“السلطة الرابعة” – انتخابات الرئاسة الاميركية والملف النووي الايراني

مقابلات تلفزيونية 06 نوفمبر 2006 0

س- ثلاثة أيام تفصلنا عن الإنتخابات الأميركية النصفية، وفقا للصحف الأميركية ثمة عنوان عريض في الواشنطن تايمز، الرئيس بوش يقول ان الديموقراطيين تنقصهم الخطط في العراق. وفي عناوين نيويورك تايمز: المرشحون الجمهوريون يحولون تركيزهم من جديد على الإقتصاد، وفي عناوين الواشنطن بوست: إنخفاض البطالة الى نسبة 4,4 بالمئة.
من خلال قراءة هذه العناوين، هل سيغلّب الناخب الأميركي موضوع العراق والإقتصاد على البطالة أم العكس؟
ج- إسمحي لي أولا، أن أضحك على أساس ان الجمهوريين خططهم ناجحة لهذه الدرجة في العراق، حتى يقول بوش الديموقراطيون ينقصهم خطط للنجاح في العراق.

على كل حال، نحن في الشرق نركّز أكثير بكثير على مسألة نتائج الإنتخابات النصفية ، لكن ما قرأته في الأيام الأخيرة خاصة مقابلة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في النيوزويك وأيضا كلام الرئيس بوش في بنسلفانيا، كان واضحا ان هذه الإدارة تتصرّف على أنها دائما رابحة، حتى اللحظة الأخيرة، ليس في العراق فقط، بل في إنتخابات الكونغرس أيضا. لذلك أعتقد هذا الكلام غير دقيق، وما أريد قوله ايضا ان نائب الرئيس الأميركي قال للنيوزويك ان الجمهوريين وفروا ستة ملايين وستماية ألف فرصة عمل ، وكأنه يقول للجمهور الأميركي بأن مجيء الديموقراطيين الى الحكم يعرّض هذه السياسة الإقتصادية والضرائبية.

س- يحتاج الديموقراطيون الى 15 مقعد للسيطرة على مجلس النواب و6 مقاعد ليصبحوا أغلبية في مجلس الشيوخ، وتشير آخر الإستطلاعات الى ان الديموقراطيين يتقدمون على الجمهوريين، لكن هذا التقدّم يبدو انه بدأ يتقلص مع إقتراب موعد الإقتراع، ما السبب أولا، والى مدى الخطأ الذي إرتكبه جون كيري عزز من حظوظ الجمهوريين خصوصا بعد أن إحتل السيناتور باراك أوباما (من أب كيني وأم بيضاء) مكان كيري؟
ج- أنا لا أعتقد ان المشكلة تتعلق بالسيناتور كيري او بالسيناتور الذي حل مكانه، بل المشكلة هي ان الناخب الأميركي يخاف من أن يظهر مدى حجم الهزيمة التي أصيبت بها السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط في المدة الأخيرة، وبالتالي الرغبة في إظهارشخصه على هذه الإدارة وعلى سياستها، تتصاعد وتنخفض بشكل متواتر ودائم ودون توقف. وأذكر انه في الأسبوع الماضي هبطت شعبية الجمهوريين الى 51 بالمئة بعدما كانت 72 بالمئة، خاصة بسياستهم في منطقة الشرق الأوسط.

أما السياسة الإقتصادية فيبدو أنها ليست هي ما يحسم مدى نجاح أو عدم نجاح أي من الحزبيين، لأن السياسة الإقتصادية الحالية يبدو أنها أعطت الوضع الإقتصادي الأميركي مؤشرات تقدّم ونجاح لا بأس بها، وعلى الأرجح سيحقق الديموقراطيون إذا لم نقل نجاحا كاملا، تقدّما جدّيا بوضعهم على الأقل في واحد من المجلسين.

س- جاء في صحيفة الغارديان ان سوريا إستعانت بمكتب محاماة بريطاني بشأن التحقيقات في قضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري، برأيك لماذا إستعانت سوريا بهذا المكتب؟ وكيف تفسّر توقيت نشر هذا المقال؟

ج- طبعا، من باب أولى أن يذهب المتهم للإستعانة بمحامي لكي يدرس معه الأمور، ولكن هذا كلام عام. أولا، هذا الخبر قديم وليس جديدا، الجديد فيه ربما هو نشره، وهذا الخبر أساسه ان سوريا أرادت من خلال مكتب محاماة دولي أن تعرف أصول وشكليات إنشاء المحاكم الدولية، وكيفية الدخول عليها والإعتراض عليها أو الموافقة على بنودها، بحيث لا يوجد في سوريا خبراء في هذا الموضوع، ولا أعتقد ان الأمر يتجاوز هذا التوصيف، ولا معنى آخر له . واللافت فقط هو توقيت النشر وليس توقيت الفعل، لأن ذلك الخبر أعلن عنه منذ فترة طويلة، والآن يعاد نشره.

