليوم الرئيس سعد الحريري في “البيال”.
أما البنود الثمانية الآخرى من واحد الى 8 تقريباً هي ثوابت لها علاقة بالعلاقات مع سوريا، وبالتالي الثقل الحقيقي لم يكن في البنود الثمانية الأولى، لأن هذه ثوابت كل القيادات اللبنانية وليس فقط القيادات السنية تتحدث عنها في كل المواقع، والشيء الأساسي انه عادت ونشأت مرجعية سنية لأنه نادراً أن يكون في لبنان دوراً للمرجعية الدينية السنية .

وليد عبود: في قمة عرمون؟
ناصيف: قمة عرمون ليست قمة سنية إطلاقاً، هي قمة إسلامية سني- شيعي- درزي، وكان فيها ضيف عزيز هو وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدام.

عبود: لماذا وصفته بالضيف العزيز؟
ناصيف: لأنه آنذاك كان ضيفاً عزيزاً على الموجودين وكانت العقبة بعد اجتياح الكرنتينا والمسلخ حيث دخل في دور.

المشنوق: لا أعرف إذا كان عزيزاً حتى في ذلك الوقت.
ناصيف: آنذاك كان عزيزاً على الموجودين وكان جزءاً من التحالف قبل أن يُصبح السوري في تحالف آخر، المهم ان قمة عرمون كانت قمة إسلامية مع بهار أو ملح سوري، واجتماع دار الفتوى أعاد الى الأذهان إجمالاًالتجمع الإسلامي.

المشنوق: اللقاء الإسلامي؟
ناصيف: التجمع الإسلامي في عام 83 وكان من رؤساء الحكومات وكان يجتمع مع جبهة المحافظة على الجنوب التي كانت تضم جعفر شرف الدين والرئيس حسين الحسيني والسيد محمد صفي الدين، وكانوا يجتمعون دائماً ونشأت وتعزّز دورها بالإجتماعات الدورية بعد الإجتياح الإسرائيلي عام 78. وفي ما بعد صار اللقاء الإسلامي في دار الفتوى وغابت هذه المرحلة في فترة الحرب، ثم غابت اكثر عندما أتى الرئيس رفيق الحريري وملأ الفراغ في الساحة الإسلامية.
اليوم الرئيس سعد الحريري في وضع مواجهة، وهناك فتح بيوت وليس إغلاق بيروت تحاول ربما استعادة بناء هذه المرجعبة السنية.

عبود: هذه المرجعبة السنية التي عادت وأبصرت النور بهذا الشكل ستعطي الرئيس ميقاتي المزيد من المرونة على الحركة السياسية أم انها ستُعقّد عمله؟
المشنوق: إحياء الثوابت وليس إحياء المرجعية.

ناصيف: هذه المرجعية هي مرجعية عابرة ومؤقتة، لأنه لم تكن هناك على حد علمي على الأقل أو معرفتي هناك مرجعية سنية دينية للزعماء السنة، كان الزعماء السنة في مرحلة سابقة ما قبل الحرب حتى في سنوات الحرب الأولى كانت الزعامة السنية تستمد قوتها من الزعماء، كانت نوع من المظلة المعنوية.
الأمر يختلف عند بكركي التي كانت تشكّل مرجعية سياسية دينية، وعند الدروز لا توجد مرجعية دينية تلعب الدور السياسي، وعند الشيعة أيضاً ليس هناك مرجعية دينية مثل بكركي.
المشنوق: بل كانت هذه المرجعية الشيعية موجودة عام 1970 عبّر عنها الإمام موسى الصدر.

ناصيف: ولكن الإمام موسى الصدر لم يكن يجمع مؤسسة بوجود قيادات شيعية أخرى، وكان يلعب الدور السياسي وليس الدور الوطني أو الديني. كان الإمام موسى الصدر زعيماً سياسياً في الوقت نفسه.
المشنوق: المرجعية السنية تنطبق على الشهيد المفتي حسن خالد.

