المشنوق لسان حال الحريري في علاقته مع السعودية

قالـوا عنه 04 يونيو 2016 0

_81890_leb3

(جريدة العرب اللندنية)

النفي السعودي لتصريحات المشنوق تعبير دقيق عن موقف الرياض الرسمي الذي لن يعرقل أي مبادرات تقود إلى إنهاء أزمة الرئاسة في لبنان.

بيروت – لم يسبق أن صدر كلام رسمي عن تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري يفسّر أسباب الانعطافة التي سلكها في السنوات الأخيرة، وفُهم منها تراجع عن شعارات ومبادئ أسست لقوة تحالف “14 آذار”.

وعلى الرغم من أن التحليلات والمقالات أسهبت في الكلام عن دور السعودية في تطويع سياسات الحريري “منذ الضغط عليه لزيارة دمشق عام 2009”، لم يتسرّب عن التيار الأزرق وزعيمه أي كلام يوحي بذلك، ولو لتبرير الانتقادات الموجّهة ضد الحريري وحزبه في خياراتهم في السنوات الأخيرة.

وتعتبر تصريحات وزير الداخلية نهاد المشنوق في الكشف عن دور الرياض في القرارات التي اتخذها سعد الحريري سابقة في هذا الإطار. والظاهر أن الصفعة التي تلقاها تيار المستقبل في الانتخابات البلدية لمدينة طرابلس، والفوز الساحق الذي حققته اللائحة المنافسة المدعومة من قبل وزير العدل المستقيل أشرف ريفي هناك، دفعا المشنوق إلى الإفراج عن بعض الأسرار التبريرية.

ويرى المراقبون أن المشنوق عبّر ربما عن مكنونات سعد الحريري، وأنه يكشف ما لا يستطيع زعيم التيار التطرق إليه.

وتضيف أوساط دبلوماسية أن السفراء الأجانب قد استطلعوا أمر ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وأوحوا بإمكاناته، وأن الحريري لم يكن ليذهب لإطلاق مبادرته لو لم يتلق ضوءا سعوديا أخضر.

وترى أوساط سعودية أن نفي السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري لتصريحات المشنوق وتأكيده أن المملكة لا تتدخل في الشأن اللبناني، هو تعبير دقيق عن الموقف الرسمي الذي لن يعرقل أي مبادرات تقود إلى إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، وأن تشجيعها المحتمل للحريري في هذا الصدد لا يعني تفضيلها لمرشح على حساب آخر.

وقد جاء نفي السفارة البريطانية لتصريحات المشنوق حول أن مشروع ترئيس فرنجية بدأ بريطانيا، ليزيد من مستويات اللبس حول مسارعة القوى الإقليمية والدولية للنأي بنفسها عن خيار فرنجية، ما فسّره المراقبون بأنه سحب للمظلة الخارجية لهذا الخيار، وابتعاد عن الجدل اللبناني المحلي الناتج عن تداعيات الانتخابات البلدية الأخيرة.

وتلفت أوساط سياسية لبنانية إلى أن تصريحات المشنوق، وإن كانت تلقي باللائمة على الإدارة السعودية السابقة، تسلّط المجهر على طبيعة العلاقة بين تيار المستقبل والسعودية والتي لا يمكن مقارنتها بعلاقة طهران بحزب الله.

ولا تتخيّل هذه الأوساط أن يصدر عن حزب الله ما يفهم منه لوم لأي إدارة في إيران، بحكم التبعية الكاملة التي تحكم الصلة ما بين الحزب والحاكم في إيران، فيما أن العلاقة ما بين السعودية والحريري، الأب ثم الابن، اتّسمت بحرية كاملة وبهامش مناورة لا حدود له للتيار وزعيميه في تبني ما يجدونه مناسبا ومتّسقا مع توجهاتهما في لبنان.

وترى أوساط دبلوماسية أن تصريحات المشنوق، لم تكن وليدة مزاج شخصي بل نتاج توجّه لدى التيار نفسه، وأن توضيح بعض الأمور بات ضروريا، ليس للرد على الانتقادات الداخلية لا سيما داخل جمهور التيار، بل حتى داخل السعودية نفسها، حيث تشنّ بعض المنابر هجمات ضد الحريري.

ويعتبر مراقبون متابعون للعلاقات السعودية اللبنانية أن ما بعد تصريحات المشنوق يختلف عما قبلها، وأنه في حال لم يتدخل سعد الحريري لتفنيد ما أدلى به وزير الداخلية، فإن ذلك سيكون مؤشرا إضافيا على طبيعة العلاقات بينه وبين الرياض، دون أن يعني ذلك أي سلبية قد يوحي بها انفتاح الرياض على شخصيات سنّية أخرى.