الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن: لن نستسلم ولو بقي واحدٌ منا يقاوم

كلمات 16 أكتوبر 2015 0

 

فخامة الرئيس ، دولة الرئيس، آنا، مازن، مجد،
عائلة الشهيد أحمد صهيوني،
السيدات والسادة،
أولا وأخيراً كما دائماً عمّي أبو حيدر،

سنة ثالثة بلا وسام الحسن . يعني سنة ثالثة صراحة أقل .
نعم أعترف أنك يا أبا حيدر  الأشجع في سؤالك الذي لم يستكن عمن  قتل  وسام الحسن . لكن السؤال  بحد ذاته جواب لكل من يسمع ،  كيف يصير الوطن مقصلة  والوطنية تهمة توجب حكم الاعدام .  ما اسهل الكلام وما أصعب الصمت .
لك جرأة السؤال الدائم ولنا ان ننكسر على ضعفنا أمامك . نعرف وتعرف أننا نعرف . ونعرف أنك تعرف أننا نعرف .
لم يستقل القاتل  المجهول المعلوم من لعبة الانتقام من كل عناوين النجاح التي كان وسام الحسن جزءاً منها منذ أن بدأ ضابطاً صغيراً الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولا الى الاشتباك اليومي مع قتلته ، بالعقل والإرادة والمثابرة .
لكننا لن نستسلم ولو بقي واحدٌ منا يقاوم . وهناك الكثير من رفاقك  في المعلومات التي يقوى عصب كفاءتها بضباطها وأفرادها وصباياها الذين يثبتون كل يوم أنهم  قادرون على درب ما أسّست وبنيت مع لواء الصمود والتصدي العزيز اشرف ريفي.
وهناك الأكثر من جمهور الشهيد رفيق الحريري ، الممسكين برمزية “وجه السعد”  في وطنيته وعروبته ،  يحملون معه  “جمرة” المسؤولية لكنهم لم ولن يستسلموا مهما جارت عليهم الواقعية السياسية .
ليس هذا تبرعاً لك يا وسام. بل اعترافٌ  أنك الأول في كشف شبكات التجسس الاسرائيلية في لبنان وسوريا وفي  داخل حزب الله نفسه . ولأنك الأول في مواجهة الارهاب . ولأنك الأول في ضرب مخطط سماحة-المملوك . ولأنك الأول في كشف هوية قتلة الشهيد رفيق الحريري ورفاقه . ولأنك الأول في مسؤوليتك الوطنية دون انحياز .
لهذا كله  شطبوك من المعادلة اغتيالاً لأنهم  في بنيانهم الأساسي هاربين  من الوطنية . رافضين للعدل.  متنكرين  للعروبة . يخجلون من الكفاءة .
لكنني من على منبر ذكراك يا وسام أقول لكل القتلة  نحن لكم بالمرصاد والعدالة بانتظاركم مهما ابتعدتم  أو اقتربتم.
الآن  جاء  دور الاغتيال المعنوي للدولة  ورموزها  ماضياً  وحاضراً .
وأبدأ هنا  بالحديث  عن الحراك الشعبي “المدني السلمي” .
أقول بكل صراحة، إن عناوين الحراك المدني هي عناوين كل اللبنانيين، إلّا  إذا  أراد  لنا البعض أن نصدق أن الانقسام هو بين من يرغب في العيش في ظل أكوام النفايات ومن لا يرغب في ذلك.
هذه العناوين هي عناوين حق للمواطنين بصرف النظر عن إنتماءاتهم، والتعبير عن المظالم بشأنها حق مشروع وليس منّة من أحد بل هو مسؤولية وطنية وسياسية وإجتماعية.
هذا الكلام ليس للتهرب من أي مسؤولية لا سيما أنني أخذت على عاتقي الخوض في ملف ليس من صلاحياتي  هو ملف إيجاد خطة لمعالجة النفايات معاوناً الصديق أكرم شهيّب  بالإضافة الى شخصيات عاقلة من المجتمع المدني والخبراء  البيئيين، ووصلنا الى خطة يفترض متكاملة وبمواصفات أفضل بكثير مما كان سائداً وجزء من الفضل في ذلك يعود للحراك.
