باريس 3 خاص رفقة عمر لم تكتمل

الأخبار 12 سبتمبر 2005 0

كيف يلمع البرق بين رجل وامرأة. هما ليسا حبيبين. هي ترى فيه مالا يراه الغير. هو يرى فيها صورتها. تمتلىء قوة ومحبة. كل الذين يعرفونها عن بعد او حتى عن قرب في مسافة الصلة لا يقتربون منها. يهابون حدتها، قوة شخصيتها، قدرتها على قول الحق مباشرة. وليس مواربة.
الصغار في المناصب، الفقراء. المستورون، المرضى، يملأون قلبها، لا يعود يتسع للوجهاء وسيداتهم .
تفتش أنت عن سبب اندفاعها. تجده في الدفاع عن فقير أو مظلوم.
تقوم بواجبها على اكمل وجه. تتحدى الوقت. تصارع الذوق لتأتي بأحسنه. تنهي ما عليها على الوعد قبل الموعد كما هو اعلان سوليدير القديم.
تقاتل الخطأ مهما ارتفع مقام فاعله. تكره ساعات النوم لانها تحرمها من العمل. لو طلبت إليها نقل مدينة من موقع الى آخر لا تستغرب. لا تسأل كيف. بعض الاحيان تستعمل تعبير “لماذا” لكي تبرر لنفسها ما تفعل وليس لكي تتاخر عنه. تهتم بالكبار الكبار سادة وسيدات، رؤساء وملوكاً وملكات، بالتفصيل الممل لرغباتهم وحاجاتهم ومن معهم، اياً كان العدد، مهما كانت درجات التراتبية.
تنهي ما عليها. تذهب الى صديق او صديقة. تترك الجاه لغيرها. هم أحوج منها اليه. هي تريد الراحة وهي ليست من هؤلاء او معهم. تملك من الغنى الداخلي ما يجعلها تكتفي به. تهرب فيه من الاستعراضات، من الاخريات. ترسم دائرتها الصغيرة. توسعها بحرص شديد. كأنها تمنح ألقاب النبالة. تمسك بالتاريخ وتفتش عن المستقبل. هي مهندسة ديكور في الاساس تخرجت من كلية إلالبا. تدربت على يد نبيل الددا المهندس لبيوت عائلة الحريري وكثير من البيوت ذات الذوق الخاص. بقي نبيل ذاكرتها الاولى وصديقها الاول. عارض أزياء تقاعد مبكراً. ذهب إلى الهندسة.
تغيب في باريس. تجدها عند مارون سلّوم تاجر التحف الاثرية. تسافر معه تتمسك به، رفيقاً قديماً.
تحب الجمال. تبحث عنه أينما وجد. تشتري وتكّدس حيث يتسع المكان، الأمكنة.
صديقاتها مهى مكاري. هبة منصور، نضال الاشقر ورندة بدير.
عرفّتها على رفيقين جديدين. مارسيل غانم ونبيل ايراني. الشيء الاكيد انني آخر من صادقتهُ. آخر هنا تعني اثنتي عشرة سنة.
اختارها الرئيس الحريري مساعدة لزوجته السيدة نازك بعد ان كلف بحكومته الاولى العام 92. تسلمت مهمتها بدءاً من الموعد مع السيدة برناديت جاك شيراك الى الاهتمام بأمور الفلبينيات المتفرغات للعمل مع سيدة قريطم. نجحت في الاثنين وما بينهما من مهمات، كما لا يفعل احد. كل من يطلب يجاب. دعوات. حفلات. بيوت. ثياب. مواعيد. سهر حتى الصباح لدردشة اوجاع. فوق ذلك كله متابعة لكل ما يحدث في الدنيا، سياسة، اكتشافات، أحداث فنية، اخبار اجتماعية، بكل اللغات.
هي ريما تقي الدين
والدتها إيطالية تتقن العربية كلاماً. تقرأ عن الاسلام بالفرنسية. تعرف المشايخ الكبار مثل الشهيد الدكتور صبحي الصالح. تتابع اخبار لبنان بالعربية. اخبار ايطاليا بلغة اهلها. مهما توصلت الى معرفتها يبقى قليلاً امام ما تكتشفه مع الايام.
“تيتا” لقبها المحبب تريد ان تحتفظ بصورة ريما كما تراها. تعبت من “رؤية” الاخرين لابنتها.
