المشنوق في تدشين مركز التوقيف الإحتياطي في الأمن العام : ضوء في عتمة المنطقة

عناوين رئيسية 09 سبتمبر 2016 0

1

رعى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، حفل تدشين المبنى الجديد لـ”مركز التوقيف الاحتياطي” التابع لدائرة التحقيق والإجراء في المديرية، في منطقة ساعة العبد – التحويطة، في حضور ديبلوماسي وأمني وعسكري وأممي وممثلي القيادات العسكرية والأمنية ورؤساء مكاتب الهيئات الدولية والإنسانية وتلك التابعة للأمم المتحدة ووفود من المنظمات الإنسانية المحلية المتخصصة في شؤون العمالة الأجنبية بوجوهها الإنسانية والإجتماعية التي ساهمت في بناء المركز، وتشارك في إدارته وخدمة الموقوفين عبر خبرائها بموجب اتفاقات بينها وبين المديرية العامة للأمن العام.

بدأ الاحتفال بدأ عند العاشرة قبل ظهر اليوم بوصول المشنوق الذي استعرض ثلة من المديرية على وقع عزف فرقة موسيقى الأمن العام، ثم أزاح واللواء ابراهيم الستار عن اللوحة التذكارية التي رفعت في باحة المركز لتؤرخ الافتتاح، قبل ان ينتقل الجميع الى الصالة المخصصة للإحتفال.

2

وبعد النشيدين الوطني ونشيد الأمن العام عرض فيلم وثائقي عن المركز القديم والجديد، فصل المهمات التي يقوم بها والعناية التي يلقاها الموقوفون الأجانب وغيرهم قيد التحقيق والظروف التي رافقت بناء المركز والأهداف التي تراعي المواثيق الدولية والأممية أسوة بالدول المتطورة واحتراما من لبنان لحقوق الإنسان.

ابراهيم
بعد ذلك ألقى ابراهيم كلمة قال فيها: “أن نحتفل اليوم بتدشين مركز التوقيف الاحتياطي، يعني أننا وفينا بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا بأن نرفع أعمدة هذا المركز ونؤسس لمرحلة جديدة من التعامل مع الموقوفين لأسباب شتى، بإضافة لمسات إنسانية حقوقية، تراعي أرفع المعايير الدولية في التعامل مع هذه الفئة من الناس، خلال وجودهم الموقت في انتظار استكمال الاجراءات الادارية والعدلية لبت ملفاتهم.
إن الامن في زمننا المعاصر لم يعد يتوسل العنف والشدة، بل أصبح ثقافة يتعين على كل الاجهزة اتباعها من خلال القراءة الجيدة للأحداث ورصد حركة المجتمع، واستباق الحالات المريبة التي تفضي الى فتن تدمر الوطن والمجتمع والانسان، وتقوض اساساتهم، وغالبا ما يكون الانسان هو ضحيتها الاولى.
من هذا المنطلق، ومنذ تسلمنا قيادة الامن العام، وضعنا نصب أعيننا ايلاء قضايا الانسان وحقوقه كل الاهتمام الذي يستحق، فليست كل مظاهر الاعتراض واشكالها المختلفة هي مظاهر تدميرية، توجب صدها بالقوة، والتعامل معها وكأنها تحمل في طياتها بذور التخريب والارهاب. فالجوع كافر، والمرض كافر، والبطالة اشد كفرا والتهميش ايضا والغربة عن الوطن هي الاشد فتكا. فكيف نطلب من جائع تمتنع عليه لقمة العيش، ومريض لا يدرك الدواء، وعامل تعرض للاضطهاد في بلاد جاءها لائذا يسعى الى قوته، ألاَ يرفع الصوت ويجنح بعض الاحيان الى ما تحرمه عليه القوانين؟. لذلك كانت مقاربتنا دائما لموضوع العمالة الاجنبية تنطلق من هذه المعايير، ولو لم تسعفنا القوانين في حالات معينة في تطبيقها. ولكن بفضل ايماننا بحق الانسان بالعيش موفور الكرامة،وبمساعدة الدولة اللبنانية ممثلة بمعالي وزير الداخلية، وتعاون المنظمات الانسانية المحلية والدولية، تمكنا من استيلاد نهج جديد في ملاحقة قضايا العمالة الاجنبية بروح التفهم والتسامح، من دون خرق الضوابط الناظمة لحركة هذه العمالة وعلاقاتها مع اصحاب الشأن”.

