الحرب السادســة مباشــر مــــن مارون الراس – الصراع العربي- الاسرائيلي: لماذا لبنان وحده يدفع الأكلاف الباهظة ؟

مقابلات تلفزيونية 07 ديسمبر 2007 0

مع نهاد المشنوق، حسن فضل الله، وكريم بقرادوني

س- في 31 تموز 2006 كتبت مقالة عاطفية سياسة مشوّقة جدا وقتذاك وتحدثت فيها عن مارون الراس، وعن المنديل الأبيض، بعد عام إذا أردنا أن نتحدث سياسيا هل ما كتبته ما يزال صالحا؟
ج- مازلت فخورا بما كتبته ، بمعنى أني لازلت أعتبر ان النصر الذي تحقق في هذه التلة وفي غيرها من المواقع.

أنا قرأت شهادات إسرائيلية عديدة في ما حدث في مارون الراس، ولا شك ان المقاومين قاموا بعمل عظيم غير متوقع ، ولكن أنا لا أوافق السيد حسن فضل الله على إعتبار ما حدث هنا هو إنتصار للمقاومة، أو حتى إنتصار لأهل الجنوب. أنا أصر على ان ما حدث هنا وفي غير مكان، هو إنتصار لكل اللبنانييين، والصمود الذي حدث هنا حدث مثله في أقاصي الحدود اللبنانية. تحمّل الأعباء حدث في مارون الراس وفي بيروت وصيدا وعلى الطريق الساحلية ، وفي جونيه وفي كل مكان.

على كل حال، أنا أعتبر إن الإنتصار هو لكل اللبنانيين ورمزه الحقيقي هو المنديل الذي تلبسه السيدة الجنوبية ، أي جنوبية وأي أم بيروتية وأي أم صيداوية.، لذلك إعتبرت ان هذا علم الإنتصار المنديل الأبيض التي أتت بالمقاومين، سواء كانت والدتهم أو شقيقتهم، أو التي إهتمت بتربيتهم، والتي إهتمت بتربية من صمد معهم في كل مكان من لبنان.

فضل الله: أوافق انه إنتصار لكل اللبنانيين، لكن هناك قوى حتى الآن لا توافق على إن ما حصل إنتصار ، وعلى رأسهم رئيس فريق السلطة الذي حمّل المقاومة مرة أخرى مسؤولية الحرب.
المشنوق: الآن لا المكان ولا الزمان المناسبان لبحث هذا الموضوع. وأرجو أن يكون الموضوع له علاقة بالزمان والمكان، فإذا أردنا الدخول الى الداخل اللبناني فكل شيء بعد صيدا هو موضع خلاف، وكل شيء من صيدا الى هنا موضع إتفاق.

س- هل توافق رأي الأستاذ بقرادوني بأن لبنان فشل في إستثمار هذا النصر سياسيا؟
ج- أبدا، لا أوافق ولا أعتقد ذلك، أنا أرى ان الحروب بطبيعتها سواء كانت حققت إنتصارات أو فشل، والحقيقة هي هنا حققت إنتصارات، وأحسن إعتراف هو الإعتراف الإسرائيلي، إعتراف العدو، وبالتالي لسنا بحاجة لشهادات جديدة لا مني ولا من غيري، لأن هذا لا يضيف شيئاً. ولكن أنا أعتقد ان الحروب التي تحصل في أي بلد بسبب الأضرار التي تحدثها لا بد انها سوف تخلق خلافات ونقاشا حادا ، وتضيف على المشاكل الصغيرة هالات كبيرة ، النقاش السياسي في لبنان هو عناوين كبيرة لقضايا صغيرة، ولكن الموضوع اليوم هل لبنان الى جانب هذا الإنتصار إعتمد سياسة إستراتيجية بعد 25 سنة من الحرب بالصراع الإسرائيلي- العربي؟.

س- عن أي لبنان تتحدث؟
ج- لبنان الرسمي والشعبي. لا يوجد كيانات لبنانية ، بل هناك آراء لبنانية.

