الملك عبدالله وحده قَرنَ القول بالفعل.. وبعض دول الخليج تخلت عن دعمنا

مقابلات مكتوبة 15 أغسطس 2014 0

نوه وزير الداخلية والبلديات اللبناني نهاد المشنوق بأهمية الدعم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين للجيش والأمن اللبنانيين، وكشف في حديث لـ”عكاظ” عن خيبة أمل عمت على المسؤولين اللبنانيين من بعض الدول الخليجية في تخليها عن دعم لبنان، وقال: “الملك عبدالله وحده الذي قرن القول بالفعل”.
وأكد الوزير مشنوق تميز ومتانة العلاقات الأمنية بين الرياض وبيروت، وأهمية التنسيق في مكافحة الإرهاب، قائلا:”نحن نتعلم من تجربة وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف الرائدة في مواجهة التطرف”
وواجهت “عكاظ” وزير الداخلية اللبناني بحقائق لقائه بالسفيرين الأمريكي والإيراني، وبجملة من الملفات الساخنة على الصعيد الأمني، وفي مقدمتها تأثير عرسال وتقييم الخطة الأمنية وتأثير الفراغ الرئاسي، انتهاء الصمت عن ملفي اغتيال رئيس فرع المعلومات لقوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن، ومستشار الرئيس سعد الحريري الوزير محمد شطح، فيما اكتفى بالرد على اتهامات وزير الإعلام السوري للرئيس الحريري بجملة “الشمس طالعة والناس قاشعة”..فإلى تفاصيل المواجهة:
• أمر خادم الحرمين الشريفين بدعم الجيش والأمن اللبنانيين بمليار دولار، تضاف إلى دعمه السابق للجيش بمبلغ ثلاثة مليارات دولار.. ما دلالات هذا الدعم في رأيكم؟
ينظر اللبنانيون بكثير من الامتنان والتقدير إلى المبادرات المتتالية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاه بلدهم، والتي كان آخرها هبة المليار دولار أمريكي للمؤسسات الأمنية اللبنانية بهدف تمكينها من مكافحة التطرف الذي يحاول أن يجد من الساحة اللبنانية مكانا جديدا لممارساته المرفوضة والمدانة، وهذه المبادرة الكريمة من الملك عبدالله تضاف إلى الدعم الذي سبق أن قدمه لتمويل تسليح الجيش بمبلغ ثلاثة مليارات دولار أمريكي. نحن نرى في هذه المبادرات من خادم الحرمين الشريفين ترجمة للاستراتيجية التي اعتمدها الملك عبدالله وأعلنها في سلسلة خطب ومواقف كان آخرها النداء الجامع الذي أصدره قبل أيام، وهي استراتيجية لا تهدف إلى مواجهة التطرف بمختلف مظاهره وممارساته فحسب، بل كذلك إلى وضع الأطر الحقيقية والثابتة لاستقرار مستدام عملت له المملكة منذ زمن ولا تزال، ما يدل على أن رؤية خادم الحرمين الشريفين إلى الإرهاب تركز على ضرورة مكافحته ومنع تمدده وتجفيف كل ما يمكن أن يشكل مواردا للإرهابيين ولتحركهم وممارساتهم التي تتعارض كليا مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. ومن هنا يشكل الدعم المالي للمؤسسات الأمنية اللبنانية – في مفهومنا – جزءا لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية التي تظهر الأحداث المتتالية أهميتها من جهة، وصوابيتها من جهة أخرى، وفي تقديرنا أنها من أبرز أدوات المواجهة التي لا تنطبق على الواقع اللبناني فحسب بل على كل واقع مماثل يمكن أن تعيشه دولة أو يواجهه شعب. أضف إلى ذلك أن المبادرات السعودية المتتالية تجاه لبنان كانت الترجمة الوحيدة للوعود التي تلقاها لبنان من دول شقيقة وصديقة لمساعدة مؤسساته الأمنية، والتي انتظر لبنان طويلا للحصول عليها، فوحده خادم الحرمين الشريفين الذي قرن القول بالفعل مرات عديدة، ووفر للبنان ولمؤسساته الدعم والمساعدة المادية المباشرة والفاعلة، فضلا عن الدعم المعنوي الذي أنقذ لبنان من ظروف مأساوية كادت أن تقضي على وحدته وتضامن شعبه وصيغة العيش المشترك فيه.
