الداخلية تواجه” إرهاب السجون ” في رومية

قالـوا عنه 17 يونيو 2014 0

دقّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ناقوس الخطر من سجن رومية، محذّراً ممّا أسماه “إنفجار قنبلة السجون المكتظة في وجه اللبنانيين”. وفي وقت لم تتعاط الحكومات المتعاقبة بجدية كاملة مع ملف السجون، ولم يمتلك أي وزير داخلية أو عدل الجرأة لاتخاذ موقف حاسم حياله، وعد المشنوق بـ “مواجهة قاعدة الإرهاب في سجن رومية عبر يد الدولة”، في إشارة منه إلى المعتقلين الإسلاميين.
تغيب العدالة في سجن رومية لتحلّ مكانها شريعة الغاب، والبقاء للأقوى والأكثر سطوة ومالاً، الأكثر قدرة على شراء الذمم. فإن أحداً من المسؤولين لم يأبه بما يجري داخل الزنزانات في سجن رومية وغيره من السجون في زحلة وجزين والشمال.
وبينما كان من المفترض أن يشهد هذا السجن في السنوات الماضية على غرار السجون في الدول المتقدّمة، تحسيناً وتطويراً كأماكن لتأهيل السجناء وتحسين أوضاعهم، ومستشفيات تعالج الأمراض على أنواعها، لا سيما العصبية منها، ليخرج بعدها السجين بثقافة جديدة، لا أكثر شراسة وإجراماً، إلّا أن الجميع يتجاهل ذلك المكان الذي لا يتطابق أبداً مع حقوق الإنسان والذي يقبع خلف قضبانه اليوم المئات من الإرهابيين والمسلحين والتكفيريين، الذين جُرّموا بأحداث نهر البارد وغيرها.

بداية الفوضى
قد يكون هذا السجن الذي افتتح في عام 1970 من أكبر السجون اللبنانية، إلّا أن طاقة إستيعابه تعدت الـ 1500 سجين، وهذا ما يسمى بالسجن المكتظ، فكيف إذا علمنا أن داخله أكثر من 5500 سجين؟!في البداية، كان سجن رومية يستقبل مروّجي المخدّرات والمتعاطين والمجرمين المتّهمين بالقتل والإغتصاب، واللصوص، ليتحوّل اليوم إلى ملاذ آمن ومقر للإرهابيين.
في صيف 2007 وبعد اندلاع معركة نهر البارد التي ذهب ضحيتها أكثر من 170 شهيداً من الجيش وآلاف الجرحى، حدثت مواجهات بين حرّاس سجن روميه وموقوفي فتح الإسلام وبعض السجناء الإسلاميين، أحدثت بلبلة هائلة على أكثر من صعيد.
وبعد أقل من عام، تكرر مشهد التمرد. ففي 24 نيسان 2008 أقدم السجناء على احتجاز بعض حراس السجن كرهائن وهدّدوا بقتلهم في محاولة للضغط على إدارة السجن لتحقيق مطلبهم والتخفيف من الإزدحام في الغرف.
وعليه، فإن سجن رومية قد تحوّل منذ عام 2008 الى مستعمرة للإرهاب وللجماعات الإسلامية المتطرفة وبات معسكراً تدريبياً لسجناء فتح الإسلام الذين يملكون العدة والعتاد من قوة وسلاح، فالحركة لها ارتباطات إقليمية، يتواصل عناصرها الموجودون في السجن مع ما يسمى برفقائهم الجهاديين خارج السجن في مخيمات لبنان، لا سيما “عين الحلوة”، وفي شمال لبنان، وبقاعه.
ويعتبر موقوفو فتح الإسلام أن أحداً لن يجرؤ على معاقبتهم وأنهم سيخرجون كما خرج سواهم. فهم أنشأوا إمارة إسلامية في الداخل. وأصبح سجن رومية لا سيما المبنى “ب” بالنسبة إليهم، حصناً حصيناً لا يمكن اختراقه.
هؤلاء السجناء يحظون بكل المستلزمات من أجهزة خلوية وكمبيوتر وغيرها، كما يتعاطون المخدرات ويعيشون حياتهم الخاصة بشكل طبيعي. هذا فضلاً عن أنه تبيّن أن في حوزتهم أسلحة ومتفجرات (تقرير فرع المعلومات تاريخ 17- 5- 2012)، وأتت الإفادات الواردة في مختلف الإستجوابات لتؤكد وجود أكثر من 25 مسدساً حربياً مع الموقوفين الإسلاميين في روميه.
وعليه، فإن تسيّب هذا السجن شكّل واحة للتطرف الإسلامي حيث يتيح لقياداته الإمرة والتحكم بالعمليات، من السلب ونقل الأموال وصولاً إلى الاغتيال والتفجير في لبنان وخارجه، والإتصال بالعديد من المجموعات اللبنانية في مختلف المناطق، وذلك عبر الإنترنت والهواتف الذكية من دون حسيب ولا رقيب.
مع بداية الأزمة السورية، دخل الكثير من عناصر الجيش السوري الحر الذي يضم في صفوفه عناصر من جنسيات مختلفة إلى سجن روميه، بتهم مختلفة، لكن سرعان ما اشتعلت نار الخلافات بين “الجيش السوري الحر” و”فتح الإسلام” التي تريد إنشاء إمارة إسلامية في سوريا ولبنان، مكفّرة في الوقت عينه “الجيش الحر” وصولاً الى إعلان القضاء اللبناني عن وجود لعناصر من “جبهة النصرة” في رومية.