س- ألا توجد مشاريع لبنانية حتى الآن على الأقل متناقضة ومتباينة؟
ج- طبعا، هناك أفكار متباينة، واللبنانيون أصغر من أن يكون لديهم مشاريع، والجهة الوحيدة في لبنان التي تملك مشروعا جديا وتعبّر عنه ، سواء وافقت عليه أم لم توافق هو “حزب الله” . أما بقية الجهات فهي تعبّر عن آراء ليس عن مشاريع. وليس لأنهم لا يرغبون أن يكونوا مشروعا، بل لأنهم أصغر من أن يكونوا مشروعا ، لأن المشروع يكون بالتراكم وبالعمل السياسي والعمل التعبوي. ولا يعقل أنك في ستة أشهر ترغب في أن تكون جزء من مشروع كبير وتنجح في ذلك.

إذاً، اللبنانيين لديهم آراء مختلفة حول مسألة الصراع العربي- الإسرائيلي، وكيفية إدارته، أنا برأيي قبل الحرب كانت طبيعية، وبعد الحرب أصبحت طبيعية أكثر، بحيث إذا لم يتناقشوا لا يمكن أن يصلوا الى نتيجة، يعني عدم التعبير ليس وسيلة من وسائل الحصول على الموافقة.

س- عندما تقول معركة سياسية كبرى أي معركة هي هذه؟
ج- طبعا، إنها معركة خيار لبنان بالتعامل مع النزاع العربي- الإسرائيلي. أنا أرى ان الأستاذ حسن فضل الله يبحث عن ناس لاتهامهم، وأنا أبحث على سياسة البلد كيف نناقشها.

فضل الله: أنت تفتش عن ناس لتدافع عنهم.
المشنوق: كلا، أنا لا أنتظر قناة الجزيرة لكي أدافع ، لو أردت ذلك لدافعت في أماكن أخرى، وأنا لم أدافع عنهم ولا مرة في حياتي.

يا أستاذ حسن أنا أقبل بتقييمك للمعركة، أما وأن تصنّف بأن هذا كان متآمرا، وهذا شبه متآمر، وهذا شبه خائن، وهذا شبه متورّط، تكون بذلك قد حدّدت أرباحك وتخليت عن جزء كبير من أرباحك الذين هم هؤلاء الناس.

س- حتى نخرج من هذا السجال أوضح لنا يا أستاذ نهاد هذا الخلاف الإستراتيجي؟
ج- في العالم العربي اليوم يسود منطقان:
1- منطق تعبّر عنه المقاومة وسوريا وبعض الأحيان إيران ، يقول بأن النزاع العربي الحدودي العسكري، هو مسألة إستراتيجية بسياستهم ومستمرين فيها بالدفاع عن الأراضي اللبنانية، عندما تقوم إسرائيل بالإعتداء.
2- منطق يقول، بأن هذا ليس أساس النزاع، حيث هناك قمة عربية إنعقدت قالت أن وسيلة معالجة الصراع العربي- الإسرائيلي هو المبادرة العربية للسلام التي تنص على كذا وكذا وكذا.

برأيي الشخصي ان المبادرة العربية لا توصل الى أي مكان، ولكن أنا أتكلم بالتوصيف السياسي، فهناك فرق بين الرأي الشخصي والتوصيف السياسي.

فضل الله يسأل: هذه القمة العربية التي تتحدث عنها ، جاء من لبنان الى الخرطوم ومن ثم الى السعودية ليقول “إشطبوا كلمة المقاومة” وهذا إسمه الرئيس فؤاد السنيورة.
ج- أنا لا أوافق على هذه الرواية نهائيا. على كلٍ أنتم، عندما تريدون تقرأون الكتاب كما هو مكتوب، وعندما تريدون تقرأونه كما تريدون.

س- هل يمكن للبنان واللبنانيين ان يكونوا بمعزل عن تطاحن إقليمي دولي بامتياز يقوم الآن في المنطقة؟
ج- أي شعب ليس فقط اللبنانيين عنده حد معقول من التضامن والتكافل حول مسألة معينة، يستطيع أن يتجنب الكثير من الأضرار، من التطاحن المحيط فيه، هذا غير متوفر في لبنان.