س: لكن هذه المرجعية ستعطي قدرة أكبر للرئيس نجيب ميقاتي على التحرك وعلى المرونة أم ستعقّد مهمته؟
ناصيف: أنا لاحظت ان جزءا أساسيا من ثوابت دار الفتوى هي تبني وجهة نظر الرئيس سعد الحريري، ولكن دعني أورد مقارنة بسيطة لها علاقة بالموقف ما قبل دار الفتوى، ومع موقف دار الفتوى، فعندما ذهب المفتين وبعد اجتماع دار الفتوى وطلبوا من الرئيس ميقاتي التخلي والإعتذار وأن يعود الحق الى أصحابه، لكن في دار الفتوى لم يحصل هذا الأمر، إنما أعطي نوع من الشرعية عندما سُمي الرئيس المكلّف طبعاً استمرت الإنتقادات في ما يتعلق بالإعتراض على التكليف وطريقة التكليف وعادوا وقالوا بغض النظر عن الشخصيات التي أُنيط بها هذا التكليف.
إذاً وجهوا التهمة لـ”حزب الله” ولفريق “8 آذار” بأنهم من أساءوا أو لعبوا أو تلاعبوا على الدستور، من خلال قلب الأكثريات.

المشنوق: يا استاذ نقولا دعني أتحدث على الأقل عن الأمور التي أعرفها، نحن هنا نحوّل الأمور الى شخصية، والمسألة ليست هنا النص هو أهم مادة في الإجتماع.
ناصيف: وهل قلت ما هو مخالف لذلك.

المشنوق: أنا أحاول أن أنقل النقاش الى موقعه الإصلي وهو ان ما حدث في الإجتماع هو النص وهذا النص هو الثوابت التي التزم بها جميع الحاضرين ما عدا اثنين من أصل ستين الناب قاسم هاشم والنائب الوليد سكرية.
النائب هاشم طالب بإضافة مزارع شبعا الى النص والنائب سكرية عبّر عن رأيه وهذا حقه في هذا الموضوع.
أعود وأقول النص هو الأساس وأهمية هذا النص نعود الى الخطاب الذي سمعناه اليوم، والى هذا النص فيهما مشترك مع العلم انه ليس بالضرورة من وضع هذا النص وضع النص الآخر. هذا النص يقول بأن هناك خلل رئيسي حصل في هذا النظام الدستوري المدني الديموقراطي اسمه السلاح وتسبب به السلاح. أما الباقي تفاصيل بأن هناك نواب غيّروا رأيهم ولكن الأساس هو السلاح، أيضاً غيّروا رأيهم بسبب السلاح، وبعضهم بسبب الرغبة وبعضهم بسبب النكاية، ولكن الموضوع الرئيسي هو موضوع السلاح.
النقطة الثانية: تعدّد البيوت الذي تفضلت به يا استاذ نقولا هذا جزء طبيعي من الحياة السياسية، أعتقد ان الرئيس سعد الحريري في الإنتخابات الأخيرة 2009 ساهم بفتح بيوت في بيروت وفي طرابلس، وأنا لا أقول ان من نجح كان ذلك بسبب تحالفه مع الرئيس سعد الحريري، ولكن بالتأكيد حتى الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي والصديق احمد كرامي، بالتأكيد تحالفهم جزء من النجاح وليس جزءا من الخسارة، وهذا بطبيعة الأمور، إذاً ما حدث هو تخلي عن التكليف الذي أخذه بعض نواب طرابلس والشوف وبيروت من الناس.

ناصيف: ما هو التكليف استاذ نهاد؟
المشنوق: هم صوّتوا على مشروع سياسي جزء منه المحكمة الدولية، وجزء منه الدستور وجزء منه موضوع السلاح.
ناصيف: ولكن حصل تخلي عن البيان الوزاري في موضوع السلاح من خلال كلام الرئيس الحريري اليوم في “البيال”.
المشنوق: عندما صدر هذا النص في البيان الوزاري صرّحت يومها بأن الدولة هي الإطار، فكيف يمكن أن تكون هناك ثلاث فرق.
ناصيف: هذا رأيك، ولكن اليوم كان هناك تخلي عن هذه المقولة وعن ما جاء في البيان الوزاري.
المشنوق: أنا لا أقول ان الآخر لم يفعل، هو يقول اليوم أنا أخطأت في هذه المدرسة وفي المدرسة الآخرى هناك ملفان رئيسيان تعاملت معهما بطريقة أوصلت الى هذه النتائج.

