“الصيغة اللبنانية” – منسقية المهن الحرة في “تيار المستقبل” – شتورا، خطر تحالف الاقليات

محاضرات 18 مايو 2009 0

كان من المقرر أن يكون عنوان المحاضرة عن الصيغة اللبنانية، وأعتقد ان الأحداث التي تحصل كل يوم تدفعنا لتخصيص الجزء الأكبر للحديث عنها .

البعض يعتقد لكثرة ما يسمعون شتائم لهذه الصيغة، ان هذه الصيغة كلها مساوئ واننا نعيش في بلد لا يوجد فيه سوى الفساد ولا يوجد سوى مقاومتهم، ولا يوجد سوى إدارة فاسدة وسياسيين تابعين للخارج الخ …

إذا تناولنا قليلاً ما يُقال فهذا موجود في كل بلد، وليس فقط في لبنان، ولكن لبنان يتميز عن باقي الدول، وخاصة دول هذه المنطقة على الأقل، لبنان يتميّز بأمر نحن نعتبره تحصيل حاصل لنا، ولكن لا نعرف أهميته كل يوم وهو انه لا يوجد عندنا قائد للأبد، بل يوجد تداول في السلطة، فرئيس الجمهورية مثلاً بالكاد يمدّد له ثلاث سنوات، ولكن في النهاية يحزم حقائبه ويذهب الى منزله .

ايضاً يتميّز لبنان بحرية ولو بقي منها الشيء القليل بعد كل الذي حصل، لكن مازال اللبناني يشعر انه يستطيع ان يقول رأيه بأي موضوع، وعنده وسائل إعلام كافية ليعبّر عن رأيه حتى لو كان يشكو من هذه الوسائل .

ايضاً الصيغة اللبنانية فيها أكثر من ميّزة، فيها اقتصاد حر ربما لسنا جميعاً تجار أو خبراء بالإقتصاد والمال، ولكن احساسنا اننا نعيش في بلد الإقتصاد فيه حر، والجميع عندهم قدرة على تطوير وضعهم وترتيب أمورهم وتطوير تجارتهم، وأن يحوّلوا ويستوردوا ، وبالتالي هذه الأمور غير موجودة في المنطقة، فلا تداول السلطة موجود ولا حرية الرأي موجودة ولا الإقتصاد الحر موجود .

ايضاً نحن عندنا ميّزة رابعة أهم من هذه الأمور الثلاثة ، الاخ الذي قدمني قال اننا في المستقبل نتحدث عن العيش المشترك، ولكن انا لا أوافق على الصياغة ، انا اقول نحن عيش واحد ولسنا اثنين لكي نعيش مشتركين ، نحن واحد.

الكثيرون فسّروا ان لبنان أولاً هو خلاف مع العروبة، ولكن هذا غير صحيح، فلبنان أولاً هو مسؤولية وطنية أولاً ، وهذه المسؤولية تدفعنا للإلتفات تجاه مصالحنا وتجاه بلدنا أولاً ، ولكن هذا لا يعني اننا مختلفين مع عروبتنا، ولا يعني أبداً ان عروبتنا تقف عند دمشق ، ولا يعني أبداً انه إذا كان هناك خلافاً سياسياً مع النظام السوري، أو اتهام سياسي باغتيال الرئيس الحريري مثلما قال الشيخ سعد الحريري، هذا لايعني اننا تخلينا عن عروبتنا أو اختلفنا معها ، نحن لانريد التخلي عن عروبة سوريا، فكيف يمكن ان نتخلى عن عروبتنا التي تمتد من المحيط الى الخليج، وهذا كلام جدي مرّ بمصاعب وبنكسات، ولكن لا تتغير عروبتنا إذا مرّينا بمشاكل ولا تتغير هويتنا إذا كانت العروبة قد تعبت في وقت من الأوقات .

اي واحد منا يبقى مؤمناً بعروبته يكون جزءاً أساسياً من الإستقرار والسلم الأهلي في البلد ، هذه ليست فقط هوية تطلع فيها للخارج او تعيش فيها بالداخل، هذه هوية تحميك هذه جذورك واصولك .

مهما وصل الخلاف مع النظام السوري، ومهما وصل الخلاف حول أي تهمة سياسية للنظام، ولكن هذا لا يعني أبداً أبداً اننا ممكن ان نختلف مع عروبتنا أو أن نتخلى عنها .

