العصب السني يتجلى في فكرة الدولة

مقابلات مكتوبة 15 أكتوبر 2012 0

الاستحقاق الانتخابي عام 2013 يقترب دون أن تلوح بعد فرصة حقيقية لصياغة قانون انتخاب جديد يكون موضع توافق الأطراف السياسية ويفسح في المجال أمام وزارة الداخلية للتحضير لعملية الاقتراع تقنياً ولوجستياً وتطبيق بنود القانون الإصلاحية.. فهل نحن محكومون بالعودة الى قانون الستين أو بتأجيل الانتخابات لمعرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الأزمة السورية؟! وماذا عن استحقاق الرئاسة عام 2014 في هذه الحالة؟!
“الأفكار” التقت في منزل رئيس التحرير الأستاذ وليد عوض عضو كتلة “المستقبل” النائب نهاد المشنوق وحاورته في هذا الملف الشائك، بالإضافة الى الوضع الحكومي وشؤونه وشجونه والأزمة السورية وتداعياتها على لبنان والمنطقة.
وسألته بداية:
ــ ما أحوال ابنك صالح؟
إنه “قد الحمل ” واستطاع تدبير أموره والسفر لإكمال دراسته في الولايات المتحدة بمنحة لمدة سنتين.
ــ لماذا لم يتعلم منك الرزانة في العمل السياسي بدل أن يكون مندفعاً بهذا الشكل؟
عمره يسمح له بذلك، وتلك هي طبيعته. وعلى كل لا أعتقد أنني كنت أعقل منه في سنه، بل كنت أشد منه قسوة.
ــ ألا تخاف عليه؟
كأب طبعاً.. لكن لا بد من الفصل بين مشاعري كأب ومشاعري السياسية. فأنا معجب به في السياسة، إنما أخاف عليه كأب كما قلت. وهنا لا أستطيع القول إنني ردعته، بل ناقشته كثيراً الى حد أنه لم يعد يناقشني في المرحلة الأخيرة بعدما “زهق” من النقاش.
ــ معلوماتنا تقول إن فؤاد المخزومي قابل الرئيس سعد الحريري في الرياض مؤخراً وقال له إنه سيترشح عن الدائرة الثانية في بيروت وطلب مباركته وعاد مرتاحاً من هناك. فما صحة ذلك، لاسيما وأنك نائب الدائرة الثانية؟
لا أعرف وليس لديّ أي فكرة ولا يهمني الموضوع. وعلى كل فالترشيح حق لكل الناس، ولكن ترشيح فلان أو عدمه أمر لا يعنيني ولا يشغل بالي أبداً.
ــ هل ستترشح عن الدائرة الثانية عام 2013؟
الظروف السياسية هي التي تقرر أين أترشح… وأذكر هنا أنني نلت في دورة 2009 أكثر من 90 بالمئة من أصوات السنّة، وهي أعلى نسبة انتخاب سني في كل المناطق اللبنانية.
ــ حتى في الدائرة الثالثة من بيروت؟
حتى في الثالثة حيث كانت النسبة 78 بالمئة من المقترعين السنة. وعلى كل حال لا فكرة لديّ عما جرى في الرياض مع السيد المخزومي، وترشيح أي شخص أمر طبيعي.
ــ هل سبب حصولك على هذه النسبة أنك أمسكت بالعصب السني في الدائرة الثانية؟
هذا صحيح، لكن ربما في لبنان كله وليس فقط في الدائرة الثانية، فالسنّة يصوتون للموقف السياسي وليس لأي سبب آخر.

العصب السني والدولة
ــ أين هو العصب السني اليوم وكيف يتجلى؟
العصب السني يتجلى في فكرة الدولة، وهو بطبيعته ليس معادياً. فالسنّة هم أهل الأمة، أي لديهم القدرة على احتضان الآخر والتعاون والتعامل والتعايش معه، وليس في نيتهم المواجهة أو العداوة معه. فالعصبية السنية لا تقوم على العداوة بل تقوم على فكرة بنّاءة هي فكرة الدولة والدفاع عنها بالمفهوم الذي يسعى إليه الكثير من اللبنانيين، أي الدولة السيدة المستقلة الحرة.
