الدورة 32 لمؤتمر مجلس وزراء الداخلية العرب في الجزائر: التفاهم العربي شبكة أمان لبنان

محاضرات 11 مارس 2015 0

فاجأ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال الاجتماع ال32 لوزراء الداخلية العرب في الجزائر الحضور بارتجاله كلمة شدد من خلالها على حاجة لبنان، البلد الصغير، للتفاهم العربي وذلك للاحتماء من الحرائق المحيطة به. كما ذكّر بالتفاهم المصري السعودي الذي حقق لعشرات السنوات الاستقرار في لبنان قبل اشتعال الحريق في سوريا. ورأى وزير الداخلية أن هناك ثلاثة تحديات تواجه البلاد العربية اليوم: الإرهاب، التدخل الاقليمي المستمر الذي لم يحقق إلا المزيد من الإضطرابات والانقسامات، والتحدي الاستيطاني الاسرائيلي.
وقال الوزير المشنوق ان محاربة الارهاب تكمن في ثلاثية: التماسك الوطني، الاحتراف الامني والشجاعة الفقهية:
“في مثل هذه الاجتماعات نحن دائما في حضرة صاحب السمو الملكي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله، أمير الحكمة والعزيمة والبصيرة والتي كانت جهوده في أصل اجتماع وزراء الداخلية العرب والذي أسس منذ سنوات طوال مؤسسة لتبادل الوعي والتعاون العربي في المسائل الامنية والتنظيمية وقضايا صون الاستقرار ومكافحة الجريمة والارهاب . ويظهر اكثر وأكثر مدى حاجتنا الملحة والاكيدة والدائمة لمثل هذه المؤسسة التي انشأها واشرف على نموها الراحل الكبير.
الذكر موصول اليوم بطبيعة الحال لصاحب السمو الملكي الامير محمد بن نايف خير خلف لخير سلف والذي تابع نهج والده رحمه الله مراكما خبرة عميقة في مواجهة قضايا وتحديات الامن والاستقرار فضلا عن جولاته وصولاته في مكافحة الارهاب.
باختصار وببساطة هناك ثلاث تحديات نواجهها اليوم:
التحدي الأول والذي تحدث عنه كل الزملاء هو تحدي الارهاب الذي يدّعي لبوس الدين في مخاطبته وفي أفعاله وفي نظرياته، وهو أبعد ما يكون عن الدين وعن الاسلام وعن أي دين كان فهو لا يعرف غير الجريمة والقتل والتخويف، و ما ذكره كثيرون من الاخوان الزملاء حول ارتكابه لجرائم قرأنا عنها ولم نشاهدها منذ عشرات السنين الا في الفترة الاخيرة.
التحدي الثاني هو التدخل الاقليمي المستمر الذي لم يحقق إلا المزيد من الإضطرابات والانقسامات المذهبية. اعتقدنا ان المفاوضات الدولية ستخفف من الاستعراضات العسكرية في مختلف العواصم العربية ولكن في الأشهر الاخيرة ثبت العكس وثبت ان هذه المفاوضات لا يظهر منها إلا المزيد من الاستعراض والاستفزاز والمزيد من الإنقسام في كل عاصمة عربية ورد ذكرها في سجل الاحداث الدائمة في الاشهر الاخيرة وازدادت الصور وازدادت الاعلانات عن القدرة اللامتناهية لهذا التدخل.
ولكن في الحقيقة انه في كل مناطق الاضطراب الكبيرة منها او الصغيرة يتضح ان المقاومة المحلية سواء سلاحا او سلماً لا تزال مستمرة وقادرة وصامدة لأن من يستطيع تحقيق الاضطراب وتحقيق الانقسام واضح الآن انه لا يستطيع تحقيق استتباب الامر له وتحقيق الاستقرار لاي بلد من البلاد التي تدخل فيها.
التحدي الثالث هو التحدي الاستيطاني الاسرائيلي والذي تفضل معالي وزير داخلية وخارجية فلسطين بالحديث عنه وبالتالي سأترك هذا الأمر الثالث لوزراء الخارجية وساتحدث عن الأمر التالي:
منذ سنة وحتى الآن شهدنا مزيداً من الاضطرابات ومزيداً من الانقسامات ولكننا لم نشهد مزيداً من التنسيق وهو أقصى ما نستطيع أن نطلبه من بعضنا البعض لأنه الوحيد الذي يحقق للدول العربية ما نريده من أمن واستقرار.