لقد مرّ وقت كان يصعب علينا فيه رؤية الأمور بوضوح، وهذا ليس غريباً لأنه ليس مطلوباً من الناس كل الوقت أن يكون قلبه حجر، فعندما نمر بظروف صعبة جداً مثل 14 شباط 2005 عند اغتيال الرئيس الحريري، لم يكن مطلوباً من الناس أن يكونوا جميعهم عُقّال وحكماء ومنضبطين، لأنه قد يمر وقت يجد فيه الإنسان ان الأمور أصعب من قدرته على الضبط ، ولكن هذا لا يعني انه بعد قليل من الوقت، عندما يسترد أصالته ويسترد جذوره ويسترد أصوله ويسترد هويته، يتصرف على أساسها، لأن هذه الهوية هي الحماية الحقيقية لحياته ولاستمراره ولقوميته، التي لايقبل ان يزايد عليه أحد فيها ولا يقبل أن يُقال انها لم تعد موجودة.

عندما نسمح ان يزايد علينا فيها أو ان يقول لم تعد موجودة، نكون بذلك نتخلى للآخرين ولخصوم سياسيين، عن مهام وعن أفكار تربينا كلنا عليها ولم نشعر للحظة انه يجب التخلي عنها .

بالتأكيد انكم شاهدتم في الإسبوعين الماضيين، على صور إخلاء سبيل الضباط، هذه الصور أعطت انطباعا بان هذا إحتفال شماتة، وأعطت انطباعاً بانه احتفال ثأر، وأعطت انطباع انزعاج بعض الناس عندما قلت انه إحتفال حقد .

هذا الحقد لا يؤكد براءة، والظلم لا يمكن ان يشرّف من يقوم به ، والقهر لا يمكن ان يُفرح، من يقوم به مهما كان ظالما ومهما كانت قدرته عل الظلم . هذه ظروف عابرة ولا تستمر.

لقد حاولوا كثيراً بواسطة الإعلام والطبل والزمور والإحتفالات، واعتبر الضباط أسرى عند العدو الإسرائيلي وأطلق سراحهم .
انا لم أتضايق ان الضباط خرجوا من السجن، ولم أتضايق من أي ضابط قال أي كلام، لأن هذا أمر طبيعي بعد سنوات كان عنده فيها قدرة خلال 10 أو 15 سنة، ان يظلم ويقهر ويسجن ويذل ويهين، وفجأة يجد نفسه في السجن، وطبيعي عندما يخرج من السجن سيرمي الكلام يميناً ويساراً وهذا شيء في طبيعة البشر .

أما المسؤولين السياسيين الذين اعتبروا ان إطلاق سراح الضباط،هو نيل منا أو إهانة لجمهورنا، أو خسارة لموقفنا السياسي، فهم مخطئون، هم حاولوا تصوير الأمر بهذه الطريقة، ولكن الأمر مختلف تماماً لأن الصورة الحقيقية لما حصل، هو براءة المحكمة وليس براءة الضباط، هذه المحكمة التي وُجهت اليها اتهامات خلال أربع سنوات أكثر بكثير من التي توجهت للضباط، وفجأة أصبحت المحكمة بريئة وأهلاً وسهلاً بأحكامها، هذا الأمر جيد لأننا ربحنا بهذا الأمر وربحنا كثيراً أكثر مما نتصوّر .

أنا واحد من الناس الذين بعقلي لم اكن أصدق ولا مرة ان المحكمة ستنشأ، ولكن بقلبي لم أصدق ولا مرة سوى ان المحكمة ستنشأ، لاني كنت دائماً أقول هل من المعقول ان رفيق الحريري الذي قدّم كل هذا الخير للناس، والذي علّم كل هؤلاء الناس والذي عاش 60 سنة من حياته يفتش عن حاجات الناس لتلبيتها، من غير المعقول لأن يضيّع ربنا سبحانه وتعالى حقه، وأن يتركه بدون أن يخلّص له حقه . كان قلبي دائما يقول لي هذا الأمر الى ان اهتدى عقلي ووجد طريقه .