ــ وخارج التطرف؟
بطبيعة الحال.
ــ يعني أنت مع الوسطية؟
لا.. أنا مع الاعتدال..
ــ ألا يقول القرآن الكريم:”وكذلك جعلناكم أمة وسطاً”؟
هذا صحيح، لكن الآية تكمل وتقول ” وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لكي تكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً…”. فالوسطية الشائعة لا تتضمن شهادة للحق، بل مجرد عمل سياسي فولكلوري اسمه الوسطية.. لذلك أنا مع الاعتدال، فالوسطية صفة نبيلة ورفيعة المستوى إذا استطاع صاحبها أن يشهد على الحق دائماً، لكن هذه الصفة ليست متوافرة في أحد، وخاصة رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي.
ــ لماذا طالما أنه يقول إنه وسطي؟
أعتقد أن هذا إدّعاء في غير مكانه.
ــ الرئيس ميشال سليمان أيضاً يقول إنه وسطي!
في الفترة الأخيرة يستطيع الرئيس سليمان أن يقول فعلاً إنه وسطي، لاسيما في الأشهر الستة الأخيرة فقط، لأنه أصبح “ثلاثة بواحد “كونه أخذ دوره كرئيس للجمهورية ودور رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) ودور وزير الخارجية (عدنان منصور) وشهد للحق اللبناني في أكثر من مناسبة بدءاً من الرد على رسالة السفير السوري في مجلس الأمن بشار الجعفري، التي اتهم فيها السعودية وقطر وتيار المستقبل بإنشاء معسكرات تدريب وإيواء مسلحين إلخ.، واستمر الرئيس سليمان في محطات لاحقة على هذا المنوال في كل مرة جرى اعتداء على لبنان بشكل أو بآخر، وصولاً الى قضية ميشال سماحة وعلي المملوك التي أسميها محور “سم”، أي سماحة ــ مملوك، وأضيف إليهما بالأمس اسم بثينة شعبان. فالرئيس سليمان يستطيع أن يقول إنه وسطي وشهد للحق في الاشهر الستة الأخيرة، لكن استعمال الآخرين تعبير الوسطية إنما هو حق يراد به باطل.

لا للتأجيل والتمديد
ــ طالما أننا نتحدث عن الرئيس سليمان فما رأيكم في قول زميلكم النائب سيرج طورسركيسيان في مداخلة تلفزيونية منذ أيام إنه لا مانع من التمديد للرئيس سليمان لمدة سنتين. فهل يعكس بهذا الموقف رأي تيار المستقبل؟
لم أسمعه، وإذا قال ذلك فإنما يعبر عن رأيه الخاص ولا يعبر عن الكتلة.
ــ قيل إنه إذا جرى تأجيل الانتخابات فقد يمدد سنتين للرئيس سليمان. فما رأيكم؟
موقفنا هو ضد تأجيل الانتخابات وضد التمديد.. فعصر التمديد انتهى مع انتهاء الأنظمة الديكتاتورية. فهل نسير به في لبنان؟!
ــ يقال إن الرئيس ميقاتي عاد من نيويورك وهو يحمل درع تثبيت حكومته، أي انه باق في الحكم حتى انتخابات عام 2013. فماذا تقولون؟
لا أستغرب أن يقال ذلك، لكنني لست مقتنعاً أن يكون الأمر واقعياً، بل أعتقد أن هناك درعاً آخر وهو أن هذه الحكومة لن تشرف على الانتخابات مهما كلف ذلك.
ــ وهل يمكن تشكيل حكومة قبل الانتخابات؟
طبعاً حتى لو قبل موعد الانتخابات بشهرين.. فنحن لن نقبل بأي شكل من الأشكال أن تشرف هذه الحكومة على الانتخابات لأننا نعتقد أن هذه الحكومة ليست نزيهة وليست مخلصة ولا سيادية ولا استقلالية ولا علاقة لها بكل هذه العناوين. فكيف نقبل أن تشرف على الانتخابات؟!
