“انترفيوز” مع بولا يعقوبيان – إسقاط النظام السوري مصلحة لبنانية أولاً

مقابلات تلفزيونية 20 فبراير 2012 0

س- ماهذا الربيع استاذ نهاد والجو عابق بالفتنة والإنقسام وضمانات مقبولة وأخرى غير مقبولة ومرفوضة إذا كان هذا الربيع فكيف يكون الخريف أو الشتاء؟
ج- سأبدأ بما جاء في المقدمة الكلام عن هوة تتسع بين المسلمين السنة والشيعة، أنا أعتقد ان هذا الكلام فيه تعميم. هناك أزمة هذا صحيح أما أن الهوة تتسع فأنا لا أوافق معك. فلا يوجد في التاريخ السني-الشيعي اللبناني أزمات أو مواجهات منذ ما قبل الإستقلال حتى 7 أيار، وبالتالي لا يوجد ذاكرة من الأزمات التي يمكن الإستناد اليها بخلافات بين هاتين المجموعتين اللبنانيتين اللتان تنتميان الى دين واحد هو الإسلام، هذا بالمبدأ، ولكن هناك قراءة مأزومة عملياً بسبب المحيط وما يحصل في سوريا وما حصل في أكثر من مكان في العالم العربي، هناك قراءات لبنانية متعدّدة مأزومة لم تستطع أن تُعبر عن نفسها سوى بإدانة الآخر، عملياً لم أجد في خطاب الرئيس سعد الحريري ولا في مكان ولا في أي نص مما قاله كلاماً يتعلق بالضمانات أو بطمأنة أحد، هو تحدث بمسؤولية ورصانة وجدّية من موقعه السياسي عما يرغب بالقيام به وعما يعتبر انه مسؤول عنه حيث انه زعيم مُنتخب لأكبر مجموعة برلمانية في البرلمان اللبناني، وبالتالي هو تحدث بهذه الصفة وليس بصفة أخرى.

النقطة الثانية هو لم يتحدث عن ضمانات ولا تحدث عن طمأنة، هو قال هناك ضمانة واحدة لنا جميعاً هي الدولة الدولة الدولة. وأعتقد انه ذكر كلمة الدولة حوالى سبع مرات في نص الخطاب، وبالتالي هذا الكلام ليس له علاقة بالمزايدة على أحد، أو بالضغط على أحد وليس كلاماً ظرفياً.

س- ألا ترى في كلامه هذا ضمانات في أمكنة معيّنة؟
ج- الرئيس الحريري لم يعطِ ضمانات، هو قال: أنا من موقعي ومن مسؤوليتي، أنا سأعمـل كل ما أستطيعه من أجل منع الفتنة. وهذا ليس له علاقة بالضمانات التي تُعطـى لأحد.
الخطاب كان فيه نقاط منها ما يتعلق بمسؤوليته اللبنانية ولكن عنوانه الرئيسي والوحيد هو الدولة المسؤولة عن الجميع، المعنية بأمن الجميع، المطمئنة للجميع والضامن للجميع، لأنه ليس هناك من مكان آخر يلتقي فيه الشعب اللبناني بكل طوائفه وفئاته إلا في الدولة اللبنانية، وهذا كلام واقعي وهذه الحقيقة لا يمكن لنا جميعاً إلا أن نرجع لها.
“حزب الله” ليس أول حزب مسلح في لبنان إياً كان عنوان قضيته، كان في لبنان أحزاب مسلحة أهم وأكبر وأقل وأصغر.
كان هناك أحزاب لبنانية في فترة كان هناك فلسطينيين، وفي فترة كان هناك لبنانيين موارنة، فكل الناس جرّبت هذا المنطق ولكن عادت ووجدت ان هذا السلاح لا يفيد ولا يُحقق لأحد شيء إلا من ضمن الدولة والدستور، الرئيس الحريري تحدث بشكل واضح وصريح ومباشر بنقطتين في الداخل: الدولة والدستور.

