” الدور السعودي والنظام الاقليمي الجديد ” التحديات الأربعة، مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية

محاضرات 12 فبراير 2014 0

تلعب السعودية المستقّرة والنافذة دوراً اقليمياً ودولياً مهماً. وتعمل على مواجهة عناوين العديد من الملفات الدولية، والشؤون الداخلية، باعتبارها شريكاً موثوقاً في الخارج دون ان تغفل عينها عن الامن الداخلي لنظامها.
من أين تأتي هذه الثقة بالسعودية ؟
هناك العديد من الاسباب اولها أن السعودية مهد الاسلام، الدين البالغ عدد أتباعه مليار ومائتي مليون انسان. تشكل السعودية 20 بالمئة من الدخل القومي لدى الشرق الاوسط وشمال افريقيا ” MENA ” وربع الدخل القومي للدول العربية بحسب آخر ارقام صندوق النقد الدولي. وهي عضو في مجموعة العشرين الدولية الاولى اقتصادياً في العالم.
البورصة السعودية تمثل اكثر من 50 بالمئة من تداول بورصات ” MENA ” وهناك خمس شركات سعودية من اصل عشر شركات في هذه المنطقة على رأسها ” ارامكو ” المنتجة للنفط و”سابك” التي تعمل في مجال المشتقات النفطية.
السعودية هي الدولة الثالثة في العالم من حيث احتياطها النقدي البالغ 850 مليار دولار، بينما الثروات الشخصية تزيد عن خمسمائة مليار دولار.
واخيراً وليس آخراً السعودية الدولة الاولى في العالم في مجال تصدير النفط، والمتقدمة بأشواط بعيدة في مجال البنية التحتية لانتاج النفط، القادرة على تصدير 12.5 مليون برميل يومياً، فضلاً عن احتياطي في القدرة على انتاج 2.500.000 برميل يومياً اضافياً.
بفضل هذه الارقام المذهلة، السعودية شبه جزيرة وليست جزيرة.
تنظر الى تحديات الدول المجاورة ماسكة بيدها حقيقتين لا تتغيران التاريخ والجغرافيا. ما حدث بالامس لا يتغير اليوم، جيرانها هم أنفسهم ” علينا التعامل معهم كما يتعاملون معنا “.

النص السابق مقتبس من محاضرة القاها في واشنطن في تشرين الاول الماضي الامير تركي الفيصل السفير السعودي السابق في لندن وواشنطن ورئيس المخابرات السعودية الاسبق.
رغم ذلك ، لم أقرأ باللغة الانكليزية منذ العام 2005 حين تسلّم الامير عبدالله بن عبد العزيز الحكم في بلاده خليفة لأخيه الملك فهد، الا مقالات ودراسات تتحدث عن المخاطر التي يعيشها الحكم في السعودية.

توفيّ وليّا العهد ” الاميران سلطان ونايف ” في بلدٍ يحكمه رجل تجاوز التسعين من العمر، وسميّ الامير سلمان الثمانيني ولياً العهد. وغداً بعد عمر طويل عندما يرحل الملك الحالي وهو الخامس بعد المؤسس الملك عبد العزيز سيصبح ولي العهد ملكاً، وسيسمّي ولياً للعهد بسلاسة لا يتوقعها احد.

هذا يعود الى ان التركيبة العائلية الحاكمة في السعودية تعتمد تقاليد واعراف وحتى نظم شكلية دستورية مثل هيئة البيعة، لا يستطيع أحد تجاوزها مهما بلغ حجم التوقعات المغايرة لهذه المفاهيم.

الصفتان الأخريان الدارجتان في الصحافة الاجنبية عن السعودية هما أولاً عجز النظام بسبب كبر سن قياداته، وثانياً أن هناك مواقع عدة للقرار تتناحر فيما بينهما.
هذا النظام “العجوز” يخوض حرباً سياسية وعسكرية على جبهات ست، هي :
أولاً : استعادة مصر الى الصف العربي، وقد تحقق الجزء الاول بتخليصها من الاخوان المسلمين بمبادرة من الامارات العربية وباندفاع قوي سعودي مالياً وسياسياً. فالقيادة السعودية تعلم تمام العلم ان التوازن العربي لا يتحقق دون الدور المصري الفاعل.

ثانياً : ادارة الوضع في اليمن مهما تدهور باعتباره جبهة مفتوحة للمواجهة مع الحوثيين التابعين للسياسة الايرانية.