ناصيف: لكن الإخلال بالتكليف حصل من الطرفين؟
المشنوق: أنا لا أتحدث عن الإخلال بالتكليف من الطرفين، أنا أتحدث عن ان الناخبين كلفوا هذا الوكيل النيابي وانتخبوه على أسس سياسية محدّدة ولكن لم ينفذها.
أنا أقول في ما حصل بالتفاوض حول السلاح وحول البيان الوزاري وحول العلاقات مع سوريا ، نعم هناك إخلال أيضاً عند الرئيس الحريري وأريد أن أذهب معك للنهاية أنا لم أقل هذا لم يحدث، ولكن هذا كلها مظاهر خلل.
هذا النص تحدث عن اسلوب التكليف باعتباره سابقة وسميناه أسلوب التكليف، ولكن ليس هذا هو الموضوع الرئيسي، لأنه دستورياً هو مكلّف ولكن نحن عبرنا عن وجهة نظرنا ولكن هذا لا يلغي دستورية تكليفه، وبالتالي التكليف هو دستوري هناك مشكلة بالأسلوب هو معترف بها وكل الناس معترفة بها ولها ظروفها التي تحدثنا عنها.
الموضوع الرئيسي في هذا الموضوع ان الغلبة بالسلاح والتي وردت في خطاب الرئيس الحريري، ان الغلبة بالسلاح لا يمكن أن تؤدي الى تفاهم، هذا ما أردت أن اقوله.

ناصيف: انا معك وبالنهاية سنصل الى تسوية، ولكن أنا أريد أن أطرح السؤال عندما تحالف الرئيس ميقاتي مع الرئيس الحريري في طرابلس، وعندما أنصار الرئيس ميقاتي أعطوه هذا التكليف بالإنتخابات في طرابلس، هل قالوا له ممنوع إذا سمحت الظروف أن تصبح أنت رئيساً للحكومة ولا يبقى سوى الرئيس الحريري وحده رئيس حكومة.
المشنوق: أنا هنا لا أناقش دستورية ووطنية وعروبة الرئيس ميقاتي ولا ناخبينه، أنا أقول ان المشكلة التي وقعنا فيها نحن وهو وغيرنا هي، ان هناك سياسة موضوعة على الطاولة تعتمد على السلاح، وهذه السياسة لا يمكن أن تنتج حتى تسوية.
ناصيف: أنا أفهم ما تقول ولكن في النهاية ستذهب الى تسوية أو الى انفجار.

س: هل هذا يعني ان هذه الثوابت التي تتحدث عنها ستكبّل أكثر وأكثر الرئيس ميقاتي؟
المشنوق: هذه تعود له ولمسؤوليته، أنا أعتقد انها تكبّل كل شخص يلتزم بها بالبحث عن أجوبة، فإذا كنت تعتبر البحث عن أجوبة تكبيل أنا أعتبره واجب ومسؤولية، ولا نستطيع تجاهل الوقائع والقول اننا نحل المشكلة إنما يجب أن نعترف بالوقائع ونرى ما هي الوسيلة للإجابة على هذا الكلام الذي وافقت عليه سواء كان اسمك الرئيس الحريري أو الرئيس السنيورة أو الرئيس ميقاتي أو أياً كان.

