“انترفيوز” مع بولا يعقوبيان – النظام اللبناني استنفذ قدرته على التعايش مع السلاح

مقابلات تلفزيونية 04 أبريل 2011 0

س- مواضيع كثيرة هذا الأسبوع يتداخل الداخلي بالخارجي، هل المشهد الذي نراه حقيقي؟
ج- كل هذه عناوين فيها نسبة عالية من الأوهام، أحلام السيد نصرالله وأطماع العماد عون، تنازل الرئيس ميقاتي والسلاح اللبناني الى سوريا.

س- لكن هل هذه أوهام ونحن نعيش عليها كل يوم؟
ج- لكن الوصف الحقيقي لها أنها أوهام، والأوهام هي سلاح الضعيف دائماً، فالضعيف لا يعتمد على الوقائع بل يعتمد على الأوهام، لأن الضعيف لا يملك وقائع ملموسة بين يديه يستند عليها، غير ان يرفع صوته ويتوهم.

س- ولكن لا يبدو الذين يتوهمون اليوم ضعفاء، الضعيف لبنان، ولكن الأفراد تجد ان الرئيس ميقاتي بالعكس نال شعبية كبيرة كونه العنيد الذي يقف بوجه أطماع آخرين، والعماد ميشال عون ظهر أيضاً وكأنه العنيد الذي لا يقبل التنازل عن حقه؟
ج- الشعبية الكبيرة للرئيس ميقاتي هذه على ذمتك وليس على ذمتي، أنا أعتقد بالوقائع الحقيقية لم يتغيّر شيء لا بموقع الرئيس ميقاتي ولا بموقع العماد عون.

س- لكن ألم يكسبوا بالوقت الضائع بكلام السجال الحاصل، يعني الناس تؤخذ عندما تسمع ان هذه أكثرية جديدة لا تستطيع الإجتماع ولا الإلتقاء ولا التأليف؟
ج- موقف قوى “8 آذار” وعلى رأسها الجنرال الواهم ميشال عون ليس جديداً ولا استثنائياً ولا مفاجئاً، المشكلة ليست عند العماد عون، المشكلة عند الرئيس المكلّف الذي قبِل بالتكليف من قبل قوى “8 آذار” بواسطة التهديد بالسلاح، ليس صحيحاً ان كل هذا الكلام انه مُستجد أو مُفاجىء أو غير طبيعي، لا موقف “حزب الله” ولا موقف عون.

س- تعني انه كان يعرف سيحصل معه هذا الأمر؟
ج- إذا لم يكن يعرف فلا يجب أن يعمل بالسياسة، وليعمل شيء آخر، لأن كل الناس كانت تعرف، وأعتقد انه لا ينقصه شيء لا من الخبرة ولا من المعرفة لكي يعرف ان طبيعة تكليفه لا يمكن أن تؤدي إلا الى أزمة وليس صحيحاً انه هو الحل. تكليفه جزء من الأزمة التي يعيشها لبنان والتي تعيشها المنطقة، وبالتالي كل هذا الكلام الكبير الذي نسمعه من كل الأطراف هو كلام لا يستند الى شيء إلا الى أوهام، ويستطيع المرء أن يتوهم ما استطاع، ولكن عملياً لا يستطيع تحقيق أي شيء. فلا الرئيس المكلّف يستطيع التأليف ولا من يريد حصة لا تنتهي يستطيع أن ينالها، ولا من يريد بيان وزاري يناسبه من جهة أخرى يستطيع أن يحصل عليه، وبالتالي نحن نتحدث عن ثلاثة أوهام كبرى، ولكن أستطيع أن أقول من هنا اليوم وكل الناس تسمعني، لن يتحقق شيء منها لا من الأول ولا من الثاني ولا من الثالث.

س- يعني ما في حكومة؟
ج- واضح انه ليس هناك حكومة، الأمر لا يحتاج الى سؤال، واضح انه ليس هناك حكومة بسبب الأزمة الإقليمية، ما يُبنى على خطأ لا يمكن أن يُنتج صواب.

س- يعني تمّ تكليف الرئيس ميقاتي في ظرف وتغيّر هذا الظرف، بالتالي لا يستطيعون تأليف حكومة لأنه ما يُحكى يناقض ما تقوله حيث قيل بأن الرئيس ميقاتي أُعطي شهر عسل سنياً لكي يستطيع أن يستخلص شعبية ما لكي لا يقولوا انهم ليسوا ضد صلاحيات الطائفة السنية؟
ج- ولا ساعة كل هذه أوهام، ظروف التكليف لا يمكن أن تؤدي إلا الى ما تسمعينه الآن وتتكلمين عنه، هذه الظروف القائمة على وهج السلاح وعلى تأثيرالسلاح لا يمكن أن تنتج حكومة سليمة، ولا يمكن أن تنتج منطق سليم، ولا يمكن أن تنتج وقائع حقيقية.

س- لكن ألم يكن السلاح موجوداً أثناء حكومة الرئيس السنيورة الأولى والثانية وأثناء حكومة الرئيس سعد الحريري وانتخابات الـ2005 فأين كان هذا السلاح وكيف كان المسار الديموقراطي سليم؟
ج- أنا أعتقد ان الرئيس السنيورة والرئيس الحريري إذا لم يعترفا علناً، فأنا أعتقد ان الرئيس الحريري قال أنه أخطأ، وأعتقد ان الرئيس السنيورة مُستعد ليقول أنه أخطأ في تلك المرحلة، كلاهما أعتقد انه بعد اتفاق الدوحة ممكن ان تطرأ ظروف تسمح بتحقيق مزيد من الإستقرار في البلد، اشتروا الإستقرار بمخالفة دستورية ومخالفة لكل الميثاق الوطني، بهذا اتفاق الدوحة الذي أسمّيه مشؤوم من أول لحظة، وأنا راهنت بأن هذا الإتفاق لن ينجح ولن يثمر ولن يتسبب إلا بمزيد من الإشتباكات، وهذا ما حصل فعلاً وآخر اشتباك حصل بسبب هذا الإتفاق هو ظروف التكليف .
س- ماذا يعني الذهاب الى أحضان دار الفتوى أكثر من مرة والزيارة التي كانت اليوم الى منزل الرئيس ميقاتي، كل هذا ألا يعطيه زخماً ما؟
ج- لا يوجد شيء يعطيه سوى عودته عن ظروف التكليف التي قبل بها. أنت تقولين انه يشكو أمام أعضاء المجلس الشرعي بزيارة اجتماع يوم السبت الماضي الذي أسمّيه اجتماع تسلل، لأنه كان واضحاً ان البيان مُعد مُسبقاً وفيه تواطوء بسببه. على كل حال أنا أريد أن أفترض ان كل هذه المعلومات غير صحيحة، وأريد أن أسأل سؤال: عندما قبِل الرئيس ميقاتي بالتكليف هل تشاور مع هؤلاء الناس؟ وهل توافق معهم وهل توافق مع كتلة “المستقبل”؟.
إذا أردنا وضع الأوراق على الطاولة، ففي مجلس النواب 27 نائبا سنياً، نحن والخمسة الذين فازوا، من غير الـ21 نصفهم فازوا بسبب جمهور رفيق الحريري، وهناك نائبان فقط في المعارضة والباقي 25 نائب فازوا بلوائح انتخابية مشتركة لكي يقول ان فلان له فضل على فلان، لأن كل شخص له حيثيته أياً كان. ولكن أنا أسأل عندما قبِل الرئيس ميقاتي بالتكليف بظروفه وبطبيعته، ولنفترض ان نتيجته ستكون هكذا، لكن هل تشاور معهم أو سألهم؟.