السؤال اليوم هو من يعطّل هذه الخطة. ببساطة شديدة هذه الخطة تحتاج الى مراسيم والمراسيم تحتاج الى تواقيع والتواقيع تحتاج الى إجتماع مجلس الوزراء المطلوب منه ان يوقع مجتمعاً بالوكالة عن رئيس الجمهورية. وبالتالي الجميع مدعو للسؤال عن الجهة التي تمنع إنعقاد مجلس الوزراء وتأخذ  المؤسّسات الدستورية رهينة للصراع السياسي.
أمّا التعميم المطلق ورفض الحلول والقنص على التسويات فهو بكل صراحة كلام حق يراد به باطل.
ليسمعوني جيداً كما سمعوا من قبل اللواء بصبوص، أنني من موقعي الوزاري لن اتراجع عن أي  إلتزام يتصل بحماية حق  التعبير السلمي   ولكنني  ألتزم دون تردّد مسؤوليتي في مواجهة الفوضى ومنعها بحزم  وبكل الادوات القانونية المتاحة.
إن بعض الحراك، أو بعض المستثمرين فيه يستكملون عبر اوجاع الناس مشروعهم الدائم والقاضي بتشويه كل ما أنتجته تجربة الرئيس الشهيد، وهذا امر سنواجهه بكل ما اوتينا من عزم ووطنية لأننا ببساطة نعتبر أن شطب إرث رفيق الحريري هو شطب للنمو والحداثة والازدهار والاستقلال والدستور والمؤسسات حتى  لا أقول محاولة لشطب الوطن.
صحيح ما في حدا أكبر من  بلدو  بس في حدا قد بلدو ع التمام ورفيق الحريري رجل بحجم وطن وبحجم بلاد وشطبه هو شطب للدولة الحديثة.
هذا ما لن نسمح به مهما كانت التضحيات  ولا يراهن أحد على صبرنا بعد الآن .
ثانياً : في الوضع الحكومي
لقد دخلنا الى هذه الحكومة، ودم شهيد آخر على الارض هو الوزير الشهيد محمد شطح، اعقلنا واوعانا واكثرنا رغبة في التسوية واكثرنا تحليلا عقليا ومنطقيا لاصعب ما في السياسة من الغاز.
دخلنا على قاعدة ربط النزاع مع حزب الله، وعلى قاعدة أن عناوين الإشتباك الكبرى، من مصير السلاح الى القتال في سوريا دفاعا عن نظام قاتل، هي عناوين مجمّدة. لا يستطيع حزب الله فرضها على البلد ولا نستطيع منعه من الذهاب بها وحيداً خارج قرار المؤسسات والدولة. كان القرار ان هناك ملفات عالقة تهم الناس والمواطنين ينبغي معالجتها حرصاً على ما بقي من هيكل للدولة وللمؤسسات ولشروط العيش في بقية هذا الوطن.
وها هي الحصيلة أمامكم. لا المؤسسات تعمل ولا الأمن مصان خاصة في البقاع  ولا  الخدمات تُقَدَم للمواطنين
أجلنا المواضيع الكبيرة علنا ننجح في متابعة المواضيع الصغيرة وإذ بنا نعود الى المربع الاول، مربع التعطيل وخطف المؤسسات ورهن الدستور للاجندات الشخصية ومغامرات الحاق لبنان بكل ما يناقض مصالحه وهويته وعروبته.
لا أقول هذا الكلام رغبة في أي تصعيد مجاني، أو استعراض سقف عالٍ، في وقت لم يتبق فيه سقف فوق الوطن سوى سقف الامنيات آن يظل العالم في الخارج متفق على الاستقرار.
لكن اقول ومن موقعي كوزير في هذه الحكومة ومن موقع الانتماء السياسي، لن يقبل الرئيس سعد الحريري  ولن  نقبل  معه بأن يتحول ربط النزاع الى ربط للوطنية وربط للضمير وربط للالسن عن قول الحق والحقيقة.
إسمحوا لي أن أدعي أمامكم أنني من أكثر الوزراء الذين راهنوا بصدق وربما بسذاجة على نجاح هذه الحكومة، ولم اترك باباً إلّا طرقته ولم اترك لقاء الا عقدته ولا اتصالا الا اجريته بغية العبور الى إنجاز أمني يرمم ثقة اللبنانيين ببعضهم البعض وبوطنهم وبدولتهم.