إن ما قمتم به وقمنا به نحن وغيرنا في كل بلد في كل قرية في كل شارع في كل محل يوم 14 آذار 2005 ليس أمراً بسيطاً أبداً، لأنه بنتيجة صمودكم وصبركم وجلدكم وصوتكم العالي وإصراركم على حقكم رأينا صورة المحكمة ، ولم نرّ صورة الضباط أو بصراحة أكبر، يجب أن نرى صورة المحكمة وليس صورة الضباط، هذه محكمة جلس فيها قاضي ومدّعي عام وجهة دفاع، وهي كانت حلم اعتقدنا للحظة اننا أضعناه، لكن هذا الأمر غير صحيح، بل نحن حققنا هذا الحلم ولم نضيعه .

عندما كان يصل أول محقق وثاني محقق وثالث محقق ورابع محقق وعاشر تقرير، ربما كنا نقول في داخلنا مثل كل الناس ان هذه مظاهر لن تستمر، ولن توصل الى أي نتيجة ولكن صلابتكم أوصلت الى بداية المحكمة الحقيقية التي توصلنا الى العدالة والحقيقة . نحن أهل عدالة وليس أهل ثأر، لذلك يجب ان يكون عقلنا أصفى عندما ننظر الى الأمور، نحن نطالب بالحق وليس بالإنتقام لأنه لو كنا نريد المطالبة بالإنتقام أو الثأر كنا سنخسر أنفسنا، لربما كنا ربحنا الكثير، وكنا لفترة مؤقتة شعرنا بنشوة بأننا أخذنا بالثأر في هذا الموضوع، أو في هذه الموقعة أو في هذا الشارع أو في هذه البناية ، ولكن كنا سنخسر انفسنا .

نحن أهل دولة وليس أهل فوضى، نحن أهل سلم وليس أهل حرب، لأن السلم على عكس ما يعتقد الكثيرين هو أصعب بكثير من الحرب . نحن صمدنا بالسلم وبالوسائل السلمية وصمدنا بحقنا وبقدرتنا للوصول الى حقنا بالسلم وليس بالسلاح .

ليس صحيحاً اننا لا نستطيع شراء السلاح أو ينقصنا شباب ولكن هذا ليس خيارنا ولا رأينا ولا قرارنا .

لأول وهلة قد يبدو هذا الكلام غريب، وممكن لو سمعتموه مني في الـ 2006 كنتم قلتم معقول هذا الكلام وهل اني لا أشعر بما تشعرون به؟. .

أنا أشعر بذلك، ولكن أريد أن أقول لكم ان النجاح هو الثأر، لأن الثأر يسبب خسارة لك ولغيرك، ولكن عندما يكون النجاح هو ثأرك يكون نجاحاً لك وخسارة لغيرك .

نحن نجحنا في أهم امتحان دولي، نحن شعب ومجموعة سياسية على الأخص بواسطة السلم والصوت والصمود والرأي الحر، استطعنا تحقيق أهم إنتصار بالمنطقة، بمحكمة لم تتحقق قبلاً في أي منطقة من الشرق الاوسط .

الرئيس الحريري ليس أول واحد يُقتل، وممكن انه عند غيرنا ليس أعز واحد يُغتال، ولكن هذا الغير لم يكن عنده الصوت العالي ولا الحرية .

عندما أتى سعد الحريري ووليد جنبلاط وغيرهما استمع إليهم الناس، وبالتالي لو لم تستمع اليهم كيف كان ستلبيّهم، ولو لم يكن عند الناس إحساس بالحرية لما استطاعوا تلبيتهم .

هناك أنظمة عربية اذا كنت تريد طبع بطاقة دعوة يجب ان تستأذن الأمن فيها أولاً، اي قبل طبع البطاقة، وليس قبل توزيعها، أما عندنا فباستطاعتنا توجيه الدعوة في أي وقت نشاء . واجتماعنا هذا اليوم أكبر دليل على ذلك، وهو واحد من الأمثال الكثيرة على قدرتنا للدفاع عن حريتنا وعن رأينا .

لقد صمدنا أربع سنوات دفعنا خلالها الثمن غالياً، دفعنا الدم وأهم من الدم، دفعنا ثمنها الصبر، صبر المقهور الذي هو أصعب بكثير من الدم، ولكن والحمد لله حوّلنا في أربع سنوات القهر الى صمود وحولنا الصمود الى قدرة، وحولنا القدرة الى حقيقة، وحوّلنا الحقيقة الى انتصار، هذا الإنتصار الذي لا يريدكم الآخرون رؤيته ، ولكنهم يريدون ان تكون رؤيتكم هي انه ليس هناك دولة ولا قضاء ولا مؤسسات ولا جيش ولا قوى أمن، وبالتالي هذه دولة منهارة يجب ان تتخلوا عنها .