س- لكنه اعتبر انه يقوم بعملية إنقاذية حيث وصلت الأمور الى مكان لم يعودوا يرضون باستمرار الرئيس الحريري فاعتبر نفسه يقوم بعملية إنقاذية؟
ج- هذه نظرية وهمية أيضاً، لأن هناك من يقول تكليف الرئيس الحريري إنفجار وتكليف الرئيس كرامي إنهيار، ولكن هل تكليف الرئيس ميقاتي هو الحل؟.

س- ربما حل وسط بين الإنفجار والإنهيار؟
ج- لا أبداً هذا مُخالف لأبسط قواعد التفاهم السياسي الطبيعي الذي يصلح في البلد، وإلا لماذا لم تُشكّل الحكومة حتى الآن؟ هل لأنه هو غير قادر؟ هذا غير صحيح.

س- إذا أعطى الداخلية للعماد عون وإذا قبِل بفيصل كرامي وزيراً ألا يؤدي ذلك الى تشكيل الحكومة؟
ج- برأيي إذا باستطاعة أي شخص يُلبي كل مطالب هذه الأكثرية الجديدة سيُشكّل حكومة في غير لبنان، لأن لبنان له ظروفه وطبائعه وميثاقه ودستوره، وهذه مسائل لا تُحل بـ”الهوبرة”، وهذا الذي نسمعه كله “هوبرة”. يعني عندما يأتي الرئيس ميقاتي لينتصر بناس هو لم يشاورهم بالأساس عندما تكلّف، ولا هم وافقوا على تكليفه.

س- لكن لا أحد في لبنان يعود الى مرجعيته الدينية بدون أن يكون هناك تكليف بالمؤسسات الدستورية؟
ج- هو عندما أتى الى المجلس الشرعي في المرة الأولى بحضور الرئيس الحريري والرئيس السنيورة هل اتى بسبب ظروف التكليف المُعترض عليها؟ أم أتى بزيارة بروتوكولية؟ هو جاء بسبب ظروف التكليف المُعترض عليها، وأتى ليقول أنا أعتمد أو أوافق على الثوابت الإسلامية الوطنية التي صدرت عن الإجتماع، وبناءاً عليها سوف أتحرك. فهل هذا دليل أزمة أم حل؟.

س- لكنه اليوم مُتناغم مع قاعدة شعبية ترى مثل “تيار المستقبل” ان هناك ثوابت لا يمكن أن نحيد عنها وهو يمشي وفق هذه الثوابت ولا يحيد ولا يتنازل؟
ج- نحن لسنا هنا مؤسسة استفتاء لكي نحدّد شعبية الناس.

س- أنا أسأل هو لا يتنازل عن ثوابتكم؟
ج- أنا لم أقل يتنازل أو لا يتنازل، التنازل يكون بالبيان الوزاري ويكون بشكل الحكومة، وبالتالي لم نرَ شكل الحكومة ولا رأينا البيان الوزاري، وكل ما تقولينه افتراضات مُسبقة لأن هناك جهة تطالب وجهة ترفض.
وهل الأمور ببساطة ان الجهة الفلانية تريد الوزير بارود لوزارة الداخلية والعماد عون لا يقبل؟ وهل تتصورين ان الأمور بسيطة وبهذا الحجم؟.

س- هل حجمها ان الرئيس السوري فعلاً لا يريد إثارة مشكلة مع المجتمع الدولي ومع الغرب في ظل حكومة في بيروت بعدما كان الرئيس الحريري على أبواب الرئيس الأميركي وداخله؟
ج- بامكاننا أن ننظرالى لبنان باعتباره جزء من أزمة اقليمية وبامكاننا ان نقول ان الرئيس السوري يعطي ويأخذ، لكن الرئيس السوري في لبنان لا يعطي ولا يأخذ، هو يستطيع التسهيل أو إقناع بعض حلفائه ببعض الأمور، ولكن هناك حجم من التغيير حصل في العالم العربي أكبر بكثير من الذي تعودنا عليه أو الذي نعرفه أو قرأنا عنه، نحن نتحدث عن الأمور ببساطة بأن فلان يريد فلان وزيراً للداخلية ولكنه لا يقبل، وان فلان يريد 12 وزيراً وغير ذلك.

س- إذاً ما هو حجم المشكلة وأين العقدة؟
ج- لبنان والمنطقة لا يحتملان حكومة مواجهة ولا بيان وزاري مواجه، وهذا كلام لا الرئيس ميقاتي ولا غير الرئيس ميقاتي يستطيع القيام به، ولا الجنرال عون ولا السيد نصرالله ولا كل مجموعة قوى “8 آذار”، هذا المنطق المواجه أصبح وراءنا وليس أمامنا، هذه مرحلة انتهت بالسياسة أو للدقّة بدأت تنتهي.

س- “حزب الله” والعماد عون هل يريدان حكومة مواجهة اليوم؟
ج- ان ما نسمعه ونراه وطبيعة الأزمة تؤكد اليوم ان البحث يجري عن حكومة مواجهة.

س- إذاً لماذا غيّروا من الرئيس كرامي الى الرئيس ميقاتي؟
ج- تكليف الرئيس ميقاتي تمّ وفق دفتر شروط معيّن لم يتم لأنه مطلوب منه تشكيل حكومة شبيهة بالحكومات السابقة.

