السمع السياسي العربي: “عملية الغروب”

مقالات 07 أغسطس 2006 0

سنوات طويلة مرت على زيارتي الأخيرة إلى قطر. الأرجح أنها كانت في السنة الأخيرة من حكم الأمير الوالد للحاكم الحالي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
لم تكن الزيارة فرحة إذا صح التعبير إذ إن العاصفة الدائمة للعلاقات السعودية القطرية جعلتني أستغرب الدعوة وتلبية الرئيس الشهيد رفيق الحريري لها. لكنه كعادته، رحمه الله، كان يحب الملفات الشائكة ويعتقد أن باستطاعته فكفكتها بدعم سعودي بالطبع.
لم تجعله الأخبار التي تواردت إلينا عن تمويل قطر لحملة عليه شخصياً، وعلى السعودية، في بعض وسائل الإعلام اللبنانية، لم تجعله هذه الأخبار متردداً بل أصبح أكثر حماسة للعمل على اقتحام هذا الملف.
من المطار إلى الديوان الأميري حيث فوجئنا المعنيين بالعمارة الإسلامية بأن المبنى الذي صممه مكتب إيطالي للهندسة مقره باريس، ونفذه فلسطيني من آل القدومي، هو الأجمل على الإطلاق والأكثر ذوقاً بين المباني الملكية والأميرية التي يعرفها الرئيس الحريري في منطقة الخليج العربي قاطبة.
ظهر ذلك على وجه الرئيس الشهيد منذ اللحظة الأولى لولوجه باب الديوان. لم يكن من السهل عليه الاعتراف بأنه لغير شركته أوجيه ، المعروفة بتنفيذها للقصور الملكية في السعودية، أن تنفذ مثل هذه المباني. لكنه بدأ الحديث مع الأمير الوالد بحضور ولي عهده عن القصر وكلفته ومدة تنفيذه.
بدا الأمير الوالد متواضعاً في حديثه عن القصر، وقال إنه نُفذ على مراحل بسبب كلفته العالية. كان الأمير الحالي يقف مستمعاً الى جانب والده، إنما لا ينظر بعين الرضا الى الحوار.
لم يكن لأحد منا أن يستنتج أننا نشهد الأشهر الأخيرة من الصراع بين الوالد وابنه على كرسي الإمارة، إلا حين جاء وقت العشاء الذي أقيم تكريماً للرئيس الحريري. كان واضحاً من الكلام الذي تبادله ولي العهد آنذاك مع الرئيس الحريري، أنه ضاق ذرعاً بسياسة والده ونظرته الى الأمور. عبّر عن ذلك بطريقة حادة، إنما متقطعة، وليس في سياق واحد.
فرحة عطية الفوضوية
الفرح اللبناني المقيم في الدوحة وزير الطاقة القطري عبد الله عطية. لا تتسع الدنيا لضحكته الفوضوية ابتهاجاً بالوفد اللبناني. أول العرب العائدين إلى مصيفهم. أول المرممين لمنزله في عاليه. أول المستقبلين. آخر المودّعين..
جلست إلى مقعدي على العشاء فإذا بجاري يعبّر بطريقة أقل حدة عن ضرورة رؤية المستقبل بعيني ولي العهد بعد أن تعبت عينا الأمير الوالد من كثرة الماضي. جاري الشاب الصغير كان وزيرا للتربية، وشيخاً من آل ثاني، العائلة الحاكمة في قطر.
لم يتجرأ أحد من الوفد الرسمي اللبناني المرافق للرئيس الحريري على التدخل، ولو شفاهة، في حديث عائلي من هذا النوع إلا في طائرة العودة الى لبنان. أكد كل منا للآخر أننا شهدنا الفصل الأخير من الصراع بين الأمير الوالد وولي عهده.
الغريب في تلك الزيارة أن شريط الود انعقد بين الرئيس الحريري وولي العهد الى حد اعتراف الأخير صراحة بأنهم موّلوا حملة على الرئيس الحريري باعتباره ممثلاً للسياسة السعودية في لبنان.
الأرجح أن ولي العهد وجد في الرئيس الحريري شخصية حديثة مواكبة للعصر، منفتحة دوليا، تشبه ما يطمح إليه حين يتولى الإمارة في ما بعد.
