“السلاح الفلسطيني ليس له من مبرر…”

قالـوا عنه 28 أبريل 2014 0

حضرت زيارة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الى عاصمة الجنوب، صيدا، الثلاثاء الماضي، وترؤسه، في مكتب المحافظ نقولا بوضاهر، اجتماع مجلس الأمن الفرعي هناك، حضرت بقوة لافتة لدى العديد من القيادات والمرجعيات اللبنانية والفلسطينية، في المدينة ومخيم عين الحلوة، وجوارهما… وذلك بالنظر الى أهمية الزيارة وتوقيتها، والموضوعات التي بحثت والتعليمات التي أعطيت بهدف تجنيب الجنوب أية اشكاليات أمنية جديدة، لاسيما بعد حوادث عبرا، وما يشهده مخيم عين الحلوة من توترات حتمت ان يلغي الوزير المشنوق مواكبته الميدانية لاجراءات “خطة اغاثة” بلدة الطفيل، ويذهب الى الجنوب…

يتفق الجميع على ان الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، بات مقلقاً لسكان المخيم ولسائر الجوار، ومسلسل التوترات الأمنية لم ينقطع ولا اجراءات كافية، نظراً لخصوصية المخيمات الفلسطينية على وجه العموم… وعين الحلوة على وجه الخصوص الذي شهد في الآونة الأخيرة سلسلة عمليات اغتيال، وظهوراً مسلحاً لافتاً، من قبل “إسلاميين متشددين”.

لم يكن الوزير المشنوق بعيداً عن الصورة، وهو يتلقى تقارير يومية، واتصالات من قيادات أمنية في المخيم، تؤكد ان سياسة “الأمن بالتراضي” لم تعد مقبولة، ولم يعد أحد قادراً على تحملها… وهو من قبل ان يتوجه الى صيدا، حرص وزير الداخلية على ان يطلع وبالتفاصيل الدقيقة على مجريات الوضع من هناك، التي خلصت الى “وجوب دعم القوة الأمنية المشتركة في المخيم لتتولى زمام الأمن ووقف عمليات الاغتيال وتمتين أواصر المبادرة الفلسطينية للنأي بالمخيم عن كل ما يمت او يرتبط بما يجري في سوريا…”؟!

ليس من شك في ان الوزير المشنوق، حقق في مدة زمنية قصيرة جداً، لم تتجاوز الشهر، العديد من الانجازات البالغة الأهمية على مستوى الأمن الوطني، ابتداءً من الخطة الأمنية في طرابلس والشمال، التي يتفق الجميع على أنها أدت الى اخراج طرابلس من نفق التوترات والاشكالات والاشتباكات المسلحة، ليس على المحاور التقليدية بين التبانة وجبل محسن فحسب، بل على مستوى الاحياء بكاملها، ووضعت لها أسس العودة الى الحياة الطبيعية، بالتنسيق الكامل بين الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلي، في بادرة هي الأولى من نوعها… وصولاً الى الخطة الأمنية في البقاع، التي لم تكن أقل أهمية، وحققت انجازات على أرض الواقع، أدت الى نزع فتيل التفجيرات المتنقلة التي استهدفت حواجز الجيش اللبناني، والعديد من البلدات والقرى البقاعية، وفتحت باب عودة الدولة الى دورها على نحو لافت ومرحب به كما أدت الى قطع الطريق أمام نقل الأحداث السورية الى الداخل اللبناني، والزج بالعديد من البلدات في مشروع الفتنة المذهبية…

لم يأت الوزير المشنوق من صيدا فارغ اليدين… فالاجتماع الأمني الذي حضره القادة الأمنيون والعسكريون، إضافة الى المدعي العام الاستئنافي في صيدا القاضي سميح الحاج، أسفر عن جملة توجهات بالغة الأهمية… إلا ان القلق مما يجري داخل عين الحلوة، تحديداً، لاسيما بعد سلسلة الاغتيالات الأخيرة، مايزال يشكل عاملاً ضاغطاً، لم يكن من الممكن لوزير الداخلية ان يتجاهل تداعياته على المنطقة بكاملها، التي دخلت السيناريوات الأمنية – الفتنوية من الباب الواسع، خصوصاً ان السلاح المنتشر داخل وخارج المخيم، خرج عن كل معقول، وبات خارج السيطرة الفعلية…

لم يكن من المستغرب ان يسأل وزير الداخلية عن السلاح الفلسطيني، خارج وداخل المخيمات، وما اذا كان لدى الحكومة اللبنانية توجه ما لاعادة احياء القرار الدولي رقم 1559 ببنده المتعلق بالسلاح الفلسطيي، والذي ينص على “نزع السلاح خارج المخيمات وضبطه في داخلها…”.

في القراءة المبدئية للوزير المشنوق “فإن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها ليس له مبرر، و هو لم يقدم للفلسطينيين أي فائدة او حماية، بل على العكس من ذلك، فقد استطاع هذا السلاح تأزيم الوضع داخل المخيمات، وأدى الى اشتباكات بين الفلسطينيين…” وسقوط قتلى وجرحى ناهيك بالاضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمخيمات وساكنيها… ومع ذلك، فإن المشنوق لم تأخذه المثالية بعيداً، ولم يستسهل التعامل مع هذه المسألة من باب تسجيل المواقف، فأكد “ان سحب السلاح (كما تنظيمه) يحتاج الى تفاهمات سياسية غير متوافرة الآن… وهو لا يعتقد بأن هذه الحكومة قادرة على القيام بهذه المهمة…” لأسباب كثيرة، لعل من بينها الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها لبنان والانقسامات العمودية الحادة، وتأثير الاحداث السورية والاوضاع العربية عموماً… لكن الوزير المشنوق لم يقطع الأمل، ففي رأيه أنه “ربما في الحكومة المقبلة (بعد انجاز الانتخابات الرئاسية) يكون هذا الأمر من اولويات جدول الأعمال…”.

لقد توقفت جهات قيادية فلسطينية طويلاً أمام هذا الكلام ورأت فيه واقعية مسؤولية وعقلانية واضحة تتجنب الوقوع في فخ الانجازات المغامراتية، وأكدت لـ”الشرق” ان سكان المخيمات باتوا أكثر ضيقاً من فلتان الأمن وتتابع التوترات والتسيب الحاصل، لكن هؤلاء لم يترددوا في ابداء تفهمهم، مع التأكيد على شبه اجماع لدى المنظمات المعروفة لتوفير كامل الدعم والتنسيق التام وتوفير نجاح الخطة الأمنية المطلوبة في الجنوب، كما في بيروت… من دون ان يغفل هؤلاء القول ان ما يحصل هو نتيجة ولا بد من العمل على ازالة الأسباب، التي من بينها ما اتفق على تسميته بـ”الحقوق المدنية – الاجتماعية – الانسانية” التي أقرت في قانون العمل اللبناني “الذي لا يعلم الفلسطينيون كيفية تفسيره واللبنانيون لا يعلمون كيفية تطبيقه…” على ما قال الوزير المشنوق…