“انترفيوز” مع بولا يعقوبيان – لرفع الغطاء عن حَمَلة السلاح

مقابلات تلفزيونية 06 يوليو 2009 0

ضيوف الحلقة: نهاد المشنوق ونقولا ناصيف

س- أستاذ نهاد كانت فكرتك بيروت مدينة آمنة ، وقد أطلقت هذه الفكرة وسوّقت لها، ولكن البعض يسأل هل فعلا ممكن تحقيق ذلك أم انه مجرّد شعار للرفع وحلم تعرف انه لا يمكن تحقيقه؟
ج- كلا، لا يوجد فكرة لا يمكن تحقيقها طالما هناك ناس جديين وحريصين على أمن أهلهم وعلى مدينتهم.

س- من هم هؤلاء الناس؟
ج- هم الناس الذين نمثّلهم، وبالتالي نحن خرجنا من إنتخابات جديدة ونمثّل كل الناس.

س- لكن هل تمثل من يطلق الرصاص؟
ج- ممكن أن يكون أحد مُطلقي الرصاص من ناخبينا ولا شيء يمنع ذلك، ولكن أريد أن أقول، انا سمعت المقدمة التي أعددتها وباعتقادي اننا أدخلنا الأمور ببعضها البعص بأوسع من إطار “بيروت آمنة”.

أولاً: موضوع المقاومة ليس هنا مجال بحثه أو مجال ذكره، فالمقاومة شيء آخر، وفي مجال آخر وبمعنى آخر، ما حصل في بيروت لا علاقة له بالمقاومة، ولا بإسرائيل، ولا بفلسطين.

س- هناك من يقول ان هذا السلاح الموجود اليوم أكان في الأحياء أو بين الناس، هناك سلاح آخريغطيه هو هذا السلاح الذي يُقال عنه انه سلاح المقاومة، وهل السلاح الذي نزل الى الشارع في 7 أيار لا علاقة له بالمقاومة؟
ج- أنت تضعين الأمور كلها في سلّة واحدة، وهي ليست سلّة واحدة، لا يوجد شيء يغطي هذا السلاح ، ولا يوجد شيء يعوّض الأطفال الذين شاهدناهم في الريبورتاج، يعوّض لهم والدتهم.

أنا ما أقوله “بيروت مدينة آمنة” هو مشروع سياسي سلمي مدني، يهدف الى تعبئة كل الهيئات الأهلية والمدنية في مدينة بيروت، لدعوتها الى تبنّي دور فاعل للجيش.

دعيني أكون واضحا ، الفكرة من أساسها لا تعني نزع السلاح، وليس لها علاقة بسلاح المقاومة، وهي تتعلق بالهيئات المدنية والأهلية التي يحق لها المطالبة بـ”بيروت آمنة”، مدينة يعيش فيها الناس دون أن يكون هناك قوى أمنية عسكرية تقف أما شاهد وإما حاجز بين المعتدي والمعتدى عليه، وبالتالي ما أدعو اليه لا علاقة له بنزع السلاح ، وما أدعو اليه هو ضمن مراحل:

المرحلة الأولى: تتعلق ببيروت آمنة بدعوة من الهيئات الأهلية والمدنية لتبني حق المواطنين بحماية الجيش لأمنهم.

المرحلة الثانية: منذ اللحظة الأولى التي طرحنا فيها فكرة إعلان “بيروت آمنة” لم يكن مطروحا ولا للحظة مسألة نزع سلاح المقاومة. فسلاح المقاومة بطبيعة عمله ليس ظاهرا هذا أولاُ.
ثانيا: لا يعرف في أي مكان موجود؟

ثالثا: ليس له علاقة بهذا النوع من الإشتباكات، وبالتالي لا أستطيع أن أفترض ان سلاح المقاومة جزء من هذا الإشتباك. سلاح المقاومة يجب أن يبقى موجودا في مكان نحن لا نعرفه ولا نراه ، لأن مهمته مواجهة إسرائيل، فإذا كان هذا السلاح في مواجهة إسرائيل فنحن ليس لنا أي شيء معه.

نحن نريد سلاح الشرعية والسلاح في مواجهة إسرئيل، وما حدث في الشارع لا علاقة له لا بمواجهة إسرائيل ولا بالسلاح الشرعي.

هناك واقع استجد بعد أحداث كنيسة مار مخايل، فمنذ ذلك الحين وحتى اليوم القوى الأمنية تقوم بممارسة دور شبه حيادي بسبب مقتل مدنيين على يد عسكريين في ذلك الحين، والتحقيق الذي أدى الى معاقبة ضباط.