ولا بد من الاعتراف بأنه بصرف النظر عن حجم قطر وعديد سكانها الصغير وعن عدم قدرتها على الإشعاع خارج حدودها، لا بد من الاعتراف بأن الأمير الشاب الحالي استطاع أن يضع إمارته على الخريطة الدولية للعالم. ليس بسبب المخزون الأكبر في العالم من الغاز الطبيعي الموجود في أرض إمارته فقط، بل بسبب إقدامه على خطوات سياسية خلافية مع منطقته ومحيطه لم يكن لأي دولة كبيرة أن تقوم بها.
أُولاها فتح مكتب تمثيلي تجاري لإسرائيل في الدوحة العاصمة القطرية.
ثانيتها الموافقة على وجود أكبر قاعدة عسكرية أميركية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، في الوقت الذي يتقدم فيه المد الإسلامي المعارض للخطوتين السابقتين.
ثالثتها وهي الأهم رغم بساطة فكرتها رعاية إنشاء تلفزيون الجزيرة الذي يبث من قطر، واستعمال ليبراليته وانتشاره ونفوذه في العالم العربي من أجل الدفاع عن السياسة القطرية حين تدعو الحاجة، وليس على الطريقة العربية التي تقول بإلغاء الآخر ما لم يوافق على سياستها. بالطبع، هذه الليبرالية لا تتضمن الداخل القطري عملا بمبدأ الأمن السياسي الذاتي .
حداثة الشيخة موزة
هناك عنصر لا يقل تأثيراً إنسانياً عما سبق في صورة قطر الخارجية، وهو أن الغرب لم يتعوّد على ظهور زوجة حاكم خليجي بمثل الصورة العصرية التي تظهر فيها الشيخة موزة، السيدة الأولى في قطر.
في الشكل تحافظ الشيخة موزة على حشمتها العربية، ولكن باختيار حديث وأنيق ولائق لملابسها وصورتها على درج الإليزيه، في الأشهر الماضية، وهي ترافق زوجها بملابسها البيضاء بما فيها غطاء الرأس المبتكر، لتعطي الغرب فكرة مختلفة عما تعوّدوه من المسؤولين الخليجيين. خريجة جامعة كورنيل الأميركية. المشرفة على مسائل جامعية ومتحفيّة متعددة في دولتها. متحمسة لمشاركة نسائية جدية في الإدارة العامة للبلاد، وحققت خطوات عدة في هذا المجال.
في تلك الزيارة لم يكن وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني نجما سياسيا كما هو اليوم. ربما تدارى من الظهور بمظهر الشريك في القرار تجنبا لنظر الأمير الوالد. لكن السنوات التي تلت تولي الأمير الحالي للحكم، أظهرت بما لا يقبل الشك أن النائب الأول رئيس الوزراء وزير الخارجية كما هو لقبه اليوم، هو المهندس التنفيذي لكل الخطوات السياسية الكبرى التي قامت بها إمارة قطر منذ عشر سنوات حتى الآن. تتعدى مهامه السياسة الخارجية الى الاهتمام بالمسائل الإعلامية والأمنية. في النصف الثاني من التسعينيات رأيته خارجا مساء من منزل الرئيس الحريري في باريس وأنا أجلس في صالون آخر. وإذا بالرئيس الحريري منفعل بعد توديعه. ما القصة؟
جاء وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر يطلب من رئيس الحكومة اللبنانية تسليمه سميّه وقريبه المعارض حمد بن جاسم المقيم في لبنان مقابل 50 مليون دولار يخصصها الرئيس الحريري لأي من الأجهزة الأمنية التي يختارها. لم يوافق الحريري بالطبع. بقي الوزير على هدفه حتى تم اختطاف المعارض حمد بن جاسم آل ثاني بواسطة الأجهزة السورية، وبكلفة أقل بالطبع في ذلك الحين.
تعرفت صدفة الى الشيخ المعارض هذا الصيف في لبنان بعد سجنه لمدة عشر سنوات والإفراج عنه مؤخرا. رويت له رواية العرض الذي قدمه وزير الخارجية. ضحك وقال لي: لو أبلغتني في حينه لكنت سلمت نفسي وقبضت المبلغ.
ليس هذا العرض الوحيد الجريء إذا صحت التسمية الذي يستطيع وزير الخارجية القطري أن يقدمه. فهو لا يتورع عن تبرير سياسة بلاده باستعمال تعابير كبرى لا تعبّر عن حجم المسؤولية التي يتحملها، ولا حجم الدولة التي يمثلها.