س- لكن لم يتخلّ أحد عن سلاحه في لبنان طوعاً أو فقط لأنه اقتنع بأن هذا السلاح لا يفعل شيء، ولكن هم خسروا فاضطروا المساومة على سلاحهم وسلموا سلاحهم ولم يُسلّم سلاحه طوعاً، وبالتالي “حزب الله” ليس خاسراً فكيف يمكن أن تحاوروه على سلاحه؟
ج- لكن هذه تجربة يجب أن يتعلم منها، وبالتالي هل يجب أن يكون هناك هزيمة ليصل الى منطق الدولة والدستور، هو ليس مضطراً أبداً لتجاهل تجربة الآخرين واعتماد تجربة حاولها سواه، ولا أريد أن أقول هنا المثل الشعبي المعروف “من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب” عملياً ما تقولينه صحيح، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة العودة للدولة وللدستور لأنه ليس أمامك أي خيار آخر سوى المزيد من الفوضى، والمزيد من الأزمات، والمزيد من المشاكل التي تطال الجميع، فلماذا اعتبار ان المشاكل التي تحصل في البلد وفي المنطقة تطال فئة دون غيرها من اللبنانيين، هذه المشاكل تطال كل اللبنانيين وخاصة تطال الشيعة كما تطال السنة والمسيحيين.
أعود وأقول هذه ثوابت وليس كلاماً مرحلياً يمر باعتبار اننا نرد على فلان أو فلان، هذه ثوابت سيعود إليها الجميع، كم يستغرق ذلك من الوقت؟ وكم مستعدين أن يدفعوا ويضحوا؟ وما مدى استعدادهم للخسارة؟ هذه مسألة أخرى، وكل واحد يقوم بحساباته عليها ولكن هذه ثوابت لا يستطيع أن يتحرك الواحد من خارجها ليكون آمناَ وسالماً. والدليل الموقف الايجابي المسؤول الذي عبّر عنه الرئيس نبيه بّري.

س- كلا كان بمعنى تسليمهم، المقاربة الجديدة بتسليمهم وليس بحمايتهم؟
ج- أنت تجيدين اللغة العربية ولم يطلب أحد منهم حمايتهم، ولكن المقاربة الجديدة هي تعبير لائق ومهذّب سياسي وشخصي لفتح حوار أكثر مما هو سعي نحو مواجهة، ولكن ماذا كان الجواب انه كذا.. كل هذا الكلام برأيي الشخصي أو قراءتي أو استنتاجي المقصود فيه تعطيل تأثير الخطاب على اللبنانيين من الشيعة والسنة وباقي الطوائف، لأن الخطاب كان فعلاً مسؤولاً ورصيناً وجدّياُ تجاه كل اللبنانيين.

الرئيس الحريري في خطابه كان مُخالفاً لرأي عامة جمهوره، لأنه عملياً وبالتأكيد الجمهور عنده رغبة بكلام أقسى وأقوى، وكلام مواجه أكثر وبكلام فيه تعرّض أكثر، وربما تعرّض شخصي على طريقة السيد نصرالله، ولكن الرئيس الحريري قرر أن يتصرّف بصورة مختلفة تماماً حتى وهو يستعمل رصيده، بهذا المعنى، لإقناع الناس بأنه يسعى نحو فكرة الدولة الحاضنة للجميع فكان الجواب “انه نريد أن نفعل وان نفعل ومن أنت وكيف أنت ولماذا أنت”.
أنا أعتقد ان خطاب السيد نصرالله يُعبّر عن ارتباك بقراءةة الناس لهذه الرسالة، لأنه قد يكون لاحظ بأن كلام الرئيس الحريري أحدث موجة عند العقلاء من الناس، بأن هذا الشخص السياسي يقول كلاماً رصيناً .