رمروم ، شقيقتك فاديا حولّت ضريحك الى حديقة ورد ابيض. كشك باريسي للورد. حبيبتك ليتيسيا يزداد وجهها براءة وهدوءا. صديقاتك؟ رنده بدير تزداد دلعاً صاخباً.
كتبت عنها انها الأنجح في مجال عملها. ضحكت. هربت. لم أناقشها. احترمت محبتك لها. لا زالت هاربة. مهى مكاري تقول أنني انصفتها كتابة. كنت دقيقاً وصادقاً في وصفها لا أكثر ولا اقل.
هبة منصور. صامتة. محبّة. مخلصة بهدوء. لا أرى فيها مشاعر أخرى. لو كان عندها أكثر لقالت. تعرفينها أكثر منّي.
نضال الاشقر. تحتاج الى مجلّد. المهم انها مازالت مقدامة في كل ما تفعله او تقوله. عن حق او عن باطل.
الايراني نبيل وقع أخيراً فريسة الزواج. ظل يدور حول ميرنا حتى رفعت سيف الزواج. أعطاها رقبته لفتها بحنانها.
مارسيل، لا أراه مؤخرا. طغت عليه موجبات “النجومية”. يصرف من ماضي حسابه معي. لا جديد يضاف إلى حساب صداقته.
اخبرتك عن حبيباتك واصدقائك؟ لم تخبريني عن احوال الرئيس الحريري. بالتأكيد علمت بنبأ استشهاده. ومعه باسل فليحان. ابو طارق. طلال ناصر. واربعة من الشباب. ذهبوا اليكم. الجنة مختلط؟ لا تستغربي. تعرفين طيلة ال12 سنة سبب استشهاده. التوقيت هو الجديد. الاستشهاد ديٌن قديم.
الجديد، غير الوجع، نتائج التحقيق في اغتيال الرئيس الشهيد تظهر. اوقف الضبّاط السيد، الحاج، حمدان، عازار، بقرار من القضاء اللبناني بعد توصية من لجنة التحقيق الدولية.
التهمة الاكيدة التخطيط لعملية الاغتيال. تصّوري؟ من يخطط ولمن. ارتحت.
هذا نبأ جديد. بدأ الفرج.
السيدة نازك دخلت سرداب الحزن. تعمل على الخير كما كان الرئيس يفعل. انما ايضاً بحزن. كلهم يفتقدونك صغاراً وكبارا. انشغل بالك على مأتم الرئيس؟ لا تقلقي. كل اللبنانيين ودّعوه. العرب والمسلمون كذلك. العالم أيضاً.
لم افتقد صوت “الرمروم” يوماً منذ تعرفت إليها قبل 12 سنة. تطمئن. تناقش.
تسأل. تهتم بالصغار والكبار. لا تقبل التساؤل حول اصدقائها رجالاً ونساء.
مهما فعلوا هم على حق. تقبل او لا تقبل هذه مشكلتك. تتحمس الى درجة القتال.
تقاتل الكبار والصغار. الجبال والبحار. الانهر والسواقي. وانتَ لا يغضَبُ لك جفن. اذا غضبت وامتنعت عن الهدوء بواسطتها. تقول لكً يا ما مي “calmatti ” اهدأ بالايطالية. لا يحصل. تستنفر اصدقاءك عليك. لا تريدك ان تتهور في الكلام على من عاشرتهم طويلا.
من اي مكان في العالم تقوم بمهامها وبأهتمامها كانها في بيروت. شبكة اتصالات متنقلة. لا املك وانا في المنفى الا كتفيها أتكىء عليهما والبكاء عليها بعد غيابها الى الابد.
تقود سيارتها. لا تقبل سائقاً او سيارة غير سيارتها.
يقفون بالعشرات على باب منزل شفيق الحريري في صيدا يوم فرح ابنه منذ سنتين.
تترك وحدها قبل الجميع. تسهو عينها من التعب. تدخل السيارة في حاجز باطون على مدخل بيروت. تنام الى الابد وفي قلبها مكان لطالب حاجة او لمظلوم.
رمروم ، تأخرت في الكتابة عنك. لم أجد ولو كتبت في اللغة العربية تعبيراً يوازي حاجتي الى وجودك.
نهاد