4

وأضاف: “إن القوانين روح قبل أن تكون نصا. ونحن، وإن لم نتنكر يوما لنصوصها، فإننا نطبقها بروح إنسانية شفافة، حتى قبل نشوء هذا المركز المجهز بأحدث الوسائل والتقنيات التي تشعر جميع الموقوفين من دون استثناء بأنهم بشر، يستحقون الرعاية التي توصينا بها السنن والشرائع الالهية والقوانين الوضعية.
إن هذا المركز يتولاه خيرة الضباط والعناصر الذين تأهلوا وتدربوا ليكونوا رعاة صالحين لهؤلاء الموقوفين. فتحت سقف هذا المركز يعيش عسكريو الامن العام مع أولئك الذين قضت الظروف بأن يكونوا هنا، ولو بصورة موقتة، وبالتالي فإن “علاقة ما انسانية” تنشأ بين الطرفين، مما يستوجب سلوكا حضاريا من هؤلاء العسكريين ينسجم مع تاريخ لبنان الثقافي وقيمه، والمعايير الانسانية المعتمدة دوليا.
لست أغالي إذا قلت إننا لاقينا دعما مميزا من معالي وزير الداخلية، الذي نتقاسم واياه القناعة نفسها بوجوب التعاطي الحسن واللائق مع الموقوفين، الذين عبست بوجوههم الاقدار فكانوا ضحية لها، وربما انقادوا الى ما لا يتمنون بفعل حال البؤس التي رسفوا في قيودها”.

6

وختم: “أتوجه بالشكر على ما قدمتموه من إسهامات ومساعدات مادية أو عينية، أو خبرات تقنية واجتماعية، لكي ينهض هذا المركز ويتألق، ويصبح متميزا بفرادته بين المراكز النظيرة، لأنه سيكون من دون شك صورة مشرقة بين الصور التي يفخر بها لبنان، وعلامة من علامات التمدن، ومبعث احترام لنا بين دول العالم التي حفلت تقارير بعض منظماتها الانسانية بأسطر سوداء عن مصير العمالة الاجنبية، ونحن اليوم نؤكد أن صفحة جديدة قد فتحت، وأن لا تمييز بين إنسان وآخر، ولا مفاضلة بين لون ولون أو جنس وجنس، لأن في كل إنسان تكمن بذور خيرة لا بد من اكتشافها ووقدها لتينع وتصبح شجرة طيبة الثمار في خدمة كل إنسان وكل الانسان”.

المشنوق
ثم ألقى المشنوق كلمة شدد فيها على أهمية هذا الانجاز باعتبار انه يشكل “ضوءا لبنانيا مميزا في ظل عتمة المنطقة، نفتخر به، كما أنه يقدم نموذجا وصورة مشرقة عن الدولة ومؤسساتها رغم الظروف الصعبة”.

ومما قاله: “هذا ليس أول إنجاز للامن العام، يوجد العديد من الانجازات على طريق العصرنة، تمت في فترة الثلاثين شهرا الماضية، منها جواز السفر البيومتري ووثيقة السفر والاقامة الممكننة. إن هذا العمل يعد أعز إنجاز بالنسبة إلي، أعز من أي إنجاز آخر للامن العام أو لاي مؤسسة امنية اخرى. اذكر اني اتصلت بالعميد البيسري عشرات المرات من اجل سؤاله عن تطور العمل في بناء هذا المركز وتجهيزه”.

7

وأضاف: “أريد ان اقول ان هذا أعز انجاز لاننا في منطقة تحترق وتدمر ويسقط فيها آلاف الناس. ولكن لبنان دائما دولة مفاجأة، ففي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن ضعف الدولة اللبنانية وعن مشاكلها وعن ازمتها السياسية الكبرى، جئنا لنقدم نموذجا مختلفا عن المنطقة وعن صورة الدولة اللبنانية التي تعيش أياما صعبة”.

وتابع: “جئنا في هذه الظروف الصعبة وفي المنطقة التي ليس فيها أي اعتراف بحقوق الانسان، نقدم نموذجا لبنانيا في الامن العام نقول فيه ان كرامة الانسان في لبنان تحديدا محفوظة، وهو حاصل على حقوقه القانونية، وهناك مراعاة للجانب الانساني الى أقصى الدرجات التي تراعى فيها حقوق الانسان”.

وقال: “لقد زرت هذ المركز في أيلول الماضي، واليوم بعد سنة، رأيت كيف تم تجهيزه وإعداده، والأهم من كل ذلك أن الضباط والعناصر الموجودين فيه خضعوا لتدريبات خاصة مع الحالات التي تقع بين أيديهم وبتصرف يراعي المعايير الدولية الجدية بحقوق الانسان”.

8

وختم المشنوق: “شكرا لكل المؤسسات ولكل المنظمات الانسانية التي ساهمت في هذا الموضوع، وشكرا خصوصا لشباب الامن العام الذين بتدريباتهم وعملهم يعطون صورة جديدة عن لبنان المفاجأة، في الوقت التي تنطفئ فيه كل الاضواء، نقوم باضاءة شيء نفتخر به، على حجمه وصغره. هذا ضوء لبناني في ظل عتمة محيطة بنا من كل جانب بحقوق الانسان والبشر وبأدنى حقوق الانسان، وشكرا ايضا للجهات وللهيئات وللمنظمات التي ساعدت. وأهنئ أخيرا الامن العام على هذا الانجاز، في انتظار إنجاز جديد”.

جولة في منشآت المركز
وفي نهاية الاحتفال جال المشنوق وابراهيم والمدعوون في المركز بأقسامه المختلفة الخاصة بالرجال والنساء، وتفقدوا التجهيزات التي وضعت بتصرف إدارته والموقوفين.
وشارك الجميع في حفل كوكتيل أقيم في المناسبة.