في الزمن السياسي اللبناني الضائع، تكثر الاجتهادات والآراء. يمكن لها أن تصيب أو أن تخطئ. لا ضير من هذا أو ذاك، طالما أن مواسم الحصاد السياسي مؤجلة ولا ارتدادات لا على الاستقرار ولا على التوازنات الضامنة له داخليا.
يطلق السيد حسن نصرالله موقفا يدعو فيه الى عدم تضييع الوقت أكثر. تريدون رئيسا حاوروا المعني الأول والأخير واسمه ميشال عون. بعد أيام قليلة، يتهم الشيخ نعيم قاسم «تيار المستقبل» بأنه لا يخطو أية خطوة باتجاه التفاوض المباشر مع الرابية. يسارع الرئيس سعد الحريري للرد بالقول: «نزولا عند رغبة الشيخ قاسم يقترح «تيار المستقبل» على السيد نصرالله جمع حليفيه ميشال عون وسليمان فرنجية الى طاولة حوار معه، على ان تنتهي طاولة الحوار بين نصرالله وحليفيه المرشحين بإعلان انسحاب احدهما لمصلحة الآخر برعاية صاحب الخطوات والمبادرات حزب الله»!
تتدحرج المواقف. يطلب فرنجية من الحريري ألا يكون محرجا في خياراته. يفاجئ أشرف ريفي الجميع في الشمال. ما لم يكتب حتى الآن، هو سؤال وليس جوابا: هل لعبت أجهزة أمنية عربية أو لبنانية دورا مرجحا لمصلحة ريفي لاعتبارات رئاسية بحتة، وهل كانت معركة طرابلس البلدية رئاسية بامتياز وربما أكثر ضراوة من معركة جونيه؟
زادت الطين بلة تلك الإطلالة التلفزيونية المثيرة للجدل لوزير الداخلية نهاد المشنوق عبر برنامج «كلام الناس». قال كلاما لم يكن منسقا مع أحد. لا مع الزميل مرسيل غانم ولا حتى مع أقرب المقربين اليه من المستشارين أو حتى من بعض أفراد عائلته. اختار الرجل أن يقدم روايته لوقائع عايشها عن قرب من مواقعه المتعددة: صحافي ونائب ووزير في السنوات العشر الأخيرة. لعل أبرز نقطتين حساستين تطرق اليهما هما مبادرة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز المتعارف عليها بالـ «سين سين» ومبادرة ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
لكن الأكثر جرأة من هذه أو تلك، إبداء رأيه السياسي الذي يردده مؤخرا أمام المقربين منه بأن حالة الهريان السياسي والاقتصادي تكاد تصل الى حد تهديد استقرار البلد برمته وبالتالي الصيغة السياسية (الطائف)، وصار لا بد من مقاربة شجاعة للاستحقاق الرئاسي من أجل كسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها البلد منذ سنتين تقريبا. اما مراوحة بعنوان استمرار تبني ترشيح فرنجية مع كل ما يمكن أن يستجلبه ذلك من ضرر على «الصيغة».. واما كسر المراوحة بتبني ترشيح «الجنرال» وعندها لا حاجة الى صياغة خارجية ويمكن اختبار مواقف جميع الأطراف المحلية ومن يريد منها رئيسا للجمهورية ومن لا يريد؟