س- لكن هو أعطاهم حماية المقاومة فقط؟
ج- أولاً المقاومة عنوان كل اللبنانيين.

س- لكن هو يقول هذا كل ما أعطاه تعهد بحماية المقاومة؟
ج- السيد نصرالله شخصياً قال في خطابه ان الرئيس ميقاتي ليس توافقياً ولا وسطياً، نحن سمّيناه ونحن نُشكّل الحكومة معه أو عنه. الجنرال عون قال أيضاً انها المرة الأولى التي تحصل فيها شكل من أشكال الإستعراض السياسي عنده بتشكيل الحكومة، وقد حدث ذلك سابقاً مع الرئيس الحريري وكان خطأً كبيراً، هذا الأمر يتكرر اليوم لكي يقولوا انهم يريدون تشكيل حكومة مواجهة من اتجاه سياسي واحد، وحين كُلّف الرئيس ميقاتي كُلّف على هذا الأساس، إلا إذا افترضنا ان كل ما يقولوه الأطراف سواء السيد نصرالله أو العماد عون كذب، وأنا لا أعتقد أنهما يكذبان، أنا أعتقد أنهم يتحدثون عن وقائع سياسية مُتفقين عليها وناقشوها، وكُلّف على أساسها الرئيس ميقاتي، فإذا هو غيّر رأيه فهذا غير صحيح. المنطقة تغيّرت وليس هو من تغيّر، والمنطقة كلها الآن لا تبحث عن حكومة مواجهة، فلا هو ولا غيره من قوى “8 آذار” تستطيع أن تُشكّل حكومة مواجهة في لبنان.

س- لكن قد يُشكّل حكومة أمر واقع؟
ج- ولكن حكومة الأمر الواقع هي حكومة مواجهة، أنا أتحدى من على الهواء أن يُشكّل حكومة سياسية مواجهة في لبنان هو وكل “8 آذار” .

س- لكنه يقول انه في حال سُدّت الطريق سيعتمد حكومة أمر واقع وكانت له محاولات في ذلك؟
ج- أنا أعتبر كل ما يقوله، الجميع يعرفون ان لا علاقة له بطبيعة الأزمة، ولا علاقة له بطبيعة الحكومة، ولا علاقة واقعية له بقدراتهم على تنفيذ هذه السياسة.

س- كم من الوقت سنبقى بلا حكومة؟ وهل سننتظر الحل لكل المنطقة؟
ج- لا أعرف وما كنت أحاول أن أقوله بشكل بسيط جداً مع انه لا يُعبّر عن قناعتي الكاملة، انه إذا استطعنا تأليف حكومة هدنة من الإختصاصيين أو تكنوقراط لكي نُمّرر هذه المرحلة، ولكن هذه ليست من ضمن دفتر الشروط التي كُلّف على أساسها، ولا يوجد موافقة على التكليف استناداً لها، وهو لم يوافق على التكليف باعتباره اتفق على حكومة تكنوقراط، بل كُلّف باعتباره مُكلّفاً بتشكيل حكومة سياسية من لون سياسي واحد، وأي كلام غير هذا الكلام هو كلام غير دقيق وغير صحيح لا يُعبّر عن طبيعة التكليف وظروفه، وإلا نحن لماذا اعترضنا على التكليف وعلى الطريقة التي تمت فيها التكليف؟ ولماذا اعترضنا على الظروف التي تمّ فيها التكليف؟ فعندما أريد أن أذهب الى المجلس الشرعي وأنتصر فيه على حلفائي، وهؤلاء حلفائه وهو الذي اتفق معهم، وهم من كلّفوه وهو من أبرم الإتفاق معهم، فلماذا جئت لتنتصر أو تطلب من الجهة المُعترضة بالأساس عن ظروف تكليفك، وعلى الشكل الذي تمّ فيه وعلى القمصان السود، وعلى وهج السلاح، وعلى كل الكلام الذي قيل وقاموا به في ذلك الوقت، لا يستطيع أن يخلق غير حكومة مواجهة، وهذا أمر لا يستطيع أحد أن يفعله في لبنان.
س- كيف تُفسّر ان يستحصل من دار الفتوى على دعم بدل أن يطلب منه أن يعتذر؟
ج- أنا لم أكن حاضراً في الإجتماع وفعلاً لا أعرف ما هي ظروفه، ولكن أعتقد أن ما حدث في دار الفتوى هو تجاوز للصياغة، هو يحظى بالتقدير والثقة الشخصية التي لا يمكن المناقشة فيها، وأعود وأقول كلام قلته عندما كًلّف لا ينقصه شيء لا من العروبة ولا من الوطنية ولا من الإسلام، ولكنه كُلّف وفق دفتر شروط يُخالف كل هذه العناوين، وبالتالي الثقة والتقدير هي تعبير شخصي وليس تعبيراً سياسياً، وبالتالي الثقة والتقدير لا يلغيان أبداً الإعتراض على طريقة تكليفه التي وافق عليها، هو لم يُفرض عليه التكليف، ونحن نتصرّف وكأنهم وضعوا المسدس برأسه لكي يقبل التكليف، لكن هو قبِل بالتكليف ولا أملك وقائع لكي أقول طلب التكليف، ولكن هو قبِل بالتكليف وفق دفتر شروط سياسي محدّد وواضح، وبالتالي تتم مطالبته الآن بتنفيذ دفتر الشروط.

س- هل هذه معلومات وأنت تقول إذا لم تكن تملك معلومات لا تقول شيء. الكل يطمح سياساً الى أن يكون لديه موقع أكبر ومن حقه يطمح، ولكن هل كان يعرف انه أثناء التأليف سيتم التدخل معه بالشاردة والواردة؟
ج- كل الناس كانت تعرف بمن فيهم هو ان طبيعة التكليف أو طبيعة عملية التكليف التي تمّت، لا يمكن أن تؤدي إلا الى حكومة من طرف سياسي واحد بحكومة مواجهة، وإلا هل كان تحالف “8 آذار” مُضطراً للقيام بهذا الإنقلاب لو لم يكن يريد الوصول الى هكذا حكومة؟.