المهم كانت النتيجة تعطيل دور الجيش في حماية المواطنين، وأيضا كل القوى الأمنية ومنذ ذلك الحين وحتى إشتباك عائشة بكار، الجيش أما محايد وإما حاجز بين المعتدي والمعتدى عليه، هذا الأمر لا يمكن أن نستمر فيه، وبالتالي لا يجوز للقوى الأمنية أن تدخل الى مناطق الإشتباكات إلا بعد سؤال كل الجهات السياسية.

قد تقولين ان هذا الكلام طوباوي ويصعَب تنفيذه، ولكن دائما الفكرة تبدأ بمحاولة صغيرة وتكبر مع الوقت، أفضل من فكرة كبيرة تصغر مع الوقت. أعتقد ان المدينة مليئة بناس يحبون الحياة ومن حقهم العيش بأمان، ومليئة بناس ترفض السلاح مع أي جهة كانت تحمي هذا السلاح، وبالتأكيد هناك ناس ترفض سلاح المقاومة، ولكن أنا لست واحدا منهم، وبالتالي بالتدرج حتى نكون صادقين مع أنفسنا نبدأ بالهيئات الأهلية والمدنية بدعوة الى “مدينة بيروت آمنة”، دور الجيش فيها حماية المواطنين الأبرياء ، ودور قوى الأمن حماية حياة الناس بدون أن تتعرض هذه السيدة للقتل أما عن قصد أو غير قصد، لأني سمعت في الريبورتاج في بداية الحلقة ان التحقيق الرسمي لم يظهر بعد.

س- مسألة التوافق الذي بإمكانه فرض الأمن قد تكون عبر إيجاد حكومة وحدة وطنية يشارك الجميع فيها؟
ج- حكومة الوحدة الوطنية مسألة غير أمنية، وعنوانها أوسع بكثير ، وبالتأكيد المسعى نحو حكومة وحدة وطنية يهدف أكثر الى طمأنة اللبنانيين.

أنا أريد أن أقول ان على القوى الأمنية أن تتصرف على أساس ما تعلنه القوى السياسية عن رفع الغطاء السياسي عن حاملي السلاح، وهناك تجارب ناجحة، وبالتالي لا يمكن القول انه لا يوجد حل لهذه الأمور إلا بمزيد من الإشتباكات. وباعتقادي انه بكثير من السهولة يمكن أن يحدث ذلك، لأنه لا توجد رغبة عند أي كان للدخول في مشكل لأنه قرر أن يموت. صحيح يوجد جو إستفزازي في الشارع، وأيضا توجد أزمة سياسية في البلد، وأيضا توجد مشكلة في تأليف الحكومة هذا صحيح، ولكن هل يعني هذا ان الناس يجب ان تدفع ثمن ذلك كل يوم، وكذلك هذه المشاكل مستمرة منذ سنوات في لبنان، فلماذا لم تكن تحصل إشتباكات بهذه الحدّة من قبل؟ وأيضا لماذا لم يكن هناك 7 أيار؟ ولماذا كان الجيش أو قوى الأمن تقوم الى حدٍ ما بدور أما تعطيلي مسبق وإما إنذار مبكر؟.

س- ولكن ألم يكن يوجد أمن بالتراضي؟
ج- دائما في لبنان يوجد جزء من امن بالتراضي وجزء من أمن واقعي . وأنا أعتقد وصلت ليس في بيروت، بل في كثير من المناطق الى حدٍ كبير من الفلتان والتردي ، وأنا قرأت منذ أيام في صحيفة لبنانية كلاما لنائب من “حزب الله” يُطالب فيه أن تكون الدولة موجودة في الهرمل.

س- ربما لأسباب إنمائية؟
ج- كلا لأسباب أمنية ، هو كان يتحدث عن مسائل أمنية، وان الوضع أصبح متردياً لدرجة لم يعد بالإمكان ضبطه ، وهذا دليل على ان هناك الكثير من القوى السياسية الجدية لها مصلحة بأن تتحمل القوى الأمنية مسؤولية هذا الأمر الذي يتراكم يوماً بعد يوم، وبالتالي لا مصلحة لأحد بتغطية سارق سيارات أو تاجر مخدرات أيا تكن الجهة السياسية ، لأنه في يومٍ من الأيام يتبيّن ان الجهة الأمنية تذهب الى مكان لا يمكن لهذه الجهة السياسية أن تصل اليه، وبالتالي هذا يعني ان الأمور فلتت من يد الجهات السياسية التي من مصلحتها الآن وبجدية ان تبدأ بمسألة الأمن في مناطق وتتوسع.