نحن لن نتخلى عن الدولة ولا للحظة سنفكر أن نتخلى عن فكرة الدولة حتى لو بقي واحد منا فقط، لن يتخلى لا عن السلم الأهلي ولا عن فكرة الدولة، لأنه في اللحظة التي نتخلى فيها عن السلم الأهلي وعن فكرة الدولة لا يبقى اي شيء من منطقنا ولا من عقلنا ولا من حضورنا.

هذه الدولة ليست لـ”تيار المستقبل” ولا لأي تيار آخر، هذه الدولة هي أولاً لكل اللبنانيين، ولكن أهم من ذلك انها هدف كل جمهور رفيق الحريري، الجمهور الأوسع من كل الطوائف ، وفي كل لمناطق وفي كل المحلات الذين وافقوا معنا ، اننا نبحث عن الحق وليس عن ظلم الآخرين.

هم يقولون لنا كل يوم انهم يريدون وضع دفتر شروط لطريقة حياتنا، وما مسموح لنا وما هو الممنوع. أنا لن أجاوب بالشخصي وسأكتفي بالقول، ان أي كلمة قيلت في أي موضوع تليق بمن قالها أكثر مما تليق بجمهور رفيق الحريري وتشبهه كثر على كل حال.

أنا أريد أن أقول انه إذا كنا في وقت من الأوقات وقعّنا بالسياسة على خطأ فهذا لن يتكرر ، ما حدث من توقيع هو إتفاق الضرورة في جزء منه إيجابي كانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، ولكن الخطأين الظالمين كانا قانون الإنتخابات والثلث المعطل وتثبيتهما يحولهما الى جريمة بحثنا وبحق الدولة وبحق فكرتنا ، البعض انزعج من شعار “لاننسى أو ما رح ننسى” أنا أقول “مارح توقّع والسما زرقا” مش “ما رح ننسى”. لن نقبل أبدا أن يتحول الخطأ الى جريمة، لأن هذه الجريمة بحقنا جميعا ، جريمة بحق الدولة وبفكرة الدولة.

أهلاً وسهلاً بمن يستطيع الحكم بالديموقراطية الطبيعية، لأنه لا توجد طريقة أخرى للحكم، ولم يستطع أي كان ولا مرة أن يحكم دائما في كل الوقت كل الناس بالطريقة الخاطئة، لأننا كلبنانيين تربينا على الحرية قبل أي شيء آخر.

الكثير من الناس اعتقدوا اننا نسينا حريتنا ونسينا قواعدنا وأصولنا، وفجأة “في ليلة ما فيها ضو قمر” كان الجيش السوري الشقيق خارج لبنان، بعد أن مكث في البلد 30 سنة، ولنفترض انه خرج يوم الإثنين مثلا وفي الثلاثاء لم يعد أحد يتذكره، ليس لأنه كانت له أفضال علينا، وبالتالي لا نستطيع نسيانه. للمناسبة هناك واحد درزي مهضوم قال لوليد بك “إذا نسينا حسناتك يا بك ما فينا ننسى ظلمك” هذا الكلام يسري أيضا على آخرين. ولكن أريد أن أقول اننا نسينا لأننا تربينا على الحرية، ولكننا لم نحقد ، وإذا حقدنا فلأيام قليلة، أو لأسابيع أو لأشهر ، لكننا لم نتعوّد الحقد ولا هذه هي تربيتنا، نحن لا نحقد ، نحن لا نفتش عن الثأر ، نحن ننجح في كل خطوة نقوم بها، وبالتالي عندما نتقدم سنتيمتر من الهدف الذي نريده، نكون قد أخذنا كيلومتر من الثأر. هذا الأمر تحقق بالمحكمة الدولية التي ستصدر القرار الظني بعد ستة أشهر أو أكثر، ولا بأس أن ننتظر لأن الأمر بيد أمينة، ونحن نسلّم بنتائجها أيا تكن.