ليس هناك من جواب على هذا التمدد الارهابي الذي يدعي الدين لبوساً وليس له حدود إلا بالعودة والاصرار والتأكيد على العروبة. غير ذلك هو حديث لن يوصل الى نتيجة كلما تقوقع أحدنا في بلده كلما ازدادت مشاكله وكلما ظهر أكثر وأكثر أنه في مواجهة التحدي وحده دون معين ولو بالقليل لدولة صغيرة مثل لبنان لولا الدعم السعودي المستمر.
هناك حركة جدية رصينة مسؤولة تجري الآن في العهد السعودي الجديد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو جمع المتناقضات من عرب وغير عرب لإيجاد عنوان موحد تحت قاعدة التوازن وليس المواجهة وهو أمر بدأ في مصر وذهب الى أكثر من دولة في الاقليم والى أكثر من رئيس أو ملك أو أمير من العرب.
لأنني من موقعي الصغير والبسيط والدولة الصغيرة التي أمثلها لا أرى أن هناك توازناً في المنطقة مع احترامي للجميع وأنا أصغركم وأقلكم أهمية، دون تفاهم على التوازن بين السعودية ومصر.
..بعد تجربتي لمدة سنة في وزارة الداخلية في بلدي أقول أن هناك ثلاثية وحدها قادرة على تطوير قاعدة الارهاب ورد بعضها في كلمات الأخوان وخاصة في كلمة معالي وزير الداخلية الأردني. هذه الثلاثية تقوم :
أولاً على الحد الأدنى من التماسك الوطني داخل المجتمع المعني. نحن في لبنان مثلاً نتحاور مع أكثر الناس خصومة لنا في السياسة، على قاعدة ربط النزاع في المسائل الخلافية الاستراتيجية لإبقاء البلد وتحصينه وحمايته من الحرائق المنتشرة حوله، لأن الأساس أن يكون هناك تفاهماً داخلياً على عنوان موحد لمواجهة الارهاب.
ثانياً: الاحتراف الأمني. هناك تجارب طبعاً تتقدم علينا بكثير وأولها التجربة السعودية في السنوات الأخيرة ولكن الأهم أن هذا الاحتراف يقوم على أمرين. الأمر الأول هو مزيد من التدريب والأمر الثاني هو تطوير القدرات التكنولوجية التي تتحكم في أية مواجهة في هذه الأيام، لأن الأهم في العمل هو القدرة على العمليات الاستباقية وليس المواجهة اللاحقة، وهذا لا يتحقق إلا بالاحتراف التقني والاحتراف الأمني ووجود خبرات قادرة على القيام بهذا الأمر.
ثالثاً: ورد أيضاً على لسان بعض الزملاء ما أسميه الشجاعة الفقهية. وهي أن يكون هناك رجال دين وعلم قادرين على تفريغ المنطق الآخر التكفيري والارهابي وبصورة حسنة وايجابية وسلمية كما هو دين الاسلام الفعلي.
هذه القواعد الثلاثة هي القادرة على مواجهة الارهاب. الحد الأدنى من النواة الصلبة العربية هي القادرة على إقامة التوازن بالعودة إلى العروبة بعيداً قدر الامكان عن العنوان الديني.
وقد قمت بالتشرّف بلقاء شيخ الأزهر مشكوراً الذي وعد بالمساعدة بعلماء ودعاة قادرين على تفريغ المنطق الآخر بشكل علني.
في الختام ، أعود لأذكّر أن كلامي، هو حاجة لبنانية لبلد صغير يريد أن يحتمي بالتفاهم العربي لكي ينقذ نفسه من الحرائق المحيطة به، وهو تعوّد طوال تاريخه على مسؤولية العرب وعلى قدرة العرب وعلى التفاهم المصري السعودي الذي حقق لعشرات السنوات الاستقرار في لبنان قبل اشتعال الحريق في سوريا”.
وبعد الكلمة تلقى الوزير المشنوق ثناءً من عدد من الوزراء المشاركين على مضمون كلمته كما قاموا بتهنئته على مسيرته خلال العام الفائت من خلال تعاطيه مع ملف الارهاب والخطوة التي اتخذها في سجن روميه.