ثالثاً : ضمان استقرار النظام البحريني بتدخل عسكري مباشر يضع حداً للامتداد الايراني الذي يتستر بمطالب الشيعة البحرينيين.

رابعاً : دعم الثورة السورية العاملة على الخلاص من نظام ديكتاتوري. ودعم القوى المعتدلة من المقاتلين المعارضين في وجه التيارات التكفيرية مثل داعش من جهة والنصرة من جهة أخرى مما أدى الى توتر حاد في العلاقات وان كان غير علني بين السعودية وبين قطر.

خامساً : الامساك بخيوط العلاقات الاقتصادية والسياسية كاملة مع فرنسا دعماً لموقفها المغاير للموقف الاميركي من الوضع السوري.

سادساً: اعلان التحفظ ان لم يكن الرفض للسياسة الاميركية ” بمفاجأة ” التفاوض مع ايران حول ” النووي “. وعلى عكس كل الافتراضات التي قالت بعدم حاجة الادارة الاميركية الى السياق الاستراتيجي للعلاقة بين البلدين، عملت الادارة الاميركية على استرضاء السعوديين منذ اللحظة الاولى لرفضهم مقعداً في مجلس الامن الدولي وتكررت زيارات وزير الخارجية الاميركي الى جدة والرياض دون ان تثمر. حتى قرر الرئيس الاميركي اوباما ان يقوم بنفسه بزيارة السعودية خلال الشهر المقبل لاعطاء ضمانات واضحة ومحددة حول الدور لاقليمي لايران والسياسة الاميركية في سوريا والتصور الاميركي لمسار تسوية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي.
اذا كان النظام ” عجوزاً ” ويواجه على كل هذه الجبهات فماذا لو كان شاباً ؟؟

اما بشأن تعدّد مراكز القرار فهذه اوهام يعرف حقيقتها زائر السعودية وليس المقيم فيها فقط.
هناك مركزية للديوان الملكي في كل القرارات عندما يقرر الملك على الجميع التنفيذ دون تردّد او مراجعة. هذا لا يمنع تعدّد الآراء في المحيط الاقرب للملك لكن القرار له وحده دون غيره.

الملك الحالي هو الاكثر شعبية داخل بلاده بسبب طبيعته الابوية ، بعد الملك فهد الاكثر اندفاعاً نحو التنفيذ سواء في العمران او في المبادرات السياسية، والملك خالد الذي اكتفى بهدوء اطباعه تاركاً مواجهة العواصف لولي عهده، والملك فيصل الاكثر انضباطاً واحتراماً، والملك سعود الاقل خبرة في المتغيرات الدولية، والاكثر جموحاً، في وقت كان فيه المحافظون المتشددون هم الاقوى في الدولة الجديدة آنذاك.

هذا في المجال الايجابي. اما في المجال السلبي فهناك أمران اساسيان :
الاول ان السعودية لا تملك جيشاً يعادل من حيث قدرته البشرية والتقنية ما يعادل الدور الاقليمي الذي تسعى اليه او يسعى اليها.
الامر الثاني الاجتماعي، ان هناك نسبة عالية من البطالة تتجاوز العشرين بالمئة لاسباب كثيرة لا مجال لعدّها الآن.
أعلم ان ما سبق من قول لا يرتبط عضوياً بعنوان المحاضرة، لكنني أردت ان أبدأ كلامي من القاعدة الداخلية للدور الاقليمي قبل ان انتقل الى المتغيرات الخارجية.