دعم الملك يهيئ الاستقرار
• وهل يشكل هذا الدعم عاملا لتأمين الاستقرار في المنطقة العربية لا لبنان وحده؟
عملية الاستقرار في المنطقة العربية مترابطة فيما بينها، ونحن نعتبر أن استقرار لبنان جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة، وما حصل في لبنان هو نتيجة لانعكاسات الحرب في المنطقة سواء في العراق أو في سوريا، البلد الذي لنا حدود مشتركة معه على طول شمال لبنان وشرقه، من هنا فإن ما نأمله فعلا أن يمكن الدعم السعودي المؤسسات الأمنية اللبنانية من مواجهة الإرهاب الذي أراد أن يجعل من بلدة عرسال الآمنة والصامدة والصابرة مساحة اختبار لما يخطط له الإرهابيون من ممارسات يرفضها اللبنانيون من الأطياف كافة، وفي مقدمتهم أهل عرسال أنفسهم الذين استضافوا عشرات الآلاف من السوريين النازحين في منازلهم وفي داخل البلدة وخارجها، وساءهم أن تستعمل بلدتهم لمواجهة الجيش وقوى الأمن الداخلي. ولا شك أن نجاح لبنان في مواجهة الإرهاب بإذن الله والذي سيكون نتيجة تضحيات اللبنانيين مدنيين وعسكريين ونتيجة الدعم الذي ستلقاه من الأشقاء والأصدقاء وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، لا بد أن يستفاد منه لمقاربة سبل مواجهة الإرهاب في غير مكان، لا سيما مع وجود إرادة شاملة برفض الاعتداءات الإرهابية وإدانتها ومعاقبة المتطرفين.
• ما الذي قررته وزارة الداخلية حيال توجيه هذا الدعم في سبيل رفع القدرة الأمنية في البلاد؟
أعد الخبراء المختصون في وزارة الداخلية ملفات الحاجات العسكرية واللوجستية اللازمة، من عدة وعتاد للقوى التابعة لها، كما أن قيادة الجيش اللبناني قامت بالتحضيرات اللازمة وإعداد التقارير الخاصة عن الحاجات العسكرية اللازمة المتعلقة بالأسلحة والمعدات، وهنا أود أن أشير إلى أن مجلس الوزراء اللبناني وافق في جلسته الخميس الماضي، على تعديل قراره المتعلق برفع عدد المتطوعين في كل القوى العسكرية إلى 11 ألفا و69 متطوعا، مقسمة بين أربعة آلاف في قوى الأمن الداخلي، و500 عنصر في أمن الدولة، و500 مفتش ثان و500 مأمور في الأمن العام، كما تمت الموافقة على تطويع خمسة آلاف جندي في الجيش اللبناني، و369 تلميذ ضابط في مختلف الأسلاك، و200 تلميذ رتيب، كما أننا زرنا بعض دول مجلس التعاون الخليجي طالبين دعم الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، فضلا عن أننا التقينا عددا من سفراء الدول العربية والأجنبية في لبنان لحثهم على دعم القوى العسكرية اللبنانية على كل المستويات، دون نتيجة حتى الآن إلا الهبة الملكية السعودية، ووزارة الداخلية وضعت في سلم أولوياتها منذ تشكيل الحكومة الحالية ضرورة تعزيز الاستقرار وتفعيل عمل الأجهزة الأمنية التابعة لها عددا وعدة، مع تحديد واضح للسياسة الأمنية الواجب اعتمادها، ولعل أبرز أسس هذه السياسة كان التنسيق مع الجيش، الأمر الذي أدى إلى تحقيق الكثير من الإنجازات على صعيد مكافحة الإرهاب والإرهابيين وتطبيق سياسة وقائية أمنية أعطت ثمارها.