ــ الوقت ضيق. فهل يمكن تشكيل حكومة بالتوافق طالما لا توجد أكثرية واضحة وحاسمة مع اي فريق ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط وهو بيضة القبان يقول إن حكومة ميقاتي خط أحمر ولا يمكن فرطها حرصاً على الاستقرار العام؟
نحن مستمرون سياسياً في الدعوة لتغيير الحكومة مع حرصنا على الاستقرار في الوقت ذاته، وصحيح أن الفريق الحكومي يسعى ليبقى، ولكن نحن نسعى لكي نغير هذا الواقع وسنرى في النهاية من سيربح..
ــ سبق وقلتم إن الحكومة ستطير ولم يصح هذا التوقع!
هذا صحيح، لكننا لم نحدد موعداً. وأنا منذ أشهر طويلة أقول إن هذه الحكومة لن تشرف على الانتخابات ولا أزال على رأيي بصرف النظر عن رأي “هيلاري كلينتون” أو غيرها.. فالرأي الأميركي ليس مقرراً بالنسبة لنا، ونحن لن نقبل بإشرافها على الانتخابات، ولا أعتقد أن أكثرية الحكومة ستبقى على حالها لفترة طويلة، بالإضافة الى أن قياديين حزبيين في حزب الله موجودون في سورية دعماً للنظام السوري وهم يقتلون هناك، وحزب الله يشارك في الحكومة بشكل رئيسي إذا لم نقل إنه هو الذي شكّلها، وبالتالي هذه الحكومة تقاتل الى جانب النظام السوري، فكيف نقبل بإشرافها على الانتخابات ولم يصدر بيان رسمي بعد لا عن الحكومة ولا عن وزير الداخلية (مروان شربل) ولا عن رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) ولا عن وزير الدفاع فايز غصن يكشف ما حصل، وكـأن الأمر طبيعي وعادي.. فهذا أمر ليس طبيعياً، وغداً قد نسمع الرئيس سليمان يصرح ويشهد لوحده للحق.
وأضاف:
أما منطقياً فهذا الكلام لا أراه لوحدي إنما أيضاً يراه الأوروبيون والأميركيون، وبالتالي بالنسبة لنا هذه الحكومة لا تمثل الاستقرار الاقتصادي والمالي، خاصة أن نسبة النمو انخفضت من 8 الى 1,5 بالمئة، ولا تشكل استقراراً سياسياً لأنها حكومة عزل، ولا تشكل استقراراً أمنياً نظراً للتفريط بسيادتها، خاصة إذا أحصينا الاعتداءات السورية على السيادة اللبنانية، فهي تصل الى أكثر من 46 مرة، ولم أسمع أي إدانة رسمية من أحد، لا بل سمعت أن الرئيس ميقاتي يقول من نيويورك “إننا ننأى بأنفسنا عن الأزمة السورية ما عدا أمرين: النازحين السوريين بالمعنى الإنساني والاعتداء على السيادة اللبنانية”، وهو تأكد أنه لا يوجد حرس ثوري إيراني في لبنان بعدما فتش في كل ضيعة ولم ينتبه أن هناك اعتداءات سورية متكررة على السيادة اللبنانية.
قوانين انتخابية غير وطنية
ــ ما الذي يناسب بيروت من قوانين انتخابية؟
أعتقد أن كل المشاريع والاقتراحات المطروحة حالياً هي مشاريع واقتراحات غير وطنية، لأن كل قانون خارج إطار اتفاق الطائف هو قانون غير وطني. وكل الكلام الذي يجري له علاقة بتسويات وكل عناوينها هي هروب اللبنانيين بعضهم من البعض الآخر، لا لقاؤهم ومشاركتهم.