في العنوان المقترح لهذه المحاضرة، تبرز عدة توقعات عما ينبغي قوله. ولذلك لا بد من بعض الملاحظات قبل الدخول في موضوع الدور السعودي.
في البداية يفترض العنوان ان هناك مساعي جادة لاقامة نظام اقليمي جديد، ونحن نعرف معنى الانظمة الاقليمية التي تتفرع عن النظام الدولي او تنتظم فيه. ومن ناحية ثانية لست ارى منذ غزو العراق عام 2003 ان هناك نظاماً اقليمياً عربياً او شرق اوسطي، او ان هناك مساعي جادة من الاطراف العربية او الاقليمية او الدولية للتعاون في عمليات إقامته.
لقد كسر غزو العراق النظام الاقليمي العربي، وايران حققت اختراقات في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين.
قال لي مسؤول عربي عشية استشهاد الرئيس رفيق الحريري وهو يحدثني عن ” التأويل” الاقليمي لقتله.” سوف أعود معك الى الستينات والسبعينات عندما كان السعوديون والمصريون يتنافسون، انما اذا حدثت أزمة، مثل حرب 1967 او حرب 1973 فانهم كانوا يتلاقون ويتضامنون، بل ويرغمون الاخرين بالمشرق والمغرب على المشاركة. الى أن أحدث دخول مصر في اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 الانكفاء المعروف.
كان على السعودية التي اعتبرت نفسها مسؤولة في المشرق العربي والخليج عن الامر العربي، ان تتحرك بين بعثيي سورية والعراق لتهدئة الوضع بينهما حيناً او للحصول على تعاونهما او تعاون احدهما في التصدي لهذه الازمة او تلك، وقد كان الأثر الاول للانكفاء والتنافس السوري والعراقي اقامة مجلس التعاون الخليجي في العام 81 ، بعد قيام الثورة الايرانية، واندلعت الحرب العراقية – الايرانية بمبادرة من العراق فصارت هناك ثلاثة اخطار على الامن القومي العربي : الخطر الاسرائيلي الدائم – وخطر تصدير مذهبيّة الثورة الايرانية – والاخطار المرتقبة على الانقسامات العربية الداخلية. وضعف العراق بعد غزو الكويت، فلم يبقى للسعودية بالمشرق العربي غير مصر المنكفِئة ومجلس التعاون غير الآمن ويد حافظ الاسد التي تأخذ أكثر مما تعطي سواء في القضية الفلسطينية او في لبنان او في العلاقة مع ايران”. وتابع المسؤول العربي الذي كنت اتحدث معه اواخر العام 2005 “مات حافظ الاسد وصارت سورية هماًّ واعدم صدام حسين وايران شريكة اميركا في العراق الآن، ومات الملك حسين ومات الحسن الثاني ومات ياسر عرفات ، وقتل رفيق الحريري !”

لا اريد متابعة حديث المسؤول العربي حتى لا أزيدكم هماً. انما اريد ان اقول لكم ان النظام الاقليمي العربي تعطّل منذ غزو الكويت، ثم مات عند غزو اميركا للعراق وشهدت السنوات السابقة على قيام حركات التغيير العربية بروز ثلاثة اطراف في منطقة الشرق الاوسط اذا شئتم : اسرائيل وايران وتركيا. كان على السعودية بمفردها ان تقرر الانكفاء على نفسها ومجلس التعاون الخليجي، او ان تعمل على البقاء حاضرة في المشرق العربي بالطرق الدبلوماسية لحماية النفس والاشقاء وقضية الاستقرار الضائعة.
عندما تولّى الملك عبدالله بن عبد العزيز الملك عام 2005 عقد مؤتمرين للقمة، احدهما للقمة الاسلامية وثانيهما للقمة العربية، تحرك على خط محاولة احتضان العراق الجديد، والاصلاح بين فتح وحماس، ولملمة الوضع اللبناني بعد اغتيال الحريري. وما لقي تعاوناً من احد عربي او غير عربي، لا في لبنان حيث الرئيس بشار الاسد انضوى تماماً في المحور الايراني المتنامي، الى حدّ انه في العام 2011 عندما قامت الثورة السورية كانت علاقته بتركيا افضل من علاقته بالسعودية، ولا في فلسطين حيث اثرت حماس التي استولت على غزة علاقاتها بايران على علاقاتها بمصر والسعودية. ولا في العراق الى حدّ ان العراقيين ما كلفوا انفسهم مشقة الرد على مبادرة الملك لجمعهم في مكة بدلاً من استمرار الصراعات السياسية والامنية، ولعلّ خير ما يمثل الوضع العربي على مشارف حركات التغيير العربية، ما قاله الامير سعود الفيصل في مؤتمر القمة العربية بسرت الليبية عام 2010: اقترح عمرو موسى آنذاك القيام بمحادثات استراتيجية مع دول الجوار العربي تشبه ما اقترحه مع دول الجوار الافريقي وقال له الفيصل هناك حالة خواء استراتيجي لدى العرب وهؤلاء الذين تريد اجراء حوار معهم هم الذين يهددون الامن الاستراتيجي العربي، فما هي الاسس والمعطيات التي تستند اليها في هذا الحوار المفترض ؟ّ!