س- السؤال كيف تطورتم من هذا الموقف الى الموقف الهادىء الرصين الذي يرى فيه البعص نشوة انتصار؟
ج- رأينا بالسلاح لا يزال هو نفسه، ولا يزال مطلبنا الرئيسي والأول والدائم هو أن يكون هذا السلاح في خدمة الدولة اللبنانية وفي أمرة الدولة اللبنانية، نحن لن نقبل أياُ كان السلاح وأياً كان عنوانه وأياً كان حجمه في وقت من الأوقات إلا ان يكون ضمن الدولة، ولكن هناك فرق بين أن تقول انك تسعى الى نزع السلاح أو الى تسليم السلاح، أبداُ فنحن نتحدث بهدوء وببساطة، ولكن بتأكيد أيضاً على اننا لن نتخلى عن مطالبتنا تحت أي ظرف من الظروف، بأن يكون هذا السلاح هو جزء من الدولة للدفاع عن كل اللبنانيين وليس في يد حزب من طائفة واحدة، هو جزء من هذه الطائفة، ويريد أن يأخذها كلها، ويأخذ لبنان كله على مفهوم يُحدّده هو بنفسه، فهو من يتصرّف بأن هذا السلاح هو الضمانة، وأن هذا السلاح هو المستقبل وهو الأمان، ولكن هذا غير صحيح، هذا السلاح يبقى سلاحاً مختلفاً عليه ومختلفاً على دوره من 7 أيار حتى هذه اللحظة، والى أن تقوم القيامة إلا عندما يكون جزءا من الدولة اللبنانية.

س- وحتى لو ان هذا الخطاب يوصل الى فتنة داخلية؟
ج- لا يجب أن يوصل الى فتنة إلا عند من يريد الفتنة، نحن لا نريد الفتنة، وليس لدينا السلاح ، نحن جهة سياسية نعبّر عن وجهة نظرنا بالسياسة وبشكل حر، بثوابتنا التي تقوم على عدّة نقاط، وهذا ليس تغييراً بالموقف ولا تعديلاً بالثوابت، ولا تخلياً عن المبادىء، هذه صياغة هادئة للمطالب آخذة بعين الإعتبار رغبة اللبنانيين جميعاً بالإستقرار وبأن تكون الناس أهدأ بمخاطبة بعضها البعض، على عكس ما فعل السيد حسن نصرالله.
وبصراحة أكثر، نحن لا نراهن على سقوط النظام السوري، نحن نطالب بإسقاط النظام السوري لمصلحة لبنانية أولاً وقبل أي مصلحة أخرى، نحن فشلنا كنظام ديموقراطي بشكله العام إقامة علاقة طبيعية مع سوريا منذ سنة 2000 حتى اليوم كي لا أعود الى 30 سنة ماضية، نحن لم نستطع ولا مرة إقامة علاقات طبيعية بين البلدين بسبب الإختلاف الجذري بطبيعة النظامين، فمن يعتبر انه الأكبر وانه يمون وأنه الأقوى وانه يمكن أن يستقوي وانه الظالم وباستطاعته أن يظلم، هذه مسألة فيها مصلحة لبنانية قبل أي حديث عن مسألة حرية الشعب السوري التي هي الحرية المتعلقة بكل الشعوب العربية.

س- المطالبة بسقوط النظام السوري هل فيها مصلحة لبنانية، إذا كنت تتحدث عن سقوط النظام والمصلحة اللبنانية ولكن مطالبتك الآن بسقوط النظام هل فيه مصلحة؟
ج- النظام هو طبيعة النظام، فنحن لسنا مسؤولين ولا الشعب السوري ينتظرنا لكي نقرر نيابة عنه، وماذا يريد، طبيعة النظام السوري لا تتلاءم وكانت مُسبّب دائم للأزمات في لبنان وفي العلاقات بين البلدين.
أعود للتذكير بما قاله زميلك وزميلنا المرحوم سمير قصير “ديموقراطية سوريا هي ضمانة استقلال لبنان” وهذا ليس كلاماً فارغاً، هذا كلام له مضمون جدي، ولكن لنفترض انني أتحمل مسؤولية هذا الكلام، فأنا أقول اني أطالب، ولكن ماذا قال السيد نصرالله المتمسك بالنظام الداعم للمقاومة من وجهة نظره، يتحمل ساحات الآخرين في لبنان وفلسطين دون أن يُحرّك الجبهة السورية بمواجهة إسرائيل، إضافة الى انه يتمسك بالنظام الذي يتحمل حتى اللحظة المسؤولية عن ثمانية آلاف شهيد و18 الف مفقود و60 الف موقوف فكيف يمكن أن يضع على طائفته مسؤولية هذه الكمية من الدماء تحت شعار ان مصلحتنا مصلحة المقاومة هي أن يكون هذا النظام الداعم لنا؟