أنا ما أريد أن أقوله شيءآخر، أنا إخترت النص العربي الجدّي، لم أختر النص الكلامي او الإعلامي أو المناوشات التي حدثت في نهاية الحرب مباشرة، أنا إعتبرت النص العربي الرصين والجدي هو المبادرة، والتي صدرت عن قمة الرياض والتي صدرت قبل ذلك في لبنان عام 2002. ما أقوله هناك خيارات أمام اللبنانيين وغير اللبنايين بمسألة الصراع العربي-الإسرائيلي باستطاعتهم إختيار واحد من هذين الخيارين. أما مبادرة السلام التي هي وسيلة، لم ولن تؤدي الى نتيجة الى أن يخلق الله أمرا كان مفعولا. وأما خيار المقاومة المباشرة التي تتم على الحدود اللبنانية.

أنا شخصيا مع الخيار الذي يقول بالمقاومة المباشرة، ولكن هناك إضافة ناقصة هي الخيار السياسي، عندما تتخذ هكذا موقف عسكري، فأنت لا تستطيع أن تتخذ موقفا عسكريا وتأخذ كل اللبنانيين عليه، في وقت هم على هذه الحالة من الصراع على الحدود منذ 25 سنة. أنا أقول عندما تطلب من اللبنانيين أن يتحملوا بمفردهم نتائج هذا الخيار العسكري، تكون بذلك تحمّلهم أكثر من طاقتهم بكثير.
عمليا وواقعيا، عندما تطلب من اللبنانيين إتخاذ هذا الخيار، ويسيرون به بالحد المتوسط أقلّه يجب أن تكون سوريا الجار الأقرب والحدود المفتوحة معك، تكون شريكتك في هذه السياسة ربما هذه السياسة توصل الى نتائج سياسية افضل بكثير مما يمكن أن توصلك إليها المبادرة العربية ، وأنا أقول هذا الكلام ، وكتبت هذا الكلام سابقا، ولكن هناك آخرين في لبنان كثر، وأكثر مما نعتقد عندهم رأي يقول بأننا تعبنا، ونحن لم نعد نستطيع تحمّل نتائج هذه السياسة بمفردنا بعد 30 سنة من الحروب، فإذا كان نحن من يتحملها وهناك في العرب من يفتخر بهذه السياسة ويدعمها ويؤيدها فليشارك معنا، لا نستطيع وحدنا تحمّلها كمواطنين لا كمقاتلين.

س- من مارون الراس بعد عام على ما حصل ، لبنان الى أين يتجه وما هو المطلوب من اللبنانيين سياسيا وإستراتيجيا؟
ج- نحن نعيش الآن في ظل قرار مجلس الأمن الدولي 1701 وأي كلام آخر هو كلام خارج السياق الدولي، هذا هو القرار الدولي الذي يعيش لبنان ، وحيث نحن الآن نعيش في ظله شئنا أم أبينا ، إذا كان هناك خلاف مع المجتمع الدولي، فهذا خلاف غير ظاهر حتى الآن ، هذا أولا.
ثانيا: أنا أوافق الكلام القائل بحدّة الصراع الإقليمي ، وأعتقد ان الزمن الآن ليس زمن تسويات، لذلك البحث عن تسوية مضيعة للوقت، وأعتقد انه على اللبنانيين أن يدعموا كلهم قيام شكل من أشكال العمل السياسي الداعم لاستمرار هدنة طويلة سياسية، الى أن تتغير الأجواء في المنطقة.

س- لماذا تقول هدنة سياسية داخلية ونعرف ان هناك تعايشا اليوم في لبنان؟
ج- أنا أقول إستمرار الهدنة السياسية وليس تعايشا ، لأن التعايش هو تعايش وطني، فالسياسة شيء والوطنية شيء آخر ، خاصة في لبنان، المسألتان منفصلتان ، السياسة من جهة والوطنية من جهة أخرى.

س- لهذه الدرجة هناك حرب سياسية في لبنان؟
ج- طبعا، هناك حرب سياسية في لبنان، ولذلك أنا أعتقد انه على كل الجهات السياسية ان تعمل على حماية الهدنة وصيانتها، الى ان تظهر وتتوضح مؤشرات الحلول للحروب الخارجية الإقليمية السائرة قدما، فيكونوا بذلك قد قاموا بعمل عظيم.