س- هل الأمر مرشح أن يبدأ من العاصمة؟
ج- أنا أتحدث عن العاصمة باعتبار ان العاصمة هي المكان الوحيد الذي تجمع كل الناس وكل المناطق ، وبالتالي “بيروت آمنة” ليس لجهة دون جهة، بل لكل أهلها الذين يسكنونها. بيروت اليوم تجمع كل الناس، كل الجهات السياسية، وكل الطوائف، وكل الاشكال، وكل الضيوف، وكل الأماكن العامة ، وكل السياحة، فإذا كان كل هؤلاء لا يستطيعون إيجاد قاسم مشترك واحد بأن تكون مدينتهم آمنة فهذا يعني ان هناك مشكلة، ولكن باعتقادي ان هناك إمكانية لهذا الأمر.

س- اليوم كتب غسان سعود في “الأخبار”: “المستقبل يستخدم زينة لتصفية حسابات أمنية”، وقال : “كعادته إثر كل جريمة لا يهتم تيار المستقبل بنتائج التحقيق بمقدار اهتمامه بالثمن السياسي والأمني الذي سيقبضه نتيجة هذه الجريمة “، وفي المقال أيضا اتهام شخصي لك بمقارنة أمنية، ما رأيك بذلك؟
ج- أولاُ: أنا غير معني بالمقارنة الأمنية، وهذه مسألة يُقررها الأمنيون.

ثانيا: أنا لا أستخدم زينة الميري رحمها الله، وليس لي علاقة بهذا المفهوم للعمل السياسي. أنا تحدثت مع الأستاذ غسان اليوم وقد عتبت عليه بصفة الزمالة، وليس بصفة النيابة، لأنه كان يجب أن أسمع منه وأن يأخذ رأيي.
أنا واحد من كتلة نواب بيروت الذين زاروا وزير الدفاع ووزير الداخلية وتناقشنا معهما في ما حصل في منطقة عائشة بكار، وكان لي رأي واضح ومحدّد يتعلق بشبه مسؤولية أشخاص معينين في مراكز معيّنة في أجهزة معيّنة، وكل ما قمت به أني قلت ان هناك رأيا يقول كذا وكذا وكذا، ولن أكرر ذلك لأني لست من دعاة التشهير ولا من دعاة الخصومات، أنا باحث عن دور الجيش، ومشجّع لدور الجيش، ومؤيّد لدور الجيش، وراغب بدور الجيش، وليس لي خيار إلا خيار الجيش، وأنا لست على خصومة شخصية أو حتى معرفة شخصية مع الأشخاض، أنا أقول هناك وقائع مُثبّتة لدى المسؤولين تقول ان هناك جهازاً معينا وضباطا معينين قصّروا في هذه المسألة، وقوة التدخل حضرت بعد ثلاث ساعات من رومية الى بيروت، ولم تكن توجد قوة مسبّقة كما ورد في الصحيفة، وانه تم سحب هذه القوة المسبّقة، وبالتالي أنا لست معنيا بهذه المسألة أو من سحب ومن ترك، هذا كلام يقوله المسؤولون السياسيون وليس الصحيفة أو أن يردوا بطريقة المصدر.

س- لكن الصحيفة تنقل عن مصدر أمني “ان رواية المستقبل عن إطلاق مسلحين من حركة “أمل” النار على زينة الميري من تحت شرفة منزلها، ثبت عدم صحتها ، وفي التقرير الصادر عن مصلحة الطب الشرعي والأدلة الجنائية، التي حصلت صحيفة “الأخبار” على نسخة منه، يقول الطبيب الشرعي “هي فارقت الحياة بسبب إصابة الأنسجة الرئيسية”، بما معناه ان الرصاصة كانت من مكان قريب، وبالتالي يمكن أن تكون أُطلقت من شرفة مقابلة؟
ج- أنا لن أناقش تقرير طبيب شرعي نشرت نسخة منه هذه الجريدة، فإذا أعلنت الجهة الرسمية هذا التقرير فأنا وغيري مضطرين لتبنّيه والإعتراف به، والكل يطالب اليوم بنتيجة التحقيق.