ــ هل من عملية إقصاء سياسي؟
لا.. بل إقصاء وطني.. فالإقصاء السياسي يعالج فيما بعد، لكن الإقصاء الوطني لا يعالج. فقانون الانتخاب هو الآلية الطبيعية لنشوء النظام السياسي في المرحلة المقبلة، وإذا كان القانون حاجباً للوطنية، فأي حياة سياسية ستنشأ بالتالي؟! أعتقد أن هناك مغالاة مسيحية غير مسبوقة في التعامل مع ملف الانتخابات وقوانين الانتخاب. وموقفنا المبدئي هو الانفتاح والإيجابية مع كل ما يريح الحلفاء المسيحيين، ولكن دون مغالاة وإيغال ومبالغة على اعتبار أنه لا يمكن إصدار قانون انتخاب على الورق، بل لا بد أن نضع في بالنا عند النقاش ما هو الأقرب الى اتفاق الطائف، ويتم التصرف على هذا الأساس. والأكيد أننا نحترم الخصوصية المسيحية ولكن ليس الانفصالية المسيحية. فما يجري غير طبيعي وأنا عشت الانتخابات منذ العام 1990 وأعرف هذه القوانين الى أين تصل، ولكن المسيحيين لا ينتبهون عندما يناقشون علناً هواجسهم ورغباتهم ومغالاتهم أن هذا يشجع منطق التطرف الإسلامي. فهم يتصرفون في قانون الانتخاب وكأنهم لوحدهم في البلد أو أنهم يتصرفون على أساس ماذا سيربح فريقهم السياسي من دون مسلمين، أي انهم يفكرون بـ 14 آذار أو 8 آذار. وأعتقد أن الجو الغالب على النقاش المسيحي عنوانه الرئيسي هو كيف يهرب اللبنانيون بعضهم من البعض الآخر، وليس كيف يجتمعون بعضهم مع البعض الآخر.
اتفاق الطائف تفاهم سياسي وطني..
ــ أنتم في قوى 14 آذار وسبق أن تقدم بطرس حرب وسامي الجميل وجورج عدوان باقتراح قانون حسب النظام الأكثري يجعل لبنان 50 دائرة. فكيف توفق بين كلامك عما يجمع اللبنانيين وبين هذا الاقتراح والتزامكم به؟
قلت أيضاً إننا مع مراعاة الخصوصية المسيحية بشكل استثنائي، لكن هذه المراعاة لا تعني التخلي عن العيش الواحد في الانتخابات. فنحن حريصون على أن تكون النسبة الأعلى من الدوائر دوائر مختلطة لا دوائر صافية. فميثاق 1943 هو اتفاق سياسي ارتضى به طرفان حتى تم الوصول إليه، واتفاق الطائف هو أيضاً اتفاق سياسي وليس اتفاقاً عددياً، وبالتالي لا تجوز المبالغة في الحديث عن اتفاق الطائف وكأنه اتفاق عددي فقط.. فهذا ليس روح اتفاق الطائف، إذ لا يمكن إجراء اتفاق سياسي وتفاهم وطني استناداً الى آلة حاسبة.
ــ نفهم من كلامك أن المشاريع والاقتراحات الثلاثة التي تدرس في اللجان غير وطنية؟
في تقديري أنها لن تحظى بموافقة النواب.
ــ هل الحل إذن بالعودة الى قانون الستين؟
لا أعرف، بل أعتقد أننا بحاجة الى ما يراعي الخصوصية المسيحية ويكون أقرب الى اتفاق الطائف من دون الدخول في التفاصيل، وهذا غير متوافر في القوانين المطروحة، إلا أن مراعاة الخصوصية المسيحية هي الاستثناء واتفاق الطائف هو القاعدة، ويبقى النقاش حول الجمع بينهما.
ــ هل الدوائر المتوسطة هي الحل، أولا ترى أن مشروع الحكومة يلحظ الدوائر المتوسطة كما يقول الطائف لكنه يعتمد النسبية؟
الطائف لم يتحدث عن النسبية، ولا أعرف الدوائر المتوسطة، إنما لا بد من معادلة مراعاة الخصوصية المسيحية والحفاظ على الطائف، ولا بد من إيجاد صيغة بهذا الاتجاه.
ــ هل أبديت رأيك هذا في جلسات اللجان؟
حضرت أول جلستين للجان المشتركة فوجدت أن النقاش ذاهب الى مكان لا أستطيع تحمّله ولم أجد نفسي في هذا النقاش ولا لبنان الذي أريده، ومن الجيد تشكيل لجنة مصغرة للنظر في الموضوع.