قبل عام وقفت هنا وقلت  مش ماشي الحال  ،  مطالباً حزب الله برفع وصايته عن الفلتان الأمني في البقاع لصالح خطة  تعطي أهلنا في البقاع الأمن والأمان .
ماذا كانت النتيجة؟ ها هي الخطة الأمنية في البقاع، لا تزال حبراً على ورق ووعوداً في الفضاء وكلاماً معسولاً عن رفع الغطاء السياسي. وما قلته عن مربعات الموت والفلتان الامني يتظاهر من جرّائه  أهل بعلبك الذين ضاقوا ذرعاً  بالزعران والسلاح غير الشرعي وأمراء الزواريب وعناتر الاحياء.
في الذكرى الثانية لإستشهاد وسام الحسن قلت إننا لن نكون صحوات في خدمة اي مشروع او جهة، واقول اليوم إن التعامل السياسي مع الخطة الامنية هو محاولة لن تمر لتحويلنا الى صحوات وتكريس قاعدة أن هناك ناس بسمنة وناس بزيت او اولاد ست واولاد جارية!
لأ .  مش  ماشي  الحال
ربما ظن من يظن أنه يستنزف رصيد نهاد المشنوق ورصيد التيار الذي يمثلّه في الحكومة،  بإظهاره أمام جمهوره واهله وبيئته ، مستقوياً عليهم وعاجزاً أمام خصومهم.
برافو. عظيم .
لكن النتيجة الحقيقية الوحيدة لهذا العقل الشاذ فهي استنزاف الوطن وشروط العيش الواحد المشترك فيه ودفع الناس الى خيارات التطرّف فقط لا غير.
لذلك انني أعلن من على منبر الشهداء أن بقاء الوضع على ما هو عليه هو الخطوة الأولى  نحو الخروج من الحكومة التي اردناها ربطاً للنزاع وأرادوها ربطاً للوطنية والضمائر، وخطوة أولى أيضاً للخروج من  الحوار  الذي أردناه صوناً  لسلم الأهلي ، فإذا  بنا  نتحوّل إلى  شهود  زور على  حساب  مسؤولياتنا  الوطنية .
ليكن معلوماً، لقد أخطأتم العنوان ككل مرة، فليس جمهور رفيق الحريري وليس عصب سعد الحريري  من يُربَطَ ضميره ووطنيته وإرادته.
ثالثاً :
“في شي دارج اليوم بالبلد” إسمه الرئيس القوي، على إعتبار أن المطالبة بهذا الرئيس هو حق مكتسب ومجرد معاملة بالمثل كبقية الطوائف التي تختار الاقوى فيها، وهذا محض اختلاق وافتراء.
لو أن الأقوى في طائفته هو من يتبوأ المنصب الموكل للطائفة لما كان كثير من الرؤساء في  مواقعهم سابقاً وحالياً  وبالطبع لاحقاً .
وأنا لست ممن يخفون إنحيازهم للقيمة الوطنية التي يمثلها الرئيسان نبيه برّي وتمّام  سلام وتحديداً لعروبة الرئيس  بري. لكن قوتهما لا تنبع من أنهما الاقوى في طائفتيهما بل من قبول  الطوائف الأخرى لهما .
أبْوَاب النظام اللبناني يا دولة الرئيس الصديق العماد ميشال عون ما بتفتح بمنطق “الكسر والخلع” مع انها اللغة السائدة بكل العناوين.  آخر هذه العناوين المضي بإعتقال مجلس الوزراء وتعطيله بعدم الحضور قبل تعيين قائد جديد للجيش. نعم يجب تعيين قائد جديد للجيش. ولكن أولاً يجب إنتخاب رئيس للجمهورية نعيد من خلال انتخابه إنتظام المؤسسات وإنتظام الدولة فتصبح كل التعيينات تحصيلاً حاصلاً. وحتى يقتنع من يقتنع بالإفراج عن نصاب جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، بغير منطق الكسر والخلع، سنبقى على ثقتنا بالأداء الوطني المشرف لقائد الجيش العماد جان قهوجي  وباللواء إبراهيم بصبوص الناسك في  مهامه ونزاهته ووطنيته  حتى اللحظة الأخيرة من ولايتهما.