س- وماذا عن مسألة الإستثمار السياسي من قبل “تيار المستقبل ” لهذه الحادثة؟
ج- أنا لا أوافق على هذا الموضوع، فما حدث في عائشة بكار أظهر بشكل واضح وصريح بأن عقل 7 أيار مازال موجودا في الشارع، وأنا دعيت الى سحب هذا العقل من الشارع، ولا علاقة لهذه الدعوة بمسألة الإستثمار أو الإستخدام، لأنه من المعيب الإستخدام في موضوع زينة الميري. وعندما أقول مدينة آمنة فهذا لا يعني أني أبحث عن شهيدة لاستغلال اسم، بل أتحدث عن “بيروت مدينة آمنة” بكل أهلها من جميع الطوائف والأشكال والألوان. وبالتالي لا يجوز القول ان العنوان سلمي والإشتباك سياسي، أو الإشتباك أمني، فإذا كان لهؤلاء الذين يتحدثون باسم المصدر في صحيفة “الأخبار” مشكلة، فمشكلتهم مع المسؤولين عنهم وليس معي لأنه عندما يعتبرهم كبار مسؤوليهم بأنهم مسؤولين ويدينوهم أمام عشرة أشخاص بالإسم وبالصفة فلا تكون المشكلة معي أنا ، وإنما المشكلة هم أما بأدائهم وإما المشكلة بينهم وبين المسؤولين عنهم ولا يمكن ان يحوّلوها الى مشكلة لا مع “المستقبل” ولا مع “أمل” ولا مع “حزب الله” ولا مع أي كان.

س- تقول الصحيفة انه “حتى زميلك في اللائحة التوافقية لا يوافقك الرأي بهذه الفكرة”، وتقول “انه أبدى اعتراضاُ عليها ، معتبرا ان طرح مثل هذه العناوين المتشنجة ، أي عنوان “بيروت مدينة آمنه” هو في غير وقته ويجب أن لا يقسّم لبنان الى مناطق آمنة وغير آمنة؟
ج- هو لم يقل عنوان “بيروت آمنة” بل قال عنوان بيروت آمنة ونزع السلاح وتسليم السلاح يمكن أن يتحوّل الى عنوان إشتباك، وأنا اليوم قرأت ما ورد في الصحيفة واتصلت بالحاج هاني وشرحت له فكرتي، وهو حضر الإجتماع مع وزير الدفاع وكان يفترض ان يحضر الإجتماع مع وزير الداخلية ، ولكنه كان مرتبطاُ وهو كان منذ البداية مشجعا على دور الهيئات المدنية ، فأنا شرحت وجهة نظري، وبالتالي لا يجب خلط الأمور بعضها ببعض، فإذا أردنا أخذ العنوان الى الإشتباك يمكن ذلك، وإذا أردنا أخذ العنوان الى أمن الناس وحياتهم واطمئنانهم لذلك يمكن ذلك، أنا من جهتي أخذت العنوان الى حياة الناس واطمئنانهم وليس الى الإشتباك مع أي كان أو الى صدام مع أي كان، لأن الناس ترغب بالإطمئنان وليس الذهاب الى الإشتباك من جديد.

س- في موضوع تشكيل الحكومة، ما هي آخر المعلومات؟ وهل هذا التشكيل سيكون قريبا ومسهّلاُ؟ وهل ممكن لقوى 14 آذار التي ربحت الإنتخابات ان تتنازل وتعطي هذا الثلـث؟
ج- أنا لا أملك معلومات ، ولكن عندي تصوّر ممكن أن أتحدث عنه. أولاُ ، لا أعتقد ان المطروح اليوم هو حكومة من طرف واحد، وهي لم تكن مطروحة عام 2005 ولم تُنفّذ، وإنما نُفّذت عمليا بعد صراع طويل وخروج وزراء حركة “أمل” و”حزب الله” من الحكومة ، وبالتالي المطروح اليوم أمر وحيد هو حكومة الوحدة الوطنية، ولا يوجد أي عنوان آخر. أما عقباتها فحتى الآن ما أراه من عقبات أعتبره طبيعيا، ولا توجد عقبات إستثنائية، بل هناك أزمة سياسية ، ولكن هذه الأزمة ليست مُفتعلة وليست من نوع الأزمات التي لا حل لها.