س- لكن يقول دعما للقضية الفلسطينية وليس لتحرير أرض؟
ج- كلا، هو قال فتح جبهات، فهناك أراضٍ محتلة في فلسطين ولبنان وسوريا، فالنظام السوري مُتخصص باستعمال ساحات الآخرين، والإبقاء على ساحته آمنة سالم مُتفاهمة مع الإسرائيلي بكل المسائل الأمنية المتعلقة بالحدود، وبالتالي لا يستطيع أن يطلب مني أن أتعلم منهم، إضافة الى ذلك الآن هناك تغيير في العالم العربي ألا يجب أن نعترف به، هذا التغيير يقول ان الشعوب يجب أن تُقرر أياً كان هذا القرار، مسألة فلسطين أصبحت مسألة الناس وليس مسألة حاكم يُقرر أن يقوم بالحرب أو السلم، ويجعل الناس تدفع ثمن هذه الحرب أو هذا السلم بدون أن يسألها، فليدع الناس تقرر، ولماذا السيد نصرالله يُقرر عنها؟ ولماذا يريد أن يُقرر عن الشعب الفلسطيني الذي عنده قيادات واعية ومسؤولة ولها تجربة نضالية كبيرة؟.
ولكن هنا أريد أن أشير الى أمر آخر اليوم، قرأته : “الذين قتلوا من السوريين على يد النظام السوري أكثر من الذين قتلتهم إسرائيل في الإنتفاضتين، وأيضا فلسطين لها أهلها قبلي وقبله وقبل كل العالم، لها أهلها المعنيين والمسؤولين والقادرين والذين يعرفون كيف يعملون بالسياسة ومتى يقومون بالمقاومة.
الشعوب العربية الآن أصبح لها القدرة على الخيار ولم تعد مُلزمة بقرار حاكم مستبد، فلتقرر ما تريد وهي ستُقرر انها مع فلسطين فمن سألها وأجابت خلافا لذلك؟ وبالتالي لا يمكن لك أن تُعيّن نفسك وصياً عليهم وتـأخذوا وظيفتهم، وبالتالي لا يمكن أن تُعيّن النظام السوري وحده معنياً بقضية فلسطين والآخرين مُقصّرين، فما قدّمه العرب وما قدّمته مصر ليس سهلاً أبداً وليس قليلاً أبداً.

س- ولكن ما دفعته إسرائيل في لبنان على يد “حزب الله” وبدعم من النظام السوري الحالي الموجود، وبدعم من إيران هو أكبر ما دفعته منذ العام 1948؟
ج- أولاً أنا لا أعرف النسبة، ولكن لا أنكر هذا الفضل في حينه، ولن أنكره الآن، لكن هناك فرق بين أن تكون منتصراً على إسرائيل وتستعمل هذا الإنتصار على اللبنانيين كما حدث في 7 أيار، وكما حدث في الدوحة، وكما حدث في كل المخالفات الدستورية التي أوصلتنا الى وضعنا الآن، وبين أن تقول اني حققت انتصاراً أو صموداً بهذا المعنى، فتعالوا أيها اللبنانيين وقدّروا هذا العمل. فلا أحد أنكر عليك هذا الصمود، ولكن ليس من اجل أن تعمل على تحميلي فاتورة ذلك الصمود بالنظام اللبناني وبالدستور وفي بيروت وفي الشارع .

س- حتى الحرب الأهلية هي مبالغات؟
ج- أنا لا أعتقد ان أحداً مستعداً لرمي نفسه في النار من أجل رجل أعمال أو رجل أمني من أي أقلية ومن أي مفهوم، فالظلم وقع على كل الناس، على العلويين كما على السنة والأرثوذكس والسريان والموارنة، والظلم لا يُفرّق بين الطوائف، والقهر لا يُفرّق بين الطوائف.