س- عندما كانت تحصل عملية انهيار النظام في مصر كانت اللحظة في وقتها مؤاتية لتأليف حكومة مواجهة من اليوم بعدما تمدّدت المشاكل الى مناطق أخرى؟
ج- أنا أعتقد انه في اللحظة التي انهار فيها النظام في تونس تغيّرت كل المعطيات في المنطقة، والذي لم يلاحظ الأمور باكراً تكون هذه مشكلته وليست مشكلة اللبنانيين ولا مشكلة المسلمين ولا مشكلة المسيحيين، أنا أعود للتذكير بالثوابت التي هي انه جرى تكليفه وفق دفتر شروط معيّن، وهو وافق على هذا التكليف بناءاً لشروط سياسية معيّنة أوعناوين سياسية معيّنة، هذه العناوين فقدت صلاحيتها، هذا الدفتر الشروط انتهت مدته وتغيّرت المنطقة، ولم يعد أحد من كل هذه القوى قادر على أن يستفرد بأي شيء، أو يشكّل حكومة مواجهة رغم كل الكلام الذي صدر بالأمس عن المجلس الشرعي الأعلى، الذي هو انتصار لجهة ولظروف تكليف مُعترض عليها بوجه حلفائه الذين كلفوه، يعني هذا شيء غير طبيعي.

س- تقول ان ذلك حصل تسللاً وكأنه لم تكونوا مُتوقعين ذلك؟
ج- هذا وصف تقني، أنا فعلاً لا أملك معلومات غير الذي قرأته في الصحف، وما قرأته مُخالف لثوابت رئيسية تتعلق بأن هذا المجلس هو نفسه مع كل النواب السُنة، مع ثلاثة رؤساء وزارة واحد مُكلف وواحد مُصرّف أعمال وواحد سابق كانوا يجلسون وكتبوا بياناً فيه اعتراض رئيسي وأساسي على ظروف التكليف، إذاً لم تتغير ظروف التكليف لأن التحالفات التي قامت بهذا التكليف أصبح عندها أطماع وأهواء وأحلام، هذه الأطماع والأهواء والأحلام كانت موجودة منذ اللحظة الأولى عند تكليف الرئيس ميقاتي.

س- بمعرفتك بالرئيس ميقاتي تعتقد انه سيعتذر في النهاية، وأيضاً لك تصريح يوم الأحد الماضي تقول فيه الحريري لن يعود الى رئاسة الحكومة إلا بعد حسم مسألة السلاح بتوافق وطني، البعض يرى أنك أنهيت حياته السياسية كرئيس حكومة بانتظار حل مسألة السلاح؟
ج- بالنسبة للسؤال الأول بأن الرئيس ميقاتي يمكن أن يعتذر، أنا أعتقد انه وقع في فخ لا يستطيع الإعتذار ولا يستطيع التأليف، ما عدا إذا حصل تفاهم إقليمي كبير غير متوفرة مؤشراته على الإطلاق.

س- حتى السين- سين غير متوفرة اليوم؟
ج- ولا أي حرف من أحرف اللغة العربية، الناس في مكان آخر .

س- ألا تعتقد انه بعدما حصل في البحرين عادت الحرارة الى السين- سين؟
ج- موضوع البحرين كان امتحاناً لسوريا وقد نجحت فيه، بمعنى انه كان مطلوباً منها أن تأخذ موقفاً الى جانب العرب في ما يجري في البحرين، وفعلاً وزير الخارجية السورية اتخذ هذا الموقف.

س- أيضا ذهب الى إيران؟
ج- هو تشاور مع الإيرانيين قبل إصدار موقفه من مسألة البحرين، لكي لا يبدو الأمر أنه لم يبلغهم بهذا الموقف مُسبقاّ لأنهم لم يغيّروا رأيهم ولا موقفهم حتى هذه الدقيقة، حتى اليوم، ان الرئيس الإيراني أدلى بتصريح حول البحرين.
لكن اريد أن أوضح مسألة : هذا النظام الذي فُرض عليه إتفاقاً عسكرياً بالقوة المسلحة اسمه اتفاق الدوحة، لا يستطيع أن يعمل ويستمر في الحياة طالما ان السلاح خارج إرادته وإدارته، هذه التجربة تم تجربتها لا يعيش هذا النظام والأمر لا علاقة له برغبات وعواطف أو بالكره والمحبة، النظام نفسه وآلية هذا النظام لا تستطيع التعايش مع السلاح. جرى اتفاق الدوحة بقوة السلاح، وجرت فيه مُخالفات لا تُعد ولا تُحصى من الثلث المعطّل الى آخره، الى البيان الوزاري وطريقة كتابة البيان الوزاري: الشعب والجيش والمقاومة. ما هذه هل هي ثلاثة كيانات؟ هؤلاء كيان واحد اسمه الدولة اللبنانية.
ما قصدت ان أقوله انه كمجموعة سياسية سواء “تيار المستقبل” أو حلفائه أو أي كان، لنفترض عُرض عليهم بوقت من الأوقات، ولسبب من الأسباب تشكيل الحكومة، لن يقبلوا بهذا التشكيل لأنه لا يستطيعون التشكيل، وبالتالي لماذا عليك أن تعرّض نفسك لأمر لا تستطيع القيام به.

س- هذا موقف نهاد المشنوق أم موقف “تيار المستقبل”؟
ج- هذا موقفي أنا، ولكي أقول بشكل أدق هذه القراءة: ان ما نتج عن اتفاق الدوحة وما ينتج عن تفكير قوى “8 آذار” لا يمكن أن يثمر تشكيل حكومة مع أي كان، لذلك هناك قضية يجب حسمها لكي تعود الحياة الى النظام السياسي وهي مسألة السلاح، يجب الحسم المبدئي ولا أقول غداً صباحاً، يجب التوافق المبدئي على ان هذا السلاح لا يستطيع أن يكون خارج إرادة وإدارة الدولة، وأن يمشي النظام يستطيع أن يبقى خارج الدولة كما هو الآن، ولكن النظام لا يسير.

س- لكن ألا ترى شبه استحالة اليوم على القيام بحسم على طريقة وعلى تمنيات “تيار المستقبل” لمسألة السلاح؟
ج- نحن أمام خيارين الآن: الخيار الأول حسم اتفاق مبدئي حول كيفية إدارة السلاح من خلال الدولة، باعتبار أن المقاومة عنوان وطني معني به كل اللبنانيين سواء أعجبهم ذلك أو لم يعجبهم، إذا عندهم أرض مُحتلة فهم معنيون به، ولكن هم لا يجدون أنفسهم إلا داخل الدولة ولا يجدون أنفسهم في كيان مستقل اسمه المقاومة أوالشعب أو الجيش، فلا يوجد أحد يعيش في كيان اسمه الشعب وكيان اسمه الجيش وكيان اسمه المقاومة، الناس تعيش في كيان واحد موحّد اسمه الدولة، وإلا لماذا فكرة الدولة كلها بالأساس؟ فأنت أمام خيار من اثنين أما أن يصبح هذا السلاح بإرادة وإدارة الدولة وبالتوافق، وهذه ممكن أن تكون مسألة بعد حسمها المبدئي، العسكريون يناقشوا تطبيقها لأنها ليست مطلوبة من وزير الأشغال أو وزير الإقتصاد لكي يناقشاها وإلا تغيّر النظام، وبما انه هناك استحالة لتغيير النظام، وقد ثبت ذلك منذ عام 76 حتى اليوم إلا بعد حرب أهلية ودفعنا الكثير لكي وصلنا الى الطائف، وبما ان هذا الأمر مستحيل، يبقى هناك خيار واحد أمامنا وهو انه بالتوافق وبالحوار وبالرضا والتفاهم أن نأتي بهذا السلاح ونحافظ عليه، ونحافظ على عنوان المقاومة ولكن من داخل الدولة اللبنانية.