• بعد الإعلان عن هذا الدعم بيوم واحد، التقى بكم السفير الأمريكي في بيروت، وركز كثيرا في لقائه على دعم الجيش والأمن، ودعا للتنسيق بين سفارته والأجهزة الأمنية التابعة لوزارتكم.. فماذا يعني ذلك؟ ولماذا كان لقاؤه بكم بعد إعلان المملكة دعمها للأمن والجيش؟
زيارة السفير الأمريكي في لبنان ديفيد هيل لوزارة الداخلية تأتي ضمن الزيارات التي يقوم بها دوريا إلى الإدارات الرسمية اللبنانية، ومن الطبيعي أن يتم عرض الوضع الأمني في لبنان والمنطقة في ظل التطورات التي حصلت في عرسال، وفي ظل الأحداث السورية والعراقية خصوصا ما حصل في مدينة الموصل، وكانت جولة أفق حول انعكاسات هذه التطورات على الواقع اللبناني، وهو أبلغنا دعم الإدارة الأمريكية للشرعية اللبنانية بكل مؤسساتها، فضلا عن أن هناك برامج مشتركة تتابعها السفارة الأمريكية في لبنان مع الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في ضوء الاتفاقات التي ترعى هذه العلاقة، خصوصا لجهة تعزيز القوى الأمنية التابعة لوزارة الداخلية.
• عاد إلى لبنان اليوم الرئيس سعد الحريري بعد غياب دام لأكثر من ثلاث سنوات.. ماذا حمل الحريري للبنان في جعبته من خطط تحافظ على سيادة لبنان وتدعم أمنه واستقراره؟
عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان هي عودة طبيعية لكونه زعيما وطنيا ورئيس أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني وممثل شريحة وطائفة أساسية في لبنان، فعودته تأتي في الإطار الطبيعي، ومكوثه خارج لبنان يأتي في الإطار غير الطبيعي لأنه كان قسريا لأسباب أمنية، ومن المؤكد أن وجود الرئيس الحريري في بيروت يعيد للحياة السياسية اللبنانية حراكها المتكامل، خصوصا ونحن أمام استحقاقات مركزية وملفات كبرى تنتظرنا في لبنان، إن كان على مستوى انتخاب مفت جديد للجمهورية اللبنانية، أو الاستحقاق الأكبر المتمثل في ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، لأن انعكاس الفراغ سيكون سلبيا على كل المستويات، أو لناحية التحضيرات التي بدأناها للانتخابات النيابية المقبلة، فكلها استحقاقات تحتاج إلى توافق المرجعيات اللبنانية للخروج من حالة المراوحة التي تشهدها البلاد، وبالتالي منح الدفع الأساسي للاقتصاد الوطني، بعدما استفحل الركود في قطاعات أساسية في هذا الاقتصاد مثل السياحة والعقارات وغيرها. وكان لا بد بعد المكرمة السعودية والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين أن ندرس آلية تنشيط الهبة ووسائل صرفها وبمتابعة شخصية من الرئيس الحريري، الذي ائتمنه الملك عبدالله على هذه الهبة، وهو باشر بالفعل عقب وصوله إلى لبنان بلقاء رئيس الحكومة والوزارات والمؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية.