س- عندما تتحدث عن عدم مسألة بقاء العلويين وبقاءهم في السلطة والإمتيازات هي مسألة نظام أمني ورجل أعمال ربما تقصد رامي مخلوف؟
ج- طبعاُ فهو له ليرة سورية من أصل كل تسع ليرات سورية من كل الدخل القومي، فهل هناك أي رجل أعمال في أي دولة في العالم عنده هذه الكمية من السيطرة على مرافق اقتصادية تجعل منها واحد على تسعة من الدخل القومي في دخله؟
على كل حال الظلم يطال الجميع والحرية هي للجميع ليس للسنة فقط، الحرية للمواطن السوري، لكل الطوائف ولكل المذاهب. حتى المبادرة العربية ماذا قالت في هذا المعنى؟ المبادرة العربية قالت ان الباب مفتوح لكل الناس بما فيه الجيش والقوى الأمنية، ولم تُدن أحد وبما فيه حزب البعث، وكل مكونات الشعب السوري على قاعدة الإعتراف بالآخر، فلا يمكن أن تُلغي الآخر وتأتي وتقول أنا أقلية مظلومة فلذلك يحق لي أن أظلم الآخرين، وهذا كلام غير منطقي مثل كلام الرئيس الأسد بالأمس مع نائب وزير الخارجية الصيني. فأول مرة يصدر كلاماً عن التقسيم في سوريا يكون على لسان رئيس الجمهورية العربية السورية الظالم لشعبه، فكيف يمكن لرئيس أن يتحدث عن التقسيم بدون أن يكون يسعى اليه، فما هو هذا التقسيم ومن يُقسّم من؟.
أولاً الشعب السوري متضامن ومتكافل هناك أناس خائفون وهناك من يجلس جانباُ وهناك المتردد مثل كل الثورات، وهناك أناس منخرطين، ولكن بالتأكيد ليس فيهم تقسيميين سوى من يتحدث الرئيس شخصياُ عنهم.

س- كان اليوم للوزير سليمان فرنجية كلاماً لافتاً وتحدث مطولاً عندما التقى الرئيس الأسد بأن الرئيس الأسد كان يعرف بأن الدرب ستكون طويلة، واستغرب أن يفضل شخص كسمير جعجع حكم الإخوان على نظام علماني، وقال الكثير وان هذا إرضاء للمعلم السعودي والقطري أيضاً، وقال ان صحيفة بريطانية قالت ان اميركا تتحالف مع القاعدة في سوريا؟
ج- أولاً السعوديين عندهم حساسية عالية من الإخوان، الجميع يعرف هذا الأمر، الآن ربما يتعاملون معهم ولكن عندهم حساسية تاريخية، وبالتالي هذا الكلام غير صحيح ولا علاقة له لا بالسعودي ولا بالقطري.
الدكتور جعجع في كلامه عن موضوع الإخوان المسلمين أو غير الإخوان المسلمين يقول ان ما يختاره الناس لا يمكن أن أناقشهم فيه، وعلينا أن نقبل به كما هو، ولكن هذا ما يختاره الناس ولست أنا من يختار للناس.

س- أنتم “تيار المستقبل” يمكنكم مناقشته كونكم تيار تُعتبر اليوم قاعدته الأساسية سنية ولو كان يعتبر نفسه عابراً للطوائف ويتحدث انه تيار اعتدال، هل يمكن أن تشكلوا البديل؟
ج- بصراحة أنا ليس فقط تيار اعتدال، نحن أكبر مجموعة سياسية ليبرالية مدنية غير دينية مننتخبة في العالم العربي، فلو نظرنا من حولنا في كل العالم العربي، المجموعة الوحيدة المنتخبة ديموقراطياً ومدنيا وليست دينية هي مجموعة “تيار المستقبل” و”لبنان أولاً” خير وبركة، ولكن لكي أكون واضحاً، هناك نقطة تُثار دائماً تتعلق بموقفنا من قصة الإخوان المسلمين أو رجال الدين أو العلماء.
هذا الكلام غير وارد عندنا على الإطلاق، نحن مجموعة منتخبة مع احترامنا لكل العلماء الأجلاء من رجال الدين طالما هم ليسوا منتخبين، أنا أصلي وراءهم بالتأكيد وأستمع بالتأكيد لرأيهم، ولكن في السياسة أنا من يُقرر وليسوا هم من يقررون، أياً كان التنظيم الديني وأياً كان أهمية رجل الدين وعلمه وفهمه ومعرفته.