س- لكن “حزب الله” غير مُستعد للتنازل كدولة وكشخص رافض؟
ج- جيد وتعالي نناقش بهدؤ ما هو الخيار الثاني.

س- الخيار الثاني يصبح هو المكوّن الأساسي للسلطة والدولة ومعه حلفاء من كل المذاهب المكوّنة للبنان؟
ج- هو يستطيع أن يكون مكوّن سياسي، مكوّن أساسي بحياة معطّلة. أعود وأقول هذا النظام اللبناني آليته لا تعمل ولا تتفاهم مع سلاح خارجها، وبالتالي أما أن تغيّر النظام وأما أن تضم السلاح الى الدولة.
س- إذا لم يكن الآن بالإمكان تحقيق هذين الأمرين يظل لبنان ساحة مواجهة وشد حبال؟
ج- ماذا يعني ساحة مواجهة وهناك طرف واحد معه سلاح.

س- ساحة منازلة؟
ج- أنتِ تتحدثين عن الصراع الداخلي أو الخارجي؟

س- أنا أتحدث عن الإثنين الخارجي والداخلي، واليوم يبقى الوضع في لبنان معلّق الى ما شاء الله، لأن مسألة أن تتخيل إيجاد حل للسلاح بسهولة غير ممكنة؟
ج- أنا لم أقل بسهولة ولكن بواسطة اتفاق مبدئي، وإلا فهناك خيار ثالث هو الإستمرار في الفراغ، وهل تعتقدين ان جمهور “حزب الله” لا يتأثر بالفراغ، أو بالوضع الإقتصادي وبخراب البيوت وبتراجع معدّلات النمو أو ليسوا هم لبنانيين؟ فهؤلاء بشر وطبيعيين وعندهم حاجات وضرورات.

س- لبنان هذا المعجزة الذي يتأقلم مع واقع على أساس أزمة كبيرة؟
ج- أنا أعتقد ان النظام اللبناني استنفذ قدرته على التعايش مع السلاح، لقد كان عنده قدرة وانتهت زائد ان البند الحيوي لهذا السلاح الذي يمر في سوريا ويصل الى إيران، كل هذا المشروع الى تراجع وليس الى تقدُّم.

س- كيف الى تراجع؟
ج- ياسيدتي واضح انه عندما مجموعة دول مجلس التعاون العربي مع الأنظمة الجديدة التي لم تستقر بعد في مصر وتونس وغيرها، تُقرر أن تُعلن انها في حالة مواجهة علنية مع التدخل الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
هل تعتقدين ان دخول 1200 عسكري سعودي مع قوات درع الجزيرة الى البحرين هو دخول لأن البحرين بحاجة الى هؤلاء؟.

س- هي رسالة مهمة الى إيران، ولكن الرد الإيراني جاء استيعابياً ولم يأتِ مُصعّداً للمواجهة، واليوم كان هذا الموقف الإستيعابي بعد أن سمعنا الكلام الكبير؟
ج- ماذا عن موقف أول أمس ويوم الجمعة اجتماع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الإيراني، بالعكس تماماً هم اعتبروا ان لديهم الحق بالإعتداء على المجتمعات العربية وتقسيمها بسياسة لا تنتج سوى الخراب، لا تؤسس لشيء ولا توصل الى أي شيء.
اليوم قرأت كلام الرئيس احمدي نجاد الذي اعتبر كلام جماعة مجلس التعاون كلاماً فارغاً لأن الأميركيين طلبوا منهم ذلك. وهنا أنا سأورد معلومة وهي ان وزير الدفاع الأميركي كان موجوداً في البحرين قبل يوم من دخول قوات درع الجزيرة الى البحرين وسافر، وهو لا يعلم بدخول هذه القوات، وقد علم بدخولها من وكالات الأنباء، لأن هذا قرار اتخذته هذه الدول وهم لم يتشاوروا معه، ربما من المرات القليلة التي نرى فيها الدولة السعودية والكويت والإمارات تتخذ قرار استراتيجي دون التشاور ودون الحساب، لأن الأمر يتعلق بسلامة مجتمعاتهم، وهناك فرق بين أن تهددي النظام وتهديد المجتمع. ما يحدث في السياسة الإيرانية الخارجية هي انها تُهدّد المجتمع لأنها أما أنها تدخل من الشباك الأمني أو من الشباك الإرهابي أومن الشباك التجسسي، ولا تدخل من الأبواب ولا تدخل عبر الدول، وبالتالي دائماُ يتكّشف ان هناك خلايا، والآن هم يراقبون الجيش الأميركي وهذا الجيش موجود في كل أنحاء العالم، فما اختاروا سوى مواطنين كويتين ولبنانيين وإيرانيين لمراقبة الجيش الأميركي في الكويت، أو لمراقبة قناة السويس في مصر أو الشبكة التي اكتشفت في المغرب، هذه السياسة لم تعد تستطيع أيضاً أن تتقدّم.
سأقول لكِ شيء: أنت عندما تريد تقديم سياستك للخارج يجب أن تكون نموذجا لشيء، أو يجب أن تكون مثال، ولكن أي نموذج هو النموذج الإيراني؟ هو نظام ديكتاتوري ممنوع على الناس تتنفس، في وقت كل العالم العربي يتغيّر. المعارض الرئيس مير حسين موسوي ممنوع من استقبال أولاده في بيته، موضوع في الإقامة الجبرية وقد توفي والده ولم يستطع المشاركة في جنازة ودفن والده، تصورّي كم ان هذا النظام قوي حتى يخاف من جنازة والد مير حسين موسوي، كذلك الإقتصاد كله بيد الحرس الثوري، 40 بالمئة من الشعب الإيراني هذا الشعب الذي يملك هذه الحضارة العظيمة تحت خط الفقر، يعني تحت 100 دولار في الشهر، وبالتالي ما هذا النموذج الذي يمكن الإقتداء به؟ هل المفاعل النووي هو هذا النموذج؟ وقد رأينا من التجربة النووية اليابانية ان هذا مصيبة، لأنه بالأصل المفاعل النووي الإيراني أقامه الروس بتقنية صارت قديمة مع مهندسين إيرانيين، وبالتالي التقنية الحديثة لم تصل الى إيران.
أما أن يُقال انه نموذج في موضوع إسرائيل، فنحن نرى الآن ان كل التغيير الحاصل في العالم العربي الآن يتجه الى علاقات من نوع جديد مع إسرائيل، وهذا لا يعني ان مصر ستلغي كامب دايفيد، ولكن بالتأكيد علاقة مصر بإسرائيل بعد ذهاب الرئيس مبارك مختلفة تماماً، والأحداث في سوريا ستثبت ان سوريا حتى سياستها في هذا الإتجاه ستتغير، وكذلك سياسة تونس والمغرب والأردن والمنطقة كلها تتغيّر، في وقت نحن نرى نموذج إيراني ليس لديه ما يصدّره سوى التخريب في العالم العربي، فكيف يمكن أن يكون هذا مثال يُحتذى؟ كيف يمكن الإقتداء به؟ يفترض انه في البحرين توجد معارضة ليست طائفية، فإذا بنا نسمع كلاماً إيرانياً عن تعرض الشيعة البحرانيين، في وقت اتفقنا انها معارضة فيها كل الناس، فلماذا مذهبة الإعتراض ولماذا مذهبة الظلم؟.

