المشنوق المتمسك بـ “الإمرة للدولة”: نعم للتنسيق في “الأمن السياسي”

قالـوا عنه 24 مارس 2014 0

 

 

 

 

 

في العام 1992، بعد طيّ صفحة الحرب الاهلية، كان نهاد المشنوق، الصديق المقرّب من رفيق الحريري آنذاك، واحدا من الذين واكبوا واشرفوا على ترميم مقرّ رئاسة الحكومة المؤقّت في الصنائع، السرايا التي صارت لاحقا وزارة الداخلية. بعد 16 عاما، يعود المشنوق الى الصنائع وزيرا للداخلية.
من الجائز القول انه لولا موافقة “حزب الله” على اسم المشنوق من بين ثلاثة اسماء، عرضت عليه، لما اصبح وزيرا للداخلية. مع ذلك، ثمّة مسافة تفصل بين الرجل و”حزب الله”. للوهلة الاولى يكاد يختصر المشهد بسؤال “من يرفع سماعة الهاتف ليطلب الآخر”. بادرة الحاج وفيق وصفا من منزل الوزير اشرف ريفي كسرت احراج الخطوة الأولى فقط. بعد ذلك توقّفت لغة المبادرات من الجانبين.
تصل الى مسامع وزير الداخلية “خبريات” من نوع انه يرفض الاجتماع مع “الحاج وفيق”. ينفي ذلك، مؤكدا من موقعه الجديد أنه “وزير داخلية لكل اللبنانيين، وهو منفتح على الجميع ومن يحدّده حزب الله للتواصل معه هو جاهز للقائه”.عقّد “خطاب مراكش” خلال مؤتمر وزراء الداخلية العرب الامور اكثر. يتفهّم المشنوق اعتراض “حزب الله” ويستوعبه، وان برّر تصرّفه بأنه كان استباقيا لبيان وزاري رأى النور لاحقا، وسيلتزم بحرفيته في المحافل الدولية والعربية في المرحلة المقبلة.
لكن مشهد مراكش حمل ايضا رسالة مبطّنة لم يتنبّه لها راصدو وزير الداخلية. شعر المشنوق اثناء انعقاد المؤتمر بالتعب، فطلب من مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم ترؤس وفد لبنان.
هي سابقة قوبلت باستغراب بعض الوفود. يقول المشنوق: “هذا الامر حدث فعلا، وقد اكدت للسائلين ان اللواء ابراهيم، وبصفته المسؤول الامني الاول في الوفد، هو الشخص المناسب للحلول مكاني، لأني اثق به”.
ثمة صداقة قديمة تجمع المشنوق وابراهيم حين كان مسؤول الامن الشخصي للرئيس رفيق الحريري في حكومته الاولى. التواصل والتنسيق بين الرجلين لا غبار عليه. آخر “ظواهره” تجلى في مواكبة عملية انتقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت للمعالجة. يقول وزير الداخلية “المسألة انسانية بالدرجة الاولى. وقد حصل تنسيق بين الامن العام وقوى الامن واشرفت على الاجراءات المتخذة”.
لم ينقل المشنوق معه الى وزارة الداخلية “حمولة” الخصومة السياسية مع “حزب الله”. ما يجب ان يفعله، يفعله. تماما كما حين يعلن عن قيام الاجهزة الامنية بالتحقق من انشاء “حزب الله” مهبطا للطائرات في منطقة ايعات البقاعية، او حين يؤكد انه ليس بحاجة لاذن من “الحزب” للنزول الى الضاحية. في المرة الاولى قصد مكان الانفجار الانتحاري امام المستشارية الايرانية في بئر حسن فوجد الحاج وفيق صفا والوزير علي حسن خليل هناك، فكانت “الصورة” التي جمعتهم في كادر واحد.
في المرة الثانية عندما قصد شركتي الغاز حصل ذلك بعلم السفارة الايرانية وبتنسيق تام مع رئيس بلدية الغبيري ابو سعيد الخنسا.