ولكن هذا الأمر لا يدفعنا أبداً الى الحقد أو الى البحث عن هوية جديدة، نحن نريد علاقات طبيعية مع الدولة السورية الجارة، علاقات طبيعية مثل أي علاقات بين دولتين، ونحن نعتبر ان كل مسؤول لبناني تنفيذي يزور سوريا بمهمة رسمية ممثلا لنا جميعا، وهذا الأمر لا علاقة له بالمحكمة ولا بالإتهام السياسي، لأن هذا تصرّف حكيم وعاقل وموزون. أنا أعرف ان هذا الكلام لا يعجبكم ، وبالطبع لا يعجبني ، ولكن أنا أبحث بعقلي عن الحقائق وليس بعاطفتي.

لقفد تمت زيارات عديدة لمسؤولين لبنانيين الى دمشق، ان كان وزير الخارجية أو وزير الداخلية ووزير الدفاع وقائد الجيش ومسؤولين أمنيين وتعاطوا من دولة الى دولة، ولم يشعر أحد منا بالإهانة أو ان هذا الأمر خطأ، لأن هذه الزيارات تمت عبر القنوات الرسمية.

أيضا قام منذ أيام رئيس الأركان السوري بزيارة الى لبنان، وقابل رئيس الجمهورية وأدى له التحية وتكلم معه ، ثم عاد الى دمشق بطريقة رسمية ، ولم يزعجني هذا الأمر ، لأني أعتبر ان هذا هو السلوك الطبيعي للعلاقات بين دولتين ، لأن من تربّى على العروبة لا يحقد، نعم يختلف مع النظام، ولكن لا يحقد على الشعب ولا يحقد على جاره.

في بعض الأحيان، أبالغ عندما أقول اني لن أتخلى عن حصتي المعنوية بدمشق، او بحلب أو بحمص أو بالقاهرة، أو بغداد، هذا إحساس لا يستطيع احد أن يأخذه منا، ولكن ما نراه اليوم في السياسة مختلف تماما، وهنا لن أتكلم عن الحزب، أنما سأتحدث عن أمر آخر ربما هو أخطر مما يحصل عند الحزب.

هناك جو في المعارضة لا علاقة له بالسياسة ولا بالوطنية ولا بالعروبة، ولا بالتاريخ والجغرافيا ، هذا الجو يوحي وبدون ان تقول المعارضة ذلك ، أنها ذاهبة باتجاه تحالف أقليات، وهذا أخطر أمر حتى الآن.

أخطر شيء يحصل اليوم، ان هناك حفر لنظرية يقوم فيها تيار سياسي معيّن قائمة على مقولة استرداد صلاحياتنا بالتحالف مع الأقليات ، ولا أحد يحمينا إلا الأقليات ، ولا يوجد من يعيد إلينا الرئاسة إلا الأقليات.

أنا أعتقد ان رئاسة الجمهورية ليست بحاجة الى صلاحيات، إنما هي بحاجة لرجل محترم لا يستطيع احد الدخول عليه قبل أن “يبكّل زر جاكيتته” وبعد ذلك تصبح الأمور أسهل عليه. ما يُقال اليوم للمسيحيين هو ظلم لهم وظلم للبنانيين وظلم لحريتهم وظلم لاستقلالهم ، وبالتالي لا تتفاجأوا من هذا الكلام، أنا كنت دائما قريبا من أي حركة لها علاقة بالسيادة والإستقلال، فعندنا كانت حركة “فتح” تنادي بالسيادة والإستقلال عن سوريا كنت مع “فتح” وعندما نادت حركة أخرى بالسيادة والإستقلال كنت معها، وعندما نادى الجنرال عون بالسيادة والإستقلال أنا ذهبت اليه، وكان يُقال في ذلك الوقت عني بأني عوني، وأنا كتبت ذلك واستمريت في مناقشته لمدة سنة، ولا مرة انقطعت عن مناقشته وهذا كلام علني ومنشور ولم يحصل بيني وبينه بالسر، ولكن أنا أستطيع القول ان هذه المجموعة السياسية أختارت خط لن يؤدي إلا الى خرابه، لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف أخذ المسيحيين لكي يجعل منهم عنصر تحدي، لأن المسيحيين في الشرق صورة اطمئنان واستقرار ونجاح، المسيحيون حموا اللغة العربية ممكن انهم نسوا هذا الأمر، ولكن نحن لم ننس . أما اليوم فنرى انهم يبحثون عن حماية عند الأقليات لاعتقادهم ان هذا الأمر سهلاً .

