الوزير المؤجل.. نهاد المشنوق

قالـوا عنه 14 يوليو 2008 0

قبل التاسعة والنصف من صباح يوم الجمعة الماضي، كان يمكن للأمور أن تكون مجرد تمنيات أو خبريات. لكن عندما رنّ هاتف الزميل نهاد المشنوق الخلوي في هذا الوقت بالذات، صارت الأمور واضحة وضوح عين الشمس.
كان المتصل هو رئيس الحكومة المكلف وسأل الزميل المشنوق أين هو؟ فأجابه أنه في اسطنبول في رحلة صيفية خاصة مع صغيرته ديمة. قال له الرئيس المكلف “احزم امتعتك وعد الى بيروت على وجه السرعة”.
لم تمض دقائق قليلة، حتى صار الهاتف الخلوي يرن على مدار الوقت. عشرات المتصلين من بيروت، زملاء اعلاميون يريدون أن يحجزوا معه موعدا عبر الهاتف وسياسيون في الموالاة والمعارضة يتصلون مباركين. بين المتصلين أنفسهم أكثر من مستشار لرئيس الحكومة المكلف، بالاضافة الى مستشارين ومقربين من النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط.
ولكن عندما أذيع المرسوم لم يرد اسم نهاد المشنوق، فما الذي تبدل في ربع الساعة الأخير؟
ليل الخميس الجمعة، اتصل النائب السابق غطاس خوري، بالنائب علي حسن خليل، وأبلغه باسم النائب الحريري، أن ترتيبات الموالاة قد انتهت وأن العقدة تقتصر على اسم القومي علي قانصو… سرعان ما جرت مشاورات بين عين التينة وقيادة “حزب الله” والرابية وبنشعي وبعض قيادات المعارضة، ورست المعادلة على الآتي: اذا كنتم مصممين على وضع “فيتو على علي قانصو… سيكون من حقنا أن نطالبكم بارسال لائحة أسماء وزراء الموالاة، وأن نبدي رأينا فيها قبل اعلانها”.
تمت الموافقة مبدئيا، ووعد غطاس خوري النائب علي حسن خليل بارسال اللائحة في اليوم التالي. وبالفعل، قبيل ظهر يوم الجمعة، وصلت اللائحة الى عين التينة، وتضمنت في ما تضمنته من أسماء اسم الزميل نهاد المشنوق وزيراً.
في الوقت نفسه، كانت دوائر القصر الجمهوري قد طلبت من السرايا الكبيرة ارسال اللائحة نفسها لتحضير المراسيم. وتضمنت اللائحة الواردة من السرايا اسم الزميل المشنوق، وسرعان ما فتح المستشار الاعلامي في القصر الجمهوري الزميل رفيق شلالا الخط وحادث الزميل المشنوق مباركا له ومتمنيا عليه أن يرسل له سيرته الذاتية وكان جواب المشنوق له ولغيره، بمن فيهم مؤسسات “المستقبل” الاعلامية أن السيرة موجودة على موقع “نهاد المشنوق دوت كوم”.
وصل رئيس الحكومة المكلف الى القصر الجمهوري، وسرعان ما تبين أن اسم الزميل المشنوق قد طار.
لم يكلف الرئيس المكلف نفسه عناء ابلاغ المشنوق الذي كان قد بدأ رحلة البحث عن طائرة خاصة (تفاديا للعودة عند الحادية عشرة والنصف ليلا على متن الخطوط الجوية التركية). أذيعت المراسيم من القصر الجمهوري وصدم الزميل المشنوق وكل من تأمل خيرا بهذه الاضافة الاعلامية والسياسية والبيروتية، ليتبين لاحقا الخيط الأبيض من الأسود.
عندما وصل النائب سعد الحريري الى السرايا الكبيرة، أخذ على الرئيس المكلف أنه نصب كمينا لنفسه بوضع “فيتو” على علي قانصو قد يستدرج المعارضة الى “فيتوات” وخاصة على المحامي ابراهيم نجار للعدلية، وكان جواب الرئيس المكلف “تريد تثبيت علي قانصو… اشطب نهاد المشنوق لمصلحة خالد قباني”!
ذهل الحريري من جواب الرئيس المكلف ولكن عامل الوقت كان يضغط على الجميع ولا بد من أن يتوجه السنيورة الى القصر الجمهوري. جمع السنيورة الدكتور خالد قباني بالحريري وأقفل ملف التأليف… لكن على حساب الزميل المشنوق.
كما قبل التكليف، أيضا بعد الكمين الأخلاقي الذي ارتكب. فقد اتصل عشرات السياسيين اللبنانيين والدبلوماسيين العرب والأجانب، بمن فيهم السفارة الايرانية بالمشنوق وابدوا اسفهم لما حصل. كان جواب المشنوق “لن أعلق على ما حصل. لكن مهما جرى كنت وسأبقى وفيا للخط الذي يمثله الرئيس الشهيد رفيق الحريري…”
لو قدمت الرواية الكاملة للتوزير المؤجل أو السابق للزميل المشنوق، لأمكن تقديم شهادة وفاء لكل من زكوا هذا الترشيح وفي مقدمتهم سفراء عرب وأقطاب في قوى الرابع عشر من آذار، وقيادات في المعارضة، اصيبوا كلهم بصدمة لما آلت اليه الأمور وقد لخص أحدهم السبب بالآتي: اجتمع “سوء الادارة” مع “الجشع” فطار نهاد المشنوق!
الم يكن ممكنا للامور أن تكون أكثر بساطة وشفافية: أن يعتذر رئيس الحكومة عن التوزير… أما وقد حصل ما حصل فلا بأس من اعتذار ولو متأخر…