العيد ال153لقوى الأمن الداخلي: تاريخ قوى الأمن هو تاريخ لبنان نفسه

كلمات 09 مايو 2014 0

اللواء قائد قوى الامن الداخلي
أيها الجنود والرتباء والضباط في قوى الامن الداخلي
السيدات والسادة

حين يمر الباحث على تاريخ قوى الامن الداخلي يفاجأ ان تاريخكم هو تاريخ البلد نفسه. تاريخ كيانه وتحولاته. معه نشأتم ومعه تطورتم منذ مئة واربعة وخمسين عاماً، حين قررت الدول العظمى في العام ١٨٦٠ منح لبنان ما يشبه الاستقلال ضمن الدولة العثمانية. وكانت البداية. بداية الكيان والوطن وبداية رحلة البذل والعطاء التي لم تتوقف حتى يومنا هذا.
منذ البداية كنتم سياج المواطن وامنه وسلامة بيئته ومحيطه لتصلوا الى ما انتم اليوم عليه. كنتم وما زلتم صمام الامن والامان لكل اللبنانيين.

سيظل لبنان واللبنانيين يذكرون لكم المعارك المشرفة التي تخوضونها مع الارهاب والتي ادت الى توقيف عدد كبير من الشبكات الارهابية وتفكيكها بما حمى لبنان واللبنانين من مصير العرقنة.

سيظل لبنان واللبنانيين يذكرون لكم كشف جريمة عين علق وتوقيف مرتكبيها، وكشف منظمة فتح الاسلام تمهيداً للمعركة الحاسمة والمشرفة التي خاضها الجيش اللبناني في نهر البارد. وكانت هذه التجربة النموذج الساطع على الشراكة بينكم وبين الجيش في حماية البلاد والعباد. وكانت الدليل المعمد بالدم ان لا فضل لعسكري على عسكري الا بالوطنية والشجاعة والمسؤولية، وانتم خلاصة هذه العناوين كلها، يدا بيد مع الجيش اللبناني.

فكما هم سياج الوطن،  انتم سياج المواطن وهكذا تبقون.

سيظل لبنان واللبنانيين يذكرون لكم كشف جريمتي تفجير البحصاص والتل اللتين استهدفتا الجيش اللبناني.

سيظل لبنان واللبنانيين يذكرون لكم كشف التفجيرين الارهابيين في جامعي السلام والتقوى في طرابلس وتوقيف بعض المتورطين ومتابعة تعقب الفارين الى ان يجلبوا امام المحاكم لإحقاق العدل والاقتصاص ممن أهرقوا الدماء واستباحوا الارواح.

سيظل لبنان واللبنانيين يذكرون لكم توقيف شبكة سماحة المملوك وافشال مشروع ارهابي خطير يهدف الى تنفيذ عمليات الاغتيال لعدد من الشخصيات السياسية والدينية في لبنان بهدف اثارة الفتنة بين اللبنانين.

هذا هو تاريخكم يتحدث عنكم وها هي انجازاتكم تنطق باسمكم. وكما انتم، صمام الامن والأمان، كنتم وما زلتم بالتجربة الحية صمام العدل والعدالة. أليس من بين رفاقكم الرائد البطل وسام عيد، الذي جسد عبقرية الشخصية اللبنانية الشابة والمتحفّزة، منجزاً ما انجز بأبسط الوسائل وفاتحاً الباب على الحقيقة التي يريدها كل اللبنانيين.

أليس من بين رفاقكم من اجتهد واستشهد حين انجز مشروع تحليل داتا الاتصالات مما أدى الى كشف الجوانب الأبرز في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

أيها الضباط والرتباء والجنود

لا يحيط المرء بشهادة كاملة بحقكم اذ اقتصر الامر على تعداد الانجازات الامنية وهي كثيرة. فقد كسرتم بالتجربة وبالسمعة صورة نمطية عن اجهزة الامن كأدوات قمع وترهيب، وشكلتم نموذجا يحتذى على صعيد الالتزام المبدئي بمعايير حقوق الانسان في علاقة قوى الامن الداخلي مع المواطن اولاً ومع المجتمع المدني ثانياً، وعبر الشراكة المتينة مع جمعيات ومنظمات هذا المجتمع، التي اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، منظمة “كفى” المعنية بمكافحة العنف الاسري ، و “يازا” و”طرق من أجل الحياة” وغيرها من الجمعيات المتخصصة بنشر ثقافة السلامة المرورية .

