“العربية” – سلاح “حزب الله” بعد 7 أيار: الثقة المفقودة هل تُستعاد؟

س- لوحظ انه لا يوجد في نص الاتفاق الذي اعلنه رئيس الوزرء القطري من بيروت، أي مجال أو أي مكان لانتخاب رئيس الجمهورية، متى ستتم عملية الإنتخاب إذا كان لديك معلومات؟
ج- الشيخ حمد رئيس الوزرء القطري سمّى العماد ميشال سليمان باعتباره مرشح التوافق لرئاسة الجمهورية، رغم انه لم يرد في نص البيان، ولكن المهم الآن انه صدر بيان يعيد الحالة السياسية والحالة العسكرية الى نقطة الصفر، أي الى مرحلة ما قبل صدور القرارين عن الحكومة والمتعلقين بشبكة الإتصالات لـ”حزب الله” ونقل قائد جهاز أمن المطار .

وقبل ذلك كان هناك صراعا سياسياً وإعتصاماً في وسط البلد، وكل الناس تتموضع في مكانها .
ماحدث الآن هو رعاية عربية أوسع من لجنة وأشمل من الأسماء التي رأيناها تقول بعودة الأمور الى نقطة الصفر، والذهاب الى طاولة الحوار ومن إلتزامات مُسبّقة الا بجدول أعمال .

س- معلوم ان الموالاة تطالب بانتخاب رئيس جمهورية أولاً، والمعارضة تطالب بحكومة وحدة وطنية أولاً وبهذا يكون ميشال سليمان رئيساً بتسمية من قطر ؟
ج- لم يحدث تسوية في هذا الأمر وأعتقد ان كلاهما تراجعا عن مسألة انتخاب الرئيس اولاً أو تشكيل الحكومة أولاً، أعتقد ان البحث الآن يتضمن النقاط الثلاث بمعنى قانون انتخابات، تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخاب رئيس، ولكن الإتفاق هو على عناوين، يعني لن تشكّل الحكومة قبل انتخاب الرئيس ولن يقر قانون الإنتخابات قبل انتخاب الرئيس .

س- هناك معلومات عن 18 وزير 6 للأكثرية 6 للمعارضة و6 لرئيس الجمهورية هل هذه المعلومات دقيقة؟ وهل بدأ الحديث فعلاً عن التشكيلة الحكومية ؟
ج- ماهو حاصل الآن أعتقد انه سباق مابين نوعين من العمل السياسي، النوع الأول يقول بأن ما حدث عسكرياً من استباحة لبيروت لا بد من ترجمته سياسياً بالحوار، وهذا رأي المعارضة التي تعتقد بان باستطاعتها استثمار ماحدث من استباحة للمدينة بترجمة سياسية من خلال طاولة الحوار .

الأمر الثاني هو الدخول في التفاصيل التي تفضلت بها حول عدد الوزراء ونوعية الحكومة وتشكيل الوزارة، ولكن أنا لا أعتقد ان الحوار الجدي وصل الى هذه المرحلة ، أنا أعتقد ان الحوار الجدي وصل الى مرحلة الجلوس الى طاولة الحوار دون التزامات مسبقة، إلا في ما يتعلق بمناقشة قانون الإنتخاب، والإتفاق على الصياغة المبدئية له وعلى حكومة مشاركة، والإتفاق على نسب المشاركة هل سيتم هذا الأمر أم لا ؟ أنا لا أعتقد ان هناك قرارات محسومة حتى الآن ، لأن الواضح ان الإتفاق حول هذه المسائل والوصول الى انتخابات رئاسة جمهورية هو إتفاق أكبر من لبنان وأاشمل من الأطراف اللبنانية ، هل حدث هذا الأتفاق في مكان ما خارج لبنان؟ لا أعتقد ذلك .

س- أين هي الدول الاقليمية من هذا الإتفاق وهل بإمكان القوى اللبنانية ان تأخذ زمام الأمور بأيديها وتقرر هي ؟
ج – بعد كل الذي حدث في لبنان وفي بيروت خاصة، أعتقد ان القوى اللبنانية ربما عندها رغبة أكثر بأن تكون شريكة في الحل، لا تنسى ان ماحدث في بيروت أحرق أيدي الكثيرين، فهو أحرق أيدي من استباح بيروت من جهة، وأيدي آخرين اعتقدوا بأن الأسلوب العسكري يمكن ان يحقق لهم حضوراً سياسياً، سواء في الموالاة أم في المعارضة .

س- برأيك هل خسر “حزب الله” سياسياً بعد هذه المعركة، وهل يمكن ان يصرف إنتصاره العسكري أو قوته العسكرية في لبنان ؟
ج- كان يمكن ان يصرف إنتصاره العسكري لو كان ما حققه إنتصاراً عسكريا على افتراض ان المواجهة تمت بين تنظيمين عسكريين .

