الحريري يستدعي “الاحتياط” من الصقور السابقين

قالـوا عنه 15 مارس 2019 0

:: مروى غاوي ::

شكّلت مصالحة رئيس الحكومة سعد الحريري واللواء أشرف ريفي مفاجأة سياسية في توقيتها ومضمونها، فهي أنهت حقبة من الخلاف بين الطرفين بدأت بانفصال ريفي عن “تيار المستقبل” قبل ثلاثة سنوات احتجاجاً على ترشيح الحريري لرئيس “تيار المردة” للانتخابات الرئاسية وما تلاها من تسوية سياسية لم يوافق عليها اللواء.
لكن خطوة الحريري اليوم بمدّ اليد مجدداً إلى أحد صقوره السابقين بعد أن ساءت العلاقة معه وبلغ سقف التحدي خوض اللواء السابق انتخابات بلدية ونيابية ضدّ “المستقبل” أعطيت لها تفسيرات كثيرة ودلالات سياسية معينة.
لكنها بالنتيجة وفّرت المخرج الملائم للفريقين من ورطة الانتخابات الفرعية في طرابلس وانتهت بنتيجة لا غالب ولا مغلوب.
فالحريري حقّق انجازين، تفادى معركة كسر عظم في الشارع السنّي المرهق والمتهالك من المعركة الانتخابية السابقة وخوض معركة غير واثقة الفوز حيث اعتبرت النائبة المطعون بنيابتها ديما جمالي حصاناً غير رابح في السباق الطرابلسي إذا ما ترشح ريفي ومع التشكيك الذي حصل في تفعيل عمل الماكينات الانتخابية لحلفاء “المستقبل” في معركة حول مقعد واحد.
المخرج نفسه أراح ريفي من معركة مشكّك في إمكان الفوز بها بعد أن خذلته الأرقام في استحقاق أيار الماضي وحيث أن خوض الانتخابات الفرعية يحتاج إلى توفّر المال والدعم السعودي.
على أن ما دفع رئيس “تيار المستقبل” لإنهاء الخصومة يرتبط بعدة عوامل أخرى، منها الشروط السياسية التي تضيّق الخناق على رئيس الحكومة وبدأت من عملية تطويقه في تشكيل الحكومة والهجوم السياسي على الحريري الذي بدأ مع فتح ملف السنيورة، والشعور العام لدى رئيس “المستقبل” أنه بحاجة لإعادة النظر بالسياسة الحزبية الداخلية وترتيب بيته السنّي في وجه الحملات السياسية التي تخاض وقد صلت إلى المقايضة بين موضوع المحكمة الدولية وفتح ملفات معيّنة في وجه “المستقبل”. فرئيس الحكومة وجد نفسه مربكاً في جلسة الثقة ولم يجد حوله صقوراً في السياسة، ومع اندلاع شرارة معركة طرابلس الفرعية لم يجد من يُعينه بالخطاب الناري إلا الأمين العام أحمد الحريري القادرعلى التجييش والمتسلّح بخطاب ناري ضدّ “حزب الله”.
هكذا تحرّك فؤاد السنيورة بمباركة سعودية نحو أشرف ريفي ورتّب اللقاء بين رئيس الحكومة السابق واللواء ريفي، وهكذا إلتمّت قيادات 14 آذار حول السنيورة في مشهد جامع في حملة الـ11 مليارا.
في كلّ الأحوال فإن ما حصل لا ينفصل عن توجّه لدى “المستقبل” لإعادة لمّ شمل رجاله السابقين ومن خرجوا عن عباءة “المستقبل” في مراحل معيّنة لأسباب مختلفة.
فإعادة احتضان وزير المال فؤاد السنيورة فرضتها الحملة التي شنّت من “حزب الله” في إطار ما عُرف بهدر الـ11 ملياراً، وبدا واضحاً أن “المستقبل” من رأس الهرم إلى القاعدة الشعبية تبنّى معركة السنيورة وإعادة الاعتبار لشخصه وتأمين المظلة السياسية فوق رأسه، وحيث أن القناعة السائدة في صفوف “المستقبل” أنه مستهدف سياسياً سواء بالطعن بنيابة جمالي أو في موضوع النازحين السوريين وفي الاشتباكات الحاصلة على الساحة الداخلية وفي مجلس الوزراء بعناوين مختلفة.
وضعت الانتخابات الفرعية قيادة “المستقبل” على محكّ خياراتها التنظيمية السابقة التي استبعدت وجوهاً قادرة على خوض معارك صعبة بعد استغناء التيار عن وجوه محاربة من الطراز الأول ووضعها على رفّ الانتظار، وحيث أن الحريري يفتقد اليوم في حروبه لحضور المقاتلين القدامى وعدم قدرة النماذج الجديدة الأقرب إلى الحمائم السياسية على مواجهة الهجمة الشرسة على “المستقبل”.
فالسنيورة يشكّل حالة خاصة في “المستقبل” وهو الصقر المستقبلي الأول والمغيّب منذ فترة والعائد اليوم للعب أدوار وهو صاحب مبادرة احتواء ريفي، وهو بدون شك يخلق اليوم توازناً بغياب الوزير السابق نهاد المشنوق الذي توقّف بعد خروجه عن خوض المعارك السياسية .
أما حكيم “المستقبل” مصطفى علوش فهو الحاضر دائماً رغم عتبه على الشيخ سعد في موضوع توزيره، لكنه من صلب فريق الثوّار والمدافعين عن “المستقبل” ورئيسه. كما يفتقد “المستقبل” أيضاً “البطولات الوهمية” لخالد الضاهر الذي كان حالة غريبة في التيار لولا شطحاته الأمنية في مخيم نهر البارد والهجوم على الجيش وقائده (جان قهوجي) قبل سنوات وفي قضية حلبا والأزمة السورية لكنه كان من فريق الانتحاريين للمستقبل .
و”أبو العبد” النائب محمد كباره الرقم الأول في الصوت التفضيلي طرابلسياً كاد يهرب من “المستقبل” في الانتخابات الفرعية لولا مبادرة الحريري لاحتضان كبارة الأب ووعد نجله في انتخابات 2022 .
هكذا وجد رئيس “تيار المستقبل” نفسه ملزماً بترتيب البيت الداخلي واستدعاء صقوره وانتحارييه السابقين فالمعركة المفتوحة اليوم على “المستقبل” قد تطيح برؤوس كبيرة.