لقد غاب العرب عن الطاولة اما انكفاءً واما اكتفاءً واما استتباعاً حتى اندلعت حركات التغيير التي ما انتظرها احد من الاقليميين والدوليين !
لم ترحب القيادة السعودية بالثورات العربية ، ليس لانها بطبيعتها محافظة وتكره التغييرات الجذرية فقط ، بل ولخوفها على بقايا الاستقرار، ولان التغيير بدأ في بلدين كانت قياداتهما صديقة للمملكة وهما تونس ومصر ، لكن الاطراف الاخرى التي برزت ادوارها في العقد الاخير تدخلت بسرعة واعني بها الولايات المتحدة وتركيا (ومن ورائهما امبراطورية قطر بذراعها المالية ) من جهة، وايران من الجهة الاخرى. فقد تبين في العام 2012 ان الاميركيين والاتراك وقطر، راهنوا ويراهنون على الاخوان والاسلاميين بشكلٍ عام، اما الايرانيون الذين كانوا مطمئنين الى اتفاقهم مع الاميركيين بالعراق وسورية ولبنان فقد اشتد بهم القلق بعد الثورات على مناطق النفوذ وبخاصة في سورية ولبنان، ولذا نشروا تنظيماتهم المسلحة وغير المسلحة في كل مكان في العراق وسورية ولبنان والبحرين واليمن. يضاف لذلك ان “القاعدة” والتنظيمات العاملة على شاكلتها عادت اليها الحياة.

وسط هذه المخاطر كلها، وبعد بروزها على السطح وليس قبل ذلك تدخلت السعودية ( ومن ورائها مجلس التعاون الخليحي )، فجمدت الوضع في البحرين، وتشاركت مع الامم المتحدة بمبادرةٍ سياسيةٍ في اليمن، ودعمت تصحيح الوضع الذي قام به الجيش في مصر لازالة استيلاء الاخوان، واتخذت مسارات عدة لدعم التغيير في سورية، ونهضت في النصف الثاني من العام 2013 باعتبارها الطرف العربي الرئيسي في مكافحة الارهاب الإيراني والقاعدي.

تحضر السعودية في السياسات الاقليمية اليوم إذن كما لم تحضر منذ العام 1973 – 1974 عندما قطعت النفط دعماً لمصر وسورية في حربهما مع اسرائيل. وهكذا فانها تتأهل باعتبارها الطرف العربي الاول في كل الملفات التي تفتح للمنطقة العربية ، بعد ان غاب العرب منذ ضياع العراق. بالطبع فان ايران حاضرة ايضاً بقوة وبصورة اقل تركيا واسرائيل، انما اين هو الشريك العربي الذي يمكنهم التحدث اليه ان لم توافق السعودية ؟!
هل يعني ذلك انه يمكن الان الحديث عن نظامٍ اقليمي جديد؟ وعن دورٍ للسعودية فيه ؟
تبقى هناك تحديات كبرى قبل امكان الحديث ليس عن الدور السعودي ، بل عن النظام الاقليمي.

اول التحديات : اضطراب العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية، ولعدة اسباب: الموقف الاميركي في السنوات الثلاث الاخيرة من الحرب في سورية، ومن الاسلام السياسي، واخيراً من المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران. وعندما يأتي اوباما لزيارة السعودية خلال اسابيع قليلة فستكون هناك مفاوضات ونقاشات على الموضوعات السابقة الذكر ، وعلى القضية الفلسطينية بعد خروج ايران منها .

وثاني تلك التحديات : الهجوم الايراني المستمر في الشرق العربي والخليج، ليس على الدول والانظمة فقط، بل وعلى المجتمعات. ففي كل الاماكن التي تدخلت فيها ايران خلال العقدين الاخيرين ما تعرضت الانظمة العربية للتهديد فقط ، بل عملت ايران على تقسيم المجتمعات الى شيعة وسنّة . وتراهن ايران الآن كما فعلت في العقد الماضي على الاتفاق السابق الذي حققته مع الولايات المتحدة عام 2010 عندما بدأ الجيش الاميركي بالانسحاب من العراق . كما تراهن على الولايات المتحدة لانقاذ الاتفاقات حول النووي، في الوقت الذي يبدو فيه ان عهد الرئيس روحاني لن يغير كثيراً فيما يتعلق بنشاطات الحرس الثوري في المنطقة العربية، فقد قال وزير خارجيته لوزير الخارجية الاميركي في ميونيخ خلال الاسبوع الماضي، ان وزارة الخارجية الايرانية لا علاقة لها بالملف السوري! وانا لا اريد التهويل ، لكن اذا كانت فظائع بشار الاسد في سورية ولبنان لم تغير شيئاً في الموقف الايراني الداعم له بالمال والسلاح والرجال ! فمن اين يمكن البدء؟ كل الاطراف تنتظر الاتصال بين ايران والسعودية، ان لم يكن من اجل التهدئة في الاقليم فمن أجل الحرب الشيعية – السنية الناشبة على الاقل.