تحية ثقة كبيرة بحجم الوطن للجيش وللقوى الامنية .
رابعاً ،
نسمع كلاماً في لبنان في مناسبات يفترض أنها للحض على الايمان والتقوى والورع، فنجد أن  نغمة التخوين تزدهر بعد ان ظننّا ان المنطق وجد طريقه الى بعض النفوس المتوترة.   وعادت نغمة اخراج لبنان من عروبته وعمقه الاستراتيجي الحقيقي عبر الالتحاق بحملات تطال المملكة العربية السعودية آخرها الحملات من باب حادثة الحج، بلغة هي اشبه بإعلان حرب خطابية، بالوكالة عن إيران.
من غرائب ما سمعته بهذا الخصوص تشبيه ما حصل في مناسك الحج  بحادثة كربلاء، وهي مبالغة وكيدية تسيء لمعنى وقيمة شهادة الإمام الحسين “رضي الله عنه”  قبل الاساءة لأي طرف او جهة او دولة. والأغرب ان هذه الحملات تجد من يناقضها في إيران نفسها ومن كبار اهل الحكومة والنظام هناك.
وهذه مناسبة لتقديم واجب العزاء لكل أهالي الشهداء الأبرار الذين قضوا في مكة المكرّمة .
ان هذه الحملات لا تخدم من تظن انها تخدمهم ونتيجتها الوحيدة نزيف يصيب خزان الصبر العربي على لبنان وخزان الانحياز العربي لهذا البلد ومشاكله الكثيرة ومتطلباته . إن كل هذا الضجيج الفارسي المدبلج الى العربية لن يعيد عقارب الصحوة العربية الى الوراء في اليمن اليوم وفي سوريا بموازاته وبعده.
لم يعد هناك مجال للالتباس وإختلاط الامور. فالحلال بيّن والحرام بيّن كما يقال. وحلال لبنان هو في عروبته التي لا تتحقق بالإساءة الى العرب وأمنهم القومي وأمن مجتمعاتهم وسلامة شعوبهم كما ظهر في خليّة الكويت وخليّة البحرين حيث عشرات الأطنان من المتفجرات والأسلحة للتخريب.
خلية الكويت أكان صلة البعض بها صلة عملية من باب التدريب ام سياسية من باب التأييد، هي اعتداء على لبنان قبل الكويت ومثلها خلية البحرين ومثلها الصراخ بحق مملكة الحزم، المملكة العربية السعودية.
بإختصار  لن ينكسر السيف السعودي طالما أن نصله عربي . عربي . عربي .
أخيراً ،
أصعب الأمور على الذين يريدون حفظ انسانيتهم وكرامتهم هو الصبر على الشدائد .  لقد فقدنا الرئيس رفيق الحريري وعشرات الشهداء الآخرين . لكن هذا ليس قدراً وإلغاء العروبة ليس قدراً أيضاً
التطرّف  يستولد التطرّف المقابل .
لكننا سنظلّ على اعتدالنا وصمودنا .
أول شروط الصمود هو تقدير شهادة الشهداء وعدم  التنكّر لما ماتوا من أجله .
شهداؤنا حياة لنا . وبقدر ما تبقى الشهادة في ضمائرنا يبقى لبنان وعيشه الواحد والحياة الحرة التي يسعى من أجلها شبابنا .
لبنان في خطر وأنا أعني ما اقول وكل ما يطلبه منا شعبنا أن نتواضع وأن نكفّ عن الأوهام أن لبنان هو مركز صراعات العالم أو أننا قادرون على تقرير مصائر المنطقة ورسم خرائطها .
من لا يتّعظ ، أذكّره بفاجعة عائلة صفوان التي قرأنا عنها اليوم غرق ثمانية منها بالأمس في “مقبرة البحر” بحثاً عن حياة  أفضل . هل هناك من دعوة أقسى الى التواضع من هذه العائلة ؟ رحمهم الله وأهدانا جميعاً حسن السبيل .
لم يترك لي الوزير مران حمادة شيء لاقوله لدولة الرئيس سعد الحريري، فأنا باسم كل الحاضرين ان اتبنى الدعوة التي تحدث عنها الاستاذ مروان للرئيس الحريري.

عشتم  ، عاشت قوى الأمن الداخلي،  عاش لبنان
.