الحركات المتطرفة
وقد شهد سجن رومية في الفترة الأخيرة، عمليات فرار لأكثر من سجين من “فتح الإسلام”، وساعدت التدابير الأمنية المعدومة داخل سجن رومية في التخطيط والمباشرة بتنفيذ أكثر من عشر محاولات فرار في السنوات الثلاث الأخيرة، كان أخطرها في 21- 12- 2012 وتمثل في إحباط محاولة الفرار الجماعية التي تمت بتنسيق كامل مع جهات من خارج السجن.
لا يقتصر عمل هذه الجبهة على الفرار، فهي كانت تحضر لعمليات قتل جماعية في السجن عبر عملية انتحارية تمهد لعملية هروب جماعية وتمّ الكشف عنها في الأول من تشرين الثاني من عام 2013. ثم كشفت حينها عن رسائل نصية تناقلها مقربون من فتح الإسلام، تحمل مناشدة لمشايخهم من رومية تطالب أعضاء التنظيم في العالم بنصرتهم وفك أسرهم، “قبل أن يضطروا إلى تحرير أنفسهم بأنفسهم وبنهاية مشرّفة”.
وعليه، فإن كتائب عبد الله عزام التي كان يقودها ماجد الماجد باتت تطالب بتحرير موقوفي فتح الإسلام وجبهة النصرة، وتضغط باتجاه ذلك، من خلال التفجيرات التي وقعت في الضاحية الجنوبية وبئر حسن، والتي تبنتها وتربط إيقافها بضرورة خروج “حزب الله” من سوريا، وإطلاق ما يسمونه “الأسرى الإسلاميون”.

تحرّك المشنوق
وإزاء هذا الواقع، ها هو الوزير المشنوق يتنبّه أخيراً الى التهديد الأمني الخطير المتمثل في سجن رومية مع وجود العديد من السجناء الإسلاميين المتطرفين، مؤكداً انه “سيعمل لإعادة تأهيله وتفكيك “الدولة” الموجودة داخله وتعطيل قدرتها على التخويف”، رافضاً الكلام عن “وجود حماية أو تغطية من أحد لهذه المجموعة أو تلك من السجناء”
وخلال رعايته وضع حجر أساس لمبنى السجناء ذوي الخصوصية الأمنية في رومية، لفت المشنوق الى أن “القدرة على الإستيعاب في السجون اللبنانية والنظارات هي 2500 سجين، وحالياً هناك 7800 سجين وموقوف، من هنا يتضح حجم خطورة هذا الملف”. ورأى أن “ما نقوم به اليوم ليس سوى بداية متواضعة لمعالجة ملف السجون”.
وقال إن المسؤولية عن هذا الملف لا تقف عند حدود وزارة أو مسؤول”، وكشف “أننا شكلنا الجمعية اللبنانية لتأهيل السجون التي تعمل بالتعاون مع القطاعين العام والخاص لتمويل مسألة تأهيل السجون”، مؤكداً “اننا سنواجه الإرهاب من داخل السجون”.
ودعا المشنوق الى “تسريع المحاكمات ووتيرة عمل القضاء، لا سيما وان 62% من الموقوفين ما زالوا من دون محاكمات”. وعن الوضع الأمني في لبنان والمنطقة، أثنى على “نجاح الخطة الأمنية في لبنان التي تنفذ بالشراكة مع الجيش تحت عنوان مواجهة الإرهاب”، مشدداً على ان “لا التاريخ ولا الجغرافيا تؤكد أنه يمكن تحييد لبنان عن محيطه من دون عمل جديّ”.