ليس هناك ودّ بين السلفيين والشيعة منذ زمانٍ طويل لكن السلفيين ما استطاعوا اقناع السنة بشيءٍ من اطروحاتهم بشأن الصراع حتى خلال الحرب العراقية الايرانية، بينما نجحت ايران خلال عقد ونيّف ، ومن خلال نشاطاتها المذهبيّة في العراق وسورية ولبنان والبحرين واليمن، وآخرها تكفيريات السيد حسن نصرالله، ان تشعل هذه الحرب بالفعل ! لقد صار لدينا نحن سنّة لبنان احدعشر انتحارياً، وصار همنا حماية ناسنا من التطرّف. في الوقت الذي عرض فيه السيد الخامنئي على البابا الجديد وعلى الاميركيين والاوروبيين التعاون في مكافحة الارهاب ( والى جانب بشار الاسد)، فمضى لأجل ذلك حزب الله والميليشيات الاخرى المشابهة له لمقاتلة التكفيريين!

متى يتم التواصل الايراني – السعودي ؟ لا اعلم لكن ربما يحصل ذلك عندما تصبح هناك علاقة ومسؤولية لوزارة الخارجية الايرانية بالملفات السورية والعراقية واللبنانية واليمنية … الخ !

التحدي الثالث : الذي تواجهه السعودية في سياساتها العربية هو تحديث اعادة بناء النظام العربي، وهو تحدٍ كبير ايضاً ولكي نقدّر صعوبة ذلك لنتذكر ردة الفعل في مؤتمر الكويت على الاقتراح السعودي بشأن الاتحاد الخليجي، وقد قال لي مسؤول خليجي عندما ذكرت له ان وزير الخارجية الايراني جاء وقتها الى ثلاث دول خليجية للاعتراض على ذلك الاعلان المقترح من السعودية ضحك المسؤول وقال : ان الاعتراض الايراني ما كان مهماً، الاهم الاعتراض الاميركي والبريطاني !

والتحدي الرابع : هو تحدي الاسلام السياسي وليس الجهادي او القاعدي فالسعودية كانت وما تزال تصارع الارهاب والتشدد الذي انطلق من عندها وحدها قبل ان يكون ضد الاميركيين او غيرهم، اما تحدي الاسلام السياسي فهو تحدٍ استراتيجي لانه يريد تغيير وجهة العالم العربي، وباتجاهين : اتجاه تغيير الهوية والانتماء نحو الدولة الدينية، واتجاه اولوية الاسلام السياسي، على العروبة السياسية.

هذه التحديات كلها مهولة ولا يستهان بها وتحتاج مواجهتها الى سنوات وسنوات، وانما وكما سبق القول فان المملكة استعدت وتستعد لها. وكما قال شكسبير في مسرحية هاملت ” ان المصائب لا تأتي فرادى “، مشكلات احتقنت خلال ثلاثة عقودٍ واكثر وهي تحضر الآن مرة واحدة، وكلٌّ مشغول بمشكلاته الخاصة، والذين ما يزالون على شيءٍ من السلامة، يحاولون تخبئة رؤوسهم. اما المملكة فانها رفعت رأسها وقالت: نحن هنا ، ولمواجهة ثلاث ملفات عاجلة: متغيرات السياسة الاميركية في الاقليم، والتدخلات الايرانية بالمنطقة العربية ، ومخاطر الاسلاميين السياسي والجهادي.

هل تنجح المملكة او لا تنجح ؟ انها ليست قضية خاصة بل هي القضية العربية الاولى الآن وعلى مدى سنوات، وكلما تقدمنا في المسألتين السورية والفلسطينية كلما كان ذلك دليل التأهل لاستعادة العرب زمام الامور بأيديهم.

.