س- ما هي هذه الأزمة هل حول وزير بالزائد أو وزير بالناقص؟
ج- الأزمة ليست في العدد بل في طبيعة النظام وفكرة الثلث العاطل، هذه هي تغيير لطبيعة النظام، وأعتقد ان الكلام كان واضحا عند مجموعتنا السياسية منذ البدء، بأن الثقة والتوازن والضمانة توضع عند رئيس الجمهورية، وحتى الثلث المعطّل لا يُعطى لرئيس الجمهورية، لأن الفكرة بحد ذاتها فكرة سلبية وتغيير بطبيعة النظام، وبالتالي المطروح الوحيد اليوم، هو حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها الجميع بنسب معقولة، ولا وجود لثلث معطّل ولا أكثرية لاغية ، بمعنى لا عودة الى تجربة ما بعد خروج وزراء “أمل” و”حزب الله” ولا عودة الى تجربة الحكومة الأخيرة المليئة بالمشاكل، وبالتالي لا يجوز أن نبدأ الحوار حول الثلث المعطّل أو الثلث العاطل أو الثلث الضامن، وبأنه ضمانة لسلاح المقاومة وينتهي الحديث بأنه للنقاش حول تعيين مدير عام للدولة ؟.

س- برأيك هل تشكّل الحكومة الآن في لبنان، أو كما يقول العماد عون وغيره من المعارضة وحتى المتابع للحركة السياسية ان تشكيل الحكومة يتم في الخارج؟
ج- برأيي ان الحكومة وحتى هذه اللخظة تشكّل في لبنان. هناك مساعٍ عربية لتسهيل ما أسميه أنا العلاقات اللبنانية-السورية، وباعتقادي ان النقاش السياسي الدائر حاليا ليس على شكل الحكومة، بل ان النقاش يقوم حاليا وبشكل عميق خارج لبنان هو حول مسألة العلاقات اللبنانية-السورية لأنه لا يمكن ان نبقى في حالة اشتباك، وبالتالي يجب إعادة العلاقات الى طبيعتها وبطريقة سليمة ومتدرجة ، وبالتالي عدم الإنتقال من الحرب الى الغرام دفعة واحدة.

س- إذاُ تريد أن يهضم جمهورك هذه العملية ؟
ج- كلا إنما يلزم إمكانية عملية ان تتدرج بتنفيذها، لأن هناك تراكما للإشتباكات لن ينتهي في يوم أو يومين، وبالتالي البحث العميق الذي يجري خارج لبنان هو حول مسألة العلاقات اللبنانية – السورية وليس حول عدد الوزراء والحقائب ، وأعتقد ان الحوار لم يصل بعد الى هذه المرحلة.
هناك عنوان داخلي يدور حوله اشتباك سياسي هو الثلث المعطّل ، وعنوان خارجي جدي وعميق يتعلق بالعلاقات اللبنانية – السورية.

س- ما الذي تغيّر في العلاقات السعودية – السورية فقد كانت هناك مشكلة كبيرة حول اغتيال الرئيس الحريري، وحول المحكمة، وحول ذهاب سوريا الى أحضان إيران وخروجها عن الصف العربي، فما الذي تغيّر؟ هل سوريا هي التي تغيّرت أم النظرة السعودية تغيّرت؟ ولماذا نرى اليوم هذا التقارب؟
ج- هناك وقائع مُعلنة أولها ان السعوديين بعد خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الكويت كان واضحا انه اتخذ القرار الإستراتيجي بإعادة العلاقات العربية الى مرحلة ما قبل العام 2005 ، وبالتالي استرداد العلاقات الطبيعية مع سوريا ومحاولة تقارب بين مصر وسوريا، وانفتح على كل العرب وتجاوز في ذلك الحين العاهل السعودي تعابير شخصية كان يعتبرها حائلا دون الخطوة التي أقدم عليها. هذا لأمر المُعلن يتضح يوماً بعد يوم انه فعلا قراراً استراتيجياً وليس قراراً عابراً.
ايضا هناك ظروف كثيرة في المنطقة تغيّرت ويجب ان نلاحظ ان هناك انسجاما أميركياً في العراق، وهناك اتفاقات سورية-أميركية حول ترتيبات حدودية مع العراق، وهناك بيان من البيت الأبيض الأميركي يقول ان سوريا عنصر استقرار رئيسي في منطقة الشرق الأوسط لأول مرة منذ سنوات، وهناك عودة للسفير الأميركي الى سوريا. واليوم أُعلن عن نسمية سفير سعودي أيضا بعد سحبه من دمشق، وأيضا تسمية سفير فرنسي .
إذاً، يوجد تغيير سعودي مُعلن وبرأيي هناك تغيير استراتيجي أيضا في سوريا، ولكنه غير مُعلن.
س- تغيير استراتيجي بالعلاقة مع إيران أو بالعلاقة مع الغرب؟
ج- هم لا يبّسطون الأمور بهذه الطريقة، بل يعملون خطوة خطوة وبشكل جدي وواضح، ولا يوجد عندهم شيء اسمه انفتاح على جهة وانقطاع على جهة أخرى، هناك تغيير استراتيجي بنزرتهم لإدارة أميركية جديدة لديها فترة سماح يتم التعامل معها بإيجابية، ويحاولون الوصول الى الحد الأقصى في موضوع الدولتين، وفي مسألة استعادة الجولان دون الإنقطاع عن العلاقة مع إيران.