الوضع في سورية والمنطقة
ــ بالأمس كاد أن يقع الصدام العسكري بين سورية وتركيا على خلفية سقوط قذيفة سورية في الأراضي التركية. فإلى أين سيؤدي هذا التعدي في تقديرك؟
أعتقد أن الموقف أخذ مداه بعدما اعتذر السوريون وقدموا التعازي، وإذا كانوا يهدفون الى إيصال رسالة بأنهم على استعداد لارتكاب خطأ بحق تركيا التي هي عضو في حلف الأطلسي، فإنهم تلقوا الجواب المناسب بعدما ردّ الأتراك بالمعنى العسكري واتخذوا قراراً في مجلس النواب يقضي بالسماح بعمل عسكري ضمن الأراضي السورية إذا ارتأت الحكومة سبباً لذلك، وهذا رد على الكلام عن الانقسام التركي في الموقف من الأزمة السورية. أضف الى ذلك أنه منذ سقوط الطائرة التركية فوق سورية تحررت كل المعابر الحدودية بين تركيا وسوريا، وهذا لم يحدث بالصدفة، ولا بد من أن يكون هناك عمل استخباراتي، وأعتقد أن التطور النوعي لعمل الجيش السوري الحر مع ما يعني ذلك من ترجمة سياسية سيجعلنا نرى خلال أسابيع تطورات نوعية وكبيرة بهذا المعنى على الجبهتين التركية والأردنية بما يسمح بتطوير قدرات الجيش السوري الحر.
ــ أمين عام حلف الأطلسي “أندرس فوغ راسموسن”يقول إنه لا مجال للتدخل العسكري في سورية. أليس كذلك؟
هذا صحيح فلا مجال للتدخل العسكري الأجنبي، لكن تركيا وإن كانت أطلسية إنما تستطيع الدفاع عن نفسها، وهي لا تحتاج الى قوات أطلسية للدفاع عن تركيا، وقرار حلف الأطلسي يتعلق بعملية عسكرية داخل سورية لدعم الثوار. وأعتقد أننا سنشهد تطورات نوعية خلال أسابيع لصالح الثورة السورية.
ــ وهل أنت راضٍ عن ممارسات المعارضة الدموية؟
الحروب كلها بشعة ولا يوجد فيها مجال للرضا، ولكن كان هذا هو الخيار الوحيد أمام الشعب السوري الذي جره إليه النظام بعدما مارس القتل وبدأ به وجر الثوار إليه، حتى إن أحداً لم ينتبه الى انفجار حلب الذي هو أقرب الى الكلية الحربية ونادي الضباط اللذين بدأ منهما حافظ الأسد في الستينات. كما بدأت منهما أحداث حماه عام 1982. وبكل الأحوال هناك تطور نوعي وهذا شعب عظيم لن يتراجع.
ــ هل من الممكن أن تكون حلب هي مركز الحكومة الحرة كما يخططون؟
المتاح مكانان، إما على الحدود الأردنية أو على الحدود التركية، وحلب جزء من الحدود التركية، ودرعا جزء من الحدود الأردنية، لا بل هي الأقرب الى الشام والمسافة لا تتعدى 70 كيلومتراً، وعملياً واحدة من الاثنتين ستكون مقر الحكومة السورية الانتقالية.

مصر ومحمد مرسي
ــ الرئيس المصري محمد مرسي يقدم نفسه بحلة جديدة في طهران وأنقرة وهيئة الأمم المتحدة وكزعيم تاريخي. فهل يستطيع أن يفعل ذلك؟
أي رئيس في مصر يستطيع أن يسترد زعامة مصر في الموقف السياسي، والدليل أنه بعد غياب الدور الريادي لمصر عن العالم العربي لمدة 30 سنة، استطاع الرئيس المصري أن يسترد الدور في أول خطاب له، وأظهر أن قراءته للوضع المصري ليست قراءة ضيقة، وهي تأخذ بعين الاعتبار الوطنية المصرية، وما تكريمه لجمال عبد الناصر وأنور السادات والفريق سعد الدين الشاذلي وهو بطل حرب تشرين، إلا دليل على أنه يتصرف بأفق واسع وبقدرة على الاستيعاب والاعتراف بالآخر، ما يجعله يحقق المزيد من الإجماع الوطني المصري على شخصه، ويحقق أيضاً المزيد من الاجماع العربي، لأن مصر، كما ثبت تاريخياً وجغرافياً، لا أحد يستطيع أن يأخذ مكانها، ومهما غابت فإنها في اللحظة التي تقرر أن تعود يكون المكان شاغراً لم يشغله أحد ولن يشغله أحد… وواضح أن هناك تحالفاً تركياً مصرياً، لأن تركيا لأول مرة في تاريخها تقدم قرضاً الى دولة أخرى حيث أعطت مصر مليار دولار كقرض وملياراً آخر كودائع واستثمارات، بمعنى أن هذا مؤشر سياسي لطبيعة العلاقات، ولا أعتقد أن السعوديين بعيدون عن هذا المفهوم، بل ربما هم أقرب إليه مما هو معلن عن هذا التقارب، والعاهل السعودي ملتزم وصية والده المؤسس بشأن أهمية وضرورة العلاقات المصرية ـــ السعودية.