لمَ لا؟ ما دام ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن يعتبره واحدا من أكثر وزراء الخارجية خبرة في العالم! حين يقدمه لمحاضرة ألقاها السنة الماضية في مقر المجلس.
يتحدث مجمّع الشخصيات عن التحالف القطري مع الولايات المتحدة الأميركية، فتتخيل أنك تستمع الى المستشار في ألمانيا الاتحادية.
يشجع الانسحاب الإسرائيلي من غزة، ويطلب من الدول العربية أن تجلس جميعها الى طاولة المفاوضات مع إسرائيل لإيجاد رؤية جديدة للعلاقات بين الطرفين. فتعتقد أنك تستمع الى رئيس مصر، الدولة العربية الأكبر.
يدعو الدول العربية الى إزالة الأسباب التي تدعو شعوبها الى الثأر من الحليف الأميركي، فترى في كلامه عراقة الديموقراطية الإنكليزية!
كنت لآخذ الكلام الوارد سابقاً على أنه صادر عن أستاذ جامعي عربي صاحب رأي لا يملك تواضع العلماء، الى أن رأيت وزير الخارجية القطري على شاشة الجزيرة في الأسبوع الماضي.
يهمس في كلامه حتى تجد صعوبة في سماعه. لا ينفعل. يحرّك يديه ببطء. بريء الى حد التساؤل عما يعرفه. صافي اللون والوجه والسريرة. يتحدث كمواطن مسؤول، إذ إنه في إجازة، ولولا تطور الأحداث لما قطع إجازته ليدلي بحديثه المليء بالتساؤلات أكثر مما هو حريص على الإجابات الواضحة.
لا بد من تأمّل في تحوّل الفكر العربي. ما يجري أكبر من حزب الله. ليس هناك من نظرة شاملة تضم سوريا وإيران لأن ما يجري هو جزء من أزمة المنطقة. الحلف القطري الإسرائيلي هو فعل إيمان بعملية السلام .
حتى الآن الكلام عادي. المفاجأة هي استغرابه لاستمرار الضوء العربي الأخضر للعملية العسكرية الإسرائيلية. دول عندها مشاكل مع الكونغرس والرأي العام الأميركي. أخرى مشاكلها تنموية .
هل تقصد مصر والسعودية؟
لا. لا. لن أسمي. أنا في إجازة. ننهي الصراع، ولكن ليس على حساب دماء الشهداء. حان الوقت لاحترام الشارع العربي. هل تكفينا رقصة العرضة للاحتفال بما حدث. من غذّى الفكر الأفغاني المتطرف؟ أولمرت تحدث عن دعم عربي للحسم العسكري وليس أنا. ما الذي يجمعهم مع أولمرت؟ .
كان واضحا أن الوزير القطري أطل على تلفزيون الجزيرة ليقول إن الثلاثي المصري السعودي الأردني، وصفا وليس تسمية، يريد للعملية العسكرية الإسرائيلية أن تُستكمل لنزع سلاح حزب الله.
القصف الثلاثي
لا أعرف عمق النزاع السعودي القطري، ولا أرى مبررا في العلاقات مع مصر والأردن، لاتهامه الدول الثلاث بتشجيعها رئيس الحكومة الإسرائيلية. ولكن هل يمكن للمسؤول القطري أن يغامر الى درجة مثل هذه الاتهامات في الوقت الذي ينفذ فيه الطيران الإسرائيلي 500 طلعة في اليوم لقصف الأراضي اللبنانية؟ هل تحتمل قطر إدانة ثلاث دول عربية بإبقاء مليون نازح لبناني خارج بيوتهم؟ أم ان هناك مصلحة إسرائيلية أميركية بإحداث هذا الانشقاق في الجسم العربي؟ تبقى المغامرة. هل هي عصب النظام القطري. فلمَ التعفف عن مزيد منها؟
لم تنفِ أي من الدول المذكورة، مداورة في حديث المسؤول القطري، ما جاء على لسانه رغم خطورته. إذ إن الإدارة السياسية السعودية تعتمد تجاهل المواقف القطرية في إعلامها وردود أفعالها.
تدرجت السعودية في موقفها من العدوان الإسرائيلي على لبنان بشكل لافت للنظر من دون أن يعني هذا التدرج التخلي عن المضمون الأساسي، إلا في بيان الديوان الملكي الذي تبرعت السعودية بموجبه ب500 مليون دولار لصندوق إعادة إعمار لبنان وبمليار دولار وديعة في البنك المركزي اللبناني لحماية استقرار النقد اللبناني.