س- من يقوم بالمذهبة، هل العالم العربي عندما يقول لإيران ممنوع التدخل في الشؤون العربية الداخلية حتى لو كنت تدعمين الفلسطينيين في حقهم، وحتى لوكنت تدعمين اللبنانيين بتحرير أرضهم، وهنا أتحدث عن “حزب الله” و”حماس” وسياسة في المنطقة كلها؟
ج- أنا أتكلم عن سياسة واحدة الآن.

س- لكن 8 سنوات حرب في العراق كان العرب كلهم وراء صدام حسين واستمرت الحرب العراقية- الإيرانية سنوات طويلة؟
ج- أنا أسأل ماذا فعل رئيس الحكومة العراقي الحالي تعليقاً على أحداث البحرين، هو لم يجد ما يُعلّق به غير بتعابير مذهبية تُعبّر عن بطولته بالدفاع عن الشيعة في البحرين، في وقت مطلوب منه تلبية مطالب العراقيين أولاً سواءاً كانوا شيعة أوغير شيعة، العراق صرف 400 مليار دولار منذ العام 2003 حتى اليوم، ومازالت الناس لا تجد ما تأكله وهي لا تجد كهرباء وماء وطريق، وبالتالي هؤلاء لا يمكن أن يعطوا دروس في السياسة، هؤلاء يعطون دروساً فقط بانقسام المجتمعات وبالمذهبة وبالتخريب.
أما القول بأن هناك سياسة نموذج يجب اتباعه، ولكن يجب أن يكون لها مواصفات، فأي مواصفات أتبعها في السياسة الإيرانية؟ أنا لا أرى أي شيء. الموضوع الفلسطيني كان موجوداً وسيبقى موجوداً.

س- بالمقابل ماذا يجني العرب من المواجهة مع إيران؟
ج- ليس العرب من ذهبوا وألفوا شبكات وخلايا داخل إيران، بل إيران هي التي أتت إليهم، وليسوا هم من حرضوا مجموعات طائفية أو مذهبية داخل إيران، بل إيران جاءت الى المجتمعات العربية.

س- لأن الجار القوي يتدخل في جاره الأضعف، اليوم هناك ضعف عربي وطبيعي أن تتدخل إيران، لأنه عندما كان العراق قوياً كان يتدخل وكان يأوي خلايا تريد إسقاط النظام الإيراني؟
ج- هذه مرحلة كانت وانتهت الآن، هناك قرار استراتيجي بعد خروج مصر أتى الإيرانيون وملأوا هذا الفراغ عبر التحالف مع سوريا، ولكن مصر الآن عائدة وسوريا تتغيّر ولا تستطيع هذه السياسة أن تستمر.

س- كيف سوريا تتغيّر وعندما تقول ذلك وكأنك تقول ان انقلاباً وقع في سوريا بينما حصلت مشاكل في سوريا أظهرت ان النظام قوي ورأينا مظاهرات مؤيدة أكبر بكثير من المعارضة؟
ج- أنا لا أتحدث هنا عن ضعف النظام أو قوته، انا أقول كلاماً محدّداً، هناك اعتراف رسمي سوري بأن هناك أزمة كبرى تتعلق بالإصلاحات داخل سوريا نعم أم لا؟ الجواب نعم.

س- لكن في خطاب الرئيس الأسد لم يبدُ انه محشوراً لكي يتراجع أو يتنازل؟
ج- الخطاب عبّر عن حجم الأزمة أكثر مما أظهر الرغبة بإصلاحات، ولكنه عبّر عن حجم الأزمة، هناك أشخاص يُقتلون ودون أن تدعو الى تغيير النظام، يعني كل السوريين وكل ما رأيناه كلها تطالب أما بالحرية وأما بإقالة المحافظ وأما بالإعتراض على الضابط الأمني.

س- يعني استاذ نهاد أنت و”تيار المستقبل” مع هؤلاء يدعمهم ويرسل إليهم الأسلحة كما اتهمكم إعلام “8 آذار” وقد سمعت بالتأكيد مقدّمات نشرات أخبار تتحدث عن ذلك؟
ج- دعيني أقول ان هذه نكتة غير مضحكة، لأنه عمليا نحن جهة سياسية تعمل بطريقة سلمية لا علاقة لنا بالسلاح لا من قريب ولا من بعيد، ولا عندنا خلايا نرسلها الى أي مكان، ولا عندنا تجربة أمنية نستعملها في أي مكان، ونحن نفتخر بأن مطلبنا الرئيسي السياسي هو عدم التدخل في الشؤون اللبنانية، وبالتالي لن نسمح لأنفسنا ولا لأي شخص منا أن يتصرّف عكس ذلك لا باتجاه سوريا ولا باتجاه أي دولة عربية أخرى.