ــ لماذا لم تكمل اللجنة الرباعية أعمالها بعدما شكلها الرئيس محمد مرسي؟
لأنه لا توجد قناعة بأن إيران هي جزء من الحل، بل الأكيد أن إيران هي جزء من الحرب، وهذا يظهر أكثر فأكثر من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين، لاسيما كلام رئيس الحرس الثوري محمد علي جعفري عن الخبراء الإيرانيين في سورية، حتى إن تركيا تتدخل لصالح المخطوفين الإيرانيين في سورية. وهنا لا بد من الإشارة الى غباء الذين خطفوا التركيين في لبنان.. فهل من أحد يخطف مواطنين من دولة أطلسية ويجلس على كرسيه آمناً؟! بالطبع لا..أصلاً الجيش اللبناني لم يقم بكل العمليات من دون تفاهم، فقائد الجيش العماد جان قهوجي التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتفاهم معه وزار السيد حسن نصر الله في زيارة غير معلنة وأخذ الضوء الأخضر للقيام بهذه العمليات التي كانت وراءها أسباب دولية وإقليمية ولكن وراءها أيضاً قراءة داخلية.
واستطرد يقول:
نحن نعيش منذ أكثر من سنة أجواء مشابهة تماماً لفترة ما قبل الاجتياح الإسرائيلي عام 1982. وكلنا يتذكر آنذاك حالات انفجار مخازن ذخيرة، وحالات خطف، وحالات سرقة ونهب، وإعلان عصيان.. فكل هذا حصل عام 1981 بشكل شبه متطابق لما يحصل اليوم. وهذا لا يعني أن هناك اجتياحاً اسرائيلياً، وإنما يعني أن الحالة الخارجة على الدولة، لا بد مع الوقت من أن تنخرط في كل الموبقات تماماً كما حصل مع منظمة التحرير الفلسطينية حيث جلس أبو عمار (ياسر عرفات) في الأعلى وتحته كانت الفوضى، لأن الناس يتراخون ولا يملكون الزخم الثوري ذاته. لذلك أتمنى أن يكون هذا درساً لحزب الله، ليتطلع الى التاريخ اللبناني، لاسيما أننا مررنا بتجربة مع القوات اللبنانية وكذلك مع الإدارة المدنية والصناديق والقتل والنهب والانفجارات والحواجز، وكذلك مع أبو عمار ومنظمة التحرير، واليوم يحصل الشيء ذاته، ولا بد من الاسقاط لأنه حسب القول الأميركي”من لا يتذكر التاريخ محكوم بإعادته”.
ــ الى أين يمتد طموح نهاد المشنوق السياسي؟
لماذا تسميه طموحاً؟! هو موجود وشرعي وطبيعي ولكنني جزء من حركة سياسية وليست لديّ مخططات خارج المجموعة البرلمانية التي أنتمي إليها. فلا يكفي أن يكون لديّ طموح بل يجب أن تكون هناك ظروف مساعدة حتى يقدر الشخص أن يصل الى ما يطمح. وأنا لست متشائماً، ولكنني أقول بضرورة أن نترك الظروف تقرر من دون أن نضع أنفسنا في موقع منافس للآخرين.