لا يتراجع عن تحفّظه المبدئي على واقع التنسيق الامني في ما يتعلق بالمقاومة على اعتبار انه من المنتمين الى مدرسة “الامرة للدولة”، لكن المشنوق يؤكد “لست مقفلا على الحديث السياسي مع حزب الله والبحث في القضايا الاستراتيجية”، مضيفا “لم يبلغني الحزب حتى الآن مع من يجب ان اتكلّم وعماذا. من جهتي ارحّب بأي تنسيق مع الحزب في ما يتعلق بالامن السياسي”.
اما عرسال وقرى البقاع الشمالي فتفرض تنسيقا هو اصلا موجود على مستوى الجيش وقوى الامن وفرع المعلومات.
يعوّل وزير الداخلية على الخطة التي ستعرض لاحقا على المجلس الاعلى للدفاع ثم على الحكومة، والتي من شأنها ان تضبط الوضع اكثر في بؤر التوتر، مشيرا الى ان “مسألة نزع السلاح من طرابلس تطرح بجدية”. اما”تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق المرتكبين فجزء من الخطة يجب ان يدشن اولا بتوقيف علي عيد، المتهم بتسهيل تهريب المتّهم بتفجير مسجديّ التقوى والسلام احمد العلي الى سوريا”.
لبنان، برأيه، “لم يعد يحتمل انتهاء الازمة في سوريا، والتفرجّ على الجيش يتعرض لاعتداءات مباشرة، ويتلقى السيارات المفخخة… لذلك لا بد من التصرّف في الداخل واتخاذ الاجراءات اللازمة، وهي مسؤولية القوى السياسية قبل القوى الامنية”.
يشير الى “ان مربع الموت الذي تحدث عنه في النبي شيت وبريتال وعرسال وحي الشراونة، هو مربع تزوير وسرقات وخطف وكل انواع الموبقات والمصائب، ولا يستطيع حزب الله التنكر لهذا الواقع، خصوصا انه يرتدّ عليه سلبا وعلى بيئته”، مؤكدا “ان هذا ليس اتهاما لاهالي المناطق الاربع، انما لمجموعات فيها، ويستطيع الحزب ضمن مناطق نفوذه التأثير او الضغط عليها”.
ثمة امر آخر اكثر اهمية. ليس المشنوق بالتأكيد من القائلين بان سيطرة النظام السوري على يبرود وفليطا ورنكوس وبقية البلدات السورية الحدودية، سيعني حتما قضاء تاما على المجموعات الارهابية.
يقول “قد يخفّ تدفق الانتحاريين، لكن طالما حزب الله يقاتل في سوريا ستبقى الازمة قائمة”، لكنه يشير الى “ان واقع وجود الحزب على الجبهات في سوريا هو جزء من الموضوع وليس كلّه. هناك ظاهرة الانتحاريين في العراق وقد انتقلت الينا. العلاج لن يكون بالامن فقط وتطويق الارهابيين واعتقالهم، بل بعلاج سياسي امني ايديولوجي، وانتشار الجيش واليونيفيل على الحدود اللبنانية- السورية”.
يراهن على ان حكومة تأمّن فيها الحد الادنى من التفاهم تشكّل “احدى الادوات الاساسية في مواجهة الارهاب من خلال الزام القوى السياسية بخطة عمل موحّدة، وعلى حزب الله بالتحديد ان يصوّت داخل مجلس الوزراء وبوضوح، مثله مثل باقي القوى السياسية، على الخطة والاجراءات الواجب اتخاذها، خصوصا في ما يتعلق بمربع الموت”.
يتوقف عند زيارته الى وزارة الدفاع وتواصله اليومي مع قائد الجيش العماد جان قهوجي على “الرباعي”، واصفا العلاقة مع الأخير بـ”الايجابية”، مشددا على اهمية ارساء اسس تنسيق جدي بين الجيش والاجهزة الامنية في مواجهة الارهاب، “المهمّة معقدة لكنها ليست صعبة”.
“الديكور” الجديد في الوزارة، هل يعني ان الاقامة ستطول فيها الى ما بعد الاستحقاق الرئاسي؟ يردّ المشنوق “التغيير كان ضروريا حتى اتمكّن من العمل براحة مهما كانت الفترة قصيرة. سنقوم بالجهد اللازم لاجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، لكن في حال فشلنا فان هذه الحكومة مستمرّة في مهامها”.