إذا قرأنا التاريخ القديم، نجد ان هذا الأمر حاول القيام به في لبنان الرئيس بشيرالجميل ، كذلك حاول المسؤول السوري الرفيع والأقوى رفعت الاسد أيضا القيام به، ولكن الى ماذا أدت هذه المحاولة؟ أدت الى اغتيال رئيس الجمهورية بشير الجميل الذي قرر بعد انتخابه أن يكون لكل لبنان، وادت الى نفي المسؤول السوري رفعت الاسد الى خارج سوريا، وهو حتى الآن لا يزال في المنفى، فهل يعقل اليوم إعادة تكرار هذه التجربة؟ وهل يعقل في ظل ما نراه في العراق من أزمات وفي مصر من أزمات يعاني منها المسيحيون ، أخذ المسيحيين في لبنان الى الصراع بدل أن نأخذهم الى أحسن صورة بكل الأمة؟ كيف يمكن أن يقول للمسيحيين انه يحقق مصالحهم ، هذا غير صحيح، لأنه بذلك يحفر لهم قبرهم السياسي، أيا كانت النتائج وايا كانت المقولات، لا يمكن لهذا القدر من الحقد أن يؤمن صلاحيات لرئاسة الجمهورية، نحن عندما أنجزنا الطائف وتبنيناه ودافعنا عنه، لأن الطائف ميزان دقيق أعطى لكل الناس حقها بالتمام والكمال، ولكن لا أحد يريد قراءته أو تنفيذه. واليوم نسمع الجميع يتحدثون عن تجربتهم بالطائف، وكأنه تجرّب أو نفّذ. أنا عشت في السياسة على الأقل من العام 1990 حتى اليوم، ولم ألحظ في أي يوم من الأيام أي محاولة لتجربة الطائف.

بالأمس قيل ان الرئيس الحريري رحمه الله، كان يبحث عن الثلث المعطّل للحكومات وأنه عندما اختلف مع رئيس الجمهورية في العام 2002 اختلف معه بسبب الثلث المعطّل هذا صحيح، ولكن الرئيس الحريري رحمه الله، كان يبحث عن ثلث معطّل لبناني بوجه أكثرية غير لبنانية في الحكومة. كانت المحطات الأمنية في الحكومة أكثر من الوزراء، لذلك لم يكن يبحث عن ثلث يعطّل فيه أعمال الدولة، ولم يكن يفتش على ثلث ينصف فيه طائفة ، ولم يكن يبحث عن ثلث يعطّل فيه مصالح الناس.

لا يجوز استعمال عبارة “ولا تقربوا الصلاة..” فقط من الآية الكريمة، لأن الكلام الذي يُقال اليوم فيه كفر لدرجة ولا تقربوا الصلاة، ومع ذلك يدّعي كل الطهارة ، كل النبالة، وكل هذه التعابير الكبرى ، لأنه بالنهاية هو يتحدث مع نفسه.

أيضا يُحكى عن الديموقراطية التوافقية، ما هذه الديموقراطية التوافقية التي يتحدثون عنها، هذه الديموقراطية التوافقية ممكن أن تكون في سويسرا حيث هناك خمسة شعوب بخمس لغات، بخمسة أعراق وبخمسة أصول وبخمسة أجناس، لكن نحن شعب واحد ولا يوجد عندنا أعراق وأجناس أو لغات مختلفة.

أيضا يتحدثون عن آلاف الشباب الذين حضروا الى بيروت والذين رفضوا ان يقاتلوا وما شابه، أنا أسأل أين هؤلاء الشباب ومن رآهم؟ أنا لم أرهم ولم أسمع عنهم. ولكن لا يمكن ان تناقش في هذا الموضوع لأن منطقهم دائما مقولة “هون نص الدنيا وإذا ما كنت مصدّق جيب متر وقيّس”.

كل هذا الكلام الذي يُقال المقصود منه ان تفقدوا ثقتكم بكل شيء تؤمنون به، والمطلوب منكم اعتبار ان الدولة كلها ظلم والأمن متخلي والإقتصاد متغيّب والنهب والسرقة هي الحقيقة الوحيدة أمام أعيننا، لكن هذا غير صحيح، فهناك بالإدارة أشخاص من خلاصة الأوادم والجديين والنزيهين والمحترمين، وأيضا يوجد مثلهم في القضاء أيضا.