اعتبرت السعودية في بيانها الأول على لسان مصدر مسؤول ، أنه حان الوقت لتتحمل العناصر التي تقوم ب مغامرات غير محسوبة وحدها المسؤولية الكاملة عن هذه التصرفات غير المسؤولة.
أكمل وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الكلام في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة، بالقول إن الأوضاع المتردية التي نعاني منها جاءت نتيجة قرارات مرتجلة من دون تفكير في العواقب. وجاءت النتيجة كارثية.
عاد الوزير الفيصل بعد ذلك الى إصدار بيان مكتوب في جدة يدعو فيه المجتمع الدولي لإيقاف العدوان الإسرائيلي، ولمّح في جواب عن دور إيران بالقول إذا كان من تدخل فيجب أن يكون بالخير.
في البيان الأخير لمجلس الوزراء السعودي، تبنٍّ لمواقف الفيصل مع إضافة نافرة تدعو الى التصدي ل التوجه الإيديولوجي الذي يسعى الى تفجير المنطقة ، وإذكاء أسباب الفرقة والانقسام داخل دولها، كما هو حادث في العراق الشقيق، وفلسطين المحتلة، وتجري محاولة تنفيذه في لبنان أيضا.
بيان الديوان الملكي السعودي وحده تجنب الحديث عن حزب الله واعتبر أن الوحشية الإسرائيلية إذا استمرت فإن أحدا لا يمكنه أن يتوقع ما قد يحدث. وعندما يقع المحظور لا يجدي الندم.
لماذا تجنب البيان الملكي ما حرص على قوله المسؤولين السعوديين في الخارجية والأمن الوطني، وآخرهم السفير في واشنطن الأمير تركي الفيصل، حين قال إنها مغامرة طائشة يخوضها حزب الله تحت ستار المقاومة ، منددا بحمق الجيش الإسرائيلي ووحشيته؟
بوش للفيصل: السلام اختصاص رايس
كان واضحا منذ اللحظة الأولى لخروج الأمير سعود الفيصل من الاجتماع مع الرئيس بوش في واشنطن، أن الإدارة الأميركية لا تريد دورا للسعودية في عملية السلام اللبناني، وأنه على السعوديين التزام مراقبة تحركات وزيرة الخارجية الأميركية والاستماع الى تصريحاتها.
لذلك، يبدو الارتباك السعودي مبرراً. إذ كيف تستطيع أن تدافع عن عملية سياسية لا تشارك فيها بعد فشل السياسة الأميركية في العراق وفلسطين. ويُطلب منها أن تتبنى نصوصا لا تتناسب مع سياستها العامة في المنطقة العربية. وإلا فما تفسير التحذير من الانقسام الإيديولوجي في فلسطين التي ينتمي أهلها المسلمين الى مذهب واحد. أم أنه لا بد من العودة الى القول إن حماس منتخبة وليست محتلة للأراضي الفلسطينية، ولا لإرادة الشعب الفلسطيني.
لا شك في أن المشروع الإيراني في الساحة العربية يشكل قلقا جديا في الإدارة السياسية السعودية، ولو أن هذا القلق جاء متأخرا 15 سنة على الأقل. لذلك، فهي تضع حماس في سلة واحدة مع حزب الله و فيلق بدر وما شابهه من تنظيمات عسكرية شيعية في العراق.
الرئيس المصري حسني مبارك يشارك السعودية نقدها للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، لكنه عبّر بطريقة إدارية باردة من مسألة سياسية كبرى، بقوله إن العواطف أو ردود الأفعال السريعة يجب أن تظل محكومة بلغة العقل والمنطق، مغلقا الباب أمام أي دور عسكري مصري بسبب السلام من جهة، وعملية التنمية الداخلية من جهة أخرى.
السلام القاتل للبنان
لم أقرأ حتى الآن دعوة من أحد كي تحارب مصر دفاعا عن لبنان، لذلك لم أفهم الرفض تحت شعار حاجة 73 مليون مصري الى التنمية والخدمات وفرص العمل. وهل السياسة الأميركية في المنطقة، ومنها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، حققت ما يريده الرئيس المصري لشعبه حين كان عدده أقل بعشرين مليونا أو أكثر.
إن خيار الدور المصري السياسي قبل العسكري، هو قرار لا يعتمد التنمية الداخلية سببا لرفضه أو القبول به. وإذا كان من لبناني طامع في رد فعل سلبي مصري دبلوماسي على إسرائيل، فهذا لا يستوجب الرفض الشامل لما لم يطلبه أحد.
إن ما يحدث في لبنان هو جزء من الأمن السياسي العربي، إذ انه نتيجة لسياسة تبنتها مصر والسعودية والأردن قبل أن يتبناها أي بلد عربي آخر. ألا يقولون في مصر الملافظ سعد يا سيادة الرئيس؟
سوريا تفعل العكس. فهي تعرض ما لم يطلبه أحد منذ بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان. إذ يبدو أن أحداً في الإدارة السياسية السورية يريد إدخال بلده الى موسوعة غينيس في بند المبالغات السياسية التي لا فائدة منها إلا الاستعراض واستثارة لبنانيين يحاولون نسيان الدور السلبي للسياسة السورية في لبنان. هذا إذا استطاعوا.
ثلاثة وزراء ل الخارجية والمغتربين والاتصالات، وسفراء سوريا في واشنطن ولندن ونيويورك، لم يتوقفوا طوال 3 أسابيع عن عرض وجهات نظرهم بشأن التفاوض حول لبنان ودماره، إلى أن انتهت المفاوضات مع وزير الخارجية الإسباني بالاستماع الى وجهة نظرهم ونقلها الى من يهمه الأمر في واشنطن.
اليوم، سوف نسمع وزير الخارجية وليد المعلم يقول في مؤتمر وزراء الخارجية العرب المنعقد في بيروت ما لا فائدة من سماعه إلا المزيد من التوتر في العلاقات اللبنانية السورية، إلا إذا تولى الرئيس نبيه بري ربط حزام العفة السياسية على أفكار الوزير المعلم. سيفعل الرئيس بري بالتأكيد، وإن كانت فعالية حزامه لا تستمر لمدة 48 ساعة على التوقيت السوري.
فعل الرئيس الحرّيف ذلك قبلاً مع وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي الذي قبل ورفض وتقدم وتأخر وسعى واستقبل وزير الخارجية الفرنسي، فبدا كأنه يريد حماية حزب الله من اللبنانيين. وإلا فما معنى قوله إن بلاده توافق على ما يُجمع عليه اللبنانيين. ألا يعلم أن هذا التعبير كان كلمة السر السورية طوال 20 عاما حين كان السوريون يريدون إيقاف قرار ما لا يوافقون عليه، فيوعزون الى أحد الرؤساء بالرفض الى حين ذهاب الرئيس الآخر الى دمشق لطلب تسوية حول الموضوع نفسه.
هل يريد الوزير متكي تأكيد الرأي الغربي القائل ان الحكومة اللبنانية عاجزة عن إدارة البلاد سياسيا مع العلم بأن حزب الله يشارك فيها ويستعمل حق الفيتو حين يريد؟
اللبنانيون لا يتمنون لغيرهم أن يحصل ما حصل لهم. لكنهم ببساطة وعفوية لا يريدون مشاركة أحد، لا في شهدائهم ولا في انتصارهم حين يحصل. فلمَ التسرّع في الحصاد قبل أن ينضج الزرع؟
إن متابعة دقيقة للحركة السياسية من المعسكرين: الأول السعودي المصري الأردني، والثاني الإيراني السوري، تُظهر أن الأول يحاول تدارك كارثة لاحظ تجذرها في وقت متأخر جداً، فيجمع في الملامة بين مغامرة غير محسوبة ل حزب الله ووحشية عدوانية إسرائيلية، بينما المعسكر الثاني يصح فيه القول مَن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه .
هل يعني هذا احتمال صحة كلام الوزير القطري الجريء همساً؟
سوء الأسلوب يؤدي الى فهم خاطئ لهدف سليم. غداً، ستوضع النقاط على الحروف في بيان وزراء الخارجية العرب.
ورغم تأكيد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الفكرة التي بحثها مع العاهل السعودي بعقد قمة عربية للبنان في مكة هذا الاسبوع.
حتى ذلك الوقت، يمكن تسمية الدور العربي بعملية الغروب في وجه أمطار الصيف لإسرائيل، و الوعد الصادق ل حزب الله .