اتهامات الوزير السوري لا تستحق الرد
• في هذه الأثناء هاجم وزير الإعلام السوري الرئيس الحريري، ووصفه بأنه “ببغاء يردد ما يقوله له النظام السعودي”.. فبم تردون على ذلك؟
لا نستغرب أن تتناول أبواق النظام السوري الشخصيات الوطنية اللبنانية، وأعتقد أن مثل هذا الكلام لا يستحق الرد عليه، فكما نقول في لبنان “الشمس طالعة والناس قاشعة”، فكل الأطياف اللبنانية تقدر لخادم الحرمين هذه المكرمة بدعم الجيش اللبناني، وتقدر للمملكة وقوفها الدائم إلى جانب لبنان، كما أنها تقدر للرئيس سعد الحريري إشرافه على متابعة تنفيذ هذه المكرمة، لما لها من انعكاس إيجابي على استقرار وخير لبنان واللبنانيين من خلال دعم الجيش اللبناني والشرعية اللبنانية ومكافحة الإرهاب، وأعتقد أن الجزء الأساسي من هذا الإرهاب نما في أحضان النظام السوري الذي يرفض أن يتجه لبنان نحو الاستقرار.
فراغ كرسي الرئاسة
• رفضت قوى 8 آذار بعض بنود مبادرة الحريري، بل بعضها رفضها إجمالا ووصفها بأنها “كلام على ورق”.. فما آخر المباحثات بهذا الشأن؟ وهل من بدائل مدروسة تشكل خارطة طريق لإنجاز الانتخابات الرئاسية؟
في اعتقادي أن الانتخابات الرئاسية اللبنانية خرجت من إطارها المحلي إلى الواقع الإقليمي والدولي، وعلينا انتظار ما يمكن أن تتفق عليه القوى الإقليمية، وخصوصا المملكة وإيران لبلورة صورة الرئيس العتيد وتسهيل الاتفاق عليه، وفي اعتقادي أيضا أن الحراك المحلي ليس بأهمية القرار الخارجي، إنما يظهر إلى حد ما صورة أولية عن المرشحين للرئاسة المقبلة. أما فيما يخص مبادرة الرئيس الحريري فإن ردود الفعل الإيجابية عليها كانت كثيرة ولقيت تجاوبا لا يزال يحتاج إلى متابعة، ولا بد لي هنا من التنويه بما صدر عن البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي وصف مبادرة الرئيس الحريري بأنها “ممتازة جدا ويجب أن تنفذ، وهي مبادرة قيمة وتمثل خارطة طريق لإنجاز الانتخابات الرئاسية، ويجب أن تحظى بالاهتمام السياسي والإعلامي الملائمين”.
• لنتوسع قليلا في الواقع الأمني في لبنان.. ما تأثير الفراغ الرئاسي باعتقادكم على أمن البلاد؟
لا أعتقد أن الشغور في موقع الرئاسة يشكل خللا مباشرا على الواقع الأمني اللبناني، لأن مجلس الوزراء مجتمعا هو صاحب الصلاحيات في تسيير أمور البلاد إلى حين انتخاب الرئيس الجديد كما ينص الدستور، وأثبتت التجربة أن الواقع الأمني اللبناني جيد قياسا مع ما يجري في محيطنا القريب، وهو مقبول وفي قبضة اليد، باستثناء الأحداث التي جرت مؤخرا في عرسال والتي فاجأت الجميع، وجرى التفاف سريع لجميع اللبنانيين حول الشرعية اللبنانية المتمثلة بالجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، كما حصلنا على الدعم العربي والدولي في هذا المجال وفي مقدمته طبعا الدعم السعودي الفعلي.
• وسط هذه الظروف الأمنية العصيبة.. هل لا زال مفعول تنفيذ الخطة الأمنية التي أقررتموها ساريا؟
بالطبع، لا يزال مفعول تنفيذ الخطة الأمنية التي أقرها مجلس الوزراء والتي تنفذها الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية بالتنسيق ودعم الجيش اللبناني ساريا، والكل يقر ويلاحظ أن الأوضاع الأمنية قد تحسنت إلى حد كبير خصوصا في الشمال والبقاع، وقد لمسنا هذا الشيء من التقارير الأمنية الواردة من مختلف المناطق ومن السفراء المعتمدين في لبنان ومن ممثلي المنظمات والهيئات الدولية التي كانت تثني على تنفيذ الخطة ونتائجها في كل مرة يزوروننا في وزارة الداخلية، وهنا أقول أين كنا على محاور التبانة وجبل محسن وأين أصبحنا؟ وأين كنا في مربع الموت وأين أصبحنا؟ فأجهزة وزارة الداخلية تعمل ليل نهار للحفاظ على الأمن والاستقرار والمتابعات الأمنية على أوجها، وقريبا جدا ستتابع الأجهزة الأمنية تنفيذ الخطة في بيروت والبقاع.