س: برأيك إنطلاقاً مما حصل في تونس وفي مصر هل العاصفة التي تحدثت عنها هيلاري كلينتون ستضرب الكثير من الأنظمة في المنطقة؟
المشنوق: أنا أعتقد أن العاصفة الحقيقية، والعاصفة الحقيقة هي ظهور قدرة الشعب المصري والشعب التونسي على التعبير عن رأيه سلماً ويستطيع إسقاط النظام.
ما حدث في مصر كبير الى درجة أننا بحاجة الى المزيد من الوقت لكي نستوعب ما حصل ومدى تأثيره ولأن مصر بطبيعتها هي عنصر توازن واستقراراً تاريخياً في العالم العربي ومشروعية دورها رغم انسحابها من هذا الدور لمدة 30 سنة لم تستطع هذه المشروعية أن تذهب الى مكان آخر. العراق حاول لم يستطع وسوريا حاولت ولم تستطع والسعودية حاولت وكذلك التركي حاول والأوروبي حاول ولم يستطع والأميركي أيضا حاول ولم يستطع، المشروعية للدور المصري لإحداث التوازن في العالم العربي كأنها موجودة في الأرض المصرية، والآن أتت هذه الثورة لكي تُظهر وجه الشعب المصري. أنا أعتقد انه بغض النظر عن السائد حول قدرات هذا الشعب ان ما جمعهم ليس فقط العناوين التي أعلنوها عن البطالة والفقر والحاجة لأن كل الشعب المصري نزل الى الشارع، معظم أو أفضل الطبقة الوسطى، القضاة، المحامين، الأطباء، المهندسين، السفراء، الطلاب، كل شرائح المجتمع المصري نزلت الى الشارع وباعتقادي ان شيئا واحداً يجمعهما كلها أنها أحسّت بأن كرامتها تُسلب منها بطريقة مهينة لدرجة انه لا بالسياسة في الداخل ناجحة وهناك إلغاء للدور المصري في الخارج، يعني هناك إلغاء لاحتمال النجاح بالداخل وفي الخارج. وبالتالي أصبح المصري يشعر وكأن كرامته هي التي أُخذت.
أنا لا أود تشبيه لبنان بمصر ولا أوافق على المبالغة في هذا الموضوع، ولكن أنا أقول ان اللبنانيين أيضا لن يقبلوا بعد هذه السنوات أن يتعامل أي كان معهم باعتبارهم أنهم غير مؤهلين للإحتفاظ بكرامتهم السياسية.

س: برأيك ما الذي تغيّر في مصر هل النظام أم الرئيس، وكنا نسمع المتظاهرين يهتفون الشعب يريد تغيير النظام وما اكتشفناه ان النظام باقٍ؟
المشنوق: أبداً النظام ليس باقياً الآن يجري وضع دستور جديد وتم حل مجلس الشعب ومجلس الشورى وكل الهيئات المنتخبة وستجري انتخابات.

س: انتخابات تثبيت النظام؟
المشنوق: أبداً فأنت عندما تضع دستوراً جديداً فيعني انك تضع نظاماً جديداً، الدستور هو النظام.

س: تم الحديث عن تعديلات على الدستور؟
المشنوق: أعتقد انها تعديلات متشعبة وكثيرة أكثر بكثير مما نطّلع عليه، وأكثر بكثير من متابعتنا لأن هناك الكثير من التفاصيل خاضعة للمناقشة واحدة من هذه التفاصيل انه أُدخل في عهد الرئيس السادات على الدستور، ان دين الدولة الإسلام، فهذه أيضا من المسائل الخاضعة للمناقشة الآن، باعتبار انه لا يمكن الإستمرار بهذه الطريقة وتجاهل ان في مصر عشرة ملايين أقباط غير مسلمين وتجبرهم بدين الدولة، وبالتالي هناك أمور جوهرية يتم تغييرها في النظام، ولكن الواضح ان الجيش هو الذي استلم باعتباره أكثر المؤسسات شعبية في مصر، هذا جيش اكتوبر، الجيش الذي حقق الكرامة المصرية.

س: وهو جيش النظام؟
المشنوق: كلا، هذا جيش الوطن، هذا جيش اكتوبر وليس جيش النظام. في مصر الجيش وطني، كل مصري معني بجيشه، وكل مصري يعتبر ان الإنتصار الوحيد في الـ30 سنة الأخيرة حققه هذا الجيش، وبالتالي هو تعبير عن كرامته وفخره وعزه. ولكن هذا الجيش ملتزم التحوّل السلمي الى نظام ديموقراطي، وأنا أعتقد هذه عملية جدية وليست عملية ان الجيش سيستلم ويلغي الآخرين، وأنا أعتقد اننا سنرى نظام ديموقراطي جدي في مصر ولا أعتقد ان أحداً في العالم العربي كي لا اقول في الشرق الأوسط يستطيع أن يقول انه لا يتأثر بما يحدث في مصر.