س- تبدو مُعجباً بهذا التوجه “سين- سين”؟
ج- هذا ليس توجهاً هذا قرار، فهناك فرق بين التوجه وبين القرار، وأنا أتحدث عن وقائع حدثت وليس عن رأيي.

س- أقصد القول ان هذه السياسة أثبتت فعاليتها، وبالتالي العالم تغيّر، أميركا تغيّرت ، والغرب غيّر نظرته تجاه سوريا، وسوريا وقفت في مكانها؟
ج- مسألة ان السياسة السورية بقيت على ما هي عليه كلام غير صحيح، فهناك تغيير سياسي في السياسة السورية بالتعامل مع الإدارة الأميركية ومع ملف المفاوضات مع إسرائيل وبالتعامل مع الوضع الأمني في العراق، ومع الإستقرار في لبنان، وبالتعامل مع مسألة المصارحة بين الفرقاء الفلسطينيين ، وبالتالي هذه مواقف جديدة.

س- هناك نظرة ان الثمن الذي تقبضه سوريا، ليس متوازناً مع الإنفتاح أو التغيير في سياستها؟
ج- هذه مسألة أيضا خاضعة للإجتهاد، ولكن يوجد تغيير استراتيجي في المنطقة لم يصل الى نتيجته أو الى نهايته بعد ، وما نراه الآن هو بداياته، وليس نهاياته، وهو لم يتركز بعد بشكل ثابت ورئيسي ، ولكن برأيي ان الإندفاع في التقارب السعودي- السوري لن يتوقف ، والإندفاع نحو مسألة الحكومة لن يتوقف رغم كل شيء، والإندفاع نحو زيارة العاهل السعودي لسوريا لن يتوقف، هذه أمور ستحصل إنما تحتاج الى وقت ولجدول أعمال جدي، أعتقد ان البحث حوله يتم دون أن يخبرونا.

س- دون أن يخبرونا، يعني على حساب لبنان؟
ج- لبنان بعد إنتخاباته أصبح لديه مناعة لوضعه السياسي كافية أن تقول ان هذا الوضع جيد ويجب المحافظة عليه.

حوار بين الاستاذ المشنوق ونقولا ناصيف

ناصيف- خارج إطار أصول القانون والدستور، نرى ان أعرافا تنشأ فعندما تكون هناك أكثرية نقول لها لا يمكن أن تملكي النصف زائدا واحد، يعني ذلك محاولة تجريدها من فوزها بالإنتخابات، وعندما نقول انه يجب توزيع الحصص في الحكومة بين معارضة وأكثرية، ولكن الأثنين يمكن أن يلعبا لعبة الثلث المعطّل أو النصف زائدا واحد بطريقة ما؟
الأستاذ المشنوق- ليس بالضرورة أن تكون هذه الحقيقة إنما هذه أفكار. أنا أعتقد ان الأكثرية منذ اللحظة التي ظهرت فيها نتيجة الإنتخابات أعلن يومها النائب سعد الحريري الرئيس المكلّف الآن بأنه راغب باتجاه حكومة وحدة وطنية ، ويمد يده لكل الناس، ولكن يجب أن ننتبه ان الأكثرية، رغم أرباحها الكبرى، ولكن هناك طائفة رئيسية غير موجودة في صفوفها.

ناصيف- ولكن هل هناك تعريف موحّد لحكومة الوحدة الوطنية فنرى ان الرئيس الحريري يقول شيء ، والقوى الأخرى في 14 آذار تقول شيء آخر ، وعند المعارضة شيء آخر؟
الأستاذ المشنوق- هذه كلها اجتهادات.

ناصيف- هذه اجتهادات تعطّل تأليف حكومة وحدة وطنية إذا لم يكن هناك تعريف موحّد؟
الأستاذ المشنوق- أنا لست متفقا معك.

بولا يعقوبيان : أنا سعيدة لأنكما لم تتفقا في نهاية الحلقة.

=======