** بعض المراقبين الأمنيين يرى أن الخطة ذهبت في مهب الريح بالوقوف على واقع ما يجري في بيروت وطرابلس.. ما تعليقكم؟
– هذا غير صحيح، فالخطة الأمنية ليست في مهب الريح، وهي سائرة وفق ما هو موضوع لها، وما يجري في طرابلس وأحيانا في بيروت نعمل على معالجته وضبطه، وهو شيء عادي قياسا مع سير الأحداث التي كانت سائدة منذ ستة أشهر، وهو يحصل في أي بلد في العالم، ليس هناك أمن 100 % في أي بقعة من العالم، انظر إلى ما يحصل في الدول المجاورة من سوريا إلى العراق إلى اليمن وليبيا، نحن لا نقول إننا وصلنا إلى الذروة الأمنية والاستتباب الكامل لكن أكرر أين كنا وأين أصبحنا.
تناغم أمني بين الرياض وبيروت
• وكيف تقيمون واقع العلاقات الأمنية بين الرياض وبيروت؟
نحن نتعلم من تجربة وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف الرائدة في مواجهة التطرف، لقد قابلته في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في مراكش واستمعت إلى تجربته الاستثنائية، وتلقيت منه اتصالا في الشهر الماضي طمأنني فيه إلى أن اكتشاف لبنان لثلاث عمليات إرهابية قبل حصولها دليل على تقدم العمل الأمني والاستخباراتي اللبناني، فالعلاقات الأمنية بين الرياض وبيروت ممتازة، وهي علاقات تحكمها الاتفاقيات الدولية والعلاقات الثنائية، وزارنا بعد العملية الإرهابية التي حصلت في فندق دي روي الروشة وفد أمني سعودي للاستفسار عن موضوع المعتقل السعودي الثاني الذي كان يرافق السعودي الذي فجر نفسه في إحدى غرف الفندق بعد اكتشاف مخططه الذي كان ينوي تنفيذه في لبنان.
لا سيادة على عرسال
• لننتقل إلى عرسال، فبودنا أن نستشرف رأي معاليكم تجاه ما يجري فيها.. فمن وراء خلق هذا السيناريو برأي وزير الداخلية؟
ما يحصل في عرسال ليس بعيدا عن ما يحصل على حدودها المتاخمة للأراضي السورية، وهو امتداد طبيعي للأحداث التي وقعت في المنطقة خصوصا بعد معارك القلمون داخل الأراضي السورية، وأن موقع هذه البلدة الجغرافي يضعها في مرمى الصراع الدائر، وهي احتضت أكثر من 100 ألف نازح سوري، لكن مع الأسف استغلت بعض التنظيمات المسلحة أوضاع النازحين وتغلغلت بينهم وقام المسلحون بأعمال إرهابية طالت المدنيين والجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، وسقط الشهداء والجرحى من أهالي البلدة والعسكريين، ولا يزال هناك 38 عسكريا من الجيش وقوى الأمن الداخلي رهائن لدى الإرهابيين، سنعمل بكل ما أوتينا من قوة وفي شتى الوسائل لاسترجاعهم إلى وحداتهم سالمين، فقد أكدنا منذ اللحظة الأولى إدانتا الشديدة للاعتداء على بلدة عرسال وعلى الجيش وقوى الأمن، وأكدنا على ضرورة انسحاب المسلحين وإخلاء المراكز التي تمركزوا فيها، ورفضنا رفضا مطلقا استعمال الأراضي اللبنانية مسرحا لأعمال إرهابية لا سيما في عرسال وجوارها، وأبلغنا جميع الذين راجعونا بأن لا سيادة على عرسال وأي منطقة لبنانية أخرى إلا السيادة اللبنانية، ولا دور أمنيا إلا للقوى الشرعية التي تحمي عرسال كما تحمي كل المناطق اللبنانية من دون استثناء.