أنا أقول لمن يشتكي من القضاء أن يدلّني على القضاء في أي دولة من حلفائه ، أنا أتحدى اذا كان واحد منكم يعرف من هو وزير مالية سوريا، ولكني متأكد انكم جميعا تعرفون أسماء المسؤولين الأمنيين السوريين.

نحن لا نقبل إعطاءنا دروس في الإستقلال ولا بالعدالة ولا بالدولة ولا بالإدارة ولا بأي شيء، وبالتالي ما داموا يستطيعون إدارة مئة بلد مثل لبنان، فلماذا عندما ينحشرون يركضوا على سطرين من البيان الوزاري؟ لماذا يريدون الثلث المعطل؟ إذا كانوا يريدونه من اجل سلاح المقاومة، وإذا كان السلاح فعلا للمقاومة أنا من الثلث المعطل، ولكن أن يكون السلاح بمواجهة إسرائيل. ومن قال ان سلاح المقاومة رمزيته لجهة دون أخرى، ومن قال ان إعلان إسرائيل عدو حقا حصريا لجهة دون أخرى، هذا غير صحيح، فنحن قاتلنا وممكن الكثير من الموجودين معنا هنا قاتلوا إسرائيل فعلا بالسلاح.

التاريخ لم يبدأ أمس ولن ينتهي غدا، نحن لم ننكر ولم نقل انه لم يتحقق التحرير عام 2000 ، وكذلك لم ننكر انه حصل صمود عام 2006 نحن أقرينا بهذين الموضوعين ولكن هذا حصل لأن لنا حصة فيهما، وليس لأنهما حقا حصريا لمجموعة من الناس، نحن بصمودنا وبخسائرنا وباستقبالنا للناس وبمحبتنا وباعلاننا السياسي، نحن شركاء ولسنا شهود ، نحن شركاء في كل حركة سياسية سواء بالثلث او بالإدارة أو بالدولة أو بالتضامن. من منا لا يقتنع بأن كل ما تقوم به إسرائيل هو إعتداء وعدوان، ولا أعتقد ان هناك من عنده فكرة أو رغبة أو حتى حلم بأن يقول غير هذا الكلام. إذاً ما دام هذا رأينا فنحن شركاء في القرار، وشركاء في الصمود وفي التحرير وفي كل شيء يحصل على الأرض اللبنانية من خير ومن شر. أما أن يكون الشر لنا والخير لغيرنا فهذا غير منطقي، وهذا المنطق لا يوصل الى نتيجة لأن خلاصة هذا المنطق الظلم.

أنا أريد أن أقول لكم ان هناك طريقة واحدة لحماية كل ما حققتموه ، وأعود وأقول لكم ما حققناه في المحكمة إنتصار كبير يريدون منا أن ننساه، لكن ذلك لن يحصل ، فهذا جهدنا وتعبنا وصوتنا وحقنا، وهذا ثأر جمهور رفيق الحريري وليس ثأر آل الحريري، هو ثأر جمهور رفيق الحريري الذي يضم من كل الطوائف ومن كل الجنسيات حتى.

لكن لكي تحموا كل ما حققتموه، ولحماية فكرتكم وقراركم وحقكم، وقبل كل هذا لحماية حريتكم، هناك طريقة واحدة نعرفها، اما التظاهر السلمي إذا كان هناك ضرورة للتظاهر، أو بالأهم الذي هو حقنا الدستوري المقدس. انه يوم 7 حزيران نأخذ هذه الورقة ونضعها في الصندوق ، من يتخلى عن حقه بوضع هذه الورقة، يكون كمن يعوّد الآخرين بمطالبته التخلي عن أشياء كثيرة وعن حقوق كثيرة.

الافتراع تعبير عن كرامتكم السياسية، وعن قدرتكم بالحرية وعن انكم دائما صامدين وترفضون التخلي عنها، لأنها رمز لكل شيء تفكرون فيه. هذا ليس تصويتا ، انه قرار.

منذ يومين كان رأيي ان هناك انتخابات وانه لا لزوم لكل هذا الكلام الكبير الذي يُقال، هي انتخابات وهي حقنا الذي نمارسه بشكل طبيعي، ولكن بالأمس قلت انها ليست إنتخابات هي معركة الدفاع عن الحريات وعن السيادة وعن الإستقلال، ومعركة دفاع عن التعب الذي تعبناه طوال الأربع سنوات الماضية، ولا يجب إضاعة هذا التعب في 7 حزيران ، لأن فلان زعلان من جاره أو لأنه مختلف معه.