ليس سراً القول ان أزمنة مرت كانت فيها العلاقة بين المواطن ورجل الامن مشوبة بضعف الثقة في رجل الأمن، كرمز من رموز الشرعية الوطنية وسيادة الدولة على أراضيها. بل وفي أحيان كثيرة ونتيجة للصراع السياسي وُضعت قوى الامن الداخلي في موقع الدفاع عن نفسها بدل الدفاع عن الناس وعن سمعتها بدل الدفاع عن سمعة الامن الوطني.

انا اقول بثقة في عيدكم المئة وأربعة وخمسين ان هذا زمن مضى. ثمة الكثير الذي ينتظركم، لمتابعة وصيانة وتطوير هذه المسيرة الممتدة على اكثر من قرن ونصف، لكنكم بإنجازاتكم الامنية والعدلية والحقوقية وبالمراكمة عليها وبالتطوير المستمر للثقافة المدنية للشرطة وبالتحديث الضروري للبنية التحتية لقوى الامن الداخلي قادرون على صياغة ثقافة امنية جديدة للبنان برعاية جدّية ورصينة ومسؤولة من اللواء ابراهيم بصبوص .

وفي هذا السياق اود ان أؤكد أنني لن أترك باباً عربياً أو دولياً إلا وسأدقّه  لانجاز ملف السجون الحديثة . ومهما قصرعمر الحكومة هذه أو طال لن أتراجع عن التزام سياسة صحية مركزية كريمة لعناصر وضبّاط قوى الأمن الداخلي .

لن أتعهّد بأكثر من ذلك. المضحك المبكي أنني قرأت انه في العام 1861 أيضاً لم تكن هناك إمكانات متوفّرة لتجهيز سبعة عناصر لكل ألف مواطن .

ليس اليوم يوم شكوى فلا بد من حقوقكم كاملة مهما طال الزمن وهو لن يطول بإذن الله.

لا بد من الحديث معكم في قليل من التاريخ وفي الأقل من السياسة.

لم تحتفلوأ بعيدكم منذ سنوات . وحين استحق الوطن هذا العيد ، وليس أنتم ، لأنكم تستحقون دائماً الاحتفال بكم . حين استحق الوطن هذا الاحتفال كان عنوانه ثكنه اللواء وسام الحسن .

كلّكم رفاق وسام الحسن فيما أنجز وكلكم شركاء في معجزات أمنية تحقّقت في وجه الإرهاب وفي وجه العدو الاسرائيلي وهي انجازات غير مسبوقة لا في لبنان ولا في العالم العربي .

الصغير منكم سيقرأ في التاريخ أن وسام الحسن “بطل من بلادي” والكبير منكم سيرى في استشهاده علامات وطنية عالية أراها في وجه كل واحد منكم .

كل ذلك في زمن اللواء الدائم في الوطنية الزميل أشرف ريفي.

أما في السياسة . هناك من يرى في تعطيل المؤسسات الدستورية ضغطاً لملء الشغور في رئاسة الجمهورية .

في عيدكم المئة وأربعة وخمسين وأنتم المؤسسة الأعرق في لبنان ، أقول أن تعطيل المؤسسات الدستورية لا يؤدي الا الى شغور الجمهورية من المسؤولية عن المستقبل، بدلاً من العمل على ملء المقعد الرئاسي برئيس قوي يشبه عيدكم اليوم ويشبه لبنان الذي تريدون

أيها الضبّاط والجنود
أيها الحضور الكريم

أن الرسالة التي يوجّهها شهداء الجيش وقوى الأمن ، أن الوطن باق ، وأن الدولة باقية ، وأن مؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية والتي تعمل بكفاءة وانتظام من ضمن القوانين المرعية الإجراء ، كفيلة بالتصدي للمخاطر الداخلية والخارجية وكفيلة أيضاً بتجاوز الأزمات ، وصنع الجديد والمتقدّم والبنّاء .

كل عام وانتم سياج المواطن وامنه وأمانه وعدله وعدالته

عشتم وعاش لبنان وعاشت قوى الأمن الداخلي