• وما حجم المشاورات والمفاوضات التي تجريها وزارة الداخلية بالتكامل مع الجيش لاستعادة المحتجزين من عناصر الأمن؟ ومع من تجرى هذه المشاورات؟
لقد رحبنا بسعي هيئة العلماء المسلمين التي نكن لها كل احترام وتقدير لإطلاق سراح العسكريين المعتقلين، وتجاوب الجيش مع سلسلة إجراءات اتخذت لإنهاء الوضع الشاذ الذي نشأ عن اعتداء الإرهابيين، ونحن في اجتماعات مفتوحة ودائمة بين القوى الأمنية في وزارة الداخلية وبالتنسيق مع الجيش اللبناني لمتابعة هذا الموضوع الساخن، واضعين في أولويات اهتماماتنا إطلاق الرهائن العسكريين، وبديهي أن لا تساوم السلطة السياسية على دماء الشهداء العسكريين والمدنيين على حد سواء، لا سيما أن مجلس الوزراء أكد أن لا مهادنة مع الإرهاب والإرهابيين تحت أي ظرف.

حزب الله انتهك مبدأ النأي بالنفس
• هل لا زلنا بعد هذه الأحداث المتلاحقة نصدق أن لبنان ينأى بنفسه عن الأزمة السورية سيما بعد المبادرات التي يفخر بها حزب الله على صعيد المعارك في الداخل السوري؟
إن السياسة الرسمية للدولة اللبنانية هي النأي بالنفس، وهو قرار جاهدت الحكومة اللبنانية لتطبيقه، لكن مع الأسف هناك بعض القوى وتحديدا حزب الله أراد الانخراط في الصراع السوري، ما حال دون تطبيق سياسة النأي بالنفس، وأوجد خللا في هذا الإطار، ورتب تداعيات نعمل جاهدين على تفادي مضارها السلبية، ولا زلنا نطالب حزب الله بالانسحاب من المستنقع السوري وتوجيه بندقيته صوب العدو الإسرائيلي، وترك الشعب السوري يقرر مستقبله وخياراته.
حقيقة لقاء السفير الإيراني
• عقدتم قبل أسبوعين لقاء مع سفير إيران في بيروت، والملاحظ أنه لم يعلن عن مناسبة هذا اللقاء والموضوعات التي تم استعراضها فيه، حتى أن السفير ذاته رفض الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام.. فهلا يكشف لنا معاليكم عن طبيعة هذا اللقاء؟
– هذا لقاء دبلوماسي عادي، فالسفير الإيراني الجديد محمد فتح علي زارنا في زيارة تعارفية بروتوكولية لمناسبة تسلمه مهامه الجديدة في لبنان، خلفا للسفير السابق غضنفر أبادي، وبالطبع عرضنا الأوضاع في لبنان والمنطقة في ضوء المستجدات في لبنان والعراق وسوريا، خصوصا أن إيران لاعب أساسي على ساحة الصراع الإقليمي لكونها دولة تدعم النظامين السوري والعراقي، فضلا عن دعمها مكونا أساسيا لبنانيا هو حزب الله، ويعرف المسؤولون الإيرانيون رأينا ومواقفنا، لا سيما من الأزمة السورية، ومن امتدادهم السياسي والأمني في العالم العربي الذي يأخذ للأسف طابعا مذهبيا، أما عن التوقيت فهو مرتبط بكون السفير انتقل إلى لبنان حديثا وهو يقوم وفقا للأعراف بزيارات تعارفية.