التنظيم العسكري لـ”حزب الله” وحركة “أمل” و”الحزب القومي السوري” الذين ساهموا بكل ما حدث في بيروت، بالاستباحة لمؤسسات مدنية وأهلية لايمكن مقارنتهم عسكرياً بأي أوهام حول تنظيم آخر.

بيروت مدينة تقاوم بالموقف السياسي، بيروت مدينة حضارية تقاوم بالكلام بالقول الحسن بالموقف السياسي حتى بالإعتصام بمنازلهم، بيروت مدينة مقاومة لأن بيروت لا تريد أن تدخل في نزاع مسلح .

ماحدث الآن، ان هناك وساطة عربية برئاسة رئيس الوزراء القطري، وأعتقد انها مدعومة من أطراف عربية أخرى، ولا أستغرب ان تكون السعودية ومصر أيضاً داعمة للدور القطري الآن، ولكني لست متأكداً من هذه المعلومات .

س- ماذا عن سوريا ؟
ج- أعتقد ان القدرة القطرية على التعامل مع الجانب السوري، وهو المدبر الأساسي للصراع هي قدرة أاكثر من أي طرف عربي آخر. لذلك هناك دعم سوري للدور القطري، ولكن يبقى السؤال هل هناك تغيّر استراتيجي في الموقف السوري وفي الموقف الإيراني يدعو الى إجراء إنتخابات رئاسية، والإتفاق على قانون إنتخابات ووفق عليه مُسبقا وهو قانون القضاء مع تعديلات شكلية جداً، وتشكيل حكومة بمفهومتوازن بين المعارضة .,
ما سمعته اليوم من نائب الأمين العام لـ”حزب الله” انه دعا الى تشكيل الحكومة تأخذ بعين الإعتبار التمثيل النيابي بمعنى الـ 55 بالمئة والـ45 بالمئة.

على كل حال، هذا كلام سابق للمفاوضات أو لطاولة الحوار، وكل طرف سيحاول رفع السقف الى الحد الأقصى بمطالبه للوصول الى الحد الادنى.

أنا أعود الى القول، اننا عدنا الى نقطة الصفر ما قبل قراري الحكومة اللبنانية، وغير ذلك كله غير مؤكد .

س- هل برأيك موضوع سلاح “حزب الله” أصبح الآن موضع تساؤلات ومطروح على طاولة البحث ؟
ج- بطبيعة الحال، ولكن هذا الأمر يحتاج أولاً الى انتخابات رئيس جمهورية وبعد انتخابات رئاسة الجمهورية، سوف تُطرح كل الأمور على طاولة البحث، وموضوع سلاح “حزب الله” واحد من بنود جدول الأعمال ممكن طرحه بشكل سلبي جداً ، وممكن طرحه بشكل ايجابي واستيعابي حسب الظروف السياسية لكن قبل ذلك، لا بد أن يكون هناك سلامة في المؤسسات السياسية قادرة على طرح الموضوع ومناقشته .

أنا أعتقد ان ما حصل في بيروت هو أبشع بكثير مما ورد في تقريركم عما جرى، حيث طالت الإستباحة مؤسسات إعلامية أوسع من مجموعة الحريري، ومنها مجلة “الشراع” وجريدة “اللواء” وجريدة “الشرق” هناك الكثير من المؤسسات الإعلامية، وفريق العربية الذي طرد من عدّة مواقع للتصوير.

أنا أقول ان ماحدث كبير الى درجة قد يحتاج الى وقت أطول مما نعتق، وقت طويل جداً لمراجعة كل الأطراف لحساباتها .

س- نحن نعرف ماذا حصل، ولكن نحن نتحدث عن تداعيات ماحصل، وبالتالي كيف يمكن ان يُصرف سياسياً؟
ج- أنا أقول تداعيات ماحصل لن تظهر قبل وقت طويل، ماحصل كبير الى درجة لا يمكن القول اننا الآن في طور تجاوزه .

س – هل تعني ان ماحصل ممكن أن يفشل الحوار في الدوحة ؟
ج- كلا، ولكن ما حصل لا أعتقد انه يشجع على نجاح الحوار .
ما حصل في بيروت كبير جدا وليس من السهل تجاوزه، والذي حصل كبير لدرجة انه ستُفاجأ المعارضة مع الوقت، انها إذا لم تستطع التفاهم مع الموالاة أو الزعيم الكبير من زعماء الموالاة النائب سعد الحريري، ستجد انها ستضطر للتعامل مع ظواهر سلفية أخطر عليها وعلى المسلمين من القاعدة وصعوداً .

س- يعني أما الاتفاق مع النائب سعد الحريري أو التعاطي مع القاعدة ؟
ج- أو إنتظار القاعدة بكل تفاصيلها، وقد بدأت أصوات تظهر في الشمال وفي غير الشمال تقول، بأننا لا نحتاج الى دعم من الأفراد، لا نريدكم أن ترسلوا أفراداً الى هنا، نريد فقط دعمنا مادياً .

