المشنوق يكمل جولة “الجغرافيا السياسية”

قالـوا عنه 07 مارس 2014 0

طبعاً لن يكون نهاد المشنوق وزيراً من الطراز التقليدي. لا شخصيته ولا مساره السياسي يوحيان بهذا النمط. وهكذا لن تراه جالساً خلف مكتبه ويتابع بيروقراطياً ملفاته… أو حابساً نفسه في الصنائع ليفكفك ملفاً أمنياً مزروعاً بالألغام… قد يسرّ كُثر لو انفجر أحدها في طريقه.
وعلى قاعدة أنّ “الصلاحية تؤخذ ولا تعطى”، اختار الرجل لنفسه مهمة سياسية تتعدى حدود حقيبته الأمنية. جولاته وصولاته “الصقورية” على المنابر قبل أن يصير من أصحاب “المعالي”، لم تمنعه من اختراق حواجز الفوارق السياسية والخلافات المزمنة، ليتنقل بخفّة بين الضفاف السياسية المتخاصمة.
لم يكد يمرّ ثلاثة أسابيع على ولادة الحكومة بعد حمْلها الطويل، ومن دون أن يكبّد نفسه عناء انتظار “شهادة” البرلمان، حتى كان وزير الداخلية قد قام بـ”لفّة العروس”، قبل أن يلتقي “عريس الثقة”.
جولة “جغرافيا سياسية” كاملة من المشاورات قام بها الرجل مع القوى السياسية المحورية، تلك المعنية بطبق البيان الوزاري بشكل مباشر، وكذلك غير المعنية. فالتقى على التوالي الرئيس نبيه بري، وليد جنبلاط، سيمر جعجع، ومن ثم زار أمس الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون.
من الطبيعي أن يكون البيان الوزراي هو الطبق الأساسي على موائد اللقاءات المتتالية. صحيح أنّه لم يحمل مبادرة معينة، وإنما وجهة نظر فريقه السياسي، في محاولة لاستقطاب تأييد “حليف الحليف”، علّه يتمكن من دفع “أهل المقاومة” إلى التقدّم خطوة نحو الأمام… لكنه يحاول أن يعبّد طرقات كانت لمدة من الزمن مقفلة بالمكعبات الإسمنتية.
حتى اللحظة لا يزال “الاشتباك الصامت” على طاولة اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري، قائماً. الخلاف اللغوي لم يجد له “سيبويه” ينقذه من مستنقع التجاذب بين الآراء المضادة. قوى “14 آذار” تريد تكريس”حق لبنان” بالمقاومة “تحت كنف الدولة”، وفق ما تنصّ عليه شرعة الأمم المتحدة والمواثيق الدولية، فيما الفريق الآخر يطمح إلى تكريس”حق لبنان واللبنانيين” بالمقاومة، لتكون صيغة بديلة عن ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة”.
عرض المشنوق لوجهة نظره في صالون الرابية، ومن ثمّ في دارة الجميل في بكفيا.
من ميشال عون سمع تفهُّما لموقف قوى “14 آذار” لا يعني أبداً تأييداً، ولكن “مراعاة” للطرح الآذاري، سيعمل على مناقشته مع حلفائه. طبعاً الجلسة في الصالون البرتقالي لها وقعها عند الطرفين. واللقاء دام 45 دقيقة، اكتفى اثره الوزير المشنوق بالقول: “لا يُفتى والجنرال في الرابية”.
صحيح أنّ ثمة علاقة قديمة جمعت المشنوق بالعماد عون، ولكن سياسة الأجواء المفتوحة التي كرسها الجنرال منذ أشهر معدودة، هي التي سمحت لموكب وزير الداخلية بأن يقصد الرابية واثق النفس من حسن الضيافة التي سيلاقيها.
التفهّم ذاته أودعه “البيك الاشتراكي” في جيب وزير الداخلية حين زاره الأخير، فيما كان رئيس حزب “الكتائب” مؤيداً بطبيعة الحال لكلام المشنوق، كونهما يضربان على الوتر ذاته.
المشاورات الطائرة بين المقار السياسية، التي يقودها المشنوق ليست هي وحدها السبب الذي حمله إلى القيام بجولة التسعين درجة، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. ثمة موال آخر يجول في رأس الرجل… ولا يريد أن يترك أبواباً موصدة بوجهه.
على صعيد آخر، شدد المشنوق، في اجتماع مع مجلس قوى الأمن الداخلي، في مكتبه في الوزارة على “ثلاثة مسائل: التنسيق الكامل بين القوى العسكرية من جيش وقوى أمن على كل المستويات والصعد لمكافحة الإرهاب، معالجة وضع السجون على نحو جذري، ومتابعة ملف المخدرات بشكل صارم مع المكتب المختص”.
والتقى المشنوق سفير المغرب علي أومليل الذي أشار إلى أنه جرى بحث زيارة المشنوق الأسبوع المقبل للمغرب للمشاركة في مؤتمر وزراء الداخلية العرب. كما التقى المشنوق رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء الركن محمد خير والممثل المقيم للمحكمة الدولية في لبنان أنطونيو لوتشن.