س- تلفزيون “المنار” عرض أشخاص يقولون ان أشخاصاً من “تيار المستقبل” أعطوهم كيس مليء بالمال لإثارة مشاكل ضد السوريين؟
ج- أولاً ياريت كان يوجد في “تيار المستقبل” أبطال من هذا النوع، وأكياس مال بهذا الحجم، هذه كلها نكات غير مضحكة.
أعود وأقول هذا الضعيف يظهر أسلحة سخيفة، هذا كله دليل ضعف وليس دليل قوة.

س- هل هذا بحسابات لبنانية داخلية أو فعلاً كان هناك نقزة سورية؟
ج- أعتقد ان التصرّف السوري بهذا المعنى تقدّم وتأخر وتراجع وتقدّم في كل وقت، وهذا دليل عن حالة إرتباك وليس دليلاً آخر، فـ”تيار المستقبل” ليس تنظيماً أمنيا أو عسكرياً ولا أحد يملك أكياس أموال أو جهات محرّضة، وهذا كلام لا قيمة له، وباعتقادي لا أحد ممن قاله يصدّقه على كل حال.

س- ولكن هناك اتهام موازٍ بالمذهبة إذا لم يكن بموضوع التدخل مباشرة بل بطريقة غير مباشرة، مذهبة الوضع الى هذا الحد في لبنان يؤثر على كل المنطقة، والبعض يقول لم نكن نسمع بقصة سني- شيعي قبل الوضع اللبناني ومن بعده العراق؟
ج- لكن من الذي أوجد الأزمة في لبنان التي أدت الى ما تتفضلين به من تعبئة مذهبية؟.

س- مُفترض الطرفين؟
ج- نعم، ولكن يوجد طرف يتحدث بالسياسة وطرف يستعمل السلاح فأيهما أكبر تأثيراً وأقوى فعالية؟ ومن فعل ببيروت ما حصل؟ ومن الذي استعمل السلاح واستباح بيروت؟ في هذا التلفزيون بالذات أول مرة وثاني مرة وثالث مرة في كل المدينة في عائشة بكار وبرج ابو حيدر وغيرها وغيرها، هل هذا كله كان نتيجة بيان سياسي صادر عن “كتلة المستقبل”؟.

س- لكن أنتم ألا تقاتلون “حزب الله” بالسلاح المذهبي وبالتهديد بالفتنة؟
ج- دعيني أبسّط الأمور، هناك أزمة كبرى في سوريا مُعترف بها، وهناك اتجاه للتغيير والإصلاح في سوريا مُعترف به، وأي كلام آخر هو غير واقعي وغير حقيقي وغير مُحترم، وبالتالي ليس بالضرورة أن لا نحترم عقلنا كما يُقال.
الأمر الثاني المتعلق بنا والذي أوصل الأمور الى هذا المكان بشكل أو بآخر هو نوعين: النوع الأول ان هناك سلاح حاد عن طريقه بعد الـ2006 واستعمل في أماكن لها طابع مذهبي معيّن، وتسببت بردود فعل مذهبية معيّنة، ولكن من استعمل السلاح هو المُسبّب وليس من تألم هو المتسبب أو الذي ضُرب وقُتل، وبالتالي هذه تشبه بيان المجلس الشرعي بأن الرئيس ميقاتي أصبح الآن ضحية حلفاءه ويجب على الآخرين دعمه، صحيح هؤلاء ناس ضُربوا أو عُذبوا واستُبيحت مدينتهم فصدر عنهم كلاماً مذهبياً، ولكن مقابل هذا الكلام كان هناك اتهام للجميع بالتآمر لأميركا وإسرائيل.
أنا أسأل سؤال: هل قرأت “ويكيليكس” اللبنانية جميعها، فقد رأينا ان الإعتراض على مسألة السلاح، قضية وجود السلاح داخل الحياة السياسية وتأثيره وفعاليته وضرره لم توفّره أي طائفة، كل الذين تحدثوا في “ويكيليكس” ان كانوا موارنة أو شيعة أو سُنة أو أرثوذكس أو دروز أو كاثوليك أو أرمن لا يوجد طائفة إلا وتناولت هذا الموضوع، هناك إجماع من كل الطوائف بما في ذلك حلفاء “حزب الله”.

س- هذا في “ويكيليكس” ولكن بالعلن لا يقفوا ضد هذا السلاح؟
ج- أنا لا أتحدث عن العلن أنا أقول ما هو حجم مشكلة هذا السلاح مع كل هؤلاء الناس، إذاً يجب على كل من يتولى أمر هذا السلاح والمعني بهذا السلاح والحاضن لعنوان المقاومة، أن ينظر حوله ويرى ماذا يجب عليه أن يفعل غير الإتهام بالتآمر وغير الإتهام بالعمالة.

س- أتعتقد ان “حزب الله” أخطأ عندما أبرز الوثائق لهذه الدرجة وتبيّن في النهاية شبه الإجماع على موضوع رفض السلاح؟
ج- أنا أعرف ان جريدة “الأخبار” هي التي اشترت حقوق نشرها ولا علاقة للحزب بالموضوع.

س- لكن قناة “المنار” تُركّز عليها وتقدّم ريبورتاج حولها؟
ج- جيد، ولكن ماذا تُفسّر لنا عن الأستاذ ابراهيم كنعان وعن الدكتور فريد الخازن وعن وزير الصحة الدكتور خليفة وعن فلان وفلان وفلان، كل الناس قالت تقريباً نفس الكلام بأساليب مختلفة، ربما فقط وليد جنبلاط قال نعم أنا قلت هذا الكلام وأكثر، والباقي كله أنكر أو نفى أو جمّل أو حسّن أو دوّر.