ناصيف: تحدث الأستاذ نهاد عن الكرامة السياسية أو الكرامة الشخصية، ولكن في بعدها السياسي عند المصريين أكثر أمر أعتقد أنه هز العالم وتعاطف العالم مع هذه الثورة الشعبية بأن ثلاثة أجيال كانت تقول انها ولدت والرئيس مبارك هو الرئيس، وأصبح عمرهم ثلاثين سنة ومازال هو الرئيس.
دعني أوضح هنا أمر وهو انه منذ تاريخ مصر من أيام محمد علي باشا حتى الرئيس حسني مبارك أكثر واحد استمر في الحكم منذ عهد السلاطين محمد علي باشا والخديويين والملوك والرؤساء الأول كان محمد علي باشا 43 سنة والثاني كان حسني مبارك الذي أمضى في الحكم 30 سنة والبقية تتراوح مدة حكمهم بين سنة مثل محمد نجيب أو ستة أشهر أو سبعة أشهر والرئيس عبد الناصر 16 سنة، والرئيس السادات 11 سنة، ربما لو وعاشوا أكثر أعتقد أنهم كانوا سيستمرون مدة أكبر. ولكن الواضح ما حصل في مصر انه ليس انقلاباً بل ثورة شعبية. في العام 52 الإنقلاب الذي قام به الجيش رأينا الشعب هو الذي سار وراء الجيش وطبعاً هذا الإنقلاب اخذ روحيته من الناس، اليوم الجيش سار وراء الشعب خلافاً لذاك الوقت. كنت تطرح يا استاذ وليد هل هذا إنقلاب عسكري؟ أبداً هذا ليس انقلاباً عسكرياً بل ثورة شعبية صادقة، حرام نظلمها، ونقول انها انقلاب. أيضا كان الأستاذ نهاد يقول ما الذي يجمع الذين نزلوا الى الشارع ليس فقط الخبز والبطالة والفقر وربما هناك ما له علاقة بالكرامة وربما هناك ما له علاقة بموضوع إسرائيل.

المشنوق: أن أقول ما الذي جمعهم بكلامهم عن نتنياهو وعن الأميركيين وكلامهم عن إسرائيل بالذات موجود ولكن هناك ما يجمع كل هؤلاء الناس.
ناصيف: عملياً انت محق في مسألة الكرامة الشخصية، ولكن في النهاية إسقاط الرجل أسقط النظام، وهذا الإختيار أثبت ان الشعب كان قادراً إنجاز هذا الأمر لأنه من يحتك بالمصريين يسمع منهم انتقاداتهم للنظام عكس سوريا حيث لا تسمع انتقاد للنظام. في مصر هناك حرية إعلامية أكثر وهناك انتقاد للنظام وللرئيس وللتوريث بشكل أفضل.

س: هل تتصوّر ان هناك حكومة سريعة في لبنان؟
ناصيف: أعتقد أنها ليست قريبة فهناك عقبات أساسية كثيرة في الداخل بين الأفرقاء داخل “8 آذار” لأن “14 آذار” محسومة لن تشارك وأُعطيت الإشارات اليوم في “البيال” إضافة الى ذلك يبدو ان هناك ارتباط أو قد يكون هناك ارتباط في المنطقة، فالسوري معني بالحكومة لأنها حكومة حلفاءه مئة بالمئة، وبالتالي ربما يريد أن يستمهل أو ينتظر مسار الأمور، وربما “حزب الله” أيضا غير مستعجل، حتى الرئيس ميقاتي أصبح يقول هذا الكلام بأنه ليس مستعجلاً ولا يريد التسرّع، ولكن بالتأكيد مازلنا ضمن المهلة الطبيعية لتأليف الحكومة. فالرئيس السنيورة استغرق 14 يوماً لتأليف الحكومة والرئيس الحريري 35 يوماً في التكليف الثاني، ولكن السيء في الأمر ان هذه المدة قد تطول كثيراً إذا فعلاً نحن نربط تأليف الحكومة بالخارج أو بمسار أين مصر ذاهبة أو بالوضع العربي.

س: استاذ نهاد بالنسبة الى تشكيل الحكومة هل تتوقع تشكيل الحكومة قريباً؟
المشنوق: ما يقوله الأستاذ نقولا يؤكد ما قلناه خلال الحلقة عن مدى عمق الازمة السياسية وعنوانيها الرئيسيين العلاقة اللبنانية-السورية والسلاح، هذه مسألة عميقة وحلّها ليس سهلاً والخلاف حول الحقائب أو الأعداد.

س: وبالتالي الأمر طويل؟
المشنوق: وبالتالي يجب العودة الى الثوابت.