• وهل حمل في طياته ملف تفجير السفارة الإيرانية؟
كلا، لم نتطرق إلى هذا الموضوع، كونه يعلم أن هذا الملف هو بيد القضاء اللبناني وليس بيد وزارة الداخلية، والقضاء هو الذي يصدر القرارات الظنية بهذا الشأن.
• وقعتم قبل يومين مرسوما لدعوة الهيئات الناخبة لمجلس النواب.. فهل الواقع يشجع على قيام انتخابات نيابية وسط الأزمات السياسية والأمنية التي يعيشها لبنان؟
صحيح، لقد وقعنا مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للمقيمين وغير المقيمين لمجلس النواب التزاما بالمهل القانونية والدستورية، وتم إرساله إلى مجلس الوزراء لكي يوقع عليه الوزراء بناء للآلية المتفق عليها بالتوقيع على المراسيم، ونحن نقوم بواجباتنا والتحضير للانتخابات دستوريا وقانونيا. أما موضوع إجراء الانتخابات أو عدم إجرائها فإنه يعود إلى المجلس النيابي اللبناني، علما بأنني أعلنت بعد لقائي رئيس مجلس النواب يوم السبت الماضي أن الوضع الأمني لا يسمح بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها في نوفمبر المقبل لا سيما في ظل التطورات الأمنية التي تحصل.
الصمت على اغتيال الحسن وشطح
• دعنا نتحدث عن ملف الاغتيالات السياسية في لبنان.. فمنذ تشكلت الحكومة الحالية وتوليتم حقيبة الداخلية فيها، ساد الصمت على واقعتي اغتيال رئيس فرع المعلومات لقوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن، ومستشار الرئيس سعد الحريري الوزير محمد شطح.. فما تفسير ذلك برأيكم؟
لا، ليس صحيحا أن الصمت ساد، فالتحقيقات لا تزال جارية، لكن مثل هذه الأعمال الإرهابية تحتاج إلى كثير من الوقت لكي يتم اكتشافها وتحديد هوية منفذيها، والمسألة ليست بالبساطة التي يتوقعها البعض، لأنك تتعامل مع مجموعات إرهابية محترفة قامت بعملية إجرامية متقنة، والاتهام لا يصدر إلا عن القضاء اللبناني، وليس عن القوى أو الأجهزة الأمنية، وأريد في هذا السياق أن أؤكد أنه لا تهاون في هذين الملفين كما في كل الملفات المماثلة، ولا تراجع عن الوصول بالتحقيق حتى النهاية، ويخطئ من يعتقد أن الأوضاع الراهنة حجبت الاهتمام بالجريمتين المذكورتين.

السجناء السعوديون في روميه
• يقبع في سجن روميه ستة سعوديين لا زالوا موقوفين بلا محاكمة منذ أحداث نهر البارد، وهناك تهديدات تطال هذا السجن كما حصل في العراق وغيره.. فما هي خطتكم لتأمين حياة السجناء؟
لا أعلم من أين استقيتم معلوماتكم أن هناك تهديدات تطال هذا السجن كما حصل في العراق حسب ما تقولون، فنحن لدينا تدابير أمنية وتم تشديدها في الآونة الأخيرة إلى درجة أنه بدأت تردنا شكاوى من سكان المنطقة والبلدات المجاورة بسبب فرض هذه التدابير الأمنية، ونحن استباقا ومن ضمن الإجراءات الضرورية، وتحسبا لأي عمليات إرهابية قد تحصل، عززنا التدابير والنقاط الأمنية والعسكرية بالتنسيق مع الجيش اللبناني لحماية السجن من أي عمليات قد تستهدفه. أما بشأن جلسات المحاكمة، فقد بدأت قبل مدة وسوف تستكمل تباعا والأمر منوط بالسلطة القضائية المختصة المتمثلة في المجلس العدلي.