س- هل تعتقد ان هناك إعادة نظر لدى “تيار المستقبل” بالعلاقة مع حلفاء أو مع أخصام سابقين كان يحافظ معهم مثل الرئيس بري على شعرة معاوية؟
ج- أنا لا أستطيع الكلام نيابة عن “تيار المستقبل”، ولكن أنا شاهدت الأسبوع الماضي الست بهية الحريري تزور الرئيس بري مما يعني ان هناك صلة بينهما.
س- لكن حُكي ان سبب الزيارة هو ان مشكل صغير حصل في قرية صغيرة في الجنوب؟
ج- المهم ان الحوار موجود عند الضرورة، ولكن على ماذا يدور الحوار؟ يجب أن يكون هناك عناوين للحوار، فأما انك تريد تقطيع قضية وأما أن هناك عنوان استراتيجي أساسي يجب الحصول على جواب مُشترك حوله، الأمر الثاني لم يتحقق.
أعود الى الـ”ويكيليكس” فـ”الويكيليكس” اللبنانية يوازيها شيء أيضاً بـ”الويكيليكس” العربي، كل “الوكيليكس” العربية التي نُشرت فيها اعتراض على إيران، وكل “الويكيليكس” اللبنانية فيها اعتراض على السلاح وعلى التصرّف السياسي لـ”حزب الله” والتصرّف العسكري لـ”حزب الله”، وبالتالي المشكلة موجودة فلماذا القول انه لا توجد مشكلة، بلى هناك مشكلة يلزمها حل، بالقوة لم تُحل وبغير القوة نصل الى مكان فراغ.
أعود وأقول آلية هذا النظام لا تعمل مع وجود السلاح، وإذا كان نريد نظام آخر لا بأس فليبقى هذا السلاح وليبقى هذا النظام معطّل، ولنرى الى أين الناس ستصل؟ لذلك أنا قلت أي مُرشح لرئاسة الحكومة أكان من “كتلة المستقبل” أو من قوى “14 آذار” أو من أينما كان لا يمكن أن يقبل، لأنه لن يستطيع تشكيل حكومة، وخياره الوحيد أن يقول نتفق على سحب السلاح من النظام السياسي بالمبدأ ونضع آلية لتنفيذ هذا الأمر بشكل أو بآخر، وبعد ذلك نبحث في تشكيل الحكومة.

س- حتى لو كان هذا مطلب إسرائيل اليوم وينفّذ رغبة إسرائيلية في الداخل لأن هذا هو الإعتبار الأهم لدى “حزب الله”؟
ج- هناك فرق كبير بالتعبير، أنا هنا لا أتحدث عن نزع السلاح، ولا أتحدث عن إلغاء المقاومة، ولا أتحدث على ان هذا عنوان خاطىء، هذا عنوان وطني كبير، هذا العنوان يجب ضمّه الى الدولة اللبنانية كي يكون كل اللبنانيين مُلزمين به ومُعترفين به ويقبلون به ويتحملون نتائجه، لأنه لا يمكن لأحد أن يتخذ قراراً منفرداً عن كل اللبنانيين ويطلب منهم جميعاً أن يتحملوا نتائجه.
بالنتيجة إذا أنت تريد المحافظة على هذا العنوان لهذا السلاح وتلغيه من الداخل جيد، هذا الأمر لا يمكن أن يعيش مع النظام إذا لم يكن هناك تفاهم على ان هذا السلاح بإرادة وإدارة الدولة، وبالتالي لن تُشكل حكومة ولن تأتي الكهرباء ولا الماء، والوضع الإقتصادي لن يتقدّم بل سيتراجع، ونسبة النمو ستهبط أكثر وأكثر طالما هذا الإشتباك السياسي قائم، وطالما هذا النظام مُعطّل.
المعادلة بسيطة جداً، تبدو كبيرة ولكن هي بسيطة جداً، ولكن هناك جهة لا تريد تصديقها.

س- ربما اعتبرت انه في فترة كان هناك تقاسم للوضع الداخلي، أنا أهتم بالأمن وبمحاربة إسرائيل، وأنت تهتم بالإقتصاد وهذه كانت قائمة في فترة مُعيّنة؟
ج- هذه هي الترجمة السورية للطائف التي أوصلتنا الى هذا المكان.

س- لكن الترجمة اللبنانية أسوأ لأنها أوصلت الأمور الى حائط مسدود؟
ج- لا يوجد ترجمة لبنانية، نرجع الى الكتاب فما يقوله الكتاب ننفذّ.

س- ولكن في الكتاب لا يوجد اليوم حكم وطني بينما القوات السورية كانت عامل حكم بين اللبنانيين عندما يتصارعون؟
ج- أنتِ تتكلمين عن قوات سورية، اشتباك عسكري، أنا أتحدث عن الدستور.

س- أنا أتحدث عن وصاية سورية بالسياسة كانت تُشكّل نوع من الفصل ما بين اللبنانيين وتُحسم؟
ج- كانت تتسبّب بالإشتباك لكي تحله.

س- لكن اليوم هناك اشتباك ولا يوجد حكم وطني؟
ج- يوجد حكم وطني موجود.
س- تقصد رئيس الجمهورية؟
ج- كلا، هناك حكم وطني موجود اليوم في كل لبنان له حق العيش بحريته وبكرامته وبقدرته على الإنتاج وبتحقيق الإستقرار. أنا أريد ان أسأل لماذا هناك أشخاص يهاجرون؟.

س- الآن من يهاجر يتعرض لمشاكل؟
ج- الذين كانوا يهاجرون منذ العام 1860 ألم يفعلوا ذلك لأنهم يبحثون عن الإستقرار وعلى تحسين وضعهم وأن يتعلم أولادهم في أحسن المدارس وأن يعيشوا في أحسن الظروف؟ يعني كيف يستطيع المرء أن يصنع مستقبله؟ طبيعي ما لا يستطيع أن يفعله هنا يفعله في الخارج، فلبنان بلد موارده الطبيعية فقيرة ولا يستطيع إلا أن يكون مُصدّراً للخبرات الى كل أنحاء العالم.
الآن ما يحدث في الداخل وما يحدث في الخارج يلتقيان على أنهما يسبّبان المزيد من الهجرة، المزيد من الحاجة، المزيد من التدهور الإقتصادي، والمزيد من عدم الإستقرار لن يقبل اللبنانيون، فكما ان العالم يتغيّر نحن أيضاً نتغيّر، وليس صحيحاً اننا أناس لا نشعر بالذين حولنا.

س- على كل حال، أنت قلت خلال الحديث ان هناك استحالة لتغيير النظام، وكأنك ترد على الشباب الذين يتظاهرون ويحاولون شطب النظام الطائفي من لبنان؟
ج- النظام الطائفي أمر آخر، أنا أتحدث عن النظام السياسي.

س- هل ترى ان هناك أمل لهؤلاء الشباب بالتغيير؟
ج- أنا أعتبر ان هذه ظاهرة صحية ومفيدة جداً أمام وحشية الطائفية المنتشرة والمذهبية في هذه الأيام، أمر جيد جداً أن نرى مجموعة من الشباب، وأتمنى أن يزداد عددهم أكثر وأكثر للتعبير عن رأيهم، ولكي يكونوا مناعة أمام هذا الميكروب الكبير الذي اسمه طائفية ومذهبية.
========