س- 14 آذار لم تحصـل ضربة كف، هناك دم الرئيس الحريري وبعدها هناك اغتيالات؟
ج- أنا لا أتحدث عن 14 آذار بل عن كل المسيرة السياسية ، حين بقي الناس على قناعتهم وعلى رأيهم وعلى توجههم وعلى انتخابنا في دورتي الإنتخاب، وبالتالي لا يمكن أن تكون حكما خارج صندوق الإقتراع طالما هذا الصندوق موجود، وبالتالي لا يمكن أن يأخذنا أحد ألى أي مكان، لا طرابلس سلفية ولا طرابلس أصولية ولا بيروت، ولا أعرف شو، هذه المجمـوعات من الناس تتمتع بحرية التعبير وتقول رأيها، وهذا الباب مفتوح لكل الناس لتقول رأيها ، ولكن ساعة الحقيقة، من يُقرر هو صندوق الإقتراع ومن ينتخبه الناس.

س- يتم الآن تحضير وثيقة سياسية وهي شبه لغز هذه الوثيقة، هل فعلاً تعملون لوثيقة سياسية، وما هي أهم النقاط فيها؟
ج- طبعاً ولكن ليس نحن فقط، بل هناك مجموعة كبيرة من المكتب السياسي في “تيار المستقبل” والنواب، والوثيقة أصبحت في مسودتها العاشرة من المناقشة بين الجميع وإن شاء الله ستصدر في وقت قريب.
عندما يجلس أربعين أو خمسين شخص كل واحد يُبدي وجهة نظره على مسودة محدّدة، فالأمر طبيعي مناقشة كل هذه الأفكار وبلورتها في صياغة تُعاد مناقشتها، هذه وثيقة لها علاقة بالربيع العربي وتحدياته وكيف سنواجهها في لبنان، وكيف سنجيب على الأسئلة من النوع الذي تفضلت بها، سواء المتعلقة بقراءتنا لمسألة الأقليات التي لا أوافق عليها باعتبارها مُواطنة، أو المتعلقة بأن التيار الليبرالي المدني المنتخب كيف سيتصرف وكيف سنجيب على كل المطروح بعد التغيرات والتطورات الكبرى التي حصلت في العالم العربي.

س- هل تعتقد ان الناس مازالت تُلبي في هذا الظرف، وفي هذه اللحظة وتعـود للنزول؟
ج- أعتقد ان الناس تُعبّر عن خياراتها وعن رأيها السياسي بطريقة سليمة في كل لحظة، وعندما تُغيّر الناس نحن نعرف ونشعر ولكن هذا غير صحيح، الناس لم تُغيّرلا مبادئها ولا ثوابتها، ربما شخص لا يعجبها، ربما أنا لا أعجبها ولا توافق على الكلام الذي أقوله، ولكن هذا لا يعني انهم غيّروا ثوابتهم أو غيّروا مبادئهم، ودعيني أقول كلمة أقولها دائماً الناس أحسن منا وأصدق منا.

س- كان للزعيم الدرزي وليد جنبلاط اليوم كلاماً لافتاً أن يكون معكم في “14 آذار” مُجدّداً واليوم كان سقف كلامه عالياً جداً؟
ج- أنا لم أقرأ كلامه، ولكن سمعت عن موقفه المتقدّم مما يحدث في سوريا، ولكن هذا وصف طبيعي يطرحه، ويؤكد على نظام يطرح دستوراً للإستفتاء في دولة 39 بالمئة من أراضيها لا تخضع لإدارة الدولة، فكيف يمكن الطلب من الناس أن تُصوّت؟ زائد اني قرأت عدّة تعليقات على مسودّة الدستور أو نسخة الدستور التي توزعت وأُعلنت وهي لا تُعبر فعلاً عن تطلعات الشعب السوري، ولم تأخذ في عين الإعتبار هذه التطلعات. بالعكس هناك مقطع في الدستور يتحدث انه منذ بداية القرن العشرين أي منذ العام 2000 يعني التطورات السياسية والدولية والإقليمية هي التي دفعت الى المراجعة، ولكن الصحيح ان الناس هي التي طلبت والناس هم أصحاب حق بدستور يحفظ لهم حريتهم وكرامتهم.