س- هل مازال ميشال سليمان رئيساً توافقياً، ورأينا ان العماد عون سجل اعتراضاً على الجنرال سليمان وايضاً سمير جعجع ؟
ج- هذا جزء أيضاً من تداعيات ما حدث، أعتقد ان العماد سليمان لا زال مرشحاً توافقياً، وليس رئيساً توافقياً ، هناك فرق كبير بين أن يكون مرشح أو أن يكون رئيساً .

س- هل إنتخاب ميشال سليمان أمر محسوم ؟
ج- أعتقد ان الأمر المحسوم هو كلام لا يمكن أن يُقال الآن، ولا أعتقد انه يعبّر عن الحقيقة، وأعتقد ان هناك حد أدنى من التوافق حول شخصه كمرشح توافقي لا أكثر ولا أقل ، كلنا نراهن على الجيش، كل مواطن لبناني كل مواطن بيروتي ، كل من يقيم في بيروت هذه المدينة العظيمة يراهن على دور الجيش، ولكن دور الجيش الآن أيضاً بقدر ماهو موضع إجماع بقدر ماهو موضع إنتظار وتلهف، وليس بالتأكيد ان هذا التلهف والانتظار سيوصّل الى نتيجة. وأعتقد انه من المبكّر الجواب، لازال مرشحاً توافقياً بالحد الادنى للتوافق بين الأطراف اللبنانية، أما ان يكون رئيساً توافقياً فهذه مسألة أخرى لا أعتقد اننا وصلنا إليها .

س- هناك من يقول ان المسيحيين كان لهم نفوذ في لبنان منذ عام 1945 الى 1990 ومن 1990 – 2005 كان النفوذ للسُنة والآن دخلنا عصر النفوذ الشيعي هل هذا القول دقيق برأيك ؟
ج- أريد ان أبدأ بموضوع آخر يوصل الى نفس الاستنتاج :
أولا : في الحديث عن تعديل الطائف، فان أي إقتراب من الطائف أو أي حديث عن تعديل الطائف الآن لا يؤدي إلا الى المزيد من الاضطرابات، وإعطاء السلفيين ورقة يسرحون ويمرحون فيها في كل الساحة الإسلامية هذه مسألة دقيقة وحساسة جداً جداً .
أي كلام عن تعديل الطائف مجرد الكلام، يعطي السلفيين ورقة لا يستطيع أحد ان يسحبها منها .

ثانيا : أعود وأؤكد اني لا أعتقد ان مؤتمر قطر كان عُقد، لو لم تكن السعودية داعمة للمبادرة القطرية، وهذا الموضوع لم يعد موضوع تساؤل. فالسعودية بطبيعة الحال تُدعم كل دور توافقي وكل دور إعتدال في لبنان ولذلك لا نرى في المبادرة القطرية غير محاولة إيجابية لابد من دعمها، إلا ان نرى ماذا سيحدث من نتائج لهذا المسعى.

ثالثا : بالنسبة لتجربتنا مع السياسة الدولية هي تجربة حتى الآن فاشلة، كما هي فلسطين والعراق، بمعنى ان السياسة الاميركية لم تستطع طوال 16 سنة مضت ان تقدّم اي شيء جدي بالتقدّم في المسألة الفلسطينية التي تمثل الصراع الأساسي في المنطقة، والذي جعل الدور الإيراني يمسك بالعلم الفلسطيني ويتقدم الى الأمام ، في وقت الآخرين المتفهمين او المتفاهمين مع السياسة الأميركية لايستطيعون تقديم أي شيء فعلي وجدي.

هذا النظام الإقليمي الجديد الآن اصبحت له جذور في المنطقة، ليس من السهل الحديث عن ان آخرين يريدون ان يواجهوا هذا النظام الاقليمي، بمزيد من المفاوضات أو الضغوط، وما حدث من مفاوضات وضغوط حتى الآن لم تنشء إلا المزيد من التجذير للمشروع الإيراني.

س- بما انك تتحدث عن النفوذ الإيراني، لو كنت مكان “حزب الله” ماذا تطلب على طاولة الحوار غداً ؟ وما يكون موقفك؟ هل يكون موقف القوي أو موقف الخاسر سياسيا ؟
ج- بطبيعة الحال دائماً القوي والقلق يتوصل الى نتائج خطأ، في الاستنتاج السياسي عندما تجمع القوة مع القلق، تضع دائما على الطاولة استنتاجات سياسية خاطئة ، ولكن أنا لا أستطيع ان أاضع نفسي محل قيادة “حزب الله” .

س- يصعب عليك هذا الأمر ؟
ج – يصعب كثيراً إلا بمواجهة إسرائيل ليس صعباً عليّ . اما في غير أمور فيصعب عليً جداً الأمر إذا لم يكن مستحيلاً .

ولكن أريد ان أقول انه بالطبع ستظهر مظاهر قوة غير حقيقية، وغير فعلية على الطاولة، وأتمنى ان يستطيع المنسّق القطري إعادة الأمور الى نصابها الفعلي على الأقل لكي نحصل على هدنة جدية وثابتة .