أسئلة وأجوبة

س- لماذا المسيحيين الذين يعتبروا ان دولة لبنان وفكرة الوطن انطلقت من عندهم، لماذا اليوم عندهم مشكلة مع شعاراتنا؟
ج- مشكلتهم مع شعاراتهم وليس مع شعاراتنا.

س- عندهم مشكلة مع شعارات اطلقناها كان يجب أن تكون من صلب المسيحيين؟
ج- ليس من صلب المسيحيين بل من صلب الدولة، هذه الدولة قامت للأسباب التي تفضلت فيها.
أنا لا أنكر ان هناك مشكلة، والدليل ما هو حاصل الآن، هناك قراءتين مختلفتين تماما للمستقبل السياسي للبلد, هناك قراءة تقول باقامة تحالف اقليات للإحتماء. أنا سأتكلم كلبناني وليس كسُني من يفكر بهذه الطريقة أعتقد انه مجنون وعليه أن يتعظ من التجارب التي مرت منذ40 سنة، فإذا قرأ التاريخ سيجد ان ذلك مستحيلا، ولكن هناك من يريد الذهاب الى النار، وأنا علي أن أحذره، ولكن لا أستطيع أن امنعه ، يجب أن نكون كلنا مسؤولين بأن نساعد بشرح فكرتنا، وبشرح قدرتنا وبشرح محبتنا، وبشرح اننا نحن أهل الأمة التي تحتضن كل الناس، نحن لا ننفر من أحد ولا نهرب من أحد، ولا نتخلى عن أحد، هناك مشكلة تتعلق بتفكير معيّن لن أعود اليه، ولكن اعتقد أني في السابق حاضرت هنا في هذا المكان، عن موضوع من يريد تعديل الطائف وعدّدت فيها كل الأطراف، ولكن الواضح انه توجد مشكلة من واجبنا دائماً أن نحذّر منها وأن نشجع كل الناس في داخلها، للخروج الى الرحاب الأوسع بدل من الجلوس في مكان مغلق لا يمكن التنفس فيه.

س- لقد رأينا ما حصل بعد قرار إقالة أو نقل العميد وفيق شقير، فما الذي يمنع أنه كلما اتخذ قرار وبما انهم الأقوى أن يكرروا هذا الأمر إذا كان القرار لا يعجبهم؟ ولماذا تم التوقيع في الدوحة على الثلث المعطّل؟
ج- أولاً قرار نقل العميد شقير كان خطأ لأن أي قراءة بسيطة للمذكرات المتبادلة يُظهر ان هذا الأمر كان من مسؤولية مخابرات الجيش، وليس من مسؤولية جهاز أمن المطار، ولكن لكي يبتعدوا عن المخابرات باعتبار انها هيئة لا يجوز التعرض لها توجهوا نحو رئيس جهاز أمن المطار، ولكن ليس هذا هو الموضوع، صحيح لقد تم الرد على هذا الخطأ بجريمة التي هي النزول بالسلاح ، ولكن أنا أسأل لو نزل هذا السلاح واستمر حتى اليوم بدون التوقيع الذي حصل في الدوحة للثلث المعطّل فما هي قيمة هذا السلاح؟ هو يؤذي نعم، هو يرهب نعم، هو يخرّب نعم، ولكن لا يحقق في النهاية أي شيء لهم أو لنا.

لذلك أنا قلت منذ لبداية نحن ندافع سلما وهذا التوقيع الذي يعتبرونه نتيجة نزول السلاح، أقول الأن لو نزل كل سلاح الدنيا نحن لن نوقّع .

س- كيف سيتم وضع حد لهذا السلاح في مابعد؟
ج- نحن اليوم نقوم ببناء الدولة حجر حجر، وندعم مؤسسات الدولة يوما بيوم، هذا أمر مبكر النقاش حوله، نحن نصر بفكرنا وبعلنيتنا وبتقاليدنا وبعروبتنا ، اننا لا نرى في هذا السلاح إلا السلاح الموجه الى اسرائيل، وعندما يتحول هذا السلاح أكثر من مرة لغير إسرائيل، يصبح سلاحا محتلا ومعتديا على اللبنانيين ولكل حادث حديث.