المطلوب “بيروت” آمنة ومنزوعة السلاح ..والزعران!!

قالـوا عنه 30 يوليو 2009 0

تأخر الجيش اللبناني كثيراً حتى يأخذ قراراً حازماً بشأن الترهيب الأمني المتواصل الذي يتعرض له أهل بيروت منذ سنوات ثلاث، تأخر هذا القرار إلى حدّ أن المدنيين الآمنين فقدوا ثقتهم بالمؤسسة العسكرية وقدرتها على حمايتهم ، بل بتعبير أوضح،باتوا يشكّون في رغبة المؤسسة العسكرية أصلاً في حمايتهم من “زعران الشوارع” و”مقنعيها” الذين يظهرون فجأة كأشباح، خائفة من أن يكتشف أهل الأحياء هويتها،بل بتعبير أصدق ، أهل بيروت منذ 23 كانون الثاني الأسود، و25 كانون الثاني الأحمر، وبعد 7 أيار المشؤوم أيقنوا ورأوا رأي العين عجز الجيش عن حمايتهم،وأحياناً شاهدوا بأم العين تواطؤ بعض أفرادها على المدنيين!!
عندما يُعتدى على المدنيين وقربهم نقطة عسكرية مركزية للجيش اللبناني ولا يتحرك هؤلاء إلا بعد أن ينجز “الزعران” مهمتهم التأديبية للآمنين فيروّعونهم في بيوتهم ، كما حدث في رأس النبع سابقاً ،كيف سيصدق هؤلاء المواطنين القرارات التي قيل لهم مئات المرات أنها اتخذت ً لضبط الشوارع ولم تنفّذ؟! خصوصاً أنه وقت “الحزّة” يخوّفوننا بأن “الجيش” إذا عطس طرفان في الشارع قد ينقسم!!
قبل اشتباكات يوم أمس الأول في منطقة عائشة بكار،عاشت منطقة عرمون يوم الانتخابات 7 حزيران،ويوم إعلان النتائج الرسمية في 8 حزيران أوقاتاً عصيبة، ثمّ تكرر نفس المشهد في بيروت وبنفس عوارض الأداء المستخف للقوى الأمنية بالشوارع المحتقنة ،التي ظلت تُشحن على مدى سنوات فكيف ستبرد في لحظات ، في عرمون بدأ الأمر بـ “شجار عادي” بين مجموعة “وليدات زعران” لم يعرفوا معنى الحرب ولا الخراب ولا الدمار ، كل ما يريدونه أن يطبقوا ألعاب “البلاي ستايشن” العنيفة على أرض الواقع ، يبدأ الأمر بسحب العصي والصراخ والسباب والمسارعة إلى قطع الطريق،وعلى بعد أمتار قليلة تقف عناصر الجيش اللبناني، وأطرف ما يمكن أن يشاهده مواطن مدني، “العسكر” عندما يقفون بين فريقين هائجين يتفرجون على كليهما ، وبعد ساعات “لملم” العسكر حواجزهم وركبوا في الشاحنة وغادروا،وتركوا المنطقة غارقة في ترقب حذر إلى أن انفجر الرصاص والقذائف الصاروخية في اليوم التالي ، عندها صعدت الدبابات والشاحنات كأنها ذاهبة إلى الجبهة!!
نفس السلوك كررته القوى الأمنية في بيروت في لحظة أكثر حساسية،لم يكن خافياً أن انتخاب دولة الرئيس نبيه بري لم يكن هيناً ولا مرضياً عند كثير من المواطنين البيارتة،وهم معذورون في هذا، فالناس البسطاء العاديين يرون الأمور بمنظار مبسط لا أبعاد له ، مقياسهم الوحيد هو مشاعرهم وما تختزنه ذاكرتهم ، والأسوأ أنهم تعرضوا لاستفزاز روّع الآمنين ابتهاجاً بتجديد انتخاب الرئيس بري،واكتفى المعنيون بالاستنكار،وأطرف ما بتنا نسمعه أن هذه عادة لبنانية ، لبنانية نعم ، ولكن “بيروتية” ، نشك في ذلك!! كان على القوى الأمنية أن تدرك حجم التشنج منذ ابتهاج يوم الخميس الاستفزازي..
ثم جاءت لحظة تكليف دولة الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة بكل ما لهذا التكليف من أبعاد وطنية ووجدانية عند أهل بيروت،هبّ المبتهجون وأشعلوا المنطقة بالمفرقعات النارية ، واستاء كثيرون من أبناء بيروت من مناطق جاء الابتهاج فيها بالرصاص، فتحول الابتهاج إلى استفزاز للفريق الآخر،الذي يرى أنه يحق له وحده الابتهاج ولو أسفر ابتهاجه عن سقوط جرحى وقتلى!!
ونودّ أن نخصّ نائب بيروت الإعلامي نهاد المشنوق بتحية، إذ كان أول من طالب ببيروت منزوعة السلاح آمنة بعد أحداث منطقة عائشة بكار،فيما انشغل نواب بيروت الآخرون بالإطلالات الإعلامية، فهذه تصريحاتهم الأولى بعد الانتخابات، يا نواب بيروت الأعزاء:لم ننتخبكم لتصرّحوا للفضائيات،تصريحاتكم لم تعد تفيد أهل بيروت الموجوعين من الاعتداء المتكرر على حرماتهم،تفضلوا وقوموا بواجباتكم،اعقدوا مؤتمراً صحافياً، اقصدوا رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي، زوروا قيادة الجيش وحمّلوها مسؤولية نزع الأسلحة الفردية والمتوسطة من الطرفين، فلا يُنزع من فريق وجد أنه مضطراً لاقتنائه لأن الجيش تفرج عليه عندما “تدعوست” كرامته وحرمة مدينته ومنزله في 7 أيار، وكفى ضحكاً على عقول الناس،بأن أحد الأطراف يحتفظ بالسلاح الفردي لأنه طرف مقاوم،بيروت لم تعد تحتمل هذه الادعاءات الواهية، فالمسدسات والكلاشينكوفات والقذائف الصاروخية سلاح “زعرنة” في حروب الزواريب !!
حان الوقت لتجرد قيادة الجيش  حملة  مداهمات تنزع وتصادر فيها كل هذه الأسلحة التي تقضّ مضاجع الذين لا يريدون سلاحاً يهدد أرواحهم ومدينتهم بين الأزقة والبيوت،حان الوقت لتصادروا من “الزعران” سلاحهم، فالمثل اللبناني يقول:”السلاح بإيد الـ … بيجرح” ،وكل تقصير أو تأخير أو تهاون هو تواطؤ على العزّل الآمنين،والحرب علمتنا أن من يستقوي بسلاحه على أعزل عندما يجرد منه يصبح كفأر مذعور،وما دامت القيادات السياسية لكل الأطراف ترفع الغطاء السياسي عن هؤلاء،اضربوهم بيد من حديد وأريحوا العباد من شرورهم، ومتى تدخل السياسيون لحماية “زعرانهم” تفضلوا واكشفوا للبنانيين أصحاب هذه الأغطية حتى يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الرأي العام اللبناني لأنه كفر بهم جميعاً!!
لا إذا ربحوا “منخلص”، ولا إذا “خسروا “منخلص”،ولا إذا أعيد انتخابهم أو كلّفوا “منخلص”، وكلهم مشغولون الآن بحصصهم التي يريدون “هبشها” من قالب الجبنة الحكومية ، “راحت” فقط على المواطنة المسكينة “زينة الميري” التي لا نعرف بأي ذنب قتلت؟!