س- في الملف الإيراني بحسب رأيك المناورات التي قامت بها إيران، الى أي مدى تمثل تحذيرا ربما مبطّنا على قدراتها تعطيل الملاحة البحرية إذا تعرّضت لعقوبات بسبب برنامجها النووي؟
ج- لماذا نتعامل مع الإيرانيين بطريقة مبسّطة جدا، هذا ليس تحذيرا مبطّنا، هذا تحذير علني ، فالولايات المتحدة مع 25 دولة حليفة لها، قامت بمناورات بحرية إنطلاقا من قطر في الخليج العربي، فردّت إيران على هذه المناورات بإجراء مناورات عسكرية مباشرة، وإستعملت فيها صواريخ لها علاقة بإصابة البواخر البحرية. وأعتقد ان واحدا من هذه الصواريخ إستعمل في حرب تموز الماضية في لبنان، وأغرق بارجة إسرائيلية كبيرة قبالة الشاطىء اللبناني، وبالتالي فإن قدرات إيران معروفة، وهم الآن يؤكدون على ما عندهم ، ولا أعتقد أنهم يبطنون شيئا ، هم يعلنون كل شيء. ولا ننسى ان المفاوضات الإيرانية الدولية حول التخصيب النووي الإيراني السلمي بين مزدوجين، عمرها أكثر من سبعة أشهر، وكل شيء معلن ، والإيرانيين لم يغيّروا موقفهم. وأنا أكرر ما قلته سابقا ان مسألة التخصيب النووي عند إيران هي مسألة حياة أو موت، وتتعلق بوضعهم كدولة إقليمية نافذة. وإيران غير مستعدة للتفاوض على هذا الأمر بشكل يلغي أي جزء من أجزاء تنفيذها على الأقل.

س- ما مدى صحة ما ورد في الصحف عن إنقسام داخل إيران بشأن الملف النووي؟
ج- لا أعتقد ان هناك إي إنقسام ، والرسالة التي نُشرت، كان أرسلها قائد الحرس الثوري محسن رضائي الى آية الله الخميني رحمه الله، كانت جزء من الحوار الذي تم في نهاية الحرب العراقية- الإيرانية والتي تم على أساسها إتخاذ قرار بقبول قرار مجلس الأمن رقم 598 لوقف إطلاق النار بين البلدين. وبالتالي لا اعتقد انها جزء من إنقسام داخلي، وهي جزء من إعلان مواقف تبّرر ما حدث في السابق. وللحقيقة أنا لا أوافق على ما جاء في الصحيفة البريطانية حول هذا الموضوع، من حيث الجانب المتعلق بنشر الرسالة التي أرسلها الجنرال رضائي الى الإمام الخميني في ذلك الحين.

س- يبدو ان المواضيع الدولية اليوم حجبتنا عن الملف اللبناني في ظل الإحتقان الداخلي بين الغالبية النيابية والمعارضة، تأتي مبادرة الرئيس بري الى عقد لقاء تشاور ، الى أي مدى يمكن لهذا للقاء أن ينجح؟ وماذا لو فشل لا سمح الله؟
ج- أنا لا أعتقد انه سيفشل، ودعينا نقول ان ميزان القوى في لبنان رغم كل ما يقال يسمح بالفتنة ، لكنه لا يسمح بالإنقلاب، ولا أعتقد ان هناك الكثير من القوى سواء داخل 14 آذار أو في التحالف بين “حزب الله” والتيار الوطني الحر من يريد أن يُسمي على نفسه انه يسعى الى الفتنة. لذلك أنا لا أعتقد ان أيا من القوى التي ستجلس الى طاولة الحوار بعد غد الإثنين ستسمح لنفسها أن يُسجل في تاريخها إنها سعت نحو الفتنة.

هذا لا يعني ان هناك حلا، وأن بعد غد سنجد الأمور محلولة أمامنا، ولكن هذا يعني انه لا بد من إيجاد مخرج لتمديد التشاور والتساهل مع بعضهم البعض، بإنتظار تطوّر ما يحصل ، وعلى الأرجح أن يكون هذا التطوّر هو ان تتبنى السعودية علنا، وهي لم تفعل حتى الآن، وهي القوة العربية الوحيدة القادرة على الحوار مع كل الأطراف اللبنانية ، والقوة العربية الوحيدة القادرة على إقناع بعض القوى اللبنانية للقيام بدور لتقريب وجهات النظر في ما بينهم، خاصة وان السعودية أعلنت وتعلن دائما عن رغبتها، وعن حرصها وعن موقف الملك عبدالله لاستمرار الإستقرار في لبنان، والحرص على الوضع المستتب والأمن